التعريف المنقوص في اللغة لكلمة (نُكُر) وبيانها القرآني و الفرق بينها وبين كلمة جهل 

البحث بصيغة pdf :

توضيح الإضطراب حول تعريف كلمة نُكُر في كتاب الله والفرق بينها وبين كلمة جهل :

  يقول تعالى :

(6) فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيئ نكر (6)

وهنا :

(فتول عنهم)

[ وتول بمعنى أدبر وذهب ] قال تعالى { فسقى لهما ثم تولى إلى الظل – القصص 24 }

والمعنى العام هنا أي مادمت أبلغتهم رسالة ربك تولى عنهم لأن الذكرى تنفع المؤمنين قال تعالى { فتول عنهم فما أنت بملوم وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ – الذاريات 54-55 }

وكذلك قال تعالى في نبيه صالح أيضاً عليه السلام بعدما أبلغهم رسالة ربه عز وجل { فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين – الأعراف 79 }  وقال تعالى أيضاً في نبيه  شعيب عليه السلام بعدما أبلغهم رساله ربه عز وجل : { فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين – الأعراف 93 }

وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله بأن يتولى عنهم إلى أجل هم بالغوه فغذا بلغوه فلن يستقدمون ساعة ولا يستأخرون قال تعالى { فتول عنهم حتى حين وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ – الصافات 174-177 } .

فإذا جاء أجلهم بعث الله تعالى إليهم بإمام يدعوهم إلى شيئ من كتاب الله ينكرونه كما في قوله تعالى هنا { فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر – القمر 6 }

وأما :

(يوم)

وهذا اليوم هو يوم معاد هلاك أمة كفرت بالله تعالى ورسوله وتركت العمل بما أنزل الله وهؤلاء لهم ميعاد يوم لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون قال تعالى { قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون – سبأ 30 } وهذا الأجل لهذه الأمة بين أجلين الأول في زمن النبي وقال تعالى فيه { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير – الانفال 41}  وهذا هو البعض مما توعدهم الله به تعالى من عذاب ثم يأتي البعض الآخر من هذا الوعيد آخر الزمان والذي يبدأ بتفرقهم واختلافهم وتقاتلهم فيتركهم الله تعالى لينتقم بعضهم من بعض كما في قوله تعالى { وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا – الكهف 99 } فإذا اقترب موعد النفخ في الصور بعث الله تعالى فيهم إماماً يكون  أجل هذه الأمة في تأويل لكتاب الله تعالى قال فيه

وهذا هو الوعد الثاني آخر الزمان والذي يبدأ بظهور تأويل آخر الزمان والذي قال تعالى فيه {   هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون – الأعراف 53 } .

ومع هذا التأويل تظهر معه آيات من الله تعالى فيها علامة من علامات الساعة قال تعالى فيها { هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون – الأنعام 158 }

وبالتالي أجل هذه الأمة يكون مرتهن بظهور إمام آخر الزمان والتأويل الذي بيناه من قبل وأجل هذه الأمة بظهوره قال تعالى : { وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعًا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ – يونس 46-49 } .

وهذين الوعيد قال تعالى فيهما صراحة { سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم – التوبة }

ويوم القيامة يدعوا الله تعالى كل أناس بإمامهم من ائتم بأهل بيت النبي عليهم السلام ومن ائتم بغيرهم قال تعالى { يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا – الإسراء 71 } وفي هذا اليوم تبيض وجوه وتسود وجوه الذين تفرقوا على أهل بيت نبيهم عليهم السلام قال تعالى { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ  يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ- آل عمران 105- 106  } . وهؤلاء هنا الذين اسودت وجوههم كانوا يستنكرون دعوة الولاية لأهل بيت النبي عليهم السلام قال تعالى { يوم يدعوا الداع إلى شيء نكر – القمر6} .

وأما :

(يدع الداعي)

ودعوة الداعي هنا دعوتان الأولى في الدنيا  ورائدها وإمامها رسول الله صلى الله عليه وآله كما في قوله تعالى { يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم – الأحقاف 31 } وهذه الدعوة قال تعالى فيها { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين – يوسف 108 } فلما دعا إلى الله تعالى كادوا يقتلونه كالأسد المتربص بفريسته كما في قوله تعالى { وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا – الجن 19 }

وعند الله تعالى لا يوجد دعوة مقبولة عنده تعالى خيراً ممن دعا إلى الله تعالى في الدنيا وعمل صالحاً قال تعالى { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين – فصلت 33 } .

