الخليج الجديد :
من المقرر أن تنضم كل من السعودية والإمارات ومصر وإيران وإثيوبيا والأرجنتين، في الأول من يناير/ كانون الثاني المقبل، إلى دول مجموعة “بريكس”، التي أُسست في عام 2006 وتضم الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.
واختتمت قمة “بريكس” أعمالها في جوهانسبرج، يوم 24 أغسطس/ آب الجاري، بدعوة الدول الست إلى الانضمام للتكتل الهادف إلى تأسيس نظام اقتصادي عالمي متعدد الأقطاب، بدلا عن الهيمنة الاقتصادية الغربية ممثلة في مجموعة الدول السبع الكبرى، التي تقودها الولايات المتحدة وتضم كندا واليابان وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا.
والدول الست تمثل خليطا يشمل السعودية والإمارات، وهما دولتان غنيتان بالنفط، ومصر والأرجنتين اللتين تواجهان أزمة اقتصادية وتعانيان من ارتفاع معدلات التضخم وتشتد الحاجة فيها إلى الاستثمار الأجنبي، وإيران التي تعيش في عزلة بسبب العقوبات الغربية على خلفية برنامج نووي مثير للجدل، بالإضافة إلى إثيوبيا التي تتعافى من حرب أهلية.
- هذا التوسع هو الأول منذ 2010 حين انضمت جنوب أفريقيا، ويهدف ضم أعضاء جدد إلى زيادة نفوذ “بريكس” باعتبارها تكتلا مناصرا لدول “الجنوب العالمي”، التي يشعر الكثير منها بمعاملة غير عادلة من جانب المؤسسات الدولية، التي يهمين عليها الغرب، بقيادة الولايات المتحدة.
- الثقل الاقتصادي لـ”بريكس” سيزداد، فالأعضاء الجدد سيرفعون حصة التكتل في الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 26% إلى 29%، فيما ستزيد التجارة في السلع من 18% إلى 21%.
- توسيع “بريكس” يمكن أن يزيد من استخدام العملات الوطنية بين الأعضاء الـ11 لتقليص الاعتماد على الدولار الأمريكي القوي والمهيمن على الاقتصاد العالمي، بما يساعد في تقليص هشاشة اقتصادات تلك الدول أمام الدولار وتقلبات أسعار صرف العملات الأجنبية. وربما تتحول السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، والإمارات على نحو متزايد إلى عملات غير مقومة بالدولار في تجارة النفط.
- إضافة مزيد من الأصوات المتباينة إلى “بريكس” سيجعل من الصعب التوصل إلى اتفاق بشأن مجالات رئيسية مثل استخدام العملات المحلية في التجارة بين دول المجموعة وتوسيع علاقاتها المصرفية، وملفات أخرى خلافية ذات ارتباط بالولايات المتحدة.
- بضم السعودية والإمارات يصبح في المجموعة 3 أعضاء مهمين في منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” (بجانب روسيا)، مما يمنح “بريكس” أهمية في الجغرافيا السياسية لسوق النفط العالمية المهمة.
- يوفر ضم السعودية والإمارات فرصا استثمارية وتجارية جديدة لدول “بريكس”، إذ تسعى الأولى إلى تنويع وتوسيع اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، فيما تمثل الأخيرة مركزا ماليا رائدا في الشرق الأوسط. كما يمكن للرياض وأبوظبي ضخ أموال في بنك التنمية، وهو مرفق الإقراض التابع للتكتل الذي يمثل 40% من سكان العالم و27.7 تريليون دولار من الاقتصاد العالمي.
- عبر “بريكس”، تتطلع السعودية والإمارات إلى الانخراط وتعميق التعاون مع الدول غير الغربية وتنويع شراكاتهما الاقتصادية كتحوط إضافي ضد الولايات المتحدة، بما يعزز هدفهما في أن يُنظر إليهما ليس كقادة إقليميين مهمين فحسب، بل أيضا كقادة عالميين.
- يمكن للسعودية والأرجنتين، وكلاهما عضو في مجموعة العشرين بقيادة الولايات المتحدة، تمكين “بريكس” من لعب دور في تنسيق وجهات نظر معظم أعضاء مجموعة العشرين في الأسواق الناشئة، ما يعني أن “بريكس” يمكن أن تعمل كنظير غير رسمي لمجموعة الدول السبع الكبرى، التي تنسق مواقف البلدان المتقدمة قبل اجتماعات مجموعة العشرين.
- انضمام إيران إلى “بريكس” سيعزز المحور المناهض للولايات المتحدة، مما يجعل من الصعب على واشنطن والغرب التعامل مع منظمة تضم عضوين خاضعين لعقوبات دولية (إيران وروسيا)، كما يعكس قرار ضم طهران نفوذ الصين وروسيا في المجموعة، وقد لا يكون مريحا للغاية بالنسبة للأعضاء المعتدلين مثل الهند والبرازيل.
- ينحدر 4 من الأعضاء الستة الجدد من الشرق الأوسط، وهي منطقة وسعت الصين وبدرجة أقل روسيا علاقاتهما الاقتصادية والعسكرية والسياسية معها في السنوات القليلة الماضية، مما أقلق الولايات المتحدة صاحبة النفوذ التاريخي في تلك المنطقة ذات الأهمية الاستراتجية، لاسيما على مستوى الطاقة، خاصة وأن واشنطن تواجه منذ فترة ما تعتبره نفوذا صينيا متصاعدا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وتتصدى لحرب تشنها روسيا على أوكرانيا منذ 2022.
- ربما تستفيد الصين والبرازيل والهند من سهولة الوصول إلى النفط، خاصة من السعودية والإمارات وإيران، وقد تمثل “بريكس” شريان حياة لمصر وإيران والأرجنتين التي تشتد الحاجة فيها إلى رأس المال في ظل أزمات افتصادية خانقة، لكن ليس من المؤكد، وفقا لخبراء، أن يرتفع الاستثمار الأجنبي المباشر بين أعضاء المجموعة، فعروض مصر الاستثمارية مثلا غير جذابة، ولذلك لم تتلق استثمارات خليجية، ولاسيما من السعودية، في الفترة الأخيرة.
- ضم مصر إلى “بريكس” ربما يعكس، بحسب مراقبين، نظرة دول المجموعة إلى موقع مصر الاستراتيجي وقناة السويس وحقول الغاز المكتشفة حديثا وتعداد سكانها البالغ نحو 105 ملايين نسمة على أنها مهمة جدا اقتصاديا وسياسيا على مدى العقود المقبلة.
- من بين المستفيدين الرئيسيين من توسيع “بريكس”، وفقا لمحللين، كل من إيران الخاضعة لعقوبات أمريكية أوروبية وتسعى إلى كسر عزلتها، والصين التي تمثل 70% من الناتج المحلي الإجمالي للمجموعة، ولطالما ضغطت لضم أعضاء جدد، ولاسيما إيران التي تمتلك احتياطات غاز ونفط هائلة.
- بموازاة قمة “بريكس”، وضمن منافسة واضحة بين التكتلات، أعلنت الولايات المتحدة استعدادها لتعزيز القدرات التمويلية لصندوق النقد والبنك الدوليين، بمناسبة قمة مجموعة العشرين المقبلة في الهند يومي 9 و10 سبتمبر/أيلول المقبل. وكشفت واشنطن عن أن مقترحات الصندوق والبنك ستولد نحو 50 مليار دولار من الولايات المتحدة وحدها كقروض للدول المتوسطة الدخل والفقيرة، ومع مساهمات دول أخرى سيتجاوز المبلغ 200 مليار دولار.
موضوعات متعلقة