"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

النحو الغير اصطلاحي و أسرار أهل البيت (ع) في بيان القرآن الكريم

بقلم : خالد محيي الدين الحليبي :

مركز القلم للأبحاث والدراسات :

نسخة : PDF

النحو الغير اصطلاحي و أدق أسرار أهل البيت عليهم السلام في بيان القرآن الكريم 

البحث بصيغة وورد :

من أدق أسرار أهل بيت النبي عليهم السلام وأظنه آخر أسرارهم في فهم القرآن الكريم وهو مالم يخطر على عقل صناديد اللغة و العلم وعامة الأمة ألا و هو البحث عن مواضع أدوات الإشارة والأسماء الموصولة والضمائر والأدوات في كتاب الله فاكتشفنا أخيراً  أن الله تبارك وتعالى جعلها مبينة لمراده تعالى في موضوعات محددة بعد أن أخفيت عن عامة الأمة فكشفت أسرار ومراد الله تعالى من آياته وبين لنا أهل البيت عليهم السلام النتائج النهائية لأبحاثهم القرآنية ولم يجبوا لنا كيف توصلوا لهذه المعاني العميقة من كتاب الله تعالى وهى معاني أستخدموا فيها اللغة العربية كباب للولوج إلى مراد الله تعالى من كتابه ولم يستخدموا الللغة كنتيجة نهائية في فهم كتاب الله وهذا خطأ فاحش لقوله صلى الله عليه وآله [ وهو الذي لا تشبع منه العلماء … وقوله لا تنقضي عجائبه وقوله صلى الله عليه وآله فيه نبأ من كان قبلكم وخبر من سيأتي بعدكم] والسر هنا كان الأدوات والضمائر وبيان مواضع ورودها في كتاب الله لتكون علماً منفصلاً في بيان كتاب الله وهو ما أطلقنا عليه النحو الغير اصطلاحي فالإصطلاحي الكل يعرفه والغير اصطاحي يحدده المولى عز وجل في موارد الألفاظ لنعرف مراد الله تبارك وتعالى من آياته .

وهذا ما لم ينتبه إليه العلماء منذ فجر الإسلام و لم يكشف سرها غير أئمة أهل البيت عليهم السلام فقط بعد أن ظن الجميع أنها أدوات خاصة بعلم النحو واللغة فقط ولا شأن لها في البيان غير ماحددته اللغة لهذه الأدوات والضمائر و حتى نحن سقطنا في ذلك حتى أذن الله تعالى لنا بفتح باب الفهم لهذه الأدوات والضمائر بعد أن اكتشفنا أنها مثل بقية كلنات القرآن الكريم كما أن بعضها يبين بعضا كذلك هذه الأدوات تبين بعضها بعضاً أيضاً .

 و لم يمن الله تعالى علينا بهذا الفهم إلا بعد مالا يقل عن ثلاثين عاماً من البحث في كتاب الله تعالى ومراجعة القرآن كاملاً بحثاً عن مترادفات كل كلمة لمعرفة مراد الله تعالى منها وأخيراً اكتشفنا بأن هذه الأدوات والضمائر لها دوراً هاماً في بيان غوامض كتاب الله تعالى .

الأمثلة على ذلك قوله تعالى :

  • ويل لكل همزة لمزة (1)

 وهنا :

وهنا وجدنا في تفاسير أهل السنة أنهم المغتابون كما يلي :

[..أخرج سعيد بن منصور وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس أنه سئل عن قوله: { ويل لكل همزة لمزة } قال: هو المشاء بالنميمة المفرق بين الجمع المغري بين الأخوان.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قي قوله: { ويل لكل همزة } قال: طعان { لمزة } قال: مغتاب.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن مجاهد في الآية قال: الهمزة الطعان في الناس، واللمزة الذي يأكل لحوم الناس.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة { ويل لكل همزة لمزة } قال: يأكل لحوم الناس ويطعن عليهم.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية { ويل لكل همزة لمزة } قال: تهمزه في وجهه وتلمزه من خلفه. –تفسير الدر المنثور للسيوطي ]

وفي تفاسير  أهل البيت عليهم السلام أن الآية خاصة بمن همزو وغمزو أهل بيت النبي وجلسوا مجلسهم

[محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه سليمان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) :ما معنى قوله عز و جل: { ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ }؟ قال: ” الذين همزوا آل محمد حقهم و لمزوهم، و جلسوا مجلسا كان آل محمد أحق به منهم “. – تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

وهنا وجدنا أن لفظ (الذي) في سورة الهمزة بين صدق مرويات مذهب أهل البيت عليهم السلام بمالم يخطر على عقل أحد كما يلي  :

التفسير :

(ويل)

[ ويل : كلمة عذاب ودعاء بالشر تقال لمن يستحق الهلكة لسوء فعله تقول “ويل لمن يعصي الله” – معجم ألفاظ القرآن باب الواو فصل الياء واللام ] . قال تعالى { قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى – طه 61 } والويل لمن كفر بالله تعالى كما في  قوله عز وجل  { فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون – الذاريات 60 } ووقال تعالى في طلاب الدنيا الذين قالوا { ياليت لنا مثل ما أوتى قارون إنه لذو حظ عظيم } فقال لهم المؤمنين الذين أوتوا العلم  { وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون – القصص 80 }

والويل لمن خرج على دين الإسلام ليعمل بالهوى كفراً أو تكذيباً أو إعراضاً أو لهواً ولعباً بالحياة الدنيا قال تعالى { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين – الزمر 22 } وهؤلاء مختلفين والويل لهم باختلافهم على كتاب ربهم سنة نبيهم وولايةأهل بيت نبيهم قال تعالى في المختلفين { فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم  -الزخرف 65 } والويل لهم بما كتبته أيديهم من مكزوبات أوهموا الناس أنها من عند الله وما ذكرها رسول الله صلى الله عليه وآله وأكثرها جاءت في مناقب الرجال والقبائل والبلدان قال تعالى { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون  – البقرة 79 } .

وبالتالي الويل هنا لمن خالف الله تعالى وخرج على تعاليم القرآن الكريم ومن اختلفوا على أهل بيت نبيهم عليهم السلام كما في التفاسير . ومنهم قوم كانوا يلمزونهم ويلمزون المؤمنين في قوله تعالى هنا { ويل لكل همزة لمزة } .

وأما :

(لكل)

وهنا يقول تعالى الويل للأناس عملوا بما يخالف أوامره تعالى على سبيل الإجمال ولكنهم مجموعات

الأولى :

قوم يعملون للدنيا ولرا يعيرون للآخرة بالا لذلك قال تعالى : { ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير – البقرة 148 }

الثانية :

قوم محاربون للنبي صلى الله عليه وآله وهؤلاء مجرمين قال تعالى فيهم { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون – الأنعام 112} وؤلاء مجرمين قال تعالى فيهم { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا – الفرقان 31 }

ثالثاً :

قوم تولوا غير الإمام علي والأئمة من أهل بيت البيا لهداة المهديين لقوله تعالى {  ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد 7 } وهنا [“عن ابن عباس قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «أنا المنذر وعلي الهادي، بك يا علي يهتدي المهتدون». ونحوه رواه أبو نعيم، وهو صريح في ثبوت الولاية والإمامة” ] .

رابعاً :

قوم سمعوا آيات الله تعالى ولم يعملوا بها قال تعالى فيهم { ومن هذه الأبواب باباً لمن تركوا العمل بماأنزل الله تعالى مخالفين كتاب ربهم وقال تعالى فيهم  { ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم – الجاثية 7-8 }

خامساً :

قوم رأوا الحق باطلاً والباطل حقا وزين لهم الشيطان أعمالهم قال تعالى  فيهم :{ كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون – الأنعام 108 }

سادساً :

قوم تركوا العمل بما أنزل الله وعملوا للدنيا واستهزءوا برسول الله وأئمة أهل البيت والمؤمنين قال تعالى فيهم هنا { ويل لكل همزة لمزة }

والسابع :

أمم أخرى تركت الإيمان بنبي آخر الزمان المكتوب عندهم في التوراة والإنجيليحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويصع عنهم إصرهم والأغلال التي عليهم قال تعالى { ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين – النحل 89 }

وهؤلاء لهم سبعة أبواب من أبواب جهنم قال تعالى فيها : { لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم – الحجر 44 } ومن هنا يتبين لها أنه من خلال هذا اللفظ وموارده في كتاب الله علم أئمة أهل بيت النبي عليهم السلام أن أحد وجوه التفسير في الخارجين على ولاية أهل بيت النبي المحاربين لهم .

وأما :

(همزة)

[ وهمزه : عابه في غيبته ويقال للمكثر هماز – معجم ألفاظ القرآن باب الهاء فصل الميم والزاي ]

[ هَمَزَ : (فعل) همَزَ يَهمِز ، هَمْزًا ، فهو هامزٌ، وهَمّازٌ، وهي هامزة ، وهَمَّازة وهو، وهي هُمَزَةٌ ، والمفعول مَهْموز و همَز فلانًا : غمزه، عابه وطعنه في غيبته و همَز الرَّجلَ في قفاه : غمَز بعينه – معجم المعاني الجامع  ] .

قال تعالى في اقتران الهمز بالنميمة { ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم – القلم 10-11 } وهؤلاء الهمزة منهم الذين كانوا يعيبون عيه مشيته ومنهم الذين نعتوه ابو كبشة لعنهم اللهم ومنهم الذين اغتابوه كما ورد في كتاب الله حيث خرجوا من عنده وقالوا (ماذا قال آنفا) قال تعالى { ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم  – محمد 16 } وهذه الهمزات يبين تعالى أنه يوحي بين شياطين الجن والإنس كما في قوله تعالى {   وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون – الأنعام 112 } وهذا الوحي بينهما همزات شيطانيو أمر الله تعالى بالتعوذ منها في قوله تعالى { وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون – المؤمنون 97-98 }  فإذا حضرت تلك الشياطين تحول المجلس إلى مجلس غيبة ونميمة مايلبث إلا أن يتحول إلى كذب على الله ورسوله وأهل بيته والمؤمنين والويل لهؤلاء كما في الآية هنا { ويل لكل همزة لمزة }.

وأما :

(لمزة)

[ ولمز يلمزه لمزاً : أي عابه وطعن في عرضه أو فعل فهو لامز – معجم ألفاظ القرآن باب اللام فصل الميم والزاي ] .

[لَمَزَ: (فعل) لمَزَ يلمُز ويلمِز ، لَمْزًا ، فهو لامِز ، والمفعول مَلْموز و لمَز الشَّخصَ : أشار إليه بعينه أو برأسه أو بشفتيه مع كلام خفيّ لذكر عيوبِه، عابه في وجهه – معجم المعاني ] .

و الفرق بين الهمز واللهمز [ الهمز أشد من اللَّمْز، وبعضهم قال : إن اللَّمْز يكون بحديث اللِّسَان أي : بالقول ، بينما الهَمْز يكون بالفعل؛ كحركة يدٍ، أو غمز عينٍ ] .

[ غالباً ما يُقصد من الهَمْز و اللَّمْز مَقصَدٌ واحد ، وهو الانتقاص من الناس، أو ذِكْر عيوبهم، لكنّ بعض العلماء فرّقوا بينهما؛ فذكروا أنّ الهمز أشد من اللَّمْز، وبعضهم قال بأن اللَّمْز يكون بحديث اللِّسَان أي: بالقول، بينما الهَمْز يكون بالفعل؛ كحركة يدٍ، أو غمزعينٍ. وفي القرآن الكريم ذكر الله -تعالى- الهمز واللمز موضحاً قُبح إتيانهما في عدة مواضع ، منها : قول الله تعالى: { وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ولا تنابزوا بالألقاب – الحجرات  11}  أي : لا يعب بعضكم بعضاً، وقوله أيضاً: { هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ – القلم 1158 } وكذلك قوله: { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ – التوبة 58 } .

ثم يقول تعالى :

  • الذي جمع مالاً وعدده – الهمزة (2)

وهنا :

 (الذي)

بينا من قبل في الآية الأولى أن همزهم وغمزهم كان بعد خروجهم من عند النبي صلى الله عليه وآله وهنا هذا اللفظ يحكي موضوع اعتراضهم وسبب همزهم ولمزهم في أعجوبة قرآنية سيتعجب لها كل قارئ إذا كيف يكون كتاب الله تعالى بهذه الدقة وهذا الإعجاز .

يبين تعالى أولاً أن إله العالمين هو الله تعالى فقال عز وجل { إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما – طه 98 } وهذا افله سبحانه وتعالى أنزل على رسوله الكتاب وهو الحق من عنده تعالى كما في قوله عز وجل { المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون – الرعد 1 } وهذا الكتاب لا يوجد فيه عوج ولا اختلاف كما في قوله تعالى { الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا – الكهف 1 } وهذا الكتاب لما نزل كان أول المصدقين به بعد رسول الله صلى الله عليه وآله هو الإمام علي عليه السلام حيث أمر النبي صلى الله عليه وىله بني هاشم وعبد المطلب بأنه خليفته ولسمعوا له وليطسعوه في سبب نزول قوله تعالى { و أنذر عشيرتك الأقربين – الشعراء ] ولذلك يقول تعالى أنه أول المصدقين بعد النبي الصادق المصدق قال تعالى { والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون – الزمر 33 } وفي كتاب الله تعالى يبين أن فيه وصية لأهل بيته كما أوصى كل نبي بمن سيخلفه إلا أنه لا نبوة بعده صلى الله عليه وآله وهذه الوصية قال تعالى فيها { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب – الشورى 13 } وهنا بدأ الهمز واللمز برسول الله صلى الله عليه وآله كما في الآية هنا { ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالاً وعدده} وهنا تعارض المال والدنيا مع دعوة الإيمان بالله تعالى فقال هذا العاص بن وائل أحد صناديد الكفر القرشي الأموي { أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا – مريم 77 } ورد في التفاسير : [ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (أَفَرَأَيْتَ) يا محمد (الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا) حججنا فلم يصدّق بها، وأنكر وعيدنا من أهل الكفر (وَقَالَ) وهو بالله كافر وبرسوله (لأُوتَيَنَّ) في الآخرة (مَالا وَوَلَدًا). وذُكر أن هذه الآيات أنـزلت في العاص بن وائل السهمي أبي عمرو بن العاص.* ذكر الرواية بذلك: حدثنا أبو السائب وسعيد بن يحيى، قالا ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن خباب، قال: كنت رجلا قينا، وكان لي على العاص بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه، فقال: والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث، قال: فقال: فإذا أنا متّ ثم بُعثت كما تقول، جئتني ولي مال وولد، قال: فأنـزل الله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا) ( أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا )…. إلى قوله: وَيَأْتِينَا فَرْدًا .حدثني به أبو السائب، وقرأ في الحديث: وولدا.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون العاص بن وائل السهمي بدين، فأتوه يتقاضونه، فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة فضة وذهبا وحريرا، ومن كلّ الثمرات؟ قالوا: بلى، قال: فإن موعدكم الآخرة، فوالله لأُوتينّ مالا وولدا، ولأُوتينّ مثل كتابكم الذي جئتم به، فضرب الله مثله في القران، فقال: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا)…. إلى قوله وَيَأْتِينَا فَرْدًا . – الطبري ]

وهنا قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله { تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا – الفرقان 10 } .

ولما رفضوا ولاية أمير الممؤمنين بين تعالى أنهم قبلوا بعض ماأنزل الله ورفضوا بعضه وهو ولاية اهل بيت النبي من بعده قال تعالى لذلك { وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا – الإسراء 73 }  وهنا توعدهم الله تعالى إن اصروا على ذلك بعذاب بعضه قريباً من موته صلى الله عليه وآله وبعضه الآخر آخر الزمان قال تعالى  { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ – الزخرف 41-44} وقال تعالى أيضاً { وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون – يونس 46 } .

وهنا يبين تعالى همزهم ولمزهم برسول الله صلى الله عليه وأهل بيته لاعتراضهم ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام عليهم فقتلوهم وناوءوهم حتى يومنا هذا

ورد في سبب نزول قوله تعالى { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [ أي سأل سائل عذابا واقعا ، للكافرين أي على الكافرين ، وهو النضر ابن الحارث حيث قال : { وَإِذْ قَالُوا اللهمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ – الأنفال 32 } فنزل سؤاله ، وقتل يوم بدر صبرا هو وعقبة بن أبي معيط ، لم يقتل صبرا غيرهما قاله ابن عباس ومجاهد ، وقيل : إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري ، وذلك أنه لما بلغه قول النبي (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام) : من كنت مولاه فعلي مولاه ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ، ثم قال : يا محمد ، أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله الا الله وإنك رسول الله فقبلناه منك ، وأن نصلي خمسا فقبلناه منك ، ونزكي أموالنا فقبلناه منك ، وأن نصوم شهر رمضان في كل عام فقبلناه منك ، وأن نحج فقبلناه منك ، ثم لم ترض بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا أفهذا شيء منك أم من الله ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : والله الذي لا إله الا هو ما هو الا من الله ، فولى الحارث وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو أئتنا بعذاب أليم ، فوالله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله ، فنزلت : { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ – المعارج 1 }. – تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج  18 ص 257 ] .