وآخر الزمان تظهر دعوة ينكرها خلف هؤلاء من المنافقين قال تعالى هنا { يوم يدع الداعي إلى شيئ نكر – القمر 6 } .

ثنيا : داعي الآخرة يوم القيامة لمن تولى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام ومن كان على ولايتهم أجاب الداعي ومن لم يكن على ولايتهم قال هذا يوم عسر قال تعالى { مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر – القمر 8 } أي [ مسرعين إلى ما دُعُوا إليه , يقول الكافرون : هذا يوم عسر شديد الهول – التفسير الميسر ] .

ولا تنفع في هذا اليوم غير شفاعة رسول الله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام ثم الشهداء والصالحين على اختلاف درجاتهم قال تعالى { يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا طه 108-109 } ومن رضى الله تعالى له قولا هم حزبه الغالبون المفلحون الذين تولوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام ولم يتولوا غيرهم ولو كانوا آبائهم قال تعالى : { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون – المجادلة 22 } وهذه ستكون دعوة منكرة لديهم من بعد موت النبي صلى الله عليه وىله إلى آخر أيام عمر الدنيا ويوم الفصل وظهور دعوة ينكرونها كما في قوله تعالى هنا { يوم يدع الداعي إلى شيئ نكر } .

وأما :

(إلى)

وهنا يبين تعالى أنه أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله كما أوحى للنبيين من قبله قال تعالى { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا – النساء 163 } فلما دعاهم إلى الله تعالى وكتابه الكريم قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آبانا كما في قوله تعالى { وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون – لمائدة 104 }

ورد لفظ إلى في قوله تعالى { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون –آل عمران 104 } فإذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحاكموا إلى الطاغوت ومنه الهوى كما في قوله تعالى { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا – النساء 60 }

فإذا عم الفساد في الأرض وتحاكموا إلى الطاغوت ظهرت بينهم دعوة تكون منكرة فيهم وفيها هلاكهم كما في قوله تعالى هنا { يوم يدعوا الداع إلى شيء نكر } ونكرانهم هذه الدعوة تكون بجهلهم أموراً لا يعلمونها عن كتاب ربهم وشريعتهم كما في قوله تعالى عن إمام آخر الزمان وعلمه { قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون – يونس 35 } .

 

وأما :

( شيئ)

والتعجب لهؤلاء المشركين كان من بعثة رسول منهم كما في قوله تعالى { بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب – ق 2 } والتعجب من دعوته بألوهية الله تعالى وحده لا شريك له كما في قوله تعالى { أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب – ص 5 }

وهذه الدعوة تقوم على كلمة لا إله إلا الله وهى كلمة التقوى التي قال تعالى فيها { وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما – الفتح 26 } وقد بين الله تعالى أن كتابه الكريم تبياناً لكل شيئ كما في قوله تعالى { ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين- النحل 89 } ومن لم يعمل بكتاب الله تعالى فليس على شيئ كما قال تعالى { قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين – المائدة 68 }

وقد أمر الله تعالى بطاعة الله تعالى ورسوله وأولي الأمر منأهل بيته عليهم السلام ورد الخلاف معهم إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله إن كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر كما في قوله تعالى {  يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا – النساء 59 }

ثم يبين تعالى أن من قريش منافقون قالوا هل لنا معك يارسول الله شيئاً من الحكم  قال تعالى : { ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا – آل عمران 154 } وهنا يبين تعالى أنهم قالوا بالظن هذه المقولة وغيرها من الظنون القائمة على الهوى وبغير علم من كتاب الله تعالى كما في قوله تعالى { وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا – النجم 28 }

فلما علموا أن الأمر في أهل بيته عليهم السلام كذبوا على الله تعالى ورسوله في مناقب الرجال والقبائل والبلدان وقال تعالى هنا في ذلك : { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون – الأنعام 93 }

