البحث بصيغة PDF :

ميلاد نبي الله يحى والإمام الحسين عليهما

سورة مريم :

الآية رقم (9) 

(9) قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا (9)

وهنا  :

(قال كذلك قال ربك)

أي أنه لما قال نبيا لله زكريا { قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا – مريم 8 } فقال الله تعالى له هنا { قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا – مريم 9 } . أي : [ قال المَلَك مجيبًا زكريا عمَّا تعجَّب منه: هكذا الأمر كما تقول مِن كون امرأتك عاقرًا, وبلوغك من الكبر عتيًا, ولكنَّ ربك قال: خَلْقُ يحيى على هذه الكيفية أمر سهل هيِّن عليَّ, ثم ذكر الله سبحانه لزكريا ما هو أعجب مما سأل عنه فقال: وقد خلقتك أنت من قبل يحيى, ولم تكُ شيئًا مذكورًا ولا موجودًا.- التفسير الميسر ] . وكذلك الله يفعل ما يشاء كما في قوله تعالى

{ قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء – آل عمران 40 } أي أن هذا هين على الله تعالى كما في قوله تعالى { قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا – مريم 9 }

 

وأما :

(هو علي هين)

و[ هان يهون هوناً : سهل وخف وتيسر – معجم ألفاظ القرآن باب الهاء فصل الواو والنون ] قال تعالى { وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم – الروم 27 } وهذا المثل ضربه الله تعالى هنا لنبي الله زكريا في قله تعالى { قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا – مريم 9 }

 

وأما :

(وقد خلقتك)

 

أي أنه خلق الله تعالى الإنسان من سلالة من طين قال تعالى { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين- المؤمنون 12 } وهذا الخلق خلقه الله تعالى دفعة واحدة لقوله تعالى { ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين – الأعراف 11 } وهذا الخلق لم يكن من قبل شيئاً مذكورا لذلك قال تعالى لنبي الله زكريا هنا { قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا – مريم 9 } .

وأما:

(من قبل ولم تك شيئا)

 أي أنه يقول تعالى في بني آدم { أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا – مريم 67 } وقال تعالى { هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا – الإنسان 1 } ولذلك قال تعالى لنبي الله زكريا هنا أنه كما خلق كل الخلق دفعة واحدة وكان ذلك هيناً فإجابة دعوته بخلق ولد هين على الخالق عز وجل قال تعالى هنا { قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا – مريم 9 } .

 ثم يقول تعالى :

(10) قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا (10)

وهذه الآية يبينها قوله تعالى { قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار – آل عمران 41 }

 وأما :

(اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا)

والآية هنا علامة على تحقيق تلك البشارة وذلك كقول الحواريين لنبي الله عيسى عليه السلام { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين – المائدة 111-114 } والآية هنا التي طلبها نبي الله زكريا كانت الإجابة عليه بأن يصوم لله ثلاث ليال سويا قال تعالى فيها { قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا – مريم 10 }

وأما :

(ثلاث)

 والثلاثة عدد قال تعالى فيه { وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب – البقرة 196 }

وأما :

(ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا)

وهنا عدم الكلام صيام لقوله تعالى عن السيدة مريم عليها السلام { فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا – مريم 26} .والصيام هنا ثلاث ليال قال تعالى فيها {  قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا – مريم 10 } وهذه الثلاث ليال ثلاثة أيام إلا رمزا قال تعالى { قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار – آل عمران 41 } أي  [ قال زكريَّا : رب اجعل لي علامةً أستدلُّ بها على وجود الولد مني; ليحصل لي السرور والاستبشار, قال : علامتك التي طلبتها صيام ثلاثة أيام عن الكلام .

 

وأما :

( ليال)

 

وليال جمع ليلة وهذا اللفظ يؤكد أنه تعالى أمره بصيام ثلاثة أيام ويتم صيامه إلى الليل ليتبين له الآية من الله على حمل امرأته لورود هذا اللفظ في قوله تعالى {  أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون – البقرة 187 } ولورود هذا اللفظ في قوله تعالى { إنا أنزلناه في ليلة القدر – القدر 1 } .

يتبين لنا أن إجابة دعوة زكريا عليه السلام كانت في ليلة القدر وبالتالي يمكن حساب تسعة أشهر من بعد ليلة القدر (27 رمضان) ليعلم الناس وقت مولده عليه السلام وهو نفس توقيت حمل وميلاد الإمام الحسين عليه السلام كما بينا من قبل لتشابه الحدثين والواضح من خلال الحروف المقطعة في سورة مريم {كهيعص – سورة مريم } والحسين عليه السلام في { حم عسق – سورة الشورى } . ولأن الإمام الحسين ولد على ستة أشهر وليس تسع فيكون موعد مولد سيدنا يحي والسحين عليهما السلام  كما يلي :

[ ربيع أول 27 رمضان – 27شوال- 27ذي القعدة- 27ذو الحجة- 27 محرم- 27 صفر-27 ربيع أول ] .

وقد ولد الإمام الحسين عليه السلام على ستة أشهر لما نزل فيه عليه السلام من قوله تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين – الأحقاف 15 }

[ جاء في رواية عن أبي عبد الله «عليه السلام» : أنه لما أعلم جبرئيل النبي «صلى الله عليه وآله» بأن أمته ستقتل الحسين «عليه السـلام» ـ وذلك قبل أن يولد «عليه السلام» ـ كرهت فاطمة «عليها السلام» حمله. وحينما وضعته كرهت وضعه، لأنها علمت أنه سيقتل وفيه نزلت: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا – الأحقاف ﴾   زاد في المناقب : ولم يولد مولود لستة أشهر عاش غير عيسى و الحسين . وفي نصوص أخرى : أنها «عليها السلام» رضيت لما أخبرها بأن الإمامة والولاية في ذريته –  الكافي ج1 ص386 والمناقب لابن شهرآشوب ج4 ص50 عن كتاب الأنوار وتفسير البرهان ج4 ص172 و 173 و 174 و البحار ج43 ص246 و 453 وكامل الزيارات ص55 ـ 57 ونور الثقلين ج5 ص11 ـ 14 عن عدة مصادر ] .

 

وهنا المعروف أن حمل النساء يكون بشهوة ووضعه كرهاً أما هنا في هذذه الحالة الإستثنائية فهى حمله كرها  لما ورد في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وآله أخبرها بما رآه أنها ستلد ولداً ويقتل بشط الفرات فبكت عليها السلام وكرهت مولده ولذلك حملته كرها والآية تقول { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } والرضاع عامين قال تعالى فيه { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير – لقمان 14 } وبطرح ثلاثون شهراً من عامين 23 شهر يتبقى ستة أشهر هى فترو حمل  نبي الله يحى والإمام الحسين عليهما السلام .

وشهر ربيع هو نفس شهر مولد النبي صلى الله عليه وآله والمشهور في ميلاد الإمام الحسين عليه السلام أنه ولد في 5 شعبان عام ثلاثة من الهجرة النبوية بالمدينة المنورة على صاحبها الصلاة والسلام وهذا خطأ لورود ما يؤكد ماذكرناه سالفاً وهو الذي أكده القرآن الكريم كما بينا .

[  قيل : ولد في آخر شهر ربيع الأول، سنة ثلاث من الهجرة  –  راجع : الإستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص378 وإعلام الورى ص215 والكافي ج2 ص385 وتاريخ الخميس ج1 ص464 ويفهم من قول ابن الخشاب، كما في كشف الغمة ج2 ص252 ] .

و [ قال العلّامة المجلسي : الأشهر في ولادته صلوات اللّه عليه أنه ولد لثلاث خلون من شعبان؛ لما رواه الشيخ في المصباح : أنه خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل‌  …  قال رحمه اللّه في التهذيب : ولد (عليه السلام) آخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة . و قال الكليني- قدس اللّه روحه : ولد  (عليه السلام) سنة ثلاث . و قال الشهيد رحمه اللّه في الدروس: ولد (عليه السلام)  بالمدينة آخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة،  . – الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء(ع) للأنصاري الزنجاني ، إسماعيل الجزء : 5 صفحه : 2  ] .

وقول الشهيد عن ميلاد الحسين عليه السلام آخر ربيع هو الأصدق الموافق لكتاب الله كما بينا  .

وأما :

(سويا)

وسويا : سوى الشيئ : جعله على كمال واستعداد لما أنشئ من أجله وساوى الشيئ بالشيئ عادله وسويا : المستقيم المعتدل الكامل – معجم ألفاظ القرآن باب السين فصل الواو والياء ] . قال تعالى { فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا – مريم 17 } واختيار اللفظ هنا دون لفظ كاملة أو تامة يشير تعالى من خلاله أنه لما أمره الله تعالى بالصيام ثلاث ليال سويا بين تعالى هنا أنه سيأتيه بعد صيام ثلاثة أيام عن الطعام والكلام لا يكون إلا رمزا  فبعد الثلاث ليال سيأتيه ملك ليبشره ويبدأ حمل امرأته لذلك قال تعالى هنا { قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا – مريم 10 } .

 

ثم يقول تعالى :

(11) فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا (11)