وبالتالي الإسم الموصول هنا (الذي) أثبت الله تبارك وتعالى من خلاله  في موارد القرآن المختلفة بين الددفتين صحة تفاسير أهل البيت عليهم السلام وصدق القائل سبحانه وتعالى { الرحمن فاسأل به خبيرا } .

 (2) لفظ (إذا) في قوله تعالى ( والنجم إذا هوى)

بعد متابعة الاداة الواحدة وأماكن تواجدها في كتاب الله ووجوه استعمالاتها القرآنية ضمن سياقها النصي للكشف عن مراد الله تبارك وتعالى من كل كلمة و موضوع و حكم

ولقد كان أهل  بيت النبي عليهم السلام سباقون في ذلك و يعلمونه   بالتأكيد بالوحي الموروث من النبي صلى الله هليه وآله ثم نقلاً من  الإمام علي عليه السلام  باب مدينة العلم ومن خلال دراستهم  ومااكتسوه من علم بكتاب الله تعالى و  أين وردت هذه الأدوات و الضمائر لتكشف لنا غوامض كثير عن كتاب الله تعالى وتحدد مسار البيان القرآني  من آياته الكريمة كما سنبين هنا في أمثلة على ذلك مع العلم بأن ما نذكره الآن لم يتطرق إليه إنس من قبل ولا جان من قبل

المثال على ذلك   :

  • والنجم إذا هوى (1)

وهنا :

(و)

الواو للقسم كما أقسم عز وجل بالضحى والليل في قوله تعالى { والضحى والليل إذا سجى } وقوله تعالى { و الفجر و ليال عشر والشفع و الوتر و الليل إذا يسر } .

وأما :

(النجم)

أوجه التفسير في لفظ النجم :

أولاً : النجم إشارة إلى إمام :

وذلك لأن الشمس وضوؤها رمزاً لنور الإيمان الذي بعث به رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى فيه صلى الله عليه وآله { وداعياَ إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا – الاحزاب 46} وفي روؤيا رآها نبي الله يوسف عليه السلام أشار إلى أبواه بالشمس والقمر في قوله تعالى { إني رأيت أحد عشراَ كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين – يوسف } . وبالتالي القسم بالنجم هنا في وجه من وجوه التفسير إماماً يهتدون به لقوله تعالى { وبالنجم هم يهتدون – النحل 16 } والهداية تكون للطرق أو الفجاج والوحهة التي يريدون والهداية تكون لشرع الله والدين القويم بإمام من أهل بيت النبي عليهم السلام قال تعالى فيه { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد} وبالتالي القسم هنا بإمام يهدي الناس من أهل بيت النبي عليهم السلام ويؤكد صحة الآثار الواردة من طرق مذهب أهل البيت أن الصحابة رضوان الله عليهم سألوه عمن يخلفه .

و لذلك [ في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «و النجم إذا هوى» قال: النجم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)  «إذا هوى» لما أسري به إلى السماء و هو في الهوي . – تفسير القمي ] .

ثانياً : النجم هو الثاقب الذي سيضرب (عاد الآخرة) في الأرض قبل القيامة :

[ ظاهر الآية أن المراد بالنجم هو مطلق الجرم السماوي المضيء و قد أقسم الله في كتابه بكثير من خلقه و منها عدة من الأجرام السماوية كالشمس و القمر و سائر السيارات، و على هذا فالمراد بهوى النجم سقوطه للغروب.

و قيل: المراد بالنجم القرآن لنزوله نجوما، و قيل: الثريا، و قيل: الشعري، و قيل: الشهاب الذي يرمى به شياطين الجن لأن العرب تسميه نجما، و للهوى ما يناسب لكل من هذه الأقوال من المعنى، لكن لفظ الآية لا يساعد على شيء من هذه المعاني ].

يقول تعالى { والسماء والطارق وما أدراك مالطارق النجم الثاقب – الطارق 1-3} وهذا النجم إذا ما هوى تغيرت مواقع النجوم لقوله تعالى { فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم – الواقعة } وهنا يبين تعالى أن نجماً من هذه النجوم سيهوي ويرتطم بالأرض لهلاك الظالمين وحينها ستطمس معه رؤية النجوم بالسماء لقوله تعالى { فإذا النجوم طمست – المرسلات 8 } .ولذلك قال تعالى هنا { والنجم إذا هوى ماضل صاحبكم وما غوى – النجم }

وهذا النجم أطلق عليه الامام علي كويكب العذاب وحديث الهدة يشير إلى ذلك كما في قوله صلى الله عليه وآله [“عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان صيحة في رمضان فإنه يكون معمعة في شوال، وتمييز القبائل في ذي القعدة، وتسفك الدماء في ذي الحجة والمحرم وما المحرم -يقولها ثلاث مرات- هيهات هيهات! يقتل الناس فيه هرجا هرجا، قلنا وما الصيحة يا رسول الله؟ قال: هدة في النصف من رمضان ليلة الجمعة فتكون هدة توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج العواتق من خدورهن في ليلة جمعة في سنة كثيرة الزلازل والبرد، فإذا وافق شهر رمضان في تلك السنة ليلة الجمعة فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة في النصف من رمضان فادخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كواكم ودثروا أنفسكم وسدوا آذانكم، فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجدا وقولوا: سبحان القدوس، سبحان القدوس، ربنا القدوس، فإنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل هلك؟ –  الفتن لنعيم بن حماد ج1 ص 228  ]

[عن الوليد قال: بلغني عن كعب أنه قال: ولم يسنده إلى النبي ص : ( يطلع نجم من المشرق قبل خروج المهدي له ذنب يضئ كما يضئ القمر ( له ذنب يضئ لأهل الأرض كإضاءة القمر ليلة البدر)  ينعطف حتى يلتقي طرفاه أو يكاد ).  معجم أحاديث الامام المهدي ج1: ص 272 الحديث 172 (13 مصدر) ] .

[ ( … وخسف قرية من قرى الشام وهدم حائط مسجد الكوفة مما يلي دار عبد الله بن مسعود. وطلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ثم ينعطف حتى يلتقي طرفاه أو يكاد، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر في أفقها وليست كحمرة الشفق المعتاد …).  عقد الدرر في أخبار المنتظر – يوسف بن يحيى بن علي المقدسي الشافعي السلمي ص 177-179 ]

[ عن الامام علي ع : ( يطلع من مغيب الشمس نجم له ذنب كمثل الرمح عال بوجه مستدير مثل الترس) ماذا قال علي عن اخر الزمان، علي عاشور عن أمير المؤمنين علي ( عليه السلام )  في خطبة البيان: ( من علامات الساعة يظهر صائح في السماء ونجم له ذنب في كل ناحية من المغرب ويظهر كوكبا ً في السماء من المشرق ثم يظهر خيط ابيض في وسط السماء وينزل من السماء عمود من نور ثم ينخسف القمر ثم تطلع الشمس من المغرب فيحرق حرها شجر البراري والجبال ثم تظهر من السماء فتحرق أعداء آل محمد حتى تشوي وجوههم و أبدانهم  … ). الزام الناصب ج2 عن البرسي في المشارق ] .

[ .. قال سطيح: ( عند طلوع الكوكب الذي يفزع العرب، وله شبيه الذنب، فهناك تنقطع الأمطار، وتجف الأنهار، وتختلف الاعصار، وتغلو الأسعار، في جميع الأقطار . ثم تقبل البربر بالرايات الصفر، على البراذين السبر، حتى ينزلوا مصر، فيخرج رجل من ولد صخر، فيبدل الرايات السود بالحمر، فيبيح المحرمات،…) . في بحار الأنوار ـ ج51 ص 162ـ163 أعصار: دهر /  إعصار: رياح شديدة البربر: ناس كثيري الكلامِ، والجَلَبَةُ، والصِّياحُ، التخليط في الكلام مع غضب ونفور / عرق من الناس يعيش في المغرب العربي البراذين: دوب محذوفة مقطوعة الاذان والاذناب. السُّبَرُ : طائر دون الصَّقْرِ/ حُسْنُ الهيئةِ والجمَالُ ]

[ عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام: ( إذا بلغ العباسي خراسان، طلع بالمشرق القرن ذو الشفا، وكان أول ما طلع بهلاك قوم نوح حين غرقهم الله، وطلع في زمان إبراهيم عليه السلام حيث ألقي في نار نمرود، وحين أهلك الله فرعون ومن معه، وحين قتل يحيى بن زكريا، فإذا رأيتم ذلك فاستعيذوا بالله من شر الفتن، ويكون طلوعه بعد انكساف الشمس والقمر، ثم لا يلبثون حتى يظهر الأبقع بمصر. ). معجم أحاديث الامام المهدي ج3: ص 259  الحديث 785 (3 مصدر) ] .

عن امير المؤمنين علي ع في الجفر: ( ويسبق المهدي ظهور النجم ذو الذنب العجيب، ليس ما ترونه نجم ثلثي العقد الواحد ولا نجم ثلثي القرن ولا نجم كل قرن، إنما النجم ذو القرون له قلب وفيه نار وثلج وهواء وتراب، يمتد ذنبه ما اسرع في جريه سرعة نور الشمس ما انفجر الفجر ، يعمو اوله على اخره كأنه الطوق العظيم، يكون له وهج في ليل السماء كأن شمس أشرقت ثم يروح لدائرته، وبعدها هلاك وموت كثير خيراً لأهل الخير وشراً لأهل الشر.) . المفاجأة لمحمد عيسى بن داود ص 204   يعمو: يميل قال الإمام الهادي ع : ( قال رسول الله ص (يكون نار ودخان في المشرق أربعين ليلة). الملاحم و الفتن ص ٧١ و ص ١٦٤ بلفظ آخر. أي من بداية شعبان حتى منتصف شهر رمضان. (في الاختصاص : واعلم أن مع الشمس كواكب لها أذناب بعضها فوق بعض نفر فإذا بدا كوكب منها في برج من البروج وقع في أرض ذلك البرج شر وبلاء وفتنة وخلع الملوك ، وإذا رأيت كوكبا أحمر لاتعرفه وليس على مجاري النجوم ينتقل في السماء من مكان إلى مكان يشبه العمود وليس به فإن ذلك آية الحرب والبلايا وقتل العظماء وكثرة الشرور والهموم والآشوب في الناس ). بحار الانوار جلد: 55 من صفحه 335 ان للمذنبات مدارات اهليجية طويلة مع زاوية دوران ضيقة حول الشمس (دائرته).

وتمثل منطقة الدوران حول الشمس منتصف المدة التي يمكننا ان نشاهد المذنب فيها. بما ان هذا الدوران سيكون في رجب ( أستنتجنا ذلك في صفحة علامة ظهور كف بارزة تشير في رجب ) .. وسيكون وصوله الأرض في رمضان ( أستنتجنا ذلك في صفحات علامات شهر رمضان ) .. أي بعد ستة أسابيع تقريباً .. أذاً سيمكننا مشاهدته قادماً قبل رجب بشهرين على الاقل أي في شهور ربيع الثاني والاول وصفر .. عن الامام علي الرضا عن امير المؤمنين علي ع : ( في شهر صفر ستظهر لكم من السماء آية جليّة، ومن الأرض مثلها، ويحدث في المشرق ما يقلق . ويغلب على العراق طوائف من الإسلام مرّاق . ثم تنفرج الغمّة ببوار طاغوت الأشرار ، يسرّ بهلاكه المتّقون. من قاتلنا في آخر الزمان، فكأنما قاتلنا مع الدجّال) البحار ج ٥٢ ص ٣٣٥ ] .

وأما :

(إذا)

وهنا [ إذا : تأتي بثلاثة أوجه : ظرفيّة ، فجائيّة ، تفسيريّة :

  1. إذا الظرفيّة : ظرف لما يستقبل من الزمن، مبني على السكون ، متضمّن معنى الشرط غالبا، خافض لشرطه متعلّق بجوابه، و تختصّ بالدخول على الجملة الفعليّة، و يكون الفعل بعدها ماضيا غالبا، أو مضارعا، مثل قول الشاعر: إذا نزل البلاء بصاحبي دافعت عنه بناجذي و بمخلبي

*إذا دخلت إذا على اسم مرفوع أو ضمير للغائب ، أعرب فاعلا لفعل محذوف يفسّره الفعل الذي يليه، إذا كان هذا الفعل مبنيّا للمعلوم، و إذا كان الفعل بعدها مبنيّا للمجهول أعرب الاسم نائب فاعل؛ نحو قول الشاعر: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر (أراد)

إذا: ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه متعلّق بجوابه و هو مضاف.

الشعب: فاعل لفعل محذوف يفسّره الفعل أراد الذي بعده مرفوع. و جملة الشرط (أراد الشعب الحياة )في محل جرّ بالإضافة.

*أمّا إذا دخلت على ضمير للمخاطب أو المتكلّم، فإنّ هذا الضمير يعرب توكيدا للفاعل أو نائبه في الفعل المحذوف ؛ يقول الشاعر: إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت . أيّ الناس تصفو مشاربه.

أنت: ضمير منفصل مبني في محلّ رفع توكيد للفاعل في الفعل المحذوف الذي يفسّره الفعل بعده.

ملحوظة:قد تزاد ما بعد إذا فلا تغيّر شيئا ، و تعرب ما حرفا زائدا لا محلّ له من الإعراب؛ مثل إذا ما زرتني أكرمتك.

  1. إذا التفسيريّة : حرف مبني على السكون لا محلّ له من الإعراب يأتي في موضع أيّ التفسيريّة في الجمل، و تختلف عنها في كون الفعل بعد إذا لا يكون إلاّ للمخاطب؛ نحو: استكتمته السرّ إذا طلبت منه أن يستره.
  2. إذا الفجائيّة : حرف مبني على السكون لا محلّ له من الإعراب، و هي تختصّ بالدخول على الجملة الاسمية، ولا تحتاج إلى جواب (جملة جواب الشرط)، ولا تقع في ابتداء الكلام، و تلزمها الفاء (الإستئنافيّة) الزائدة ، و الإسم المرفوع بعدها يعرب مبتدأ خبره مذكور كثل قوله تعالى :”فألقاها فإذا هي حيّة تسعى” أو نحو: دخلت الصفّ فإذا بالأستاذ ] .

 

البيان القرآني هنا للفظ (إذا) وفقاً لموواردها في كتاب الله تعالى :

لفظ إذا هنا يعتبر مفتاح فهم الآية كلها وبيانها لوروده في مواضع تبين المقصود من الآية الكريمة فقد ورد في بيان كفر قريش بدعوة النبي صلى الله عليه وآله وقولهم حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا قال تعالى { وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون – المائدة 104} وإذا فعلوا فاحشة قالوا بقدسيتها لفعل آبائهم لها قال تعالى { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون – الأعراف 28 } وقالوا في كتاب الله أساطير الأولين { وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين – النحل 24 }

وبالتالي كانوا يكرهون كتاب الله تعالى ويكادون يسطون على تاليه كما في قوله تعالى { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير- الحج 72 } .

ولما علموا وولاية أهل بيته من عده عليهم السلام حاولوا تبديل آيات الله كما في قوله تعالى {  وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم – يونس 15 } وهذه فتنة حاولوا فيها تبديل حكم الله تعالى وهنا لجأ هؤلاء المجرمين للكذب على الله تعالى ورسوله كما في قوله تعالى { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا النساء 81 } وقال تعالى { ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم – محمد 16 }.

وهنا برزت طائفة من المنافقين لا هم لها إلا الدنيا ومتاعها لا يراعون لله حرمة في حلال أم حرام وقال تعالى في هؤلاء  { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا- مريم 73 } .

وهنا فتح الله تعالى عليهم أبواب الدنيا ومتاعها لقوله تعالى {  فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون – الأنعام 44 }

وتظهر طبقة اجتماعية جديدة من المنتفعين الذين منعوا حق الله تعالى في أموالهم بعدما منعوا الماعون وحقوق الفقراء  وخمس أهل بيت النبي المفترض لهم في كتاب الله تعالى وأطلق عليهم القرآن الكريم طبقة المترفين وهؤلاء سيكونون أهم معول لهدم الدولة الإسلامية في كل زمن  قال تعالى { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا – الإسراء 16 }

وهنا يأت وعد أول وعده الله تعالى بني سرائيل في زمن النبي صلى الله عليه وآله وقال تعالى فيه {  فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا – الإسراء 5} ويكون وعد فيه هلاك قريشاً الأولى لأنهم كبني إسرائيل بين وعدين للهلاك قال تعالى فيه {سنعذبهم مرتين ثم يدون إلى عذاب عظيم – التوبة }

وبين الوعدين ينزل بهم عذابات مختلفة لا يكون فيها ااستئصالاً لهم لعلهم يتوبون من قريب قال تعالى { فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون – الأنبياء 12-13 } ثم يفتح الله تعالى على البشرية بكفرها باباً من العلم ليدمروا بعضهم بمخترعاتهم ومنها المعارج ( الطائرات والصواريخ وكل مايصعد به إلى السماء ) و قال تعالى فيها {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت ابصارنا بل نحن قوم مسحورون – الحجر14-15} وهذا باب عذاب شديد يفتحه الله تعالى على البشرية بكفرهم ولا رحمة فيه لقوله تعالى { حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون – المؤمنون 77 } .

