عن اغتيال رئيس وزراء السويد الداعم للقضية الفلسطينية عام 1986 م ..حينما فقدت السويد عذريتها من قاتل لا يقوى على ذبابة!

AFP :

RT :

في شارع مزدحم، في وقت متأخر من مساء 28 فبراير 1986، وعقب خروجه وزوجته من السينما، اغتيل رئيس وزراء السويد أولف بالمه، إلا أن الجريمة لم يتم الكشف عن ملابساتها إلا بعد 34 عاما!

كان أولف بالمه شخصية يسارية تميزت بمواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، وكان يعرف بمواقفه الجريئة وصراحته الشديدة حيال قضايا السلام والتفاهم الدولي والأمن المشترك.

مساء يوم 28 فبراير 1986، فيما كان أولف بالمه وزوجته “ليزبت” يسيران من دون حراسة في طريق عودتهما من السينما إلى منزلهما، وصلا إلى تقاطع مزدحم في شارع رئيس في المدينة، وسار في اتجاههما رجل طويل القامة في ما يقرب من 20 شخصا من المارة. أخرج الرجل المجهول مسدسا من طراز “ماغنوم” وأطلق النار مرتين من مسافة قريبة. أصابت إحدى الرصاصتين رئيس الوزراء السويد في ظهره وقتلته على الفور، فيما أصابت الثانية عقيلته بجروف طفيفة.

عقيلة رئيس الوزراء السويدي لمحت القاتل ووصفته بأنه رجل في منتصف العمر، يعتمر قبعة سوداء محبوكة على رأسه معطف داكن بياقة مرفوعة.

في ذلك الوقت صدمت السويد والعالم بالجريمة، خاصة أن أولف بالمه كان حينها شخصية دولية نشطة ومعروفة بمواقفها الجريئة والاستثنائية في العالم الغربي، ومن وقع الصدمة والذهول كتبت صحف محلية صبيحة اليوم التالي تتساءل عما إذا كانت السويد “فقدت عذريتها”، فحتى ذلك الوقت لم يكن أحد يتخيل أن يقتل رئيس وزراء في السويد الهادئة والآمنة في شارع عام وعلى مرأى من شهود.

الغريب في الأمر أن القاتل ظل مجهولا لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن، على الرغم من أنه كان يظهر في وسائل الإعلام وكان يتحدث بحرارة ويوجه انتقادات هنا وهناك، ولم يتم الانتباه إلى غرابة أطواره إلا في وقت متأخر جدا!

 

الرواية الأساسية:

وُصف عمل أجهزة الأمن السويدية في ذلك الحين بأنه لم يكن مهنيا، إذ لم يسارع أفرادها إلى تطويق مسرح الجريمة، وبقي مفتوحا أمام العابرين، ولم تعثر الشرطة على الرصاصتين اللتين أطلقتا على بالمه وزوجته، بل عثر عليهما شخص عابر خلف سلة مهملات بعد يومين من الجريمة.

الأدهى أنه قبل إجراء الفحص الباليستي، جرى غسل الرصاصتين وتجفيفهما، وبالتالي تم إتلاف جميع الآثار الكيميائية.

ظهور هذه المعلومات في وقت لاحق أعطى سببا للعديد من السويديين للاعتقاد بتورط ضباط شرطة رفيعي المستوى في الجريمة، والتستر على القاتل.

أجرت الشرطة في تحقيقاتها مقابلات مع نحو ألف شخص علاوة على الأشخاص العشرين الذين كانوا في المكان لحظة إطلاق النار، وأنشأت مجموعة تحقيق خاصة لكشف ملابسات هذه الجريمة الكبرى سميت لجنة بالمه، وضمت ضابط أمن من رتب رفيعة، كما أعلن عن مكافأة بقيمة 50 مليون كرونة، إلا أن كل ذلك لم يجد نفعا.

