بدأ الجيش السوداني حملة واسعة لتسليح المدنيين بشكل جماعي، لمساعدته في مواجهة زحف قوات الدعم السريع، نحو الولايات الواقعة تحت سيطرة الجيش والتي كانت خارج دائرة الصراع.
وشملت عمليات التعبئة العامة وتسليح المدنيين حتى الآن ولايات “نهر النيل والشمالية والبحر الأحمر والقضارف”، وسط اتهامات لعناصر نظام حزب المؤتمر الوطني المنحل بالإشراف على حملة تسليح المواطنين.
وعلم موقع “إرم نيوز” من مصادر متطابقة أن عمليات التسليح في هذه الولايات لم تشمل كل السكان حيث اقتصرت على بعض القبائل دون غيرها، بينما حذرت المصادر من أن هذه الخطوة تعمق الانقسام الاجتماعي وسط السكان بما يهدد التعايش السلمي بينهم.
حرب أهلية
وحذر الناشط الحقوقي عزالدين عبدالله جودات، من أن تسليح المواطنين فيه مخاطر كبيرة وخطيرة على المجتمع قد تتسبب في مواجهات عرقية ومجازرة كبيرة يصعب تداركها، كما قد تؤدي إلى فتنة مجتمعية وحرب أهلية شاملة.
وقال جودات لـ”إرم نيوز”، إن توزيع السلاح بهذا الشكل العشوائي قد يؤدي إلى اختلاط الحابل بالنابل وحرب الكل ضد الكل، كما حدث في دولة “رواندا” في تسعينيات القرن الماضي، موضحا أنه “حينما يتفكك المجتمع وتنشط القبلية، تذوب الدولة التي أصلا تعاني من الهشاشة، وتصبح البلاد مرتعا للجماعات الإرهابية؛ ما يضع الإقليم كله على المحك”.
وشدد على أن “السلاح يجب أن يكون في يد الدولة وحدها فهي الوحيدة المسؤولة عن حماية المواطن ويجب ألا تترك مهمتها الأساسية”.
وأكد أن تسليح “المواطنين تترتب عليه مسؤولية جنائية، مشيراً إلى أن القانون السوداني يجرم حمل السلاح خارج يد الدولة كما يجرم القتل خارج القانون وما يترتب على ذلك من آثار خطيرة ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية”.
خطاب كراهية
وحذرت قوى سياسية بالسودان من مخاطر تسليح المدنيين على النسيج الاجتماعي للبلاد، قائلة إن الخطوة تفتح الباب نحو الحرب الأهلية، ولا سيما وأن حملات التسليح رافقها خطاب كراهية موجهة ضد المجتمعات التي تمثل حاضنة اجتماعية لقوات الدعم السريع.
وكانت مجموعات إعلامية محسوبة على نظام الرئيس السابق عمر البشير، نشطت على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لحملة تسليح المدنيين في عملية أطلقوا عليها اسم “المقاومة الشعبية”.
وقال القيادي البارز في قوى الحرية والتغيير، خالد عمر يوسف، على منصة “إكس”، الإثنين، إن دعوات التسليح الشامل لن تنهي الحرب بل ستزيد من اتساعها وستنهي كيان الدولة بالكامل، وأضاف أنه “بدلاً عن حرب بين قوتين مسلحتين سننتقل لحرب الكل ضد الكل، والسلاح الذي سيحمله المواطنون اليوم لن تأتي قريباً دولة تجمعه منهم، فسيتحول السودان لبلاد مليشيات تتناسل ولن يوقف هذه الكارثة أحد”.
وتعيش عدد من الولايات السودانية التي كانت خارج دائرة الصراع العسكري، حالة من الرعب خشية وصول الحرب إليها، وسط تمدد القتال خارج الخرطوم ووصولها إلى بعض المناطق الجنوبية.
وبانتقال المعارك إلى ولايات “الجزيرة وسنار والنيل الأبيض”، اتسعت رقعة الحرب في السودان لتشمل فعليًّا 12 ولاية، بعدما كانت الاشتباكات محصورة في 9 ولايات هي: “الخرطوم، وخمس ولايات في دارفور، وثلاث في كردفان”.
وخلفت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، المندلعة منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، أكثر من 12 ألف قتيل، وما يزيد على 7 ملايين نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة.