Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

الصمت لغة العظماء

بقلم الإعلامية

دكتورة : مها محمد الزركاني

( نصمت احيانا لأن الكلام لن يغير شيء )

  • ••••••••••••••••

قال الله في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون ) صدق الله العظيم

وقال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم  ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خير او ليصمت )صدق رسول الله

يمر الانسان في بعض الاحيان بحالات كثيره تتطلب منه ان يعبر عما بداخله من مشاعر غضب أو فرح .. بعضهم  إذا غضب يغضب بعصبية وصراخ قد تؤدي به الى كثير من المشاكل والبعض الاخر يتبع هذه الطريقه (وهي طريقه الصمت) و يتمعن النظر من حوله ويجد انه لايوجد طريقه تخلصه من حالات الانفعال التي يمر بها جراء حاله معينه الا الصمت وفي كثير من الحالات يكون صمت أمام سفهاء عملاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله ” داروا سفهائكم ” أي ليس كل حق يقال وليس كل ما جاء وقته قد جاء رجاله وهنا قد يكون الصمت رحمة بجهل من يحيطون به أو عدم قدرتهم على الإدراك ولذلك يقول صلى الله عليه وآل ” حدثوا الناس بما يفهمون أتريدون أن يكذب الله ورسوله .. الحديث

…وبالتالي أحياناً الصمت يكون دواءاً  للغضب اذ علينا ان نعرف جيدآ بأن اول العلم الصمت للمعرفة والإستزادة والثاني حسن الاستماع والثالث حفظه والرابع العمل به والخامس نشره .

اذاً في اغلب الاحيان علينا لزوم الصمت لنسمع حتى نزن كلام الآخرين قبل ان ننطق به …ويشعر الانسان في بعض الاحيان بأن الصمت قد اخذ منه حقه ويندم على انه لم ينفعل ويرد ويتهجم…

وهذا غير صحيح فالندم على السكوت خيرا من الندم على قول غير صحيح يؤدي بنا الى الوقوع في اخطاء لاعقبا لها… وعلى الانسان ان يعرف بأن الصمت هو طريق العلم الاصعب في عالم الكلام ويصعب احياناً  تفسيره..

وهو افضل جواب لبعض الاسئلة وسط جهلاء او سفهاء أو بسطاء وقيل قديماً ان الصمت اجابة رائعة لايتقنها الاخرون ….حيث قال لقمان لولده (يابني اذا افتخر الناس بحسن كلامهم فأفتخر انت بحسن صمتك)

وهنا سؤال يطرح نفسه هل يجوز ان يطول الصمت وهل يتم اتخاذ الصمت وسيله في ظل جميع الامور المتعلقة وهل وهل وهل …………الاخ

فالجواب هو كلا لان الكلام مطلوب في اغلب الاحيان  ولكن الكلام الذي يكون بمستوى الحالة ولايتعداها ولايفقد الانسان صوابه عند الكلام لانه سوف يخسر ما يروم الحصول عليه من خلال تلفظه بكلمات غير لائقة ولايكون لها اي صلة بالموضوع الذي تم التحدث فيه وهنا نعود الى نقطة البداية ونقول ان الصمت افضل من ان يتحدث الانسان بكلمات غير صحيحة وتفقده حقه ويخسر تأييد الناس له حيث قال الامام علي ابن أبي طالب (ع) ان الصمت باب من ابوب الحكمة ويقول ايضاً بكثرة الصمت تكون الهيبة

وهناك ثلاثة أنواع من الصمت

الاول هو صمت التفكير والحكمة

والثاني هو صمت السكوت عن الامر بالمعروب والنهي عن المنكر

والثالث الصمت الذي يكشف عن خلل نفسي كالخجل الزائد

اذا النوع الاول من الصمت هو المطلوب لانه يهدف الى الحكمة والحق

والثاني والثالث مرفوضات لأن الثاني سكوت عن الحق والثالث يعتبر مرض نفسي لابد من علاجه  اذا أن صمت الحكمة يتطلب من الانسان ان يتكلم في موضع الكلام وأن يسكت في موضع السكوت لا ان يكون ثرثاراً يتدفق الكلام من على لسانه  كما يتدفق الماء في انابيب المضخات فما وراء الثرثرة الا الوقوع في الاخطاء والمزالق وضعف الشخصية وهنا وصلنا الى ان الصمت ماهو الا توليفة لغوية باطنية تعتري نفسية الانسان بمعنى ان يبقى الصوت في داخله وعدم خروجه الابمكانه وزمانه الصحيح …. والله سبحانه وتعالى اعتبر الصمت والسكوت اية للفرج من الشدة وللحصول الى رحمة الله الواسعه وعطاياه الكثيرة فعندما دعاء النبي زكريا (ع) من الله سبحان وتعالى لطلب الولد في قوله تعالى من سورة مريم (ربي اني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم اكن بدعائك رب شقيآ)  فقد امره الله التزام الصمت والاكتفاء بالايماء لتكون له آية وعلامة لقضاء حاجته حيث قال تعالى بسورة مريم (قال رب اجعل لي آية قال ايتك الاتكلم الناس ثلاث ليالي سويا)

وكذلك السيدة مريم.. امرها الله التزام الصمت حتى يكون لها سلاحاً ذو حدين بقوله تعالى بسورة مريم (فكلي واشربي وقري عينا فاما ترين من البشر احدآ فقولي اني نذرت للرحمن صومآ فلن اكلم اليوم انسيا)  ….اذاً هنالك الكثير من الفوائد والتي لاتحصى في صمت الانسان للتغلب على الكثير في المشاكل الحياتية والنفسية ولبيان جمالية هذه اللغه لتكون للانسان هيبة وشخصية قوية عند اتخاذه الصمت في الامور التي تتطلب ذالك.. لانها بلاغة واجابة بارعة لمن يحاول ان يؤذي المقابل  بلسانه فضلآ انه يحفظ اللسان من الوقوع بمصيدة الغيبة والكذب والنميمة وكما قال الإمام علي (عليه السلام ) ان كان في الكلام بلاغه ففي الصمت سلامه من العثار

كذلك علينا أن نعرف الفرق بين (الصمت) و(السكوت) وهذا الأمر في غاية الأهمية

لأن السكوت هو إمساك عن الكلام حقا كان أو باطلأ

واما الصمت فهو إمساك عن قول الباطل دون الحق ..وهو أبلغ من السكوت لأنه قد يستعمل فيما لاقوته له للنطق ..وفيما له قوة النطق

فلو كان الكلام من فضه فالسكوت من ذهب في كثير من الأحيان وهنا يكون الصمت لغة العظماء كما أوصى النبي صلى الله عليه وآله اللهم ابي ذر قائلاً :


1. أوصاني بالإخلاص في السر والعلانية.

2. والعدل في الرضا والغضب.

3. والقصد في الغنى والفقر.

4. وأن أعفو عمّن ظلمني.

5. وأُعطي من حرمني.

6. وأصل من قطعني.

7. وأن يكون: صمتي فكرًا، ونُطقي ذكرًا، ونظري عِبَرًا”.

فالله هبلنا لسانا ذاكرا وقلبا شاكراً وجسداً على البلاء صابرا 

د مها الزركاني