وهنا تفرقت الأمة مابين مصدق بمناقب أهل بيت النبي ومكذب بها ومعرض عن الإثنين معاً ممن لا يريدون إلا الحياة الدنيا وقال تعالى هنا في هذا التفرق : { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون- الانعام 159 }

وهنا ليوفيهم الله تعالى نصيبهم من الدنيا فتح عليهم أبواب كل شيئ تمنوه فيها قال تعالى { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون – الأنعام 44 }

ثم تظهر طائفة كبيرة وعريضة ممن لايعيرون لشرع الله بالا ولا يعملون بحلال ولا حرام ويعيشون كالأنعام  بل هم أضل وهؤلاء قال تعالى فيهم {  ويل لكل أفاك اثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين – الجاثية 7-9 }

ثم يأت زمان التقدم العلمي وفرحتهم بما أوتوا من ذلك العلم من صناعات صنعوها بأشيائ خلقها الله تعالى في أرضه وسماءه قال تعالى لهم لذلك هنا { أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار- الرعد 16 } وهنا يدعوهم الله تعالى بالسير في الأرض لينظروا كيف بدأ الله الخلق وكيف أهلك الأمم من قبل وكما خلقهم الله تعالى أول مرة فعله النشأة الآخرة و قال تعالى  فيها { قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير- العنكبوت 20 } فإذا كان قبل يوم القيامة وفي هذا العصر من العلم الدنيوي والصناعات الحديثة تظهر بين الناس دعوة تكون منكرة قال تعالى فيها هنا { يوم يدعوا الداع إلى شيئ نكر- القمر 6 } .

وأما :

(نكر)

[ ونكره : ستوحش منه ونفر وأصل ذلك أن يقال نكره جهله ومن جهل شيئاً استوحش منه في العادة وكرهه – معجم ألفاظ القرآن باب النون فصل الكاف والراء ] . وهذا التعريف بمعجم ألفاظ القرآن غير دقيق مثله في لسان العرب كما يلي

[ النُّكْر المُنْكَرِ نَكُرَ نَكارَةً والمُنْكَرُ من الأَمر: خلاف المعروف، وقد تكرر في الحديث الإِنْكار والمُنْكَرُ، وهو ضد المعروف، وكلُّ ما قبحه الشرع وحَرَّمَهُ وكرهه، فه مُنْكَرٌ، ونَكِرَه يَنْكَرُه نَكَراً، فهو مَنْكُورٌ، واسْتَنْكَرَه فه مُسْتَنْكَرٌ، والجمع مَناكِيرُ؛ عن سيبويه قال أَبو الحسن: وإِنم أَذكُرُ مثل هذا الجمع لأَن حكم مثله أَن الجمع بالواو والنون في المذك وبالأَلف والتاء في المؤنث والنُّكْرُ والنَّكْراءُ، ممدود: المُنْكَرُ وف التنزيل العزيز: لقد جئت شيئاً نُكْراً، قال: وقد يحرك مثل عُسْر وعُسُرٍ؛ قال الشاعر الأَسْوَدُ بنُ يَعْفُرَ أَتَوْني فلم أَرْضَ ما بَيَّتُوا وكانوا أَتَوْني بِشيءٍ نُكُر ِلأُنْكِحَ أَيِّمَهُمْ مُنْذِراً وهل يُنْكحُ العبدَ حُرٌّ لِحُرّْ ورجل نَكُرٌ ونَكِرٌ أَي داهٍ مُنْكَرٌ، وكذلك الذي يُنْكِر المُنْكَرَ، وجمعهما أَنْكارٌ، مثل عَضُدٍ وأَعْضادٍ وكَبِدٍ وأَكباد والتَّنَكُّرُ: التَّغَيُّرُ، زاد التهذيب: عن حالٍ تَسُرُّكَ إِلى حا تَكْرَهُها منه … لسان العرب لابن منظور ]

والأدق هنا والأقرب إلى الصواب :

[ أَنكَرَ: (فعل) • أنكرَ يُنكر ، إنكارًا ، فهو مُنكِر ، والمفعول مُنكَر. أنكر الشَّيءَ :جهلَه مع علمٍ به. أَنْكَرَ مَعْرِفَتَهُ : جَهِلَهُ، اِدَّعَى عَدَمَ مَعْرِفَتِهِ. أنكر كلامًا: لم يعترف بأنّه صادر منه،. أَنْكَرَ حَقَّهُ :- : جَحَدَهُ، نازَعَه.- المعاني الجامع ]