وهنا يبدأ الوعد الآخر بعلوا بني إسرائيل في العالم وسيرهم نفس نهج فرعون مع المؤمنين الذي عانوا هم منه من قبل وهنا توعدهم الله تعالى بالوعد الآخر هم وقريش الآخرة كما بينا في عذابهم الثاني قال تعالى { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا – الإسراء 7 }

ويكون هلاكهم ببعثة إمام آخر الزمان والذي أطلق عليه القرآن الكريم دابة الأرض قال تعالى { وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون – النمل 82 } وآجال الأمم الظالمة من كفار ومنافقين تكون مرهونة ببعثة هذا الإمام لما ورد فيه تصريحا { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ  وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۚ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ– يونس 47-49 } وهنا يكون قد حل زمان هلاكهم وجمعهم للحساب كما في قوله تعالى { فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون – آل عمران 25 }

وإن كان المقصود بدابة الأرض دابة فعليه فخروجها بعد هلاك العالم والذي يكون أماراته سيطرة الإنسان على كل شيئ بواسطة ما توصل له من علم وتكنولوجيا وكومبيوتر قال تعالى { إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون – يونس 24 } .

ثم تكون الايات بعد ذلك ومنها يأجوج ومأجوج الوارد ذكرهم في قوله تعالى { حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون – الأنبياء 96 }

وهذا من أشراط الساعة كما في قوله تعالى { فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم – محمد 18 } وهنا يتحسونر على ما فرطوا فيه من تركهم العمل بكتاب الله وشرعه الكريم قال تعالى { قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون – الأنعام 31 }

وبالتالي قوله تعالى هنا { والنجم إذا هوى } يحكي قصة كفر قريشاً الأولى وبني إسرائيل وصراعهم مع أهل بيت النبي وقتلهم إياهم وخط سير أحداث آخر الزمان منذ ظهور الإسلام حتى قيام الساعة .

وأما :

(هوى)

[ وهوى بمعنى سقط من شاهق ] قال تعالى { حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق – الحج 31 } أي أن شدة شرك هؤلاء وكفرهم بالله تعالى سيكون أهم عوامل إبادتهم بالنجم إذا هوى خاصة إذا فشا فيهم عمل قوم لوط لقوله تعالى فيهم { والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى – النجم 53 } وهذا في آخر الزمان مع ظهور علامة في السماء وهو النجم ذو الذنب قال تعالى هنا { والنجم إذا هوى} وهذا النجم يهوي على كفار ومنافقي آخر الزمان والذين يعملون بعمل قوم لوط كما بينا وهذا يسبب غضب أهل السماء عليهم فيأذن الله تعالى بسقوط نجماً من السماء عليهم بغضب من الله تبارك وتعالى قال فيه { ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى } .

(2)

(59) أفمن هذا الحديث تعجبون (57)

وهنا :

(أفمن)  [ الهمزة حرف استفهام إنكاري ]

(أ)

الهمزة هنا للإستفهام لقوله تعالى { أ كان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين – يونس 2 } و وهذا الحديث ننزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو على بينة لذلك من ربه تبارك وتعالى وشاهد على ذلك وعلى الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله الإمام علي عليه السلام وصي النبي صلى الله عليه وآله كما في قوله تعالى { أ فمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم – محمد 14 } هنا تعجبوا أكثر من كتاب الله تعالى وبعثة رسوله صلى الله عليه وإمامة الإمام علي من بعده لذلك قال تعالى هنا  { أ فمن هذا الحديث تعجبون – النجم }

و هنا ظهرت طائفة منافقة أخذت من كتاب الله ما يحلوا لها وما توافق وأهوائها وتركت مالا يتوافقه وأهوائهم وقال تعالى في ذلك { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ۚ بَلْ أُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ – النور 47-50 }

(أف)

أي أنه يقول تعالى : { أفبهذا الحديث أنتم مدهنون – الواقعة 81 }   و [ والفاء حرف استئناف ] و [ تأتي الفاء حرف استئناف مبنيّ على الفتح لا محلّ له من الإعراب و أنّ الكلام بعدها لا علاقة له بما قبلها، والجملة الّتي بعدها تكون استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب ، نحو قوله تعالى :{ أفبهذا الحديث أنتم مدهنون – الواقعة 81 }  وقال تعالى أيضاً (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) ] .

(من)

وهنا يبين تعالى أنهم لما تعجبوا وكفروا بالله تعالى حل بهم العذاب  فقالوا ياويلنا لقد كنا في غفلة من هذا  قال تعالى { واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين – الأنبياء 97 } ويقال لهم بعد كشف الغطاء ورؤيتهم نزول  العذاب بهم في الدنيا وخلفه عذاب الآخرة فيقال لهم { لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد – ق 22 }

وأما :

(هذا)

قال تعالى { هذا هدى – الجاثية } ويبين تعالى أن أكثر كفار قريشاً الأولى تعجبوا وقالوا {وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا – الفرقان 7 }

وقالوا أيضاً مهمين النبي صلى الله عليه وآله بالكذب وأنه اختلاق ماسمعوا به من قبل قال تعالى { ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق – ص 7 } وقالوا أيضاً { وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد – ص 6 } فقال تعالى في تعجبهم من الرسالة و الرسول صلى الله عليه وآله هنا { أفمن هذا الحديث تعجبون } فنفر أكثرهم من هذا الهدى كما في قوله تعالى { ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا – الإسراء 41 }

وأما :

 (هذا الحديث)

أي أنه يقول تعالى { هذا نذير من النذر الأولى – النجم 56} وهذا النذير وهذا الحديث هم به مكذبون لقوله تعالى { فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون إن كيدي متين – القلم  45}  ومنهم منافقون يداهنون به قولاً لا عملاً يقولون نؤمن بالقرآن وهم فجرة خارجون عليه ويعلنون حب الرسول ولا يعملون بسنته ويعلنون حب البيت وأيديهم ملوثة بدمائهم و لذلك قال تعالى  { أفبهذا الحديث أنتم مدهنون – الواقعة 81 } ومدهنون في اللغة [ أَدْهَنَ: (فعل) أدهنَ يُدهن ، إدهانًا ، فهو مُدهِن أظهر خلاف ما أضمر بقصد الخداع والغِشِّ ، أَدهن في الأمر: لان أَدْهَنَ عليه: أبقى أَدْهَنَ الجلدَ: لَيَّنه بالدّهن أَدْهَنَ فلانًا : داراه ولاينه – المعجم الوسيط ] .

ومن هنا اتخذ هؤلاء كتاب الله هزوا ودينهم لعباً وقال تعالى فيهم هنا { أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون – النجم 57-58} .

وأما :

(الحديث)

الحديث هنا هو القرآن الكريم لقوله تعالى { الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد – الزمر 23 } .

وهذا الحديث كذبت به قريش وترك العمل به الكثير حتى قال تعالى { وقال الرسول ياربي إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا- الفرقان } و هذا العمل أوجع قلب رسول الله صلى الله عليه وأهل بيته حزنا فقال تعالى { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا – الكهف 6 } أي [ فلعلك -أيها الرسول- مُهْلِك نفسك غمًّا وحزنًا على أثر تولِّي قومك وإعراضهم عنك، إن لم يصدِّقوا بهذا القرآن ويعملوا به.- التفسير الميسر ]

ويبين تعالى أن الكثير من الناس بعد ذلك انشغل بلهوال الحديث ومنه القص الذي يقصه القصاصون على زمن ما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ويدخل فيه الكذب على الله تعالى ورسوله وباطل الكلام لذلك قال تعالى في بيان أنه حديث ولكن ليس فيه حق يضلون به الناس عن ولاية ربهم ورسوله وأهل بيته عليهم السلام فإن تكلموا على كتاب الله ارتهنوه بفهم أحد رجالهم قائلين ماذا قال سلفنا والعلماء في الآية وفقدموا رأي العالم على النص القرآني ليكون حاكما عليه وليس العكس بأن يكون كتاب الله حاكما على العالم وابمتعلم وإذا تكلموا على رسولا لله قدموا عليه أقوال عمر وابي بكر وغيرهم وإن قلت أهل بيت النبي كذبوا القائل وربما قتلوه كما كان على زمن بني أمية وبني العباس وإلى الآن لذلك قال تعالى أن هذا كله من لهوا الحديث لإضلال الناس عن كتاب ربهم وولاية رسول الله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام قال تعالى  { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين – لقمان 6 } وهؤلاء قال تعالى بأنه سيستدرجهم إلى عذب كبير قبل ظهور بينة الصحف الآخر ةقال تعالى {  فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين – القلم 44-45} فإذا أراد الله تعالى إحقاق الحق والفصل في القضية حل أجل هذه الأمة ظهرت بينة الصحف الآخرة فيتعجبون منها لذلك قال تعالى هنا { أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون  – النجم 59-60 } .

وأما :

(تعجبون)

[ وعجب كل شيئ مؤخره وهو العصعص في الإنسان والعسيب من الدابة ومنه يكون التعجب مما خفى سببه والعجب النظر إلى شيئ غير مألوف ولا معتاد فهو حالة تعرض للإنسان عند الجهل لسبب الشيئ ويكون إنكاراً لما يرد عليه مما يقل اعتياده  والشيئ الذي يكون كذلك عجيب وعجيبة وأعجوبة والوصف عجيب وعجاب – معجم ألفاظ القرآن باب العين فصل الجيم والباء ] .قال تعالى { قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ – هود 72 } وكان تعجبهم من بعثة نبي منهم كما في قوله تعالى  { بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب  – ق 2}  فقال تعالى لهؤلاء الكافرين { أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين  -يونس 2 } وكان تعجب الجن من كتاب الله ومعجزته لأنهم أكثر علماً من عالم الإنس قال تعالى { إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن شرك بربنا أحدا – الجن 1-2}  ومن هؤلاء فريق من المنافقين [ يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون … حديث شريف ]  قال تعالى فيهم { من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل – البقرة 204-205}

وهؤلاء في الصدر الأول للإسلام إن تعجبوا من بعثة رسول الله صلى الله عليه وآله فهم من الإمام علي عليه السلام و الأئمة من ذريته عليهم السلام أعجب بعد أن قال تعالى فيهم : { إنما أنت منذر ولك قوقم هاد – الرعد } ولذلك تسلطوا عليهم وعملوا السيف فيهم قتلاً وسجناً وتشريداً ووضعاً وكذباً على الله تعالى ورسوله لصرف الناس عنهم { والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون – يوسف } ولذلك قال تعالى هنا { أفمن هذا الحديث انتم تعجبون – النجم} .

(3)

(7) وهو بالأفق الأعلى (7)

وهنا :

محور قرب النبي صلى الله عليه وآله ودنوه وتدليه في الآيات التالية كلها ستدور حول لفظ هو هل هو الله تبارك وتعالى أم جبريل عليه السلام كما هو وارد بالتفاسير ومن وهنا لفظ هو وأين ورد في كتاب الله هو الذي سيحدد بالقطع مراد الله تبارك وتعالى وسنبدأ برواية ما ذكر في ذلك :

الروايات الواردة في تفسير الآية :

ورد في تفسير كنز الدقائق : في قوله تعالى { وهو بالأفق الأعلى}

[ أفق السماء والضمير لجبريل (ثم دنا) من النبي (فتدلى) فتعلق به وهو تمثيل لعروجه بالرسول فيكون إشعاراً بأنه عرج به غير منفصل عن محله تقريراً لشدة قوته فإن التدلي استرسال مع تعلق كتدلي الثمرة ويقال دلى دلوه والدوالي الثمر المعلق (فكان) جبريل كقولك هو مني معقد الإزار أو المسافة بينهما (قاب قوسين) مقدارهما (أو أدنى) على تقديركم كقوله (أويزيدون) والمقصود تمثيل ملكة الاتصال وتحقيق استماعه لما أوحى إليه بنفي البعد الملبس (فأوحى) : جبريل  إلى عبده : عبد الله و إضماره قبل الذكر لكونه معلوماً كقوله (على ظهرها) (ما أوحى) : جبريل وفيه تفخيم للموحي به أو الله إليه – وقيل الضمائر كلها لله تعالى وهو المعني ب( شديد القوى ) كما في قوله {هو الرزاق ذو القوة المتين} ودنوه منه برفع مكانته و (تدليه) جذبه بشراشره إلى جناب القدس . وفي تفسير إبراهيم  ( علمه شديد القوى) يعني الله عز وجل ة(ذو مرة فاستوى) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله .

وعن الامام الرضا(عليه السلام) قال: ما بعث الله نبيا ” إلا صاحب مرة سوداء صافية. وقوله : ( وهو بالأفق الأعلى) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله (ثم دنا) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله من ربه عز وجل (فتدلى) قال إنما نزلت ( ” ثم دنى فتدانى فكان قاب قوسين أو أدنى ” ) قال :  كان من الله كما بين مقبض القوس إلى رأس السية (ماعطف من طرفها)  ( أو أدنى) أي من نعمته ورحمته قال بل أدنى من ذلك . , وعن أبي عبد الله عليه السلام أما قوله ( آمن  الرسول بما أنزل الله إليه من ربه والمؤمنون) أن هذه الآية مشافهة الله لنبيه لما أسرى به إلى السماء وقال النبي (صلى الله عليه وآله) انتهيت إلى سدرة المنتهى وإذا الورقة منها تظل أمة من الأمم فكنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى كما حكى الله . , وقال ابو عبد الله عليه السلام : أول من سبق من الرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وذلك أنه كان أقرب الخلق إلى الله وكان بالمكان الذي قال له جبريل لما أسرى به إلى السماء تقدم يامحمد فقد وطئت موطئاً لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولولا ان روحه ونفسه كات من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه وكان من الله عز وجل كما قال الله تعالى ر فكان قاب قوسين أو أدنى}  أي بل أدنى   -كنز الدقائق  ققمي المشهدي – ج 12 ص475-477 ]

[ وعن الصادق (عليه السلام)  أول من سبق من الرسل إلى بلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك أنه أقرب الخلق إلى الله وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلى السماء تقدم يا محمد فقد وطأت موطأ لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولولا أن روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه وكان من الله عز وجل كما قال قاب قوسين أو أدنى أي بل أدنى.

وفي العلل عن السجاد (عليه السلام) أنه سئل عن الله عز وجل هل يوصف بمكان فقال تعالى الله عن ذلك قيل فلم أسري بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) إلى السماء قال ليريه ملكوت السماوات وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه قيل فقول الله عز وجل ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى قال ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله)  دنا من حجب النور فرأى ملكوت السماوات ثم تدلى فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى.وعنه (عليه السلام) فلما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله)  وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى رفع له حجاب من حجبه…- ج ٥ – الصفحة ٨٦ ]

[ عَنْ ثَابِتِ بْنِ دِينَارٍ،قَالَ: سَأَلْتُ زَيْنَ الْعَابِدِينَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هَلْ يُوصَفُ بِمَكَانٍ؟فَقَالَ:«لاَ،تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ».قُلْتُ:فَلِمَ أَسْرَى بِنَبِيِّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)إِلَى السَّمَاءِ؟قَالَ:«لِيُرِيَهُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِيهَا مِنْ عَجَائِبِ صُنْعِهِ وَ بَدَائِعِ خَلْقِهِ».قُلْتُ:فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:  (ثُمَّ دَنٰا فَتَدَلّٰى فَكٰانَ قٰابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنىٰ)  ؟قَالَ:«ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)دَنَا مِنْ حُجُبِ النُّورِ فَرَأَى مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ،ثُمَّ تَدَلَّى(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فَنَظَرَ مِنْ تَحْتِهِ إِلَى مَلَكُوتِ الْأَرْضِ حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ فِي الْقُرْبِ مِنَ الْأَرْضِ كَقَابِ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى». – تفسير البرهان ج3 ص 488 ] .

وفي تفسير ابن كثير :

[( وهو بالأفق الأعلى ) يعني جبريل ، استوى في الأفق الأعلى . قاله عكرمة وغير واحد . قال عكرمة : والأفق الأعلى : الذي يأتي منه الصبح . وقال مجاهد : هو مطلع الشمس . وقال قتادة : هو الذي يأتي منه النهار . وكذا قال ابن زيد ، وغيرهم . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا مصرف بن عمرو اليامي أبو القاسم ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن طلحة بن مصرف ، حدثني أبي ، عن الوليد – هو ابن قيس – عن إسحاق بن أبي الكهتلة أظنه ذكره عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم ير جبريل في صورته إلا مرتين ، أما واحدة فإنه سأله أن يراه في صورته فسد الأفق . وأما الثانية فإنه كان معه حيث صعد ، فذلك قوله : ( وهو بالأفق الأعلى ) . وقد قال ابن جرير هاهنا قولا لم أره لغيره ، ولا حكاه هو عن أحد وحاصله : أنه ذهب إلى أن المعنى : ( فاستوى ) أي : هذا الشديد القوى ذو المرة هو ومحمد صلى الله عليهما وسلم ( بالأفق الأعلى ) أي : استويا جميعا بالأفق ، وذلك ليلة الإسراء كذا قال ، ولم يوافقه أحد على ذلك  ….- تفسير القرآن العظيم ابن كثير ] .

