الاسلاميون ينقلبون على أهم حليف لهم : الجنرال البرهان

راي اليوم :

الخرطوم-(أ ف ب) – بدأت بوادر صراع وشيك بين الإسلاميين السودانيين وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان إذ يسعى هؤلاء اليوم للتخلص منه ويعتبرونه متساهلا أكثر من اللزوم، بينما يخوض الرجل منذ ستة أسابيع حربا على جبهة أخرى ضد نائبه السابق محمد حمدان دقلو.

في ظل حكم عمر البشير الذي امتد لثلاثة عقود، هيمن الإسلاميون على السلطة في البلاد وأسسوا شبكة واسعة من المصالح المالية والتجارية والسياسية.

وحكم عسكريون السودان مدة 55 عاما منذ حقق استقلاله قبل 67 عاما، بحسب ريفت فالي إنستيتوت. ويؤكد هذا المركز البحثي أن “السياسة السودانية مرتبطة ارتباطا عضويا بالعسكريين والجيش هناك مؤسسة مسيسة”.

في العام 2019، عندما اضطر الجيش الى اطاحة البشير تحت ضغط الشارع، أبتعد الإسلاميون عن الواجهة. وتم حظر حزب المؤتمر الوطني الذي كان يتزعمه البشير ووضع الكثير من المسؤولين في السجن.

واختار الجيش، لتهدئة خواطر الشارع والمجتمع الدولي، “ضابطا مجهولا” هو عبد الفتاح البرهان، لوضعه على رأس البلاد، على ما يقول الباحث أليكس دي فول.

ad

– “ضمان مكانهم” –

وراح البرهان يكثر من التصريحات المناوئة للاسلاميين وحزب المؤتمر الوطني.

لكن منذ أدى اشتعال الحرب في 15 نيسان/ابريل الى الفوضى في السودان وإلى هرب قادة من النظام السابق من السجون، ظهر المؤتمر الوطني مجددا ليعلن دعمه للجيش في مواجهة قوات الدعم السريع التي يتزعمها دقلو.

ويقول عثمان ميرغني رئيس تحرير يومية التيار المستقلة “الإسلاميون يستثمرون في الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد ليضمنوا وضعا في التسوية السياسية المقبلة”.

وتجلت عودتهم بقوة عندما وجه البرهان الجمعة رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش يطلب فيها تغيير موفده الى السودان فولكر بيرثيس.

وقال البرهان إن الموفد الأممي صار “طرفا وليس وسيطا” في السودان واتهمه بارتكاب “تدليس وتضليل” أثناء قيادته عملية سياسية ما “شجع”، وفقا له، دقلو على “شن العمليات العسكرية”.

وكان الإسلاميون يعترضون على المبعوث الأممي ويتظاهرون منذ أشهر للمطالبة باستبداله.

لكن ميرغني يؤكد أن البرهان ليس سوى “قطعة شطرنج في السياسية السودانية فهو لا يمثل تيارا سياسيا لكن دوره يرتبط بوظيفته كضابط بالقوات المسلحة”.

ويشير أليكس دي فال الى أن البرهان “يواجه عوائق عدة”.

ويتابع هذا الخبير بالشؤون السودانية “خلافا لدقلو والبشير من قبله، ليست لديه موارد مالية خاصة لكي يتمكن من عقد تسويات سياسية”.

ويضيف “لذلك فقد أجبر دوما على التفاوض مع العسكريين ومع الحرس القديم قبل كل القرارات المهمة”.

– “المهمة انتهت” –

ويرى أمير بابكر رئيس تحرير موقع مواطنون المتخصص في شؤون القرن الإفريقي أن البرهان “خلق علاقة مع الإسلاميين لتحقيق طموحه في الحكم”.

وعلى الرغم من محاولته “إظهار الابتعاد عنهم الا انه استجاب لضغوطهم بسبب وجودهم في الأجهزة الأمنية ونفذ انقلاب الخامس والعشرين من تشرين الأول/اكتوبر” 2021، وفقا له.

قام البرهان بالانقلاب قبل بضعة أسابيع من الموعد المحدد لتسليم السلطة الى المدنيين. وسمح ذلك أيضا بتجميد أنشطة لجنة تفكيك شبكات نظام البشير وامبراطوريته الاقتصادية.

واضطر أخيرا إلى طلب تغيير موفد الأمم المتحدة.

وقال محلل عسكري طلب عدم كشف هويته، “الإسلاميون لديهم وجود في المؤسسة العسكرية عملوا عليه منذ وصولهم الي السلطة في انقلاب البشير العام 1989” .