سرعان ما توجهت أصابع الاتهام إلى “كريستر بيترسون”، وأصبح هذا الرجل، وهو مجرم صغير ومدمن كحول ومخدرات، مشتبها به رئيسيا في القضية.

في عام 1989، قضت محكمة عليه بالسجن مدى الحياة، فيما حاول المحققون الادعاء بأنه هو من قتل أولوف بالمه بسبب اندفاع مفاجئ لا يمكن تفسيره!

سرعان ما أعادت محكمة الاستئناف السويدية النظر في الحكم وأطلق سراح بيترسون، وذلك لعدم التمكن من تحديد الدافع وراء الجريمة وكذلك لعدم العثور على سلاح الجريمة، وسرعان ما فارق الرجل الحياة!

حينما فقدت السويد عذريتها من قاتل لا يقوى على ذبابة!القاتل ستيغ أنغستروم يقف أمام مكاتب شركة التأمين – 1986

ظهرت على مدى ثلاثة عقود روايات مختلفة عن مقتل رئيس الوزراء السويدي الشهير، اتهمت فيها المافيا الدولية والدوائر العسكرية على خلفية صفقة أسلحة مشبوهة مع الهند، وقوميين متطرفين، بل واتهمت الاستخبارات الأمريكية بأنها كانت وراء عملية الاغتيال بسبب انتقادات أولف بالمه للسلطات الأمريكية بسبب الحرب في فيتنام وعلاقاته الحميمة مع الاتحاد السوفيتي.

السلطات السويدية أعلنت في عام 2020 أنها أماطت اللثام عن جميع ملابسات الجريمة، وأن قضية اغتيال أولف بالمه أغلقت، وتم التعرف على القاتل.

أفيد بانه يدعى “ستيغ أنغستروم” وأنه كان موظفا سابقا في شركة التأمين “سكانديا”، ولهذا أطلق عليه اسم “رجل سكانديا”!

الأهم أن هذا الرجل كان في الواجهة منذ اللحظات الأولى للجريمة، وهو لم يكن في ذلك الوقت في عداد الأحياء، فقد مات منتحرا في عام 2000.

القاتل الغامض “رجل سكانديا”، كان يبلغ من العمر 52 عاما، وكان من أوائل من وصلوا إلى مسرح الجريمة وحاول تقديم الإسعافات الأولية للجرحى!شهادته كانت مختلفة عن الآخرين، وفي بعض الأحيان كان يبدو أنه يعرف الكثير عن الفاعل، وعلى الرغم من كل ذلك لم يشك به أحد.

المحققون اكتشفوا سر القاتل متأخرا جدا! أبعد نفسه عن الشبهات بالهجوم، وأظهر نشاطا وحماسة كبيرين للتعاون مع المحققين، وتحدث بشكل مستمر مع الصحافة، ووجه من خلالها انتقادات للشرطة.

كان الرجل عضوا في ناد للرماية، وكان لديه صديق يمتلك مجموعة من مسدسات “ماغنوم”، من العيار الكبير وكان يكره أولف بالمه، إلا أن الشرطة لم تلتفت له، وكان أمامها!

بعد الإعلان بأنه القاتل، وصفته زوجته السابقة بأنه “كان جبانا جدا، ولا يستطع قتل حتى ذبابة”، في حين أن صحفيا يدعى توماس بيترسون، لفت إليه الانتباه في عام 2018 قبل انتحاره بعامين، مشيرا إلى أن شهادته مشبوهة، مع ذلك بقي في الظل ولم تكتشف جريمته حين كان حيا!

المصدر: RT

About مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمستقبل العالم الإسلامي و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم على الكلمة وتفاصيل مواردها ومراد الله تعالى منها في كل موضع بكتاب الله في أول عمل فريد لن يتكرر مرة أخرى .

Check Also

“400 يوم من الإبادة الجماعية”.. المكتب الحكومي بغزة ينشر إحصائيات مرعبة

 RT : نشر ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة تحديثا لأهم إحصائيات حرب “الإبادة الجماعية” …