ناطق الحرية والتغيير لـ”الخليج الجديد”: اتصالات مكثفة لإنهاء حرب السودان خلال أيام

الخليج الجديد :

قال الناطق الرسمي باسم حزب التحالف الوطني السوداني، المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي”، شهاب إبراهيم الطيب، إن الأخيرة تقوم باتصالات مكثفة وجهود حثيثة لوقف الاقتتال، معربا عن تمنياته أن تنجح تلك المساعي في أقرب وقت، وقبل انتهاء الشهر الجاري.

وأضاف، في مقابلة خاصة مع “الخليج الجديد“: “لا زالنا على تواصل مع أطراف عسكرية هنا وهناك، ومع المجتمع الدولي؛ من أجل إقرار هدنة إنسانية حقيقية ثم العمل على وقف الحرب وصولا للحل السياسي التفاوضي الذي سيجنبنا أوضاعا مأساوية وانهيارا شاملا، وقد قطعنا شوطا ملموسا في هذا الصدد، وكلنا أمل أن يُكلل بالنجاح في نهاية المطاف”.

وأردف الطيب: “نعمل على بلورة حل سياسي توافقي يحقق الهدوء والاستقرار، ويأخذ البلاد إلى الإمام، ويستأنف العملية السياسية من جديد”، منوها إلى أنهم يسعون الآن لوجود آلية مراقبة الهدنة الإنسانية لمعرفة مدى التزام الأطراف المتصارعة بها.

لكن المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي”، أكد في الوقت ذاته أنه من المستبعد الحديث عن حل سياسي الآن في ظل استمرار الحرب، التي قال إنها يجب أن تتوقف أولا.

ورأى أن رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، ونائبه في مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) ربما لن يتراجعا عن مواقفهما، إلا بموقف دولي حاسم من قِبل مجلس الأمن.

وشدد على أن “ممارسة المزيد من الضغوط الداخلية والدولية يمكن أن تؤدي لجلوس الطرفين للتفاوض المباشر، أو غير المباشر، لإنهاء هذه الحرب، لذا الوضع متوقف على تعاون الدول الإقليمية في هذا الصدد”.

 

 

ويشهد السودان، منذ 15 نيسان/ أبريل الجاري، اشتباكات بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في الخرطوم ومدن أخرى، وتبادل الطرفان اتهامات ببدء كل منهما هجوما على مقار تابعة للآخر، بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كلا منهما.

وتشكلت قوات “الدعم السريع” في عام 2013 لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المتمردة بإقليم دارفور، ثم تولت مهام منها مكافحة الهجرة غير النظامية وحفظ الأمن، قبل أن يصفها الجيش بأنها “متمردة” عقب اندلاع الاشتباكات الأخيرة.

وبين البرهان وحميدتي خلافات أبرزها مقترح لدمج قوات “الدعم السريع” في الجيش، حيث يريد الأول إتمام العملية خلال عامين هي مدة مرحلة انتقالية مأمولة، بينما يتمسك الثاني بـ10 سنوات، وهو خلاف يرى مراقبون أنه يخفي أطماعا من الطرفين في السلطة والنفوذ.

وجراء خلافتهما تأجل مرتين، آخرهما في 5 أبريل/نيسان الجاري، توقيع اتفاق بين العسكريين والمدنيين لإنهاء الأزمة التي يعيشها السودان منذ أن فرض البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 إجراءات استثنائية بينها حل مجلس السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ.

واعتبر الرافضون تلك الإجراءات “انقلابا عسكريا”، بينما قال البرهان إنها تهدف إلى “تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”، مُتعهدا بتسليم السلطة عبر انتخابات أو توافق وطني.

 

 

وفيما يلي نص المقابلة الخاصة التي أجراها “الخليج الجديد” مع شهاب إبراهيم الطيب:

كيف تقرأون تطورات الأوضاع الأخيرة في السودان؟

هذه الأحداث المؤسفة جاءت كقاصمة ظهر للوضع المتردي أصلا في البلاد منذ انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، والذي دمّر كل المكتسبات التي حققتها حكومة الثورة. وهذا الوضع الذي تفاقم يزداد سوءا يوما بعد الآخر، خاصة أن هناك أوضاعا إنسانية في غاية السوء، وأعداد القتلى والمصابين في ازدياد.