 وورد في تفسير الدر المنثور :

[ أخرج البيهقي في الأسماء والصفات وضعفه من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه سئل هل رأى محمد ربه؟ قال: نعم رآه كأنّ قدميه على خضرة دونه ستر من لؤلؤ، فقلت: يا أبا عباس أليس يقول الله: لا تدركه الأبصار؟ قال: لا أم لك ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي ” عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قالوا يا رسول الله هل رأيت ربك؟ قال: لم أره بعيني ورأيته بفؤادي مرتين ثم تلا { ثم دنا فتدلى } “.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: ” سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ قال: رأيت نهراً، ورأيت وراء النهر حجاباً، ورأيت الحجاب نوراً لم أره غير ذلك “.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية في قوله { ما كذب الفؤاد ما رأى } قال: محمد رآه بفؤاده ولم يره بعينيه.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح في قوله { ما كذب الفؤاد ما رأى } قال: رآه مرتين بفؤاده.وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: ما أزعم أنه رآه وما أزعم أنه لم يره.
وأخرج مسلم والترمذي وابن مردويه عن أبي ذر قال: ” سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ” هل رأيت ربك؟ فقال: نوراني أراه ” “.وأخرج مسلم وابن مردويه عن أبي ذر ” أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ فقال: رأيت نوراً “.وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي ذر قال: رآه بقلبه ولم يره بعينيه.وأخرج النسائي عن أبي ذر قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه بقلبه ولم يره ببصره.
وأخرج مسلم والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة في قوله { ولقد رآه نزلة أخرى } قال: رأى جبريل عليه السلام.وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال: رأى جبريل في صورته.وأخرج عبد بن حميد عن مرة الهمداني قال: لم يأته جبريل في صورته إلا مرتين فرآه في خضر يتعلق به الدر.وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله { ولقد رآه نزلة أخرى } قال: رأى نوراً عظيماً عند سدرة المنتهى.- الدر المنثور ]

ورد في تفسير البرهان  :

[  علي بن إبراهيم: ثم قال: { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } ، ثم أذن له فرقى في السماء، فقال: { ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ * وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } ، كان بين لفظه و بين سماع رسول الله كما بين وتر القوس و عودها: { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } ، فسئل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن ذلك الوحي، فقال : “أوحي إلي أن عليا سيد الوصيين، و إمام المتقين، و قائد الغر المحجلين، و أول خليفة يستخلفه خاتم النبيين، فدخل القوم في الكلام، فقالوا له: أمن الله و من رسوله؟ فقال الله جل ذكره لرسوله (صلى الله عليه و آله): قل لهم: { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } ، ثم رد عليهم، فقال: { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } ، ثم قال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): “قد أمرت فيه بغير هذا، أمرت ان أنصبه للناس، و أقول لهم: هذا وليكم من بعدي، و هو بمنزلة السفينة يوم الغرق، من دخل فيها، نجا، و من خرج عنها غرق”. – البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

التفسير :

(وهو)

ورد هذا اللفظ على الخالق عز وجل في أكثر آيات القرآن الكريم حيث قال تعالى :

{ وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون  – الأنعام 3 } { وهو يطعم ولا يطعم – الأنعام 14 } { وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير – الأنعام 18 } { إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين  -الأنعام 57}

{ وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون – الأنعام 60 }

{ ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين – الأنعام62 }

{ وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل – الأنعام 66}

{ وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون –الأنعام 72}

{ وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير – الأنعام 73 }

{ وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون –ألأنعام 97 }

{ وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون – الأنعام 98 }

{ وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون – الأنعام 99}

{ ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل – الأنعام 102}

{ أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين – الأنعام 114}

{ وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين الأنعام 141 }

{ وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم – الأنعام 165}

{ وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون – الأعراف 57 }

{ وهو رب العرش العظيم – التوبة 129}

{ وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين – هود 7 }

{ وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون – الرعد 3 }

{ ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال – الرعد 13 }

{ قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار –الرعد 16}

{ وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون – النحل 14 }

{ وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون – الأنبياء 33}

{ وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور – الحج 66 }

{ وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون – المؤمنون 78}

{ وهو خير الرازقين – المؤمنون 72 }

{ وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون – المؤمنون 79 }

{ الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير – الروم 54 }

{ خالدين فيها وعد الله حقا وهو العزيز الحكيم – لقمان 9}

{ وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون – المؤمنون 80 }

{ وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا – الفرقان 47}

{ وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا – الفرقان 48 }

{ وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا – الفرقان 53 }

{ وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا – الفرقان 62 }

{ وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم –الروم 27 }

{ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون – الشورى  25 }

{ وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد – الشورى 28}

{ وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم – الزخرف 84 }

{ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا – الفتح 24 }

{ الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير – سبأ 1 }

{ يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور –سبأ 2 }

{ ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير  -سبأ 23 }

{ قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم – سبأ 26}

{ وهو على كل شيء شهيد – سبأ 74} { وهو الخلاق العليم – يس 81 }

{ وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير – الحديد 4 }

{ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم – الحديد 3 }

{ يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور – الحديد 6}

وقال تعالى { وهو على كل شيئ قدير – المائدة 120 } وقال تعالى {  وهو بكل شيء عليم – البقرة 29 } وقال تعالى { وهو العلي العظيم – البقرة 255} { بل الله مولاكم وهو خير الناصرين  – آل عمران 150 } { وهو السميع العليم – البقرة 137} {  قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون – البقرة 139}

وبالتالي هنا لم يرد لفظ هو إلا على الخالق عز وجل بما يؤكد أن الدنو و هو بالأفق الأعلى المقصود منه الله تعالى

وأما عن ورود هذا اللفظ على بشر في قوله تعالى { وهو ألد الخصام – البقرة 204}  وهو مالا يدخل في بيان الآية وذلك لأننا نبحث في كتاب الله عن اللفظ هو هل ورد على الله تبارك وتعالى أم على جبريل عليه السلام والذي لم نجد له أثر هنا بما أكد ماذكرناه من قبل .

ثم يأت هذا اللفظ على مؤمنين وعلى كافرين وعلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام علي (عليه السلام) كنسب وصهر قال تعالى فيه { وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا – الفرقان 54 } .

وبالتالي الذي في الأفق الأعلى كان رسول الله صلى الله وآله كما في الرويات وهى مكانته عند الله تبارك و تعالى قبل نزوله للدنيا وبعد رحيله عنها قال تعالى { وهو بالأفق الأعلى } .

وأما :

(بالأفق)

ورد في المعجم الوسيط :

[ الأُفُق : النَّاحية.و الأُفُق خطٌّ دائريّ يَرى فيه المشَاهد السَّماءَ كأَنها مُلْتَقِية بالأَرض، ويبدو متعرِّجًا على اليابس، ومكونًا دائرةً كاملة على الماء .و الأُفُق مدى الاطِّلاع، يقال في المعرفة والرأْي: فلان واسع الأُفق أَو ضيق الأُفق. والجمع : آفاق.ويقال: فلان جَوَّاب آفاق.وفي التنزيل العزيز: فصلت آية 53سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفي أَنْفُسِهِم) ) .المعجم: المعجم الوسيط الأُفُقِيّ , الأُفُقِيّ : نسبةٌ إِلى الأُفُق.و الأُفُقِيّ من الناس: من لا ينسب إلى وطن.و الأُفُقِيّ من الخطوط: خطٌّ مستقيم يُوازي سطحَ الأَرض المسْتَوية.و الأُفُقِيّ في الصحيفة: ما يمتدُّ من اليمين إِلى اليسار ] .

وفيس معجم ألفاظ القرآن : [الأفق : الناحية من الأرض أو السماء وجمعه آفاق – معجم ألأفاظ القرآن باب الهمزة فصل الفاء والقاف ] قال تعالى {سنريهم آياتنا بالآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق – فصلت 53  } وهنا آفاق جمع أفق والمفرد  قال تعالى فيه { وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ – التكوير 23 } أي و لقد رأى محمد صلى الله عليه وآله جبريل عليه السلام الذي يأتيه بالرسالة في الأفق العظيم . وهذا الأفق المبين بالأفق الأعلى كما في الآية هنا { وهو بالأفق الأعلى } .

وأما :

(الأعلى)

وهنا ورد لفظ الأعلى على الخالق عز وجل في قوله تعالى { سبح اسم ربك الأعلى – الأعلى 1}

{ إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى – الليل 20} وقال تعالى في ماعنده تعالى أنهم الملأ الأعلى قال تعالى

{ لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب – الصافات 8 } و قال تعالى { ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون – ص 69} والإختصام في كتاب الله ورد على أهل بيت النبي وخصومهم من بني أمية في قوله تعالى { هذان خصمان اختصموا في ربهم – الحج } وقد نزلت هذه الآية [ في غزوة بدر حيث خرج عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة للبراز فخرج إليهم الإمام علي والحمزة والحارث بن عبد المطلب عليهم السلام – أسباب النزول للواحدي وللسيوطي هامش تفسير الجلالين ] وهنا إشارة للإمام علي وأهل بيت النبي بالملاء الأعلى وصحة ماورد في هذا الشأن في مرويات أهل البيت عليهم السلام

والله تبارك وتعالى له المثل الأعلى في الخلق والقوة والشدة قال تعالى { للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم – النحل 60 }

{ وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم – الروم 27 } وهذا يعني أن كل ماعدا الله تعالى أدنى منه سبحانه وتعالى ولذلك يكون معنى { وهو بالأفق الأعلى – النحم 7 } يعني الخالق عز وجل والملاء الأعلى لقوله تعالى {سبح اسم ربك الأعلى } والملاء الأعلى فيهم العليين الذي قال تعالى فيهم { كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين  وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون – المطففين  } .

وطالما سمعت المقربون فيكون أولهم أنبياء الله تعالى لقوله تعالى في نبي الله إدريس عليه السلام { ورفعناه مكاناً عليا – مريم } و أولي قربى النبي صلى الله عليه وآله الذين قال تعالى فيهم { قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى } . وهؤلاء هم الملاء الأعلى

 (4)

(18) ولا يستثنون –  القلم 18)

وهنا :

(ولا)

ترد اللا النافية في قوله تعالى { كَلَّا ۖ بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ  – الفجر 17-18 } أي أن هؤلاء لا يستثنون هؤلاء الفقراء واليتامى والمساكين كما في قوله تعالى هنا { ولا يستثنون – القلم 18}

(4)

  • يا أيها المزمل (1)

وهنا :

(يا أيها)

ورود هذه الآيات في قوله تعالى { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا- الأحزاب 45 } وقوله تعالى يا أيها الرسول قال تعالى { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين – المائدة 67} . وهنا إثبات أن سيدنا جبريل عليه السلام قد نبأه من قبل بعد نزول سورة إقرأ بأنه نبي ورسول الله إلى العالمين

وهنا ينعته الله تعالى ويصفه بالمتزمل فقال تعالى :{ يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا – المزمل } وبعد قيام الليل والإعداد لما هو قادم نزل قوله تعالى { يا أيها المدثر قم فانذر وربك فكبر } .

(5)

  • أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا – المزمل (4)

[ .. وقوله سبحانه  : { وَرَتِّلِ } : معناه في اللغةِ : تَمَهَّلْ وَفَرِّقْ بَيْنَ الحروفِ، لَتَبِينَ، والمقْصِدُ أنْ يَجِدَ الفِكْرُ فُسْحَةً للنَّظَرِ وفَهْمِ المعاني، وبذلكَ يَرِقُّ القَلْبُ ، ويَفِيضُ عليه النُّورُ والرحمة، قال ابن كيسان : المُرادُ: تَفْهَمُه تالياً له ، ورُوِي في صحيح الحديث: أن قراءةَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم كانَتْ بيِّنَةً مُتَرسِّلَةً، لو شاء أحَدُ أنْ يَعُدَّ الحروفَ لعَدَّها ، قال الغزاليُّ في «الإحياء» : واعْلَمْ أنَّ التَرْتِيلَ والتَّؤُدَةَ أقْرَبُ إلى التوقير والاحترامِ، وأشَدُّ تأثيراً في القلبِ من الهَدْرَمَةِ والاسْتِعْجَالِ، والمَقْصُودُ مِنَ القراءَةِ التفكُّرُ، والترتيلُ مُعِينٌ عَلَيْهِ، وللناس عاداتٌ مختلفة في الخَتْمِ، وأوْلَى مَا يُرْجَعُ إليه في التقديراتِ قَوْلُ النبي صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قَال ـــ عليه الصَّلاةُ والسلام ـ – الجواهر الحسان للثعالبي ] .

[ عن ابي جعفر عليه السلام قال : سألته عن قوله تعالى (قم الليل إلا قليلا) قال  أمره الله تعالى أن يقوم كل ليلة إلا أن تأتي عليه ليلة من الليالي لا يصلي فيها شيئاً – نور الثقلين ج5 ص 446 ] .

وهنا :

(أو )

أي أنه يقول تعالى في أمره عزو جل بقيام الليل نصفه أو ثلثه أكثر من نصفه قال تعالى فيه هنا { قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا – المزمل 2-4} وذلك لمن شاء أن يتقدم عند الله تعالى في الأجر أو يتأخر لقوله تعالى { لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر – المزمل 37} .

(6) لفظ (إنما) الحصري في قوله تعالى { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون }

الآية هنا نزلت في الإمام علي عليه السلام وروى المناوؤون لأهل البيت عليهم السلام أنها نزلت في عبادة بن الصامت و هى عامة في كل مؤمن ولو كان الأمر كذلك لوجب التصدق لكل مؤمن وهو راكع .وهذا مالم يقل به أحد والثلاث اتجاهات في تفسير الآية وردت في تفسير واحد على سبيل المثال وهو الطبري مثلا كما يلي :

[ عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، مشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم= وكان أحد بني عوف بن الخزرج= فخلعهم إلى رسول الله، (72) وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حِلفهم، وقال: أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حِلف الكفار ووَلايتهم! ففيه نـزلت: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون “= لقول عبادةَ: ” أتولى الله ورسوله والذين آمنوا “، وتبرئه من بني قينقاع ووَلايتهم=  قوله: فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ . – الطبري ]

[عن ابن عباس قوله: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا “، يعني: أنه من أسلم تولى الله ورسوله. – تفسير الطبري ]

[ عن السدي قال: ثم أخبرهم بمن يتولاهم فقال: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون “، هؤلاء جميع المؤمنين، ولكن علي بن أبي طالب مرَّ به سائل وهو راكع في المسجد، فأعطاه خاتَمَه.12211 – حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا عبدة، عن عبد الملك، عن أبي جعفر قال: سألته عن هذه الآية: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون “، قلت: من الذين آمنوا؟ قال: الذين آمنوا! (75) قلنا: بلغنا أنها نـزلت في علي بن أبي طالب! قال: عليٌّ من الذين آمنوا.- تفسير الطبري ]

التفسير :

وهنا بيان القرآن بالقرآن هو الفصل وهو الحكم بأنيكون الله تعالى حاكماً على كتابه فوجدنا لفظ (إنما) للحصر هنا يحدد ويبين من هو ولي أمرالمسلمين بعد النبي صلى الله عليه وآله :

يقول تعالى :

{ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون – المائدة }

تفسير :

(إنما)

إنما للحصر وردت في قوله تعالى { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } ووهنا الآيةة أكدت أن ولي أمر المسلمين رجلاً من أهل بيت النبي وهو ضمن أهل الكساء وهو الإمام علي كما في حديث غدير خم المعروف وهو الإمام علي عليه السلام لما نزلفيه من قوله تعالى {ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد 7}

[ أخرج الطبري بإسناد حسن من طريق سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت هذه الآية : وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على صدره ، وقال : أنا المنذر وأومأ إلى علي ، وقال : أنت الهادي بك يهتدي المهتدون بعدي ، فإن ثبت هذا فالمراد بالقوم أخص من الذي قبله أي بني هاشم.- ابن حجر العسقلاني – فتح الباري شرح صحيح البخاري -كتاب تفسير القرآن – سورة إبراهيم : 24 – باب قوله :{ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ } ج8 ص 284 ] .

[ عن ‏ ‏عبد خير ‏ ‏، عن ‏ ‏علي ‏ ‏في قوله :‏ ‏{ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ( الرعد : 7 ) } ‏قال رسول الله ‏ (صلى الله عليه وآله) :‏ ‏المنذر ‏ ‏والهاد رجل من ‏ ‏بني هاشم. – مسند الإمام أحمد بن حنبل – مسند العشرة المبشرين بالجنة – مسند الخلفاء الراشدين ومن مسند علي بن أبي طالب (ع) ج1 ص 126 ] .