وتابع “حاول البرهان إبعاد بعضهم ولكنه في ذات الوقت أبقى على البعض الآخر”.

اليوم يجد البرهان نفسه وحيدا في مواجهة الإسلاميين الذين يتهمونه بالتساهل مع قوات الدعم السريع التي كان على علاقة جيدة معها أذ عمل ضابطا في منطقة وسط دارفور العسكرية خلال سنوات الصراع الذي اندلع في الإقليم الواقع غرب البلاد عام 2003. وكان يومها دقلو قائدا لقوات الجنجويد التي فرضت الرعب في الإقليم.

ويقول ميرغني “هو مجرد ضابط في القوات المسلحة تنتهي مهمته بانتهاء وظيفته وهو ما قد يتحقق بعد انتهاء الحرب مباشرة”.

 غزة/  الأناضول :

يفاقم وقف المساعدات التي يقدّمها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، عن عشرات الآلاف من سكان غزة، مطلع يونيو/حزيران 2023، من الأزمة الإنسانية التي تضرب مفاصل القطاع جراء الحصار الإسرائيلي المستمر لأكثر من 16 عاما.

كان البرنامج أعلن في 11 مايو/ أيار الجاري، وقف مساعداته عن 200 ألف فرد في الأراضي الفلسطينية مطلع يونيو، جراء نقص التمويل، فيما سيتسبب استمرار النقص بتعليق عملياته بشكل كامل مع حلول أغسطس/ آب القادم.

يقول خبراء اقتصاديون، إن هذه الخطوة من شأنها أن تلحق المزيد من الضرر للقطاع الاقتصادي الفلسطيني بغزة، وسط ارتفاع في نسبتي البطالة والفقر.

ad

وعلى مدار السنوات الماضية، كافحت الأطراف الدولية والإقليمية بشكل حثيث لمنع المزيد من التراجع في الأوضاع الإنسانية في القطاع، خوفا من الانفجار (في وجه إسرائيل) وعودة التوتر الأمني.

يقدم برنامج الأغذية العالمي مساعداته الغذائية للفلسطينيين الفقراء من غير اللاجئين، بالتعاون مع مؤسستين وهما “وزارة التنمية الاجتماعية ومؤسسة “جمعيات عالمية” (CHF الدولية سابقا).

هذه المساعدات يتم تقديمها على شكل قسائم شرائية، من خلال مئات المتاجر في الأراضي الفلسطينية، والتي تعاقد معها برنامج الأغذية العالمي.

ووفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن 61.6 بالمئة سكان غزة، البالغ عددهم مليونين و300 ألف نسمة، يعيشون حالة فقر، بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على القطاع منذ منتصف 2007، فيما بلغت نسبة البطالة مع نهاية 2022 حوالي 47 بالمئة.

** تفاصيل القرار

تقول المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي عالية زكي، إن “هناك صعوبة كبيرة في الاستمرار بتقديم المساعدات الغذائية في الأراضي الفلسطينية، بسبب نقص التمويل، الأمر الذين دفع البرنامج لاتخاذ قرارات صعبة”.

وأضافت للأناضول: “منذ صدور إعلان تقليص المساعدات، لم يحدث أي تطور إيجابي يدفع باتجاه التراجع عن هذا القرار الجاري -للأسف- تطبيقه”.

وأوضحت أن البرنامج خفّض، مع بداية مايو/ أيار الجاري، قيمة القسيمة الشرائية المقدمة للفرد الواحد في الأراضي الفلسطينية من 12.4 دولارا إلى 10.3 دولارات.

“هذا التخفيض شمل جميع المستفيدين من البرنامج والبالغ عددهم 275 ألف فرد في الأراضي الفلسطينية”.

وابتداء من يونيو، سيتم قطع المساعدات عن 60 بالمئة من المستفيدين من خدمات البرنامج، بواقع 200 ألف شخص في الأراضي الفلسطينية، بحسب المسؤولة الأممية.

فيما سيتم مواصلة تقديم المساعدات للأشخاص المتبقين، والذين هم أكثر هشاشة حتى حلول أغسطس، إذ سيتم تعليق العمل بشكل كامل في الأراضي الفلسطينية.

وأشارت إلى أن برنامج الأغذية العالمي يحتاج بشكل عاجل إلى 51 مليون دولار، للحفاظ على المساعدات الغذائية والنقدية الضرورية في فلسطين حتى نهاية 2023.

ولفتت إلى أن الأسر الأفقر في غزة والضفة، يعانون من آثار مركبة لـ”انعدام الأمن المتزايد والتدهور الاقتصادي وارتفاع تكاليف المعيشة، التي تؤدي إلى انخفاض مستوى الأمن الغذائي”.