وأعتقد أن نظام المؤتمر الوطني وأنصاره هو المستفيد الأول من الحرب الدائرة الآن، وهو الذي دفع إلى هذه الحرب جميع الأطراف من خلال تكتيكات يعرفها جيدا؛ فهو “نظام مجرم” جاء بانقلاب، وسقط بثورة، وخلال 30 عاما (هي فترة حكمه) أشعل حروبا عبثية عقائدية، سواء التي في الجنوب، والتي أدت في النهاية إلى انفصال الجنوب، أو حرب دارفور التي سقط فيها أكثر من مليوني قتيل.

وقادة هذا النظام مطلوبون الآن للمثول أمام محكمة الجنايات الدولية، بتهم متعلقة بجرائم ضد الإنسانية؛ لذا فإن نظام المؤتمر الوطني وواجهاته الحزبية هي مَن يقف وراء هذه الحرب المستعرة.

وما موقفكم من تلك الأحداث؟

قوى “الحرية والتغيير” تسعى جاهدة منذ فترة طويلة لتفادي وقوع أي مواجهات عسكرية، وتحرص كل الحرص على أن تكون السلمية هي الأساس والمرجع في كل شيء، وحتى في إدارة الخلافات.

ولذلك، فقوى الحرية والتغيير، وكل القوى السياسية المدنية، تنحاز بقوة للسلام لا الحرب، وبالتالي فنحن لم ننحز لهذا الطرف أو ذلك.

وموقفنا كان وسيظل منحازا للسلم؛ لأن السودان عانى كثيرا من ويلات الحروب ما يكفي، وأعتقد أنه لا مناص من إيقاف الاقتتال فورا ودون شروط مع العودة لمسار العملية السياسية.

من وجهة نظركم، مَن الذي سيخرج منتصرا من هذا الصراع العسكري؟، وهل موازين القوى تصب في صالح الجيش السوداني أم قوات الدعم السريع؟

هذه الحرب عبثية ومُدمّرة، وليس هناك مستفيد منها إلا مَن دق طبولها، وهو حزب “المؤتمر الوطني” المُباد وواجهاته الحزبية، وهذه الحرب ليس لها أي سند لأي من الطرفين. لذلك، لا يكون ميزان القوى فيها راجحا لأي طرف.

هل تهدد هذه الاشتباكات وحدة الجيش في السودان؟

هذا الموقف يؤكد الرؤية التي تتحدث عن ضرورة أن يكون هناك جيش واحد مهني ملتزم بمهامه الدستورية، وبعيد عن السياسة والاقتصاد.

 

 

ما أسباب الخلافات العميقة بين البرهان وحميدتي؟

الطرفان لهما أطماع ذاتية تتعلق بالنفوذ وارتباطات وتعهدات إقليمية ودولية يتصارعان حولها، وبالرغم عن ذلك دُفعا للحرب من خلال مُخطط يتبناه النظام البائد الذي ورّط الطرفين في مواجهة عسكرية يمكن تجاوزها بالجلوس والعودة لمسار التفاوض.

هل حميدتي يؤمن حقا بضرورة إخراج الجيش من السياسة وسيادة الديمقراطية في البلاد؟

نحن لا نفتش في نوايا الآخرين، وأعتقد أن التحوّل المدني الديمقراطي يتطلب التزامات عميقة، وأهم هذه التزامات هو الحفاظ على الحلول السلمية، وليس إدخال البلاد في حرب لا يمكن أن تؤسس نظاما ديمقراطيا عبر حرب.

برأيكم، مَن المسؤول بالدرجة الأولى عن تعثر المرحلة الانتقالية في السودان؟

تعثر الفترة الانتقالية لا يمكن إلقاء مسؤوليته على جهة واحدة، بل يجب أن نفهم أن النظام البائد كان يعمل على عرقلة الفترة الانتقالية؛ مما أدى إلى أن الوضع الحالي الذي نواجهه، والأطراف العسكرية عملت على عرقلة الفترة الانتقالية، حتى انقضت عليها في انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

البرهان دعا قبل أيام جميع الأطراف السياسية والعسكرية في البلاد إلى التوافق من أجل الوصول إلى اتفاق نهائي، أو تنحي جميع الأطراف عن المشهد وإفساح المجال لآخرين.. فما إمكانية ذلك؟

الدعوة للتوافق العام فيها شكل من أشكال فرض الوصاية غير المقبول.