توضيح :

وهذه التعريفات المضطربة غير دقيقة لأن الكثير هنا لم يميزوا ويوضحوا الفرق بين الجهل والنكارة . قال تعالى مبيناً أن الفرق بين الجهل و النكارة أن أحد الطرفين يعرف الحقيقة و يريد توصيلها للطرف الآخر و بالفعل يوصل دعوته للطرف الجاهل بها قال تعالى في دخول الملائكة وهم يعلمون بحقيقة حضورهم وجهل نبي الله إبراهيم بأمرهم أطلق عليه القرآن الكريم هنا نكارة فقال تعالى { فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط – هود 70 } وبالتالي نكارة الشيء تأت عن جهل طرف دون طرف كما في قوله تعال عن إخوة نبي الله يوسف عليه السلام { وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون – يوسف 58 } . وقال تعالى أيضا { قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون – النمل 41 } والنكارة هنا بعلم نبي الله سليمان وجهل بلقيس ملكة سبأ .

وقال تعالى أيضاً { قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا – الكهف 87 } أي عذاباً يعلمه الله تعالى وقال فيه { وآخر من شكله أزواج } أي [ ولهم عذاب آخر من هذا القبيل أصناف وألوان – التفسير الميسر] .

وإذا قال تعالى عن آياته { ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون – غافر 81 } ونكرانهم هنا لأن هناك مؤمنين يعلمون آيات الله ويؤمنون به تعالى وآخرين لا يعلمون ولا يؤمنون ولذلك قال تعالى { فأي آيات الله تنكرون } . وكأن الحقيقة نصفين بين المنكرين لها والآمرين بالمعروف كما في قوله تعالى { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون – آل عمران 104 }  فما ينكره هؤلاء يعرفه هؤلاء والمنكر جهل طائفة دون أخرى تعرف الحقيقة .

فلما ظهر فيهم من يتلون عليهم آيات الله تعالى في الدنيا تعرف في وجوه الكثير ممن كفر به تعالى وبرسوله المنكر و يكادون يسطون بهؤلاء المؤمنين كما في قوله تعالى { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير- الحج 72 } .

وفي كتاب الله تعالى الذكر والرسول منكرون عند طائفة كفرت به تعالى وبرسوله كما في قوله تعالى { وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون – الأنبياء 50 } وأما رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول فيه حال الموت ويوم القيامة عند الحساب { أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون – المؤمنون 69 } أي كيف يجهلوه وقد عرفه الله تعالى  للناس فآمن به من آمن من المؤمنين . وكفر به من كفر ممن أنكره و يوم القيامة سيجهلون دعوة الداع أيضاً كما في قوله تعالى هنا  { يوم يدعوا الداع إلى شيئ نكر – القمر 6 } .

هذا لشيئ النكر يعلمه رسول الله صلى الله عليه وعلمه أهل بيته عليهم السلام فنصف العلم بها عند الله تعالى ورسوله وأئمة أهل البيت عليهم السلام والنصف الآخر يجهله من كفروا به تعالى ورسوله وولاية أهل بيته عليهم السلام لذلك قال تعالى هنا { يوم يدعوا الداع إلى شيئ نكر – القمر 6 } وهذه الدعوة المنكرة يجهلها الأحزاب ممن فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون قال تعالى في هؤلاء المفرقين دينهم { ومن الأحزاب من ينكر بعضه – الرعد 36 } أي بعضهم يعرف وبعضهم يجهل أمر ولاية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل البيت عليهم السلام وهم المستكبرين كما في قوله  تعالى { إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون – النحل 22 }

وورد في تفسير البرهان [ و قوله تعالى: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ } قال: الإمام [إذا خرج] يدعوهم إلى ما ينكرون. – تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني ]

 

 

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

كتاب حياة السيدة زينب (عليها السلام)

كاتب وباحث : خالد محيي الدين الحليبي مدير مركز القلم للأبحاث والدراسات القاهرة    النسب …