ووصفت الوضع الإنساني في غزة بـ”المريع”؛ مضيفة: “يكافح اثنان من كل ثلاثة أشخاص بغزة للحصول على وجبة طعام”.

وفي السياق، قالت زكي إن فقدان الفلسطينيين لهذه المساعدات سيؤثر أيضا على 300 متجر محلي متعاقد مع البرنامج في الأراضي الفلسطينية.

“يضخ برنامج الأغذية العالمي كل شهر حوالي 3 ملايين دولار في الاقتصاد الفلسطيني، من خلال برامجه المباشرة المتعلقة بالتحويلات النقدية الإلكترونية، التي تسمح بشراء المواد الغذائية مثل دقيق القمح والزيوت النباتية واللحوم المجمدة وغيرها”.

من جانب آخر، قالت المتحدثة باسم وزارة التنمية في غزة عزيزة الكحلوت، إن إجمالي الأشخاص المستفيدين من مساعدات برنامج التغذية العالمي، من خلال وزارتها بلغ نحو 23 ألف و300 مواطن.

وأوضحت في حديثها للأناضول أن برنامج الأغذية العالمي مع حلول مايو الجاري أبلغ نحو 8 آلاف من المستفيدين (عبر الوزارة) بتقليص المساعدات المقدّمة لهم بدءا من يونيو القادم، وقطعها في أغسطس.

**معاناة إنسانية

الفلسطيني حسام أحمد (53 عاما) يعتمد في توفير المستلزمات الأساسية لأسرته على القسمية الشرائية التي يقدمها له برنامج الأغذية العالمي والتي تبلغ قيمها نحو 210 شواكل.

وتعيش عائلة أحمد، المكوّنة من 6 أشخاص، أوضاعا اقتصادية صعبة للغاية جراء حالة الفقر، وعدم قدرته على العمل بسبب معاناته من أمراض تمنعه من الوقوف أو تحمل ضغوط العمل.

ويتخوف من أن يلحق بعائلته المزيد من التدهور الاقتصادي والإنساني، في حال أوقفت المؤسسة الدولية مساعداتها عن عائلته.

وأحمد، واحد من مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعتمدون بشكل أساسي في حياتهم على مساعدات برنامج الأغذية العالمي، في ظل عدم توفر فرص العمل وارتفاع مؤشرات غلاء المعيشة في القطاع.

**أهداف وتداعيات

بدوره، يقول الباحث في الشؤون التنموية محسن أبو رمضان، إن قرار برنامج الأغذية العالمي “غير مقبول في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة جراء الحصار والعدوان (العسكري) المستمر على القطاع”.

ويضيف للأناضول: “الوضع الإنساني سيء بغزة، سنويا ينضم ما بين 12-15 ألف خريج جامعي لجيش البطالة في ظل تراجع واضح في مختلف القطاعات الإنتاجية”.

واستكمل قائلا: “لا يوجد أي مبرر لوقف المساعدات الغذائية المقدمة لفقراء غزة، الذين لا يوجد لديهم معيل أو مصدر للدخل”.

ويعتقد أبو رمضان أن هذا القرار ينطوي على “أبعاد سياسية لا علاقة لها بالأزمة المالية، خاصة في ظل استمرار تقديم المساعدات في دول أخرى تعاني من أزمات إنسانية”.

**الأمن الغذائي

ومن جانب آخر، فإن وقف هذه المساعدات، وفق أبو رمضان، من شأنه أن يزيد من نسب انعدام الأمن الغذائي في القطاع والتي تأثرت بشكل أساسي بالحصار والأوضاع الاقتصادية.

ويوضح أن ارتفاع حالة انعدام الأمن الغذائي يتطلب بالأصل زيادة المساعدات الإنسانية لا تقليصها كون ذلك “يضع فئات اجتماعية تحت دائرة الفقر بصورة شديدة”.

وعبّر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في بيان سابق، عن قلقه من تداعيات قرار “الأغذية العالمي”، قائلا إن الأثر الأكبر جراء البدء بتطبيق القرار يقع على الفقراء في القطاع.

وأوضح أن أكثر من نصف السكان يعانون من الفقر، في حين أن 64.4 بالمئة من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

عن leroydeshotel

شاهد أيضاً

هل يتكرر سيناريو الجنوب وينفصل إقليم “دارفور” عن السودان؟

سبوتنك :   AFP  :  في ظل التصعيد بين الجيش السوداني والدعم السريع خلال الأسابيع …