نحن نواجه أزمة منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، حين حدث الانقلاب، وهو ما أدى إلى حدوث الحرب العبثية الدائرة الآن، وهذه الأزمة معروفة، ومعروفة أطرافها، لذا هذه دعوات غير مسؤولة.

القوى المدنية قدمت رؤية مسؤولة، وتحملت نتائجها وأفضت لاتفاق نهائي كان مقرر له أن يحسم القضايا، لكن في النهاية قُطع الطريق أمام هذا الاتفاق النهائي بشكل كامل.

 

 

لو تحدثنا عن طبيعة الجهود والتحركات التي تقومون بها من أجل محاولة إنهاء الأزمة الحالية، فماذا فعلتم؟

القوى المدنية نجحت حتى الآن في القيام بواجبها الوطني على صعيد محاولة إطفاء نيران الحرب، وقد طرحنا مبادرة أفضت إلى هدنة إنسانية لمدة 3 أيام خلال فترة عيد الفطر المبارك، رغم أن هذه الهدنة كسابقتها تتسم بالهشاشة، حيث تخللتها الكثير من المعارك، وراح ضحيتها بعض الأبرياء الجُدد.

ونحن نقوم باتصالات مكثفة وجهود حثيثة لوقف الاقتتال، ونتمنى أن تنجح تلك المساعي والجهود في أقرب وقت وقبل انتهاء الشهر الجاري؛ فلا زالت قوى “الحرية والتغيير” على تواصل مع أطراف عسكرية هنا وهناك، ومع المجتمع الدولي مُتمثلا في الآلية الثلاثية (الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية للتنمية “إيغاد” والأمم المتحدة)، و”المجموعة الرباعية”؛ من أجل إقرار هدنة إنسانية حقيقية ثم العمل على وقف الحرب وصولا للحل  السياسي التفاوضي، الذي سيجنبنا أوضاعا مأساوية وانهيارا شاملا.

لقد قطعنا شوطا ملموسا في هذا الصدد، وكلنا أمل أن يكلل بالنجاح في نهاية المطاف، لكن حقيقية من المستبعد الحديث عن حل سياسي الآن في ظل استمرار الحرب التي يجب أن تتوقف أولا.

وفي كل الأحوال ينبغي على أطراف النزاع المسلح أن يتحملوا مسؤوليتهم تجاه الوطن والشعب، ويجب عليهم المسارعة بإنهاء تلك الحرب اللعينة، ونحن نسعى الآن لوجود آلية مراقبة الهدنة الإنسانية لمعرفة مدى التزام الأطراف المتصارعة بها، ونعمل على بلورة حل سياسي توافقي يحقق الهدوء والاستقرار، ويأخذ البلاد إلى الإمام، ويستأنف العملية السياسية من جديد.

هل يمكن القول إن العملية السياسية فشلت تماما في السودان؟

لا ينبغي أن نحكم الآن بفشل العملية السياسية أو نتحدث عنها بالأساس؛ لأن النقاش يدور الآن حول أولوية إيقاف هذه الحرب، ولا نستطيع أن نتحدث عن حل سياسي والمعارك دائرة الآن في السودان، لكن العملية السياسية تعتبر حلا بعد توقف القتال بين الطرفين.

ومن المؤكد أنه إذا توقفت الحرب سيعود مسار العملية السياسية، والحل السياسي؛ لأنه بُني بالأساس على تكوين قوات موحدة، وبعقيدة وقيادة موحدة، وهو ما تعطل تنفيذه باندلاع هذه الحرب.

 

 

ما تقييمكم لمواقف القوى الإقليمية والدولية من تلك الأزمة؟

القوى الإقليمية والدولية تدعم وقف الاقتتال، ومن ثم العودة لمسار الحل السياسي، وأعتقد أن المجتمع الدولي والإقليمي مقتنع تماما بأن استقرار السودان يؤثر بالتأكيد على استقرار الإقليم، والعكس صحيح.

إن عدم استقرار السودان يؤثر على المحيط الإقليمي ودول الجوار وغيرها، وربما يصبح جزءا من الصراع الدولي الدائر كتداعيات الحرب الأوكرانية، والصراعات في أفريقيا.

لذا، فالمجتمع الدولي والإقليمي يؤمن بضرورة العودة لمسار الحل السياسي، من خلال العملية السياسية التي أشرفت على النهاية، لكن الأولوية التي يتفق عليها الجميع حاليا هي وقف الحرب قبل أي شيء آخر، ونعتقد أن الرجلين (البرهان وحميدتي) ربما لن يتراجعا عن مواقفهما، إلا بموقف دولي حاسم من قِبل مجلس الأمن.