[عن عباد بن عبد الله الأسدي ، عن علي : { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ – الرعد : 7 ) } قال علي : رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر ، وأنا الهادي ، هذا حديث صحيح الاسناد ، ولم يخرجاه. – المستدرك على الصحيحين – كتاب معرفة الصحابة (ر) – كان علي (ع) امام البررة ج3 ص 103 ] .

وبالتالي القرآن والسنة ينتصران لتفسير أن ولي أمر المسلمين بعد النبي هو الإمام علي عليه السلام وهو أشد الناس خشية في زمانه من بعد النبي لورود هذه اللفظ في قوله تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء } .

هذا وبالله التوفيق وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

خالد محيي الدين الحليبي

 

 

من أدق أسرار أهل بيت النبي عليهم السلام وأظنه آخر أسرارهم في فهم القرآن الكريم وهو مالم يخطر على عقل صناديد اللغة والعلم وعامة الأمة ألا وهو البحث عن مواضع أدوات الإشارة ووالأسماء الموضولة و الضمائر والأدوات في كتاب الله فاكتشفنا أخيراً  أن الله تبارك وتعالى جعلها مبينة لمراد الله تعالى في موضوعات محددة أي أن فيها تفسيراً لكتاب الله تعالى توضح معاني لم ينتبه إليها العلماء منذ فجر الإسلام ولم يكشف سرها غير أئمة أهل البيت عليهم السلام فقط بعد أن ظن الجميع أنها أدوات خاصة بعلم النحو واللغة فقط ولا شأن لها في البيان غير ماحددته اللغة لهذه الأدوات والضمائر و حتى نحن سقطنا في ذلك حتى أذن الله تعالى لنا بفتح باب الفهم لهذه الأدوات والضمائر بعد أن اكتشفنا أنها مثل بقية كلنات القرآن الكريم كما أن بعضها يبين بعضا كذلك هذه الأدوات تبين بعضها بعضاً أيضاً .

 و لم يمن الله تعالى علينا بهذا الفهم إلا بعد مالا يقل عن ثلاثين عاماً من البحث في كتاب الله تعالى ومراجعة القرآن كاملاً بحثاً عن مترادفات كل كلمة لمعرفة مراد الله تعالى منها وأخيراً اكتشفنا بأن هذه الأدوات والضمائر لها دوراً هاماً في بيان غوامض كتاب الله تعالى .

الأمثلة على ذلك قوله تعالى :

  • ويل لكل همزة لمزة (1)

 وهنا :

وهنا وجدنا في تفاسير أهل السنة أنهم المغتابون كما يلي :

[..أخرج سعيد بن منصور وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس أنه سئل عن قوله: { ويل لكل همزة لمزة } قال: هو المشاء بالنميمة المفرق بين الجمع المغري بين الأخوان.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قي قوله: { ويل لكل همزة } قال: طعان { لمزة } قال: مغتاب.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن مجاهد في الآية قال: الهمزة الطعان في الناس، واللمزة الذي يأكل لحوم الناس.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة { ويل لكل همزة لمزة } قال: يأكل لحوم الناس ويطعن عليهم.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية { ويل لكل همزة لمزة } قال: تهمزه في وجهه وتلمزه من خلفه. –تفسير الدر المنثور للسيوطي ]

وفي تفاسير  أهل البيت عليهم السلام أن الآية خاصة بمن همزو وغمزو أهل بيت النبي وجلسوا مجلسهم

[محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه سليمان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) :ما معنى قوله عز و جل: { ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ }؟ قال: ” الذين همزوا آل محمد حقهم و لمزوهم، و جلسوا مجلسا كان آل محمد أحق به منهم “. – تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

وهنا وجدنا أن لفظ (الذي) في سورة الهمزة بين صدق مرويات مذهب أهل البيت عليهم السلام بمالم يخطر على عقل أحد كما يلي  :

التفسير :

(ويل)

[ ويل : كلمة عذاب ودعاء بالشر تقال لمن يستحق الهلكة لسوء فعله تقول “ويل لمن يعصي الله” – معجم ألفاظ القرآن باب الواو فصل الياء واللام ] . قال تعالى { قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى – طه 61 } والويل لمن كفر بالله تعالى كما في  قوله عز وجل  { فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون – الذاريات 60 } ووقال تعالى في طلاب الدنيا الذين قالوا { ياليت لنا مثل ما أوتى قارون إنه لذو حظ عظيم } فقال لهم المؤمنين الذين أوتوا العلم  { وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون – القصص 80 }

والويل لمن خرج على دين الإسلام ليعمل بالهوى كفراً أو تكذيباً أو إعراضاً أو لهواً ولعباً بالحياة الدنيا قال تعالى { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين – الزمر 22 } وهؤلاء مختلفين والويل لهم باختلافهم على كتاب ربهم سنة نبيهم وولايةأهل بيت نبيهم قال تعالى في المختلفين { فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم  -الزخرف 65 } والويل لهم بما كتبته أيديهم من مكزوبات أوهموا الناس أنها من عند الله وما ذكرها رسول الله صلى الله عليه وآله وأكثرها جاءت في مناقب الرجال والقبائل والبلدان قال تعالى { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون  – البقرة 79 } .

وبالتالي الويل هنا لمن خالف الله تعالى وخرج على تعاليم القرآن الكريم ومن اختلفوا على أهل بيت نبيهم عليهم السلام كما في التفاسير . ومنهم قوم كانوا يلمزونهم ويلمزون المؤمنين في قوله تعالى هنا { ويل لكل همزة لمزة } .

وأما :

(لكل)

وهنا يقول تعالى الويل للأناس عملوا بما يخالف أوامره تعالى على سبيل الإجمال ولكنهم مجموعات

الأولى :

قوم يعملون للدنيا ولرا يعيرون للآخرة بالا لذلك قال تعالى : { ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير – البقرة 148 }

الثانية :

قوم محاربون للنبي صلى الله عليه وآله وهؤلاء مجرمين قال تعالى فيهم { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون – الأنعام 112} وؤلاء مجرمين قال تعالى فيهم { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا – الفرقان 31 }

ثالثاً :

قوم تولوا غير الإمام علي والأئمة من أهل بيت البيا لهداة المهديين لقوله تعالى {  ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد 7 } وهنا [“عن ابن عباس قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «أنا المنذر وعلي الهادي، بك يا علي يهتدي المهتدون». ونحوه رواه أبو نعيم، وهو صريح في ثبوت الولاية والإمامة” ] .

رابعاً :

قوم سمعوا آيات الله تعالى ولم يعملوا بها قال تعالى فيهم { ومن هذه الأبواب باباً لمن تركوا العمل بماأنزل الله تعالى مخالفين كتاب ربهم وقال تعالى فيهم  { ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم – الجاثية 7-8 }

خامساً :

قوم رأوا الحق باطلاً والباطل حقا وزين لهم الشيطان أعمالهم قال تعالى  فيهم :{ كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون – الأنعام 108 }

سادساً :

قوم تركوا العمل بما أنزل الله وعملوا للدنيا واستهزءوا برسول الله وأئمة أهل البيت والمؤمنين قال تعالى فيهم هنا { ويل لكل همزة لمزة }

والسابع :

أمم أخرى تركت الإيمان بنبي آخر الزمان المكتوب عندهم في التوراة والإنجيليحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويصع عنهم إصرهم والأغلال التي عليهم قال تعالى { ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين – النحل 89 }

وهؤلاء لهم سبعة أبواب من أبواب جهنم قال تعالى فيها : { لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم – الحجر 44 } ومن هنا يتبين لها أنه من خلال هذا اللفظ وموارده في كتاب الله علم أئمة أهل بيت النبي عليهم السلام أن أحد وجوه التفسير في الخارجين على ولاية أهل بيت النبي المحاربين لهم .

وأما :

(همزة)

[ وهمزه : عابه في غيبته ويقال للمكثر هماز – معجم ألفاظ القرآن باب الهاء فصل الميم والزاي ]

[ هَمَزَ : (فعل) همَزَ يَهمِز ، هَمْزًا ، فهو هامزٌ، وهَمّازٌ، وهي هامزة ، وهَمَّازة وهو، وهي هُمَزَةٌ ، والمفعول مَهْموز و همَز فلانًا : غمزه، عابه وطعنه في غيبته و همَز الرَّجلَ في قفاه : غمَز بعينه – معجم المعاني الجامع  ] .

قال تعالى في اقتران الهمز بالنميمة { ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم – القلم 10-11 } وهؤلاء الهمزة منهم الذين كانوا يعيبون عيه مشيته ومنهم الذين نعتوه ابو كبشة لعنهم اللهم ومنهم الذين اغتابوه كما ورد في كتاب الله حيث خرجوا من عنده وقالوا (ماذا قال آنفا) قال تعالى { ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم  – محمد 16 } وهذه الهمزات يبين تعالى أنه يوحي بين شياطين الجن والإنس كما في قوله تعالى {   وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون – الأنعام 112 } وهذا الوحي بينهما همزات شيطانيو أمر الله تعالى بالتعوذ منها في قوله تعالى { وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون – المؤمنون 97-98 }  فإذا حضرت تلك الشياطين تحول المجلس إلى مجلس غيبة ونميمة مايلبث إلا أن يتحول إلى كذب على الله ورسوله وأهل بيته والمؤمنين والويل لهؤلاء كما في الآية هنا { ويل لكل همزة لمزة }.

وأما :

(لمزة)

[ ولمز يلمزه لمزاً : أي عابه وطعن في عرضه أو فعل فهو لامز – معجم ألفاظ القرآن باب اللام فصل الميم والزاي ] .

[لَمَزَ: (فعل) لمَزَ يلمُز ويلمِز ، لَمْزًا ، فهو لامِز ، والمفعول مَلْموز و لمَز الشَّخصَ : أشار إليه بعينه أو برأسه أو بشفتيه مع كلام خفيّ لذكر عيوبِه، عابه في وجهه – معجم المعاني ] .

و الفرق بين الهمز واللهمز [ الهمز أشد من اللَّمْز، وبعضهم قال : إن اللَّمْز يكون بحديث اللِّسَان أي : بالقول ، بينما الهَمْز يكون بالفعل؛ كحركة يدٍ، أو غمز عينٍ ] .

[ غالباً ما يُقصد من الهَمْز و اللَّمْز مَقصَدٌ واحد ، وهو الانتقاص من الناس، أو ذِكْر عيوبهم، لكنّ بعض العلماء فرّقوا بينهما؛ فذكروا أنّ الهمز أشد من اللَّمْز، وبعضهم قال بأن اللَّمْز يكون بحديث اللِّسَان أي: بالقول، بينما الهَمْز يكون بالفعل؛ كحركة يدٍ، أو غمزعينٍ. وفي القرآن الكريم ذكر الله -تعالى- الهمز واللمز موضحاً قُبح إتيانهما في عدة مواضع ، منها : قول الله تعالى: { وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ولا تنابزوا بالألقاب – الحجرات  11}  أي : لا يعب بعضكم بعضاً، وقوله أيضاً: { هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ – القلم 1158 } وكذلك قوله: { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ – التوبة 58 } .

ثم يقول تعالى :

  • الذي جمع مالاً وعدده – الهمزة (2)

وهنا :

 (الذي)

بينا من قبل في الآية الأولى أن همزهم وغمزهم كان بعد خروجهم من عند النبي صلى الله عليه وآله وهنا هذا اللفظ يحكي موضوع اعتراضهم وسبب همزهم ولمزهم في أعجوبة قرآنية سيتعجب لها كل قارئ إذا كيف يكون كتاب الله تعالى بهذه الدقة وهذا الإعجاز .

يبين تعالى أولاً أن إله العالمين هو الله تعالى فقال عز وجل { إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما – طه 98 } وهذا افله سبحانه وتعالى أنزل على رسوله الكتاب وهو الحق من عنده تعالى كما في قوله عز وجل { المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون – الرعد 1 } وهذا الكتاب لا يوجد فيه عوج ولا اختلاف كما في قوله تعالى { الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا – الكهف 1 } وهذا الكتاب لما نزل كان أول المصدقين به بعد رسول الله صلى الله عليه وآله هو الإمام علي عليه السلام حيث أمر النبي صلى الله عليه وىله بني هاشم وعبد المطلب بأنه خليفته ولسمعوا له وليطسعوه في سبب نزول قوله تعالى { و أنذر عشيرتك الأقربين – الشعراء ] ولذلك يقول تعالى أنه أول المصدقين بعد النبي الصادق المصدق قال تعالى { والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون – الزمر 33 } وفي كتاب الله تعالى يبين أن فيه وصية لأهل بيته كما أوصى كل نبي بمن سيخلفه إلا أنه لا نبوة بعده صلى الله عليه وآله وهذه الوصية قال تعالى فيها { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب – الشورى 13 } وهنا بدأ الهمز واللمز برسول الله صلى الله عليه وآله كما في الآية هنا { ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالاً وعدده} وهنا تعارض المال والدنيا مع دعوة الإيمان بالله تعالى فقال هذا العاص بن وائل أحد صناديد الكفر القرشي الأموي { أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا – مريم 77 } ورد في التفاسير : [ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (أَفَرَأَيْتَ) يا محمد (الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا) حججنا فلم يصدّق بها، وأنكر وعيدنا من أهل الكفر (وَقَالَ) وهو بالله كافر وبرسوله (لأُوتَيَنَّ) في الآخرة (مَالا وَوَلَدًا). وذُكر أن هذه الآيات أنـزلت في العاص بن وائل السهمي أبي عمرو بن العاص.* ذكر الرواية بذلك: حدثنا أبو السائب وسعيد بن يحيى، قالا ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن خباب، قال: كنت رجلا قينا، وكان لي على العاص بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه، فقال: والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث، قال: فقال: فإذا أنا متّ ثم بُعثت كما تقول، جئتني ولي مال وولد، قال: فأنـزل الله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا) ( أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا )…. إلى قوله: وَيَأْتِينَا فَرْدًا .حدثني به أبو السائب، وقرأ في الحديث: وولدا.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون العاص بن وائل السهمي بدين، فأتوه يتقاضونه، فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة فضة وذهبا وحريرا، ومن كلّ الثمرات؟ قالوا: بلى، قال: فإن موعدكم الآخرة، فوالله لأُوتينّ مالا وولدا، ولأُوتينّ مثل كتابكم الذي جئتم به، فضرب الله مثله في القران، فقال: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا)…. إلى قوله وَيَأْتِينَا فَرْدًا . – الطبري ]

وهنا قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله { تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا – الفرقان 10 } .

ولما رفضوا ولاية أمير الممؤمنين بين تعالى أنهم قبلوا بعض ماأنزل الله ورفضوا بعضه وهو ولاية اهل بيت النبي من بعده قال تعالى لذلك { وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا – الإسراء 73 }  وهنا توعدهم الله تعالى إن اصروا على ذلك بعذاب بعضه قريباً من موته صلى الله عليه وآله وبعضه الآخر آخر الزمان قال تعالى  { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ – الزخرف 41-44} وقال تعالى أيضاً { وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون – يونس 46 } .

وهنا يبين تعالى همزهم ولمزهم برسول الله صلى الله عليه وأهل بيته لاعتراضهم ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام عليهم فقتلوهم وناوءوهم حتى يومنا هذا

ورد في سبب نزول قوله تعالى { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [ أي سأل سائل عذابا واقعا ، للكافرين أي على الكافرين ، وهو النضر ابن الحارث حيث قال : { وَإِذْ قَالُوا اللهمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ – الأنفال 32 } فنزل سؤاله ، وقتل يوم بدر صبرا هو وعقبة بن أبي معيط ، لم يقتل صبرا غيرهما قاله ابن عباس ومجاهد ، وقيل : إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري ، وذلك أنه لما بلغه قول النبي (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام) : من كنت مولاه فعلي مولاه ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ، ثم قال : يا محمد ، أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله الا الله وإنك رسول الله فقبلناه منك ، وأن نصلي خمسا فقبلناه منك ، ونزكي أموالنا فقبلناه منك ، وأن نصوم شهر رمضان في كل عام فقبلناه منك ، وأن نحج فقبلناه منك ، ثم لم ترض بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا أفهذا شيء منك أم من الله ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : والله الذي لا إله الا هو ما هو الا من الله ، فولى الحارث وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو أئتنا بعذاب أليم ، فوالله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله ، فنزلت : { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ – المعارج 1 }. – تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج  18 ص 257 ] .

وبالتالي الإسم الموصول هنا (الذي) أثبت الله تبارك وتعالى من خلاله  في موارد القرآن المختلفة بين الددفتين صحة تفاسير أهل البيت عليهم السلام وصدق القائل سبحانه وتعالى { الرحمن فاسأل به خبيرا } .

