الخليج الجديد :
سلطت مؤسسة “جيمس تاون” الأمريكية للأبحاث الضوء على تواتر تقارير صحفية بشأن استعداد إيران لبناء مصنع مشترك لإنتاج الطائرات المسيرة في روسيا، مشيرة إلى أن هكذا مصنع يمكن أن يمثل تهديدا استراتيجيا لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وذكرت المؤسسة، في تقدير ترجمه “الخليج الجديد”، أن المخابرات الغربية تعتقد أن المصنع المعني هو جزء من صفقة دفاعية بقيمة مليار دولار تم توقيعها مؤخرًا بين موسكو وطهران، مشيرة إلى أن مثل هذا المصنع سيعزز العلاقات الدفاعية الروسية الإيرانية بشكل أكبر، ما قد يؤدي إلى شراكة عسكرية كاملة.
وأضافت أن القوات المسلحة الروسية لجأت، منذ خريف العام الماضي، إلى طائرات كاميكازي الإيرانية لتدمير البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا، لكن التقارير أفادت، في الآونة الأخيرة، بأن المخزونات الروسية من الطائرات المسيرة الإيرانية توشك على النفاد.
ومع ذلك، يبدو أن الكتلة المعادية للغرب تدرس المزيد من البدائل طويلة المدى لإبقاء مأزق الحرب المستمرة، ويمثل المصنع المشترك للطائرات المسيرة أحد أكثر الخيارات الممكنة في هذا الصدد.
فمثل هذا السيناريو سيمنح روسيا وصولاً أسهل إلى تدفق مستمر لطائرات كاميكازي الإيرانية، ما سيزيد الضغط على جنود الجيش الأوكراني وأنظمة دفاعه الجوي.
كما أن افتتاح مصنع إيراني للطائرات المسيرة بجوار دول على وشك الانضمام للناتو سيكون له تداعيات استراتيجية هائلة، مثل جلب المجمعات العسكرية لخصم استراتيجي رئيسي إلى أعتاب الحلف.
وإلى جانب تعزيز التعاون العسكري المتنامي بين طهران وموسكو، فإن مثل هذا التطور سيشكل أيضًا خطرًا كبيرًا على الأمن المستقبلي للجناح الشرقي للناتو مع تداعيات طويلة المدى، بحسب تقدير “جيمس تاون”.
وإذا تم تنفيذ الخطة بالفعل، فإن مصنع الطائرات المسيرة بروسيا سيصبح أحدث إضافة إلى شبكة الإنتاج العالمية المترامية الأطراف لطهران، والتي تشمل منشآت في طاجيكستان وسوريا وفنزويلا، من بين آخرين. وتشير معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر إلى أن المصنع سيقع على الأرجح في بلدة يلابوغا، شرق موسكو، وسيمثل قوة مضاعفة حقيقية في استمرار حرب روسيا ضد أوكرانيا خلال الأشهر المقبلة، بقدرة إنتاجية مخططة تبلغ حوالي 6 آلاف طائرة إيرانية مسيرة سنويًا.
هجوم الربيع
كما سيوفر المصنع دفعة إضافية للهجوم الروسي المحتمل في الربيع، وسيضمن استدامة الإمدادات العسكرية الروسية أكثر من عمليات النقل المتكررة للطائرات المسيرة في منطقة ساخنة شديدة الخطورة وصعبة من الناحية اللوجستية.
ويمكن لهكذا مصنع أيضا أن يوفر لروسيا مزايا إستراتيجية رئيسية، مثل سهولة الوصول إلى قطع الغيار ودعم الصيانة.
ومن اللافت للنظر أن الموقع المقترح للمصنع (ييلابوغا) يقع بالقرب من نهر كاما، ما يماثل اتجاها تتبناه المجمعات العسكرية الإيرانية، حيث تقع بعض مصانع إنتاج الصواريخ الأكثر أهمية في طهران (بما في ذلك تلك الموجودة في بارشين وبانياس) بالقرب من مصدر للمياه.
ولذلك، ربما يكون يصبح مصنع الطائرات المسيرة، المخطط له، بقعة جديدة محتملة لإنتاج الصواريخ الإيرانية، وإن كان الجزم بذلك لايزال مبكرا، بحسب التقدير الأمريكي.
وتشير “جيمس تاون”، في هذا الصدد، إلى تأثير استراتيجي آخر لمصنع الإنتاج المشترك للطائرات المسيرة في روسيا، يتعلق بطراز تلك الطائرات.
فقد ينتج المصنع في البداية طائرتَي شاهد -136 وشاهد -131 كاميكازي سيئة السمعة، المستخدمة بالفعل في أوكرانيا، وهذا لا يمثل قلقا.
أما القلق الحقيقي فيتمثل في أن يتضمن خط الإنتاج نسخًا متجددة ومعدلة من الكاميكازي، بحيث تكون بسرعة أعلى ومدى أطول.
تعديل الصواريخ
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الإيرانيين شرعوا بالفعل في هذه الرحلة، من خلال تعديل صواريخ شاهد 131 التقليدية لتشمل رؤوسًا حربية أكثر تدميرا، حسبما أورد تقدير “جيمس تاون”.
وإذا تم إنجاز هذه الخطط، يمكن أن تحول الطائرات الإيرانية المسيرة إلى تهديد أوسع على الجناح الشرقي للناتو، الذي لم يعد مقتصرا على أوكرانيا فقط.
كما سيمنح المصنع المشترك طهران شبكة موسعة من الموردين، إذ لا يزال لدى روسيا العديد من قنوات التوريد مفتوحة رغم العقوبات الغربية.
فمنذ بداية الحرب في أوكرانيا، سهلت بعض شركات الظل في جنوب القوقاز والصين الالتفاف على العقوبات المفروضة على الكرملين.
ووفقًا للمخابرات الأمريكية، فقد زودت هذه القنوات القاعدة الصناعية لتكنولوجيا الدفاع الروسية بأشباه الموصلات والمكونات الفرعية للأنظمة الحيوية.
ولذا، يؤكد تقدير “جيمس تاون” أنه يجب على الغرب أن يضع في اعتباره أن وجود اتفاقية إنتاج دفاعي مع إيران، يعني أن تصبح الدول الأطراف فيها متواطئة بشكل غير مباشر في برنامج تطوير الطائرات الإيرانية المسيرة.
ومع الوجود المتزايد على أعتاب الناتو، فإن هذا يعني أن طهران ستتمتع بسهولة الوصول والتعرض لبعض أنظمة الغرب الدفاعية الأكثر تطورًا، التي تم إسقاطها في أوكرانيا.
ويشير التقدير الأمريكي إلى أن هذا تهديدًا يمكن أن يكون مقلقًا عاجلاً أم آجلاً، ومن شأنه أن يتحدى التفوق التكنولوجي والمعرفة الفنية العسكرية وحقوق الملكية الفكرية للناتو بشكل مباشر.