"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

في ذكرى استشهاد الامام الجواد عليه السلام: قوة الحكمة في مواجهة الجهل والظلم

ان إحياء مناسبات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) له أهمية كبيرة في حياة المسلمين وخصوصاً اتباع اهل البيت عليهم السلام، حيث تعزز هذه المناسبات السمات الروحانية والدينية لدى المؤمنين، وتعكس حبهم واستمرار وتأكيد ولائهم للأئمة والتزامهم بتعاليمهم. ويعزز استذكار هذه المناسبات وحدة المجتمع ويعمق التواصل الاجتماعي والثقافي بين المسلمين، فضلاً عن اعتباره فرصة لتعلّم القيم والمبادئ النبيلة من حياة الأئمة عليهم السلام وتطبيقها في الحياة اليومية.

وفي هذه الايام نشهد ذكرى استشهاد الإمام محمد الجواد (عليه السلام) وهو التاسع من أئمة أهل البيت، وُلد في العام 195 هـ في المدينة المنورة، ووالده هو الإمام علي الرضا (عليه السلام).  تعرّض الإمام الجواد للظلم والاضطهاد من قِبَل الحكام العباسيين، إلا أنه بقي متميّزاً بالحكمة والعلم منذ صغره. وكان مشهوراً بعقله الحاد والثاقب، وعُرف بكرمه وعفافه وأخلاقه العالية.

قضى فترة من حياته في المدينة المنورة، حيث قام بنشر العلوم الإسلامية وتعليم الناس مبادئ الاسلام الحنيف. وكان يستقبل الطلبة من جميع أنحاء العالم الإسلامي ليستفيدوا من علمه وحكمته.

تعرّض الإمام الجواد عليه السلام للسجن والتضييق من قبل العباسيين حتى قبل ان تتم تسميته وإعلانه وريثاً للإمامة.

لكنه استشهد في العام 220 هـ نتيجة التسمم الذي تعرض له على يد الحاكم العباسي المعتصم.

فبعد ان اعتلى المعتصم كرسي الخلافة لم يسمح للإمام الجواد (عليه السلام) بالتحرّك وجاء به الى بغداد، وكان يراقب النشاط الاجتماعي والسياسي للإمام (عليه السلام) ثمّ قتلهُ بالسُم على يد ابنة أخيه المأمون، المعروفة باُم الفضل والتي زوّجها المأمون من الإمام الجواد (عليه السلام) ولم تنجب له من الأولاد شيئاً، وذلك في سنة 220 هـ.

وورد في كتاب حياة الامام محمد الجواد (عليه السلام) لمؤلفه الشيخ باقر شريف القرشي ما نصه في ص263 : ( وجهّز بدن الامام (عليه السلام) فغسل وادرج في اكفانه، وبادر الواثق والمعتصم فصليا عليه، وحمل الجثمان العظيم الى مقابر قريش وقد احتفت به الجماهير الحاشدة فكان يوماً لم تشهد بغداد مثله فقد ازدحمت عشرات الالاف في مواكب حزينة وهي تردد فضل الامام وتندبه، وتذكر الخسارة التي مني بها المسلمون في فقدهم للامام (عليه السلام) وحفر للجثمان الطاهر قبر ملاصق لقبر جدّه العظيم الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) فواروه فيه وقد واروا معه قيم الانسانية، وكل ما يُعتز به من المثل الكريمة). ينسب هذا الكلام الى نزهة الجليس /111 ومرآة الجنان 2/81.

ورغم قصر حياة الإمام الجواد عليه السلام إلا أنه ترك إرثاً عظيماً من العلم والتعاليم. وتعلّم منه الناس الصبر والتسامح، وأظهر لهم قوة العقل والحكمة في مواجهة الجهل والظلم.