 (2) لفظ (إذا) في قوله تعالى ( والنجم إذا هوى)

بعد متابعة الاداة الواحدة وأماكن تواجدها في كتاب الله ووجوه استعمالاتها القرآنية ضمن سياقها النصي للكشف عن مراد الله تبارك وتعالى من كل كلمة و موضوع و حكم

ولقد كان أهل  بيت النبي عليهم السلام سباقون في ذلك و يعلمونه   بالتأكيد بالوحي الموروث من النبي صلى الله هليه وآله ثم نقلاً من  الإمام علي عليه السلام  باب مدينة العلم ومن خلال دراستهم  ومااكتسوه من علم بكتاب الله تعالى و  أين وردت هذه الأدوات و الضمائر لتكشف لنا غوامض كثير عن كتاب الله تعالى وتحدد مسار البيان القرآني  من آياته الكريمة كما سنبين هنا في أمثلة على ذلك مع العلم بأن ما نذكره الآن لم يتطرق إليه إنس من قبل ولا جان من قبل

المثال على ذلك   :

  • والنجم إذا هوى (1)

وهنا :

(و)

الواو للقسم كما أقسم عز وجل بالضحى والليل في قوله تعالى { والضحى والليل إذا سجى } وقوله تعالى { و الفجر و ليال عشر والشفع و الوتر و الليل إذا يسر } .

وأما :

(النجم)

أوجه التفسير في لفظ النجم :

أولاً : النجم إشارة إلى إمام :

وذلك لأن الشمس وضوؤها رمزاً لنور الإيمان الذي بعث به رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى فيه صلى الله عليه وآله { وداعياَ إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا – الاحزاب 46} وفي روؤيا رآها نبي الله يوسف عليه السلام أشار إلى أبواه بالشمس والقمر في قوله تعالى { إني رأيت أحد عشراَ كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين – يوسف } . وبالتالي القسم بالنجم هنا في وجه من وجوه التفسير إماماً يهتدون به لقوله تعالى { وبالنجم هم يهتدون – النحل 16 } والهداية تكون للطرق أو الفجاج والوحهة التي يريدون والهداية تكون لشرع الله والدين القويم بإمام من أهل بيت النبي عليهم السلام قال تعالى فيه { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد} وبالتالي القسم هنا بإمام يهدي الناس من أهل بيت النبي عليهم السلام ويؤكد صحة الآثار الواردة من طرق مذهب أهل البيت أن الصحابة رضوان الله عليهم سألوه عمن يخلفه .

و لذلك [ في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «و النجم إذا هوى» قال: النجم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)  «إذا هوى» لما أسري به إلى السماء و هو في الهوي . – تفسير القمي ] .

ثانياً : النجم هو الثاقب الذي سيضرب (عاد الآخرة) في الأرض قبل القيامة :

[ ظاهر الآية أن المراد بالنجم هو مطلق الجرم السماوي المضيء و قد أقسم الله في كتابه بكثير من خلقه و منها عدة من الأجرام السماوية كالشمس و القمر و سائر السيارات، و على هذا فالمراد بهوى النجم سقوطه للغروب.

و قيل: المراد بالنجم القرآن لنزوله نجوما، و قيل: الثريا، و قيل: الشعري، و قيل: الشهاب الذي يرمى به شياطين الجن لأن العرب تسميه نجما، و للهوى ما يناسب لكل من هذه الأقوال من المعنى، لكن لفظ الآية لا يساعد على شيء من هذه المعاني ].

يقول تعالى { والسماء والطارق وما أدراك مالطارق النجم الثاقب – الطارق 1-3} وهذا النجم إذا ما هوى تغيرت مواقع النجوم لقوله تعالى { فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم – الواقعة } وهنا يبين تعالى أن نجماً من هذه النجوم سيهوي ويرتطم بالأرض لهلاك الظالمين وحينها ستطمس معه رؤية النجوم بالسماء لقوله تعالى { فإذا النجوم طمست – المرسلات 8 } .ولذلك قال تعالى هنا { والنجم إذا هوى ماضل صاحبكم وما غوى – النجم }

وهذا النجم أطلق عليه الامام علي كويكب العذاب وحديث الهدة يشير إلى ذلك كما في قوله صلى الله عليه وآله [“عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان صيحة في رمضان فإنه يكون معمعة في شوال، وتمييز القبائل في ذي القعدة، وتسفك الدماء في ذي الحجة والمحرم وما المحرم -يقولها ثلاث مرات- هيهات هيهات! يقتل الناس فيه هرجا هرجا، قلنا وما الصيحة يا رسول الله؟ قال: هدة في النصف من رمضان ليلة الجمعة فتكون هدة توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج العواتق من خدورهن في ليلة جمعة في سنة كثيرة الزلازل والبرد، فإذا وافق شهر رمضان في تلك السنة ليلة الجمعة فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة في النصف من رمضان فادخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كواكم ودثروا أنفسكم وسدوا آذانكم، فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجدا وقولوا: سبحان القدوس، سبحان القدوس، ربنا القدوس، فإنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل هلك؟ –  الفتن لنعيم بن حماد ج1 ص 228  ]

[عن الوليد قال: بلغني عن كعب أنه قال: ولم يسنده إلى النبي ص : ( يطلع نجم من المشرق قبل خروج المهدي له ذنب يضئ كما يضئ القمر ( له ذنب يضئ لأهل الأرض كإضاءة القمر ليلة البدر)  ينعطف حتى يلتقي طرفاه أو يكاد ).  معجم أحاديث الامام المهدي ج1: ص 272 الحديث 172 (13 مصدر) ] .

[ ( … وخسف قرية من قرى الشام وهدم حائط مسجد الكوفة مما يلي دار عبد الله بن مسعود. وطلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ثم ينعطف حتى يلتقي طرفاه أو يكاد، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر في أفقها وليست كحمرة الشفق المعتاد …).  عقد الدرر في أخبار المنتظر – يوسف بن يحيى بن علي المقدسي الشافعي السلمي ص 177-179 ]

[ عن الامام علي ع : ( يطلع من مغيب الشمس نجم له ذنب كمثل الرمح عال بوجه مستدير مثل الترس) ماذا قال علي عن اخر الزمان، علي عاشور عن أمير المؤمنين علي ( عليه السلام )  في خطبة البيان: ( من علامات الساعة يظهر صائح في السماء ونجم له ذنب في كل ناحية من المغرب ويظهر كوكبا ً في السماء من المشرق ثم يظهر خيط ابيض في وسط السماء وينزل من السماء عمود من نور ثم ينخسف القمر ثم تطلع الشمس من المغرب فيحرق حرها شجر البراري والجبال ثم تظهر من السماء فتحرق أعداء آل محمد حتى تشوي وجوههم و أبدانهم  … ). الزام الناصب ج2 عن البرسي في المشارق ] .

[ .. قال سطيح: ( عند طلوع الكوكب الذي يفزع العرب، وله شبيه الذنب، فهناك تنقطع الأمطار، وتجف الأنهار، وتختلف الاعصار، وتغلو الأسعار، في جميع الأقطار . ثم تقبل البربر بالرايات الصفر، على البراذين السبر، حتى ينزلوا مصر، فيخرج رجل من ولد صخر، فيبدل الرايات السود بالحمر، فيبيح المحرمات،…) . في بحار الأنوار ـ ج51 ص 162ـ163 أعصار: دهر /  إعصار: رياح شديدة البربر: ناس كثيري الكلامِ، والجَلَبَةُ، والصِّياحُ، التخليط في الكلام مع غضب ونفور / عرق من الناس يعيش في المغرب العربي البراذين: دوب محذوفة مقطوعة الاذان والاذناب. السُّبَرُ : طائر دون الصَّقْرِ/ حُسْنُ الهيئةِ والجمَالُ ]

[ عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام: ( إذا بلغ العباسي خراسان، طلع بالمشرق القرن ذو الشفا، وكان أول ما طلع بهلاك قوم نوح حين غرقهم الله، وطلع في زمان إبراهيم عليه السلام حيث ألقي في نار نمرود، وحين أهلك الله فرعون ومن معه، وحين قتل يحيى بن زكريا، فإذا رأيتم ذلك فاستعيذوا بالله من شر الفتن، ويكون طلوعه بعد انكساف الشمس والقمر، ثم لا يلبثون حتى يظهر الأبقع بمصر. ). معجم أحاديث الامام المهدي ج3: ص 259  الحديث 785 (3 مصدر) ] .

عن امير المؤمنين علي ع في الجفر: ( ويسبق المهدي ظهور النجم ذو الذنب العجيب، ليس ما ترونه نجم ثلثي العقد الواحد ولا نجم ثلثي القرن ولا نجم كل قرن، إنما النجم ذو القرون له قلب وفيه نار وثلج وهواء وتراب، يمتد ذنبه ما اسرع في جريه سرعة نور الشمس ما انفجر الفجر ، يعمو اوله على اخره كأنه الطوق العظيم، يكون له وهج في ليل السماء كأن شمس أشرقت ثم يروح لدائرته، وبعدها هلاك وموت كثير خيراً لأهل الخير وشراً لأهل الشر.) . المفاجأة لمحمد عيسى بن داود ص 204   يعمو: يميل قال الإمام الهادي ع : ( قال رسول الله ص (يكون نار ودخان في المشرق أربعين ليلة). الملاحم و الفتن ص ٧١ و ص ١٦٤ بلفظ آخر. أي من بداية شعبان حتى منتصف شهر رمضان. (في الاختصاص : واعلم أن مع الشمس كواكب لها أذناب بعضها فوق بعض نفر فإذا بدا كوكب منها في برج من البروج وقع في أرض ذلك البرج شر وبلاء وفتنة وخلع الملوك ، وإذا رأيت كوكبا أحمر لاتعرفه وليس على مجاري النجوم ينتقل في السماء من مكان إلى مكان يشبه العمود وليس به فإن ذلك آية الحرب والبلايا وقتل العظماء وكثرة الشرور والهموم والآشوب في الناس ). بحار الانوار جلد: 55 من صفحه 335 ان للمذنبات مدارات اهليجية طويلة مع زاوية دوران ضيقة حول الشمس (دائرته).

وتمثل منطقة الدوران حول الشمس منتصف المدة التي يمكننا ان نشاهد المذنب فيها. بما ان هذا الدوران سيكون في رجب ( أستنتجنا ذلك في صفحة علامة ظهور كف بارزة تشير في رجب ) .. وسيكون وصوله الأرض في رمضان ( أستنتجنا ذلك في صفحات علامات شهر رمضان ) .. أي بعد ستة أسابيع تقريباً .. أذاً سيمكننا مشاهدته قادماً قبل رجب بشهرين على الاقل أي في شهور ربيع الثاني والاول وصفر .. عن الامام علي الرضا عن امير المؤمنين علي ع : ( في شهر صفر ستظهر لكم من السماء آية جليّة، ومن الأرض مثلها، ويحدث في المشرق ما يقلق . ويغلب على العراق طوائف من الإسلام مرّاق . ثم تنفرج الغمّة ببوار طاغوت الأشرار ، يسرّ بهلاكه المتّقون. من قاتلنا في آخر الزمان، فكأنما قاتلنا مع الدجّال) البحار ج ٥٢ ص ٣٣٥ ] .

وأما :

(إذا)

وهنا [ إذا : تأتي بثلاثة أوجه : ظرفيّة ، فجائيّة ، تفسيريّة :

  1. إذا الظرفيّة : ظرف لما يستقبل من الزمن، مبني على السكون ، متضمّن معنى الشرط غالبا، خافض لشرطه متعلّق بجوابه، و تختصّ بالدخول على الجملة الفعليّة، و يكون الفعل بعدها ماضيا غالبا، أو مضارعا، مثل قول الشاعر: إذا نزل البلاء بصاحبي دافعت عنه بناجذي و بمخلبي

*إذا دخلت إذا على اسم مرفوع أو ضمير للغائب ، أعرب فاعلا لفعل محذوف يفسّره الفعل الذي يليه، إذا كان هذا الفعل مبنيّا للمعلوم، و إذا كان الفعل بعدها مبنيّا للمجهول أعرب الاسم نائب فاعل؛ نحو قول الشاعر: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر (أراد)

إذا: ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه متعلّق بجوابه و هو مضاف.

الشعب: فاعل لفعل محذوف يفسّره الفعل أراد الذي بعده مرفوع. و جملة الشرط (أراد الشعب الحياة )في محل جرّ بالإضافة.

*أمّا إذا دخلت على ضمير للمخاطب أو المتكلّم، فإنّ هذا الضمير يعرب توكيدا للفاعل أو نائبه في الفعل المحذوف ؛ يقول الشاعر: إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت . أيّ الناس تصفو مشاربه.

أنت: ضمير منفصل مبني في محلّ رفع توكيد للفاعل في الفعل المحذوف الذي يفسّره الفعل بعده.

ملحوظة:قد تزاد ما بعد إذا فلا تغيّر شيئا ، و تعرب ما حرفا زائدا لا محلّ له من الإعراب؛ مثل إذا ما زرتني أكرمتك.

  1. إذا التفسيريّة : حرف مبني على السكون لا محلّ له من الإعراب يأتي في موضع أيّ التفسيريّة في الجمل، و تختلف عنها في كون الفعل بعد إذا لا يكون إلاّ للمخاطب؛ نحو: استكتمته السرّ إذا طلبت منه أن يستره.
  2. إذا الفجائيّة : حرف مبني على السكون لا محلّ له من الإعراب، و هي تختصّ بالدخول على الجملة الاسمية، ولا تحتاج إلى جواب (جملة جواب الشرط)، ولا تقع في ابتداء الكلام، و تلزمها الفاء (الإستئنافيّة) الزائدة ، و الإسم المرفوع بعدها يعرب مبتدأ خبره مذكور كثل قوله تعالى :”فألقاها فإذا هي حيّة تسعى” أو نحو: دخلت الصفّ فإذا بالأستاذ ] .

 

البيان القرآني هنا للفظ (إذا) وفقاً لموواردها في كتاب الله تعالى :

لفظ إذا هنا يعتبر مفتاح فهم الآية كلها وبيانها لوروده في مواضع تبين المقصود من الآية الكريمة فقد ورد في بيان كفر قريش بدعوة النبي صلى الله عليه وآله وقولهم حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا قال تعالى { وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون – المائدة 104} وإذا فعلوا فاحشة قالوا بقدسيتها لفعل آبائهم لها قال تعالى { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون – الأعراف 28 } وقالوا في كتاب الله أساطير الأولين { وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين – النحل 24 }

وبالتالي كانوا يكرهون كتاب الله تعالى ويكادون يسطون على تاليه كما في قوله تعالى { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير- الحج 72 } .

ولما علموا وولاية أهل بيته من عده عليهم السلام حاولوا تبديل آيات الله كما في قوله تعالى {  وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم – يونس 15 } وهذه فتنة حاولوا فيها تبديل حكم الله تعالى وهنا لجأ هؤلاء المجرمين للكذب على الله تعالى ورسوله كما في قوله تعالى { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا النساء 81 } وقال تعالى { ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم – محمد 16 }.

وهنا برزت طائفة من المنافقين لا هم لها إلا الدنيا ومتاعها لا يراعون لله حرمة في حلال أم حرام وقال تعالى في هؤلاء  { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا- مريم 73 } .

وهنا فتح الله تعالى عليهم أبواب الدنيا ومتاعها لقوله تعالى {  فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون – الأنعام 44 }

وتظهر طبقة اجتماعية جديدة من المنتفعين الذين منعوا حق الله تعالى في أموالهم بعدما منعوا الماعون وحقوق الفقراء  وخمس أهل بيت النبي المفترض لهم في كتاب الله تعالى وأطلق عليهم القرآن الكريم طبقة المترفين وهؤلاء سيكونون أهم معول لهدم الدولة الإسلامية في كل زمن  قال تعالى { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا – الإسراء 16 }

وهنا يأت وعد أول وعده الله تعالى بني سرائيل في زمن النبي صلى الله عليه وآله وقال تعالى فيه {  فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا – الإسراء 5} ويكون وعد فيه هلاك قريشاً الأولى لأنهم كبني إسرائيل بين وعدين للهلاك قال تعالى فيه {سنعذبهم مرتين ثم يدون إلى عذاب عظيم – التوبة }

وبين الوعدين ينزل بهم عذابات مختلفة لا يكون فيها ااستئصالاً لهم لعلهم يتوبون من قريب قال تعالى { فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون – الأنبياء 12-13 } ثم يفتح الله تعالى على البشرية بكفرها باباً من العلم ليدمروا بعضهم بمخترعاتهم ومنها المعارج ( الطائرات والصواريخ وكل مايصعد به إلى السماء ) و قال تعالى فيها {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت ابصارنا بل نحن قوم مسحورون – الحجر14-15} وهذا باب عذاب شديد يفتحه الله تعالى على البشرية بكفرهم ولا رحمة فيه لقوله تعالى { حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون – المؤمنون 77 } .

