"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

مصر : على خطى الوراق.. أهالي عزبة أبورجب المصرية بالقليوبية يواجهون خطر نزع ملكية منازلهم

الخليج الجديد :

على خطى الوراق.. أهالي عزبة أبورجب المصرية يواجهون خطر نزع ملكية منازلهم

على ذات الخطى الذي تشهده جزيرة الوراق بالعاصمة المصرية القاهرة، إحدى أكبر الجزر النيلية على نهر النيل، يواجه أهالي عزبة أبورجب بمحافظة القليوبية (شمالي القاهرة) خطر إلغاء ملكية أراضيهم وإجلائهم عن منازلهم لإقامة مجمع سكني جديد، وهو ما قوبل برفض شعبي وحملات على مواقع التواصل تطالب بإعادة النظر في القرار.

وتسعى الحكومة إلى تنفيذ مشروع “سكن لكل المصريين” التابع لجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة على أراضي العزبة، وتقول إنه يهدف لإيقاف النمو العشوائي للمباني.

وتزامن قرار الإخلاء مع شق طريق “شبرا-بنها الحر” الذي ساعد على زيادة القيمة العقارية لأراضي العزبة، حيث تقع العزبة بين محور العصار والطريق الدائري.

ولتنفيذ المشروع السكني، تنوي السلطات إلغاء ملكية الجزيرة كلها بما فيها 500 فدان مملوكة لمركز البحوث الزراعية، وقد عرضت تعويضات زهيدة على الأهالي، بقيمة لا تتجاوز 2000 جنيه للمتر الواحد (65 دولارا)، وهو ما رفضه الأهالي مطالبين بوحدات سكنية في المشروع الجديد.

المشروع السكني المقرر إنشاؤه يقع على مساحة 201 فدان، بما يعادل 845 ألف متر مربع، بإجمالي 16 ألفاً و536 وحدة سكنية في 289 عقاراً، مقسمة كالآتي: 104 عقارات استثمارية، و84 عقاراً لمتوسطي الدخل، و101 عقار للإسكان الاجتماعي.

 

 

وبحسب أحد سكان العزبة من الناشطين في القضية، تنوي الحكومة نقل ملكية العزبة بالكامل، بما فيها 500 فدان مملوكة لمركز البحوث الزراعية، لصالح جهاز مشروعات القوات المسلحة، لتنفيذ مشروع “سكن لكل المصريين”، و”هو ما يعني أن الحكومة تسعى لتبوير الأراضي الزراعية من أجل مشروع سكني”، على حد قوله.

ويضيف الساكن الذي رفض ذكر اسمه: “قبل شهر فوجئنا بإعلانات رسمية من مركز البحوث الزراعية تنذرنا بضرورة إخلاء منازلنا قبل نهاية فبراير/شباط وإلا تدخلت مديرية الأمن ونفذت القرار بالقوة، مقابل تعويض، دون ذكر قيمة التعويض”.

ويتابع: “لكن موظفين قالوا إن تعويض البيوت ذات الأعمدة الخرسانية يبلغ ألفي جنيه (65 دولارا) للمتر، والبيت دون الأعمدة الخرسانية 1500 جنيه للمتر (48.8 دولار)، والبيوت ذات الأسقف الخشبية سيحصل أصحابها على تعويض يقدر بألف جنيه (32.5 دولار) للمتر”.

ويزيد الساكن: “نتيجة تدخل أعضاء في مجلس النواب والضجة التي ثارت على مواقع التواصل الاجتماعي، طلب مدير أمن القليوبية لقاء ممثلين لنا، وهو ما حدث قبل أسبوعين وعرض علينا تعويضًا قدره 110 آلاف جنيه (3580 دولارا) للوحدة السكنية الواحدة”.

ويستطرد: “وعدنا مدير الأمن بتدخله لرفع التعويض بعض الشيء أو القبول بوحدات سكنية في مدينة العبور أو الخانكة، وهي شقق بعيدة للغاية عن منطقتنا، في حين طلبنا الحصول على وحدات سكنية في المشروع الجديد الذي تنفذه القوات المسلحة، وهو أمر لم يُبت فيه حتى الآن”.

 

 

ووفقًا لنفس الساكن، بدأت محطة البحوث الزراعية، التي تمثل إدارة مركز البحوث الزراعية في المنطقة، منذ 2014 في تحرير محاضر ضد كل من يحاول بناء دور إضافي على منزله بدعوى “التعدي على سكن إداري تابع للدولة”، لأنها اعتبرت، من جانب واحد، كل المنازل التي بُنيت منذ تأسيس العزبة في القرن التاسع عشر، سكنًا إداريًا لموظفين لديها.