ما أبعاد الدور المصري والإماراتي تحديدا في الأزمة السودانية؟

أما عن الدور المصري: فالمصالح بين مصر والسودان أكبر من الاختلافات حول أي قضية، ومن هذا المنطلق نعتقد أنه يجب أن تحرص مصر على المصالح المشتركة كحرص القوى المدنية السودانية عليها، ونتوقع أن يكون للقاهرة دور إيجابي كبير في حل هذه الأزمة، وفي أسرع وقت ممكن.

وبخصوص الإمارات، فهي جزء من “المجموعة الرباعية” التي تضم السعودية والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة، وهي من الفاعلين الأساسيين في العملية السياسية، وبالتالي تعمل على استقرار السودان، ومن ثم العودة لمسار العملية السياسية.

 

 

متى سيتوقف الصراع الدائر حاليا في البلاد؟

مع الأسف يمكن إعلان الحرب بقرار، لكن إنهاء هذه الحرب لا يتخذ بقرار، إلا إذا توفرت الإرادة أو الظروف للطرفين، وأعتقد أن الظروف مهيأة الآن لتوقف الحرب في أقرب فرصة، بعد أن اقتنع الطرفين بالهدنة للمرة الثالثة، وقد يتحقق وقف إطلاق النار، ويعود مسار التفاوض مُجددا، إلا إذا كان كل طرف يحاول تسجيل نقاط على الأرض حتى يكون ميزان القوى لمصلحته.

وفي النهاية هذه الحرب ليس فيها رابح من الطرفين المتصارعين، والخسارة الكبيرة يدفع ثمنها المواطنون الأبرياء، من خلال سقوط الضحايا؛ وبسبب الوضع الكارثي الموجود منذ انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وفاقمته الآن الحرب بصورة كبيرة.

والآن عدد من المستشفيات التي تتوقف عن العمل في العاصمة الخرطوم في تزايد، بالإضافة لنفاد مخزون المواد الغذائية، وهناك جثث متناثرة في الشوارع، وهناك مرضى ومصابون يحتاجون العلاج، لذلك نحتاج لفرض إيقاف الحرب الآن فورا دون أي شروط.

وفق معلوماتكم، ما الذي وصلت إليه الوساطات الدولية لتسوية النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع؟ وما فرص نجاحها؟

بالطبع هناك اتصالات داخلية، وأخرى من دول “المجموعة الرباعية”، ومن دول كثيرة مصالحها مرتبطة بالاستقرار، وباستعادة مسار التحول المدني الديموقراطي، وتعمل الآن على تهدئة الأوضاع.

وأعتقد أن قبول الطرفين بالهدنة -وإن كان يشوبها بعض حالات الخرق- هو مؤشر جيد يمكن البناء عليه من أجل الجلوس للتفاوض.

كما أعتقد بأن المزيد من الضغوط الداخلية والدولية يمكن أن يؤدي لجلوس الطرفين للتفاوض المباشر، أو غير المباشر؛ لإنهاء هذه الحرب، لذا الوضع متوقف على تعاون الدول الإقليمية في هذا الصدد.

وكذلك دور القوى الداخلية التي ترفض الحرب؛ فالمطالبة بالسلمية هي واحدة من الأسس التي قامت عليها ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، فالثورة كانت سلمية والتزمت بسلميتها.

والآن الكتلة الحرجة في السودان ترفض منطق الحرب؛ لأنها هي مَن تضررت بنيرانها؛ فالسودان خاض حروبا كثيرة، ويجب أن يتوقف الاقتتال الآن؛ فقد سالت دماء كثيرة، وفقدنا الكثير من الشباب والفتيات، وآن الأوان للجلوس على طاولة نقاش ووقف الحرب.

 

 

 

المصدر | الخليج الجديد

About مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمستقبل العالم الإسلامي و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم على الكلمة وتفاصيل مواردها ومراد الله تعالى منها في كل موضع بكتاب الله في أول عمل فريد لن يتكرر مرة أخرى .

Check Also

نيوزيلندا تدرج “حزب الله” اللبناني و”أنصار الله” على قائمة الإرهاب

RT : أعلنت نيوزيلندا تصنيفها “حزب الله” اللبناني وحركة “أنصار الله” الحوثية في اليمن “منظمتين …