وهنا يبدأ الوعد الآخر بعلوا بني إسرائيل في العالم وسيرهم نفس نهج فرعون مع المؤمنين الذي عانوا هم منه من قبل وهنا توعدهم الله تعالى بالوعد الآخر هم وقريش الآخرة كما بينا في عذابهم الثاني قال تعالى { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا – الإسراء 7 }

ويكون هلاكهم ببعثة إمام آخر الزمان والذي أطلق عليه القرآن الكريم دابة الأرض قال تعالى { وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون – النمل 82 } وآجال الأمم الظالمة من كفار ومنافقين تكون مرهونة ببعثة هذا الإمام لما ورد فيه تصريحا { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ  وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۚ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ– يونس 47-49 } وهنا يكون قد حل زمان هلاكهم وجمعهم للحساب كما في قوله تعالى { فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون – آل عمران 25 }

وإن كان المقصود بدابة الأرض دابة فعليه فخروجها بعد هلاك العالم والذي يكون أماراته سيطرة الإنسان على كل شيئ بواسطة ما توصل له من علم وتكنولوجيا وكومبيوتر قال تعالى { إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون – يونس 24 } .

ثم تكون الايات بعد ذلك ومنها يأجوج ومأجوج الوارد ذكرهم في قوله تعالى { حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون – الأنبياء 96 }

وهذا من أشراط الساعة كما في قوله تعالى { فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم – محمد 18 } وهنا يتحسونر على ما فرطوا فيه من تركهم العمل بكتاب الله وشرعه الكريم قال تعالى { قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون – الأنعام 31 }

وبالتالي قوله تعالى هنا { والنجم إذا هوى } يحكي قصة كفر قريشاً الأولى وبني إسرائيل وصراعهم مع أهل بيت النبي وقتلهم إياهم وخط سير أحداث آخر الزمان منذ ظهور الإسلام حتى قيام الساعة .

وأما :

(هوى)

[ وهوى بمعنى سقط من شاهق ] قال تعالى { حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق – الحج 31 } أي أن شدة شرك هؤلاء وكفرهم بالله تعالى سيكون أهم عوامل إبادتهم بالنجم إذا هوى خاصة إذا فشا فيهم عمل قوم لوط لقوله تعالى فيهم { والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى – النجم 53 } وهذا في آخر الزمان مع ظهور علامة في السماء وهو النجم ذو الذنب قال تعالى هنا { والنجم إذا هوى} وهذا النجم يهوي على كفار ومنافقي آخر الزمان والذين يعملون بعمل قوم لوط كما بينا وهذا يسبب غضب أهل السماء عليهم فيأذن الله تعالى بسقوط نجماً من السماء عليهم بغضب من الله تبارك وتعالى قال فيه { ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى } .

(2)

(59) أفمن هذا الحديث تعجبون (57)

وهنا :

(أفمن)  [ الهمزة حرف استفهام إنكاري ]

(أ)

الهمزة هنا للإستفهام لقوله تعالى { أ كان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين – يونس 2 } و وهذا الحديث ننزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو على بينة لذلك من ربه تبارك وتعالى وشاهد على ذلك وعلى الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله الإمام علي عليه السلام وصي النبي صلى الله عليه وآله كما في قوله تعالى { أ فمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم – محمد 14 } هنا تعجبوا أكثر من كتاب الله تعالى وبعثة رسوله صلى الله عليه وإمامة الإمام علي من بعده لذلك قال تعالى هنا  { أ فمن هذا الحديث تعجبون – النجم }

و هنا ظهرت طائفة منافقة أخذت من كتاب الله ما يحلوا لها وما توافق وأهوائها وتركت مالا يتوافقه وأهوائهم وقال تعالى في ذلك { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ۚ بَلْ أُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ – النور 47-50 }

(أف)

أي أنه يقول تعالى : { أفبهذا الحديث أنتم مدهنون – الواقعة 81 }   و [ والفاء حرف استئناف ] و [ تأتي الفاء حرف استئناف مبنيّ على الفتح لا محلّ له من الإعراب و أنّ الكلام بعدها لا علاقة له بما قبلها، والجملة الّتي بعدها تكون استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب ، نحو قوله تعالى :{ أفبهذا الحديث أنتم مدهنون – الواقعة 81 }  وقال تعالى أيضاً (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) ] .

(من)

وهنا يبين تعالى أنهم لما تعجبوا وكفروا بالله تعالى حل بهم العذاب  فقالوا ياويلنا لقد كنا في غفلة من هذا  قال تعالى { واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين – الأنبياء 97 } ويقال لهم بعد كشف الغطاء ورؤيتهم نزول  العذاب بهم في الدنيا وخلفه عذاب الآخرة فيقال لهم { لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد – ق 22 }

وأما :

(هذا)

قال تعالى { هذا هدى – الجاثية } ويبين تعالى أن أكثر كفار قريشاً الأولى تعجبوا وقالوا {وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا – الفرقان 7 }

وقالوا أيضاً مهمين النبي صلى الله عليه وآله بالكذب وأنه اختلاق ماسمعوا به من قبل قال تعالى { ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق – ص 7 } وقالوا أيضاً { وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد – ص 6 } فقال تعالى في تعجبهم من الرسالة و الرسول صلى الله عليه وآله هنا { أفمن هذا الحديث تعجبون } فنفر أكثرهم من هذا الهدى كما في قوله تعالى { ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا – الإسراء 41 }

وأما :

 (هذا الحديث)

أي أنه يقول تعالى { هذا نذير من النذر الأولى – النجم 56} وهذا النذير وهذا الحديث هم به مكذبون لقوله تعالى { فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون إن كيدي متين – القلم  45}  ومنهم منافقون يداهنون به قولاً لا عملاً يقولون نؤمن بالقرآن وهم فجرة خارجون عليه ويعلنون حب الرسول ولا يعملون بسنته ويعلنون حب البيت وأيديهم ملوثة بدمائهم و لذلك قال تعالى  { أفبهذا الحديث أنتم مدهنون – الواقعة 81 } ومدهنون في اللغة [ أَدْهَنَ: (فعل) أدهنَ يُدهن ، إدهانًا ، فهو مُدهِن أظهر خلاف ما أضمر بقصد الخداع والغِشِّ ، أَدهن في الأمر: لان أَدْهَنَ عليه: أبقى أَدْهَنَ الجلدَ: لَيَّنه بالدّهن أَدْهَنَ فلانًا : داراه ولاينه – المعجم الوسيط ] .

ومن هنا اتخذ هؤلاء كتاب الله هزوا ودينهم لعباً وقال تعالى فيهم هنا { أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون – النجم 57-58} .

وأما :

(الحديث)

الحديث هنا هو القرآن الكريم لقوله تعالى { الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد – الزمر 23 } .

وهذا الحديث كذبت به قريش وترك العمل به الكثير حتى قال تعالى { وقال الرسول ياربي إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا- الفرقان } و هذا العمل أوجع قلب رسول الله صلى الله عليه وأهل بيته حزنا فقال تعالى { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا – الكهف 6 } أي [ فلعلك -أيها الرسول- مُهْلِك نفسك غمًّا وحزنًا على أثر تولِّي قومك وإعراضهم عنك، إن لم يصدِّقوا بهذا القرآن ويعملوا به.- التفسير الميسر ]

ويبين تعالى أن الكثير من الناس بعد ذلك انشغل بلهوال الحديث ومنه القص الذي يقصه القصاصون على زمن ما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ويدخل فيه الكذب على الله تعالى ورسوله وباطل الكلام لذلك قال تعالى في بيان أنه حديث ولكن ليس فيه حق يضلون به الناس عن ولاية ربهم ورسوله وأهل بيته عليهم السلام فإن تكلموا على كتاب الله ارتهنوه بفهم أحد رجالهم قائلين ماذا قال سلفنا والعلماء في الآية وفقدموا رأي العالم على النص القرآني ليكون حاكما عليه وليس العكس بأن يكون كتاب الله حاكما على العالم وابمتعلم وإذا تكلموا على رسولا لله قدموا عليه أقوال عمر وابي بكر وغيرهم وإن قلت أهل بيت النبي كذبوا القائل وربما قتلوه كما كان على زمن بني أمية وبني العباس وإلى الآن لذلك قال تعالى أن هذا كله من لهوا الحديث لإضلال الناس عن كتاب ربهم وولاية رسول الله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام قال تعالى  { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين – لقمان 6 } وهؤلاء قال تعالى بأنه سيستدرجهم إلى عذب كبير قبل ظهور بينة الصحف الآخر ةقال تعالى {  فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين – القلم 44-45} فإذا أراد الله تعالى إحقاق الحق والفصل في القضية حل أجل هذه الأمة ظهرت بينة الصحف الآخرة فيتعجبون منها لذلك قال تعالى هنا { أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون  – النجم 59-60 } .

وأما :

(تعجبون)

[ وعجب كل شيئ مؤخره وهو العصعص في الإنسان والعسيب من الدابة ومنه يكون التعجب مما خفى سببه والعجب النظر إلى شيئ غير مألوف ولا معتاد فهو حالة تعرض للإنسان عند الجهل لسبب الشيئ ويكون إنكاراً لما يرد عليه مما يقل اعتياده  والشيئ الذي يكون كذلك عجيب وعجيبة وأعجوبة والوصف عجيب وعجاب – معجم ألفاظ القرآن باب العين فصل الجيم والباء ] .قال تعالى { قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ – هود 72 } وكان تعجبهم من بعثة نبي منهم كما في قوله تعالى  { بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب  – ق 2}  فقال تعالى لهؤلاء الكافرين { أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين  -يونس 2 } وكان تعجب الجن من كتاب الله ومعجزته لأنهم أكثر علماً من عالم الإنس قال تعالى { إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن شرك بربنا أحدا – الجن 1-2}  ومن هؤلاء فريق من المنافقين [ يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون … حديث شريف ]  قال تعالى فيهم { من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل – البقرة 204-205}

وهؤلاء في الصدر الأول للإسلام إن تعجبوا من بعثة رسول الله صلى الله عليه وآله فهم من الإمام علي عليه السلام و الأئمة من ذريته عليهم السلام أعجب بعد أن قال تعالى فيهم : { إنما أنت منذر ولك قوقم هاد – الرعد } ولذلك تسلطوا عليهم وعملوا السيف فيهم قتلاً وسجناً وتشريداً ووضعاً وكذباً على الله تعالى ورسوله لصرف الناس عنهم { والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون – يوسف } ولذلك قال تعالى هنا { أفمن هذا الحديث انتم تعجبون – النجم} .

(3)

(7) وهو بالأفق الأعلى (7)

وهنا :

محور قرب النبي صلى الله عليه وآله ودنوه وتدليه في الآيات التالية كلها ستدور حول لفظ هو هل هو الله تبارك وتعالى أم جبريل عليه السلام كما هو وارد بالتفاسير ومن وهنا لفظ هو وأين ورد في كتاب الله هو الذي سيحدد بالقطع مراد الله تبارك وتعالى وسنبدأ برواية ما ذكر في ذلك :

الروايات الواردة في تفسير الآية :

ورد في تفسير كنز الدقائق : في قوله تعالى { وهو بالأفق الأعلى}

[ أفق السماء والضمير لجبريل (ثم دنا) من النبي (فتدلى) فتعلق به وهو تمثيل لعروجه بالرسول فيكون إشعاراً بأنه عرج به غير منفصل عن محله تقريراً لشدة قوته فإن التدلي استرسال مع تعلق كتدلي الثمرة ويقال دلى دلوه والدوالي الثمر المعلق (فكان) جبريل كقولك هو مني معقد الإزار أو المسافة بينهما (قاب قوسين) مقدارهما (أو أدنى) على تقديركم كقوله (أويزيدون) والمقصود تمثيل ملكة الاتصال وتحقيق استماعه لما أوحى إليه بنفي البعد الملبس (فأوحى) : جبريل  إلى عبده : عبد الله و إضماره قبل الذكر لكونه معلوماً كقوله (على ظهرها) (ما أوحى) : جبريل وفيه تفخيم للموحي به أو الله إليه – وقيل الضمائر كلها لله تعالى وهو المعني ب( شديد القوى ) كما في قوله {هو الرزاق ذو القوة المتين} ودنوه منه برفع مكانته و (تدليه) جذبه بشراشره إلى جناب القدس . وفي تفسير إبراهيم  ( علمه شديد القوى) يعني الله عز وجل ة(ذو مرة فاستوى) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله .

وعن الامام الرضا(عليه السلام) قال: ما بعث الله نبيا ” إلا صاحب مرة سوداء صافية. وقوله : ( وهو بالأفق الأعلى) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله (ثم دنا) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله من ربه عز وجل (فتدلى) قال إنما نزلت ( ” ثم دنى فتدانى فكان قاب قوسين أو أدنى ” ) قال :  كان من الله كما بين مقبض القوس إلى رأس السية (ماعطف من طرفها)  ( أو أدنى) أي من نعمته ورحمته قال بل أدنى من ذلك . , وعن أبي عبد الله عليه السلام أما قوله ( آمن  الرسول بما أنزل الله إليه من ربه والمؤمنون) أن هذه الآية مشافهة الله لنبيه لما أسرى به إلى السماء وقال النبي (صلى الله عليه وآله) انتهيت إلى سدرة المنتهى وإذا الورقة منها تظل أمة من الأمم فكنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى كما حكى الله . , وقال ابو عبد الله عليه السلام : أول من سبق من الرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وذلك أنه كان أقرب الخلق إلى الله وكان بالمكان الذي قال له جبريل لما أسرى به إلى السماء تقدم يامحمد فقد وطئت موطئاً لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولولا ان روحه ونفسه كات من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه وكان من الله عز وجل كما قال الله تعالى ر فكان قاب قوسين أو أدنى}  أي بل أدنى   -كنز الدقائق  ققمي المشهدي – ج 12 ص475-477 ]

[ وعن الصادق (عليه السلام)  أول من سبق من الرسل إلى بلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك أنه أقرب الخلق إلى الله وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلى السماء تقدم يا محمد فقد وطأت موطأ لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولولا أن روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه وكان من الله عز وجل كما قال قاب قوسين أو أدنى أي بل أدنى.

وفي العلل عن السجاد (عليه السلام) أنه سئل عن الله عز وجل هل يوصف بمكان فقال تعالى الله عن ذلك قيل فلم أسري بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) إلى السماء قال ليريه ملكوت السماوات وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه قيل فقول الله عز وجل ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى قال ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله)  دنا من حجب النور فرأى ملكوت السماوات ثم تدلى فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى.وعنه (عليه السلام) فلما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله)  وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى رفع له حجاب من حجبه…- ج ٥ – الصفحة ٨٦ ]

[ عَنْ ثَابِتِ بْنِ دِينَارٍ،قَالَ: سَأَلْتُ زَيْنَ الْعَابِدِينَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هَلْ يُوصَفُ بِمَكَانٍ؟فَقَالَ:«لاَ،تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ».قُلْتُ:فَلِمَ أَسْرَى بِنَبِيِّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)إِلَى السَّمَاءِ؟قَالَ:«لِيُرِيَهُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِيهَا مِنْ عَجَائِبِ صُنْعِهِ وَ بَدَائِعِ خَلْقِهِ».قُلْتُ:فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:  (ثُمَّ دَنٰا فَتَدَلّٰى فَكٰانَ قٰابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنىٰ)  ؟قَالَ:«ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)دَنَا مِنْ حُجُبِ النُّورِ فَرَأَى مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ،ثُمَّ تَدَلَّى(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فَنَظَرَ مِنْ تَحْتِهِ إِلَى مَلَكُوتِ الْأَرْضِ حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ فِي الْقُرْبِ مِنَ الْأَرْضِ كَقَابِ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى». – تفسير البرهان ج3 ص 488 ] .

وفي تفسير ابن كثير :

[( وهو بالأفق الأعلى ) يعني جبريل ، استوى في الأفق الأعلى . قاله عكرمة وغير واحد . قال عكرمة : والأفق الأعلى : الذي يأتي منه الصبح . وقال مجاهد : هو مطلع الشمس . وقال قتادة : هو الذي يأتي منه النهار . وكذا قال ابن زيد ، وغيرهم . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا مصرف بن عمرو اليامي أبو القاسم ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن طلحة بن مصرف ، حدثني أبي ، عن الوليد – هو ابن قيس – عن إسحاق بن أبي الكهتلة أظنه ذكره عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم ير جبريل في صورته إلا مرتين ، أما واحدة فإنه سأله أن يراه في صورته فسد الأفق . وأما الثانية فإنه كان معه حيث صعد ، فذلك قوله : ( وهو بالأفق الأعلى ) . وقد قال ابن جرير هاهنا قولا لم أره لغيره ، ولا حكاه هو عن أحد وحاصله : أنه ذهب إلى أن المعنى : ( فاستوى ) أي : هذا الشديد القوى ذو المرة هو ومحمد صلى الله عليهما وسلم ( بالأفق الأعلى ) أي : استويا جميعا بالأفق ، وذلك ليلة الإسراء كذا قال ، ولم يوافقه أحد على ذلك  ….- تفسير القرآن العظيم ابن كثير ] .