واستندت المحطة لذلك باعتبار أن معظم الأهالي يعملون كفلاحين وعمال لدى مركز البحوث، مضيفًا: “تزامن ذلك مع شق طريق شبرا بنها القريب من العزبة، وبالتالي ارتفعت القيمة العقارية للعزبة، ولاحقًا ارتفعت قيمتها العقارية أكثر فأكثر مع شق محور العصار الذي يمر بجانب العزبة أيضًا، في 2019، وبذلك أصبحت العزبة تقع بين محور العصار وطريق شبرا بنها بالإضافة إلى الطريق الدائري”.

ونتيجة ارتفاع القيمة العقارية للمنطقة والحديث للساكن، “ترفض الحكومة حتى الآن تعويضنا بوحدات سكنية في المشروع الجديد، وترغب في المقابل منحنا تعويض لا يسمح بشراء غرفة واحدة حتى أو بوحدات سكنية منخفضة القيمة للغاية”.

وأمام غضبة الأهالي، قررت الحكومة تأجيل تنفيذ الإخلاء إلى ما بعد عيد الفطر المقبل، بهدف إعطاء مهلة لإخلاء المنازل بطريقة ودية، لكن الأهالي تلقوا تهديدًا من قوات الأمن بتنفيذ القرار بالقوة إذا امتنعوا عن تسليم منازلهم للجيش.

نقطة أخرى أثارها مدير مركز الأرض لحقوق الإنسان كرم صابر، حين تعجب من  التوجه الحكومي بإقامة مشروع سكني على أرضٍ زراعية في “أبو رجب”.

((3))

وقال إنه يشبه نفس توجه الحكومة فيما يتعلق بجزيرة الوراق التي يتضمن مشروع الحكومة السكني فيها تبوير أراضٍ زراعية.

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد حذر في تصريحات متكررة من خطورة البناء على الأراضي الزراعية، موجهًا حديثه لأهالي الصعيد والدلتا، قائلًا: “المياه بجواركم ولا يتكلف الحصول عليها مبالغ مالية كبيرة، بينما على النقيض من ذلك فإن تكلفة نقل المياه إلى مناطق الظهير الصحراوي تقدر بمليارات الجنيهات”.

كما سبق أن وصف السيسي التعدي على الأراضي الزراعية بـ”قضية دولة”.

 

 

وأثارت القضية غضبا واسعا بين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين السلطات بالتراجع عن هذه الخطوة، واتهموها بالسطو على ملكيات المواطنين.

 

 

وتعيد هذه الأحداث إلى الأذهان قضية جزيرة الوراق التي تحتل موقعًا متميزًا في نهر النيل، ويسكنها نحو 100 ألف شخص يُتّهَمون بالاستيلاء على أراضي الدولة، وهو ما يردّ عليه السكان بأنهم طالبوا مرارًا بتقنين أوضاعهم، من دون جدوى، كما يتهمون السلطات بالسعي لانتزاع أراضي الجزيرة وتحويلها إلى منطقة استثمارية.

وفي أبريل/نيسان 2018، قرر مجلس الوزراء المصري نقل تبعية الجزيرة إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة (الحكومية) تمهيدًا للبدء في تنفيذ مخطط لتنميتها وتطويرها بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

ووفق تقرير رسمي لمجلس الوزراء المصري، فإن الجزيرة التي تبلغ مساحتها ألف فدان وكانت أرضًا زراعية “جرى التعدي عليها منذ أكثر من 15 سنة، وتحويلها إلى منطقة سكنية عشوائية”.

ويرفض معظم الأهالي ترك منازلهم، ويخشون من أن يكون الهدف من الإخلاء إقامة مشروع استثماري كبير، يتضمن أبراجًا وفنادق سياحية على حساب أراضيهم الزراعية.

وكان السيسي أصدر تشريعاً يمنحه الحق في نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، أو من يفوضه، بحجة تسريع وتيرة إجراءات نزع الملكية من المواطنين بشكل جبري، للانتهاء من مشروعات الدولة الجاري تنفيذها، مع منح المحافظ المختص سلطة إصدار قرارات الاستيلاء المؤقت على بعض العقارات المملوكة للمواطنين في حالات الضرورة.

وأزالت السلطات في الفترة الأخيرة مئات العقارات المأهولة بالسكان لتوسعة الطريق الدائري، الذي يربط بين محافظات القاهرة الكبرى، مقابل منح الأهالي تعويضات لا تتجاوز نسبة 30% من سعر الوحدة السوقي في أفضل الأحوال، الأمر الذي تكرر في كثير من المناطق المكتظة بالسكان في محافظات أهمها القاهرة والجيزة والإسكندرية، وفق مراقبين.

 

 

 

المصدر | الخليج الجديد