وواصلت السلطات المصرية خلال الأيام الماضية، هدم مقابر في منطقة الإمام الشافعي وسط القاهرة، في وقت انتقد فيه سياسيون وأثريون ما اعتبروه عمليات دهس للتاريخ المصري.
الدكتور محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية السابق، وصف في تدوينة له ما يحدث بالجهل.
وكتب : ماضينا بكل ما يمثله من تراث وثقافة وعمارة وأدب وفن، هو ركيزة حاضرنا وأساس مستقبلنا.
وتساءل البرادعي : لماذا الاصرار ولو بحسن نية على تدمير هويتنا ومصريتنا بحجة تطوير التراث، التراث لا يتم تطويره وانما يتم الحفاظ عليه كما هو، رجاء كفانا جهلا، استعينوا بأهل الخبرة.
الدكتور محمد أبو الغار، الطبيب والسياسي المصري، انتقد هدم المقابر التاريخية، مؤكدا أن النظام السياسي يتجاهل غضب المصريين.
وكتب أبو الغار على صفحته على الفيسبوك:
الشعب المصري بكافة فئاته حالته كرب وغاضب من 100 شيء، هذا الأسبوع البلدوزرات تواصل هدم الجبانات التاريخية والناس منهارة والنظام سعيد وبضحك ولا يبدي أي اعتبار لمشاعر الناس وطلباتهم.
ووجه حديثه للمسؤولين: أمر لم يحدث في تاريخ مصر، نحن في كارثة اقتصادية، حدثونا عن خططكم، هناك تاريخ يداس بالأقدام.
إلى ذلك تواصلت التحركات البرلمانية لمحاولة وقف عمليات الهدم، وقال النائب ضياء الدين داود، يترقب المصريون والمهتمون بالآثار في العالم بقلق ويأس وإحباط، إزالة الحكومة لمجموعة من المواقع التي تتضمن نفائس التاريخ المصري، ورفات شهوده وصناعه، دون اعتبار لقيمة تلك الأيقونات الذهبية التي بالقطع ليست محل تقدير حكومة عجزت أن تحفظ لمصر حاضرها فكيف لها أن تحفظ تاريخها.
وطالب بضرورة التوقف الفوري عن تلك الأعمال المعادية للشعب وتاريخه، واستجلاء الدراسات التي أجريت لما تم ومن الذي وقع على تلك القرارات بالإزالة وافادتي بصور تلك القرارات لحين انعقاد جلسات البرلمان في الأسبوع الأول من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
الدكتورة مها عبدالناصر، عضوة مجلس النواب، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي،
أعلنت هي الأخرى تقدمها بسؤال برلماني بشأن هدم الجبانات.
وقالت النائبة:
القاهرة تعد واحدة من المدن التاريخية المتفردة، لذا تم إدراجها على قوائم منظمة اليونسكو كممتلك لتراث عالمي عام 1979 اعترافًا من العالم بأهميتها الكبرى، وتأكيدًا على ضرورة الحفاظ المتكامل على نسيج المدينة التاريخي وما يمثله من قيم حضارية وثقافية وتراثية مهمة تلعب دورًا بارزًا في تأصيل الهوية وتعزيز الانتماء لدى جموع المصريين.
وذكرت أنها تقدمت بأكثر من طلب إحاطة سابقًا بخصوص هذا الموضوع وتم وقف الهدم بالفعل لفترة، ولكن للأسف بدأ مؤخرًا هدم مدافن جبانات القاهرة التاريخية وعددها 98 مدفنًا لمحو حقبة من تطور العمارة الجنائزية في مصر والاستيلاء على القطع الثمينة التي تحتويها من تركيبات رخامية أو حجرية وشواهد فريدة تحمل أجمل نماذج الخط العربي وتقص تاريخ أعيان مصر.
ويواصل أثريون مصريون توثيق تاريخ المقابر المهددة بالإزالة، ونشر الدكتور مصطفى صادق مؤسس مبادرة شواهد مصر، صورا لمقبرة الأمير يوسف كمال نجل أحمد كمال بن أحمد رفعت بن إبراهيم باشا بن محمد علي باشا، وقال إنها ستتعرض للهدم خلال الساعات المقبلة.
يذكر أن الأمير يوسف كمال من أسرة محمد علي باشا،
وهو رحالة وجغرافي مصري مؤسس مدرسة الفنون الجميلة في العام 1905 وجمعية محبي الفنون الجميلة العام 1924 وشارك في تأسيس الأكاديمية المصرية للفنون في روما.
كما نشر أثريون صورا لمدفن حسين يسري باشا السكرتير العام لمجلس شورى القوانين سابقا المتوفي في ٣ جمادى الثاني سنة 1330، بعد أن وضع على جدرانه علامة تدل على دخول حيز الإزالة.
وتأتي عمليات الإزالة التي طالت مقابر تاريخية في وسط القاهرة، ضمن مخطط القاهرة 2050 الذي أطلقه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، حين كان رئيساً لهيئة تطوير المجتمعات العمرانية عام 2009.