 وورد في تفسير الدر المنثور :

[ أخرج البيهقي في الأسماء والصفات وضعفه من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه سئل هل رأى محمد ربه؟ قال: نعم رآه كأنّ قدميه على خضرة دونه ستر من لؤلؤ، فقلت: يا أبا عباس أليس يقول الله: لا تدركه الأبصار؟ قال: لا أم لك ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي ” عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قالوا يا رسول الله هل رأيت ربك؟ قال: لم أره بعيني ورأيته بفؤادي مرتين ثم تلا { ثم دنا فتدلى } “.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: ” سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ قال: رأيت نهراً، ورأيت وراء النهر حجاباً، ورأيت الحجاب نوراً لم أره غير ذلك “.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية في قوله { ما كذب الفؤاد ما رأى } قال: محمد رآه بفؤاده ولم يره بعينيه.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح في قوله { ما كذب الفؤاد ما رأى } قال: رآه مرتين بفؤاده.وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: ما أزعم أنه رآه وما أزعم أنه لم يره.
وأخرج مسلم والترمذي وابن مردويه عن أبي ذر قال: ” سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ” هل رأيت ربك؟ فقال: نوراني أراه ” “.وأخرج مسلم وابن مردويه عن أبي ذر ” أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ فقال: رأيت نوراً “.وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي ذر قال: رآه بقلبه ولم يره بعينيه.وأخرج النسائي عن أبي ذر قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه بقلبه ولم يره ببصره.
وأخرج مسلم والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة في قوله { ولقد رآه نزلة أخرى } قال: رأى جبريل عليه السلام.وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال: رأى جبريل في صورته.وأخرج عبد بن حميد عن مرة الهمداني قال: لم يأته جبريل في صورته إلا مرتين فرآه في خضر يتعلق به الدر.وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله { ولقد رآه نزلة أخرى } قال: رأى نوراً عظيماً عند سدرة المنتهى.- الدر المنثور ]

ورد في تفسير البرهان  :

[  علي بن إبراهيم: ثم قال: { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } ، ثم أذن له فرقى في السماء، فقال: { ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ * وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } ، كان بين لفظه و بين سماع رسول الله كما بين وتر القوس و عودها: { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } ، فسئل رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن ذلك الوحي، فقال : “أوحي إلي أن عليا سيد الوصيين، و إمام المتقين، و قائد الغر المحجلين، و أول خليفة يستخلفه خاتم النبيين، فدخل القوم في الكلام، فقالوا له: أمن الله و من رسوله؟ فقال الله جل ذكره لرسوله (صلى الله عليه و آله): قل لهم: { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } ، ثم رد عليهم، فقال: { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } ، ثم قال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): “قد أمرت فيه بغير هذا، أمرت ان أنصبه للناس، و أقول لهم: هذا وليكم من بعدي، و هو بمنزلة السفينة يوم الغرق، من دخل فيها، نجا، و من خرج عنها غرق”. – البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

التفسير :

(وهو)

ورد هذا اللفظ على الخالق عز وجل في أكثر آيات القرآن الكريم حيث قال تعالى :

{ وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون  – الأنعام 3 } { وهو يطعم ولا يطعم – الأنعام 14 } { وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير – الأنعام 18 } { إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين  -الأنعام 57}

{ وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون – الأنعام 60 }

{ ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين – الأنعام62 }

{ وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل – الأنعام 66}

{ وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون –الأنعام 72}

{ وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير – الأنعام 73 }

{ وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون –ألأنعام 97 }

{ وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون – الأنعام 98 }

{ وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون – الأنعام 99}

{ ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل – الأنعام 102}

{ أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين – الأنعام 114}

{ وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين الأنعام 141 }

{ وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم – الأنعام 165}

{ وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون – الأعراف 57 }

{ وهو رب العرش العظيم – التوبة 129}

{ وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين – هود 7 }

{ وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون – الرعد 3 }

{ ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال – الرعد 13 }

{ قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار –الرعد 16}

{ وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون – النحل 14 }

{ وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون – الأنبياء 33}

{ وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور – الحج 66 }

{ وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون – المؤمنون 78}

{ وهو خير الرازقين – المؤمنون 72 }

{ وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون – المؤمنون 79 }

{ الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير – الروم 54 }

{ خالدين فيها وعد الله حقا وهو العزيز الحكيم – لقمان 9}

{ وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون – المؤمنون 80 }

{ وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا – الفرقان 47}

{ وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا – الفرقان 48 }

{ وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا – الفرقان 53 }

{ وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا – الفرقان 62 }

{ وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم –الروم 27 }

{ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون – الشورى  25 }

{ وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد – الشورى 28}

{ وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم – الزخرف 84 }

{ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا – الفتح 24 }

{ الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير – سبأ 1 }

{ يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور –سبأ 2 }

{ ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير  -سبأ 23 }

{ قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم – سبأ 26}

{ وهو على كل شيء شهيد – سبأ 74} { وهو الخلاق العليم – يس 81 }

{ وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير – الحديد 4 }

{ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم – الحديد 3 }

{ يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور – الحديد 6}

وقال تعالى { وهو على كل شيئ قدير – المائدة 120 } وقال تعالى {  وهو بكل شيء عليم – البقرة 29 } وقال تعالى { وهو العلي العظيم – البقرة 255} { بل الله مولاكم وهو خير الناصرين  – آل عمران 150 } { وهو السميع العليم – البقرة 137} {  قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون – البقرة 139}

وبالتالي هنا لم يرد لفظ هو إلا على الخالق عز وجل بما يؤكد أن الدنو و هو بالأفق الأعلى المقصود منه الله تعالى

وأما عن ورود هذا اللفظ على بشر في قوله تعالى { وهو ألد الخصام – البقرة 204}  وهو مالا يدخل في بيان الآية وذلك لأننا نبحث في كتاب الله عن اللفظ هو هل ورد على الله تبارك وتعالى أم على جبريل عليه السلام والذي لم نجد له أثر هنا بما أكد ماذكرناه من قبل .

ثم يأت هذا اللفظ على مؤمنين وعلى كافرين وعلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام علي (عليه السلام) كنسب وصهر قال تعالى فيه { وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا – الفرقان 54 } .

وبالتالي الذي في الأفق الأعلى كان رسول الله صلى الله وآله كما في الرويات وهى مكانته عند الله تبارك و تعالى قبل نزوله للدنيا وبعد رحيله عنها قال تعالى { وهو بالأفق الأعلى } .

وأما :

(بالأفق)

ورد في المعجم الوسيط :

[ الأُفُق : النَّاحية.و الأُفُق خطٌّ دائريّ يَرى فيه المشَاهد السَّماءَ كأَنها مُلْتَقِية بالأَرض، ويبدو متعرِّجًا على اليابس، ومكونًا دائرةً كاملة على الماء .و الأُفُق مدى الاطِّلاع، يقال في المعرفة والرأْي: فلان واسع الأُفق أَو ضيق الأُفق. والجمع : آفاق.ويقال: فلان جَوَّاب آفاق.وفي التنزيل العزيز: فصلت آية 53سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفي أَنْفُسِهِم) ) .المعجم: المعجم الوسيط الأُفُقِيّ , الأُفُقِيّ : نسبةٌ إِلى الأُفُق.و الأُفُقِيّ من الناس: من لا ينسب إلى وطن.و الأُفُقِيّ من الخطوط: خطٌّ مستقيم يُوازي سطحَ الأَرض المسْتَوية.و الأُفُقِيّ في الصحيفة: ما يمتدُّ من اليمين إِلى اليسار ] .

وفيس معجم ألفاظ القرآن : [الأفق : الناحية من الأرض أو السماء وجمعه آفاق – معجم ألأفاظ القرآن باب الهمزة فصل الفاء والقاف ] قال تعالى {سنريهم آياتنا بالآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق – فصلت 53  } وهنا آفاق جمع أفق والمفرد  قال تعالى فيه { وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ – التكوير 23 } أي و لقد رأى محمد صلى الله عليه وآله جبريل عليه السلام الذي يأتيه بالرسالة في الأفق العظيم . وهذا الأفق المبين بالأفق الأعلى كما في الآية هنا { وهو بالأفق الأعلى } .

وأما :

(الأعلى)

وهنا ورد لفظ الأعلى على الخالق عز وجل في قوله تعالى { سبح اسم ربك الأعلى – الأعلى 1}

{ إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى – الليل 20} وقال تعالى في ماعنده تعالى أنهم الملأ الأعلى قال تعالى

{ لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب – الصافات 8 } و قال تعالى { ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون – ص 69} والإختصام في كتاب الله ورد على أهل بيت النبي وخصومهم من بني أمية في قوله تعالى { هذان خصمان اختصموا في ربهم – الحج } وقد نزلت هذه الآية [ في غزوة بدر حيث خرج عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة للبراز فخرج إليهم الإمام علي والحمزة والحارث بن عبد المطلب عليهم السلام – أسباب النزول للواحدي وللسيوطي هامش تفسير الجلالين ] وهنا إشارة للإمام علي وأهل بيت النبي بالملاء الأعلى وصحة ماورد في هذا الشأن في مرويات أهل البيت عليهم السلام

والله تبارك وتعالى له المثل الأعلى في الخلق والقوة والشدة قال تعالى { للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم – النحل 60 }

{ وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم – الروم 27 } وهذا يعني أن كل ماعدا الله تعالى أدنى منه سبحانه وتعالى ولذلك يكون معنى { وهو بالأفق الأعلى – النحم 7 } يعني الخالق عز وجل والملاء الأعلى لقوله تعالى {سبح اسم ربك الأعلى } والملاء الأعلى فيهم العليين الذي قال تعالى فيهم { كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين  وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون – المطففين  } .

وطالما سمعت المقربون فيكون أولهم أنبياء الله تعالى لقوله تعالى في نبي الله إدريس عليه السلام { ورفعناه مكاناً عليا – مريم } و أولي قربى النبي صلى الله عليه وآله الذين قال تعالى فيهم { قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى } . وهؤلاء هم الملاء الأعلى

 (4)

(18) ولا يستثنون –  القلم 18)

وهنا :

(ولا)

ترد اللا النافية في قوله تعالى { كَلَّا ۖ بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ  – الفجر 17-18 } أي أن هؤلاء لا يستثنون هؤلاء الفقراء واليتامى والمساكين كما في قوله تعالى هنا { ولا يستثنون – القلم 18}

(4)

  • يا أيها المزمل (1)

وهنا :

(يا أيها)

ورود هذه الآيات في قوله تعالى { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا- الأحزاب 45 } وقوله تعالى يا أيها الرسول قال تعالى { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين – المائدة 67} . وهنا إثبات أن سيدنا جبريل عليه السلام قد نبأه من قبل بعد نزول سورة إقرأ بأنه نبي ورسول الله إلى العالمين

وهنا ينعته الله تعالى ويصفه بالمتزمل فقال تعالى :{ يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا – المزمل } وبعد قيام الليل والإعداد لما هو قادم نزل قوله تعالى { يا أيها المدثر قم فانذر وربك فكبر } .

(5)

  • أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا – المزمل (4)

[ .. وقوله سبحانه  : { وَرَتِّلِ } : معناه في اللغةِ : تَمَهَّلْ وَفَرِّقْ بَيْنَ الحروفِ، لَتَبِينَ، والمقْصِدُ أنْ يَجِدَ الفِكْرُ فُسْحَةً للنَّظَرِ وفَهْمِ المعاني، وبذلكَ يَرِقُّ القَلْبُ ، ويَفِيضُ عليه النُّورُ والرحمة، قال ابن كيسان : المُرادُ: تَفْهَمُه تالياً له ، ورُوِي في صحيح الحديث: أن قراءةَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم كانَتْ بيِّنَةً مُتَرسِّلَةً، لو شاء أحَدُ أنْ يَعُدَّ الحروفَ لعَدَّها ، قال الغزاليُّ في «الإحياء» : واعْلَمْ أنَّ التَرْتِيلَ والتَّؤُدَةَ أقْرَبُ إلى التوقير والاحترامِ، وأشَدُّ تأثيراً في القلبِ من الهَدْرَمَةِ والاسْتِعْجَالِ، والمَقْصُودُ مِنَ القراءَةِ التفكُّرُ، والترتيلُ مُعِينٌ عَلَيْهِ، وللناس عاداتٌ مختلفة في الخَتْمِ، وأوْلَى مَا يُرْجَعُ إليه في التقديراتِ قَوْلُ النبي صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قَال ـــ عليه الصَّلاةُ والسلام ـ – الجواهر الحسان للثعالبي ] .

[ عن ابي جعفر عليه السلام قال : سألته عن قوله تعالى (قم الليل إلا قليلا) قال  أمره الله تعالى أن يقوم كل ليلة إلا أن تأتي عليه ليلة من الليالي لا يصلي فيها شيئاً – نور الثقلين ج5 ص 446 ] .

وهنا :

(أو )

أي أنه يقول تعالى في أمره عزو جل بقيام الليل نصفه أو ثلثه أكثر من نصفه قال تعالى فيه هنا { قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا – المزمل 2-4} وذلك لمن شاء أن يتقدم عند الله تعالى في الأجر أو يتأخر لقوله تعالى { لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر – المزمل 37} .

(6) لفظ (إنما) الحصري في قوله تعالى { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون }

الآية هنا نزلت في الإمام علي عليه السلام وروى المناوؤون لأهل البيت عليهم السلام أنها نزلت في عبادة بن الصامت و هى عامة في كل مؤمن ولو كان الأمر كذلك لوجب التصدق لكل مؤمن وهو راكع .وهذا مالم يقل به أحد والثلاث اتجاهات في تفسير الآية وردت في تفسير واحد على سبيل المثال وهو الطبري مثلا كما يلي :

[ عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، مشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم= وكان أحد بني عوف بن الخزرج= فخلعهم إلى رسول الله، (72) وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حِلفهم، وقال: أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حِلف الكفار ووَلايتهم! ففيه نـزلت: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون “= لقول عبادةَ: ” أتولى الله ورسوله والذين آمنوا “، وتبرئه من بني قينقاع ووَلايتهم=  قوله: فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ . – الطبري ]

[عن ابن عباس قوله: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا “، يعني: أنه من أسلم تولى الله ورسوله. – تفسير الطبري ]

[ عن السدي قال: ثم أخبرهم بمن يتولاهم فقال: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون “، هؤلاء جميع المؤمنين، ولكن علي بن أبي طالب مرَّ به سائل وهو راكع في المسجد، فأعطاه خاتَمَه.12211 – حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا عبدة، عن عبد الملك، عن أبي جعفر قال: سألته عن هذه الآية: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون “، قلت: من الذين آمنوا؟ قال: الذين آمنوا! (75) قلنا: بلغنا أنها نـزلت في علي بن أبي طالب! قال: عليٌّ من الذين آمنوا.- تفسير الطبري ]

التفسير :

وهنا بيان القرآن بالقرآن هو الفصل وهو الحكم بأنيكون الله تعالى حاكماً على كتابه فوجدنا لفظ (إنما) للحصر هنا يحدد ويبين من هو ولي أمرالمسلمين بعد النبي صلى الله عليه وآله :

يقول تعالى :

{ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون – المائدة }

تفسير :

(إنما)

إنما للحصر وردت في قوله تعالى { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } ووهنا الآيةة أكدت أن ولي أمر المسلمين رجلاً من أهل بيت النبي وهو ضمن أهل الكساء وهو الإمام علي كما في حديث غدير خم المعروف وهو الإمام علي عليه السلام لما نزلفيه من قوله تعالى {ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد – الرعد 7}

[ أخرج الطبري بإسناد حسن من طريق سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت هذه الآية : وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على صدره ، وقال : أنا المنذر وأومأ إلى علي ، وقال : أنت الهادي بك يهتدي المهتدون بعدي ، فإن ثبت هذا فالمراد بالقوم أخص من الذي قبله أي بني هاشم.- ابن حجر العسقلاني – فتح الباري شرح صحيح البخاري -كتاب تفسير القرآن – سورة إبراهيم : 24 – باب قوله :{ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ } ج8 ص 284 ] .

[ عن ‏ ‏عبد خير ‏ ‏، عن ‏ ‏علي ‏ ‏في قوله :‏ ‏{ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ( الرعد : 7 ) } ‏قال رسول الله ‏ (صلى الله عليه وآله) :‏ ‏المنذر ‏ ‏والهاد رجل من ‏ ‏بني هاشم. – مسند الإمام أحمد بن حنبل – مسند العشرة المبشرين بالجنة – مسند الخلفاء الراشدين ومن مسند علي بن أبي طالب (ع) ج1 ص 126 ] .

[عن عباد بن عبد الله الأسدي ، عن علي : { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ – الرعد : 7 ) } قال علي : رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر ، وأنا الهادي ، هذا حديث صحيح الاسناد ، ولم يخرجاه. – المستدرك على الصحيحين – كتاب معرفة الصحابة (ر) – كان علي (ع) امام البررة ج3 ص 103 ] .

وبالتالي القرآن والسنة ينتصران لتفسير أن ولي أمر المسلمين بعد النبي هو الإمام علي عليه السلام وهو أشد الناس خشية في زمانه من بعد النبي لورود هذه اللفظ في قوله تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء } .

هذا وبالله التوفيق وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

خالد محيي الدين الحليبي