القوات الأجنبية في “المهرة” اليمنية.. حرب على الإرهاب أم طمع بالنفط والموقع؟

الخليح الجديد :

مع وجود عسكري سعودي دائم ونشاط أمريكي وبريطاني يتكشف من حين إلى آخر، تتصاعد تساؤلات بشأن إذا كان هذا الاهتمام بمحافظة المهرة اليمنية الساحلية يستهدف مكافحة إيران والإرهاب وتأمين الملاحة أم يخفي أطماعا في الثروات الطبيعية والموقع الاستراتيجي لـ”البوابة الشرقية” للبلد العربي المنكوب بحرب متواصلة منذ أكثر من 8 أعوام.

مع الأهمية، يثير النشاط الأجنبي في المهرة سلسلة من الشكوك بشأن نوايا القوى الفاعلية، وأحدث حلقة في هذه السلسة أثارتها زيارة ضباط أمريكيين وبريطانيين للمحافظة الإثنين 6 فبراير/ شباط الجاري، وفق موقع “شباب يمن” الإخباري بينما لم تصدر إفادة رسمية بشأن هذه الزيارة.

ونقلا عن “مصدر خاص” لم يسمه، ذكر الموقع اليمني أن “وفدا عسكريا يضم ضباط أمريكيين وبريطانيين زار صباح اليوم (الإثنين) منفذ “شحن” بمحافظة المهرة (المجاورة لسلطنة عمان) بعد أن وصل أمس الأحد على متن طائرة عسكرية إلى مطار الغيضة”.

وأوضح أن الضباط هم من ضمن قوات الأسطول الأمريكي الخامس والقوات الدولية المشتركة العاملة في خليج عمان، والتقوا مع قيادة قوات التحالف العربي في المهرة.

 

 

تهريب الأسلحة

متجاوزا المعلومة الخبرية إلى التحليل، اعتبر الموقع أن هذه الزيارة على ما يبدو ضمن التنسيق بين البحريتين الأمريكية والبريطانية مع الأجهزة الأمنية اليمنية وقوات التحالف العربي لمحاربة التهريب في المهرة.

ولدعم تحليله أشار إلى أن الأجهزة الأمنية في المهرة ضبطت مؤخرا أسلحة ومعدات للطيران المسيّر في منفذ “شحن” أثناء محاولة تهريبها إلى جماعة الحوثي، كما أعلنت البحرية الأمريكية ضبط شحنات أسلحة ومواد متفجرة على متن سفن صيد في عمليات منفصلة ببحر العرب وخليج عمان، يُعتقد أنها كانت قادمة من إيران في طريقها إلى الحوثيين.

ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، تتواجد قوات سعودية في المهرة، وتقود المملكة الجارة الشمالية لليمن منذ مارس/ آذار 2015 تحالفا عسكريا عربيا يدعم القوات الموالية للحكومة الشرعية اليمنية في حربها ضد قوات الحوثيين، المدعومة من إيران والمسيطرة على محافظات  بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

 

 

 تأمين الملاحة

نادرا ما يكون النشاط الأمريكي البريطاني في المهرة معلنا، وفي 8 أغسطس/ آب 2021 كشفت صحيفة “ديلي إكسبريس” البريطانية عن أن 40 فردا من القوات الخاصة البريطانية هبطوا في اليوم السابق داخل مطار مدينة الغيضة مركز المهرة.

وكانت مهمة تلك الوحدات، وفق الصحيفة، هي ملاحقة من يُعتقد أنهم نفذوا هجوما بطائرة مسيّرة على الناقلة “ميرسر ستريت” في بحر العرب يوم 29 يوليو/ تموز 2021، ما أدى إلى مقتل رجل أمن بريطاني وموظف روماني.

وكالعادة بين الحليفين الوثيقين، عملت الوحدات البريطانية في المهرة بالتعاون مع قوة من العمليات الخاصة الأمريكية “موجودة بالفعل في المنطقة”، وفق الصحيفة.

واتهمت بريطانيا وإسرائيل والولايات المتحدة ودول غربية عديدة والاتحاد الأوروبي إيران بالوقوف خلف الهجوم على الناقلة، لكن طهران نفت أي صلة لها.

وهذا الاتهام جزء من صورة واسع، حيث تقول عواصم إقليمية وغربية إن طهران تمتلك أجندة توسعية في المنطقة وتتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينها اليمن، وتهدد سلامة النقل البحري لاسيما امدادات الطاقة الحيوية، بينما ترد إيران بأنها تلتتزم بمباديء حُسن الجوار وأن الوجود العسكري الأجنبي في المنطقة هو الذي يهدد الملاحة.

 

 

 تنظيم الدولة والقاعدة

وبجانب مكافحة تهريب الأسلحة وتأمين الملاحة، ظهرت في أحد  أحياء الغيضة في 3 يونيو/ حزيران 2019، قوات سعودية مسنودة بأخرى أمريكية خلال عملية أُعلن أنها للقبض على أمير تنيظم الدولة الإسلامية الإرهابي.

لكن وسائل إعلام يمنية، منها موقع “المهرة بوست”، ذكرت لاحقا أن تفاصيل هوية المقبوض عليه ومكان تواجده أثببت عدم صحة نبأ القبض على أمير “تنظيم الدولة”. واتهمت شخصيات إعلامية ونشطاء في المحافظة القوات الأجنبية بمحاولة إيجاد مبررات للتدخل في المهرة.

ولمدة ساعات في 21  نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، قام وفد بريطاني برئاسة ضباط من الاستخبارات، وبرفقتهم المتحدث باسم التحالف العربي العميد تركي المالكي، بجولة استطلاعية في الغيضة، بحسب ما أُعلن رسميا حينها.

لكن مصدرا أمنيا اعتبر، في تصريح لـ”المهرة بوست” آنذاك، أن الهدف الأساسي للزيارة البريطانية هو “إلصاق  تهمة الإرهاب بمحافظة المهرة واستخدامها ذريعة لتوسيع التواجد العسكري”.

وأضاف المصدر، الذي لم يسمه الموقع، أن “ذريعة الإرهاب اتضحت أكثر من خلال  ادعاء البريطانيين أن الغيضة غير مستقرة، وإصرارهم على تواجد عناصر من تنظيم القاعدة  في المهرة.

 

 

 موقع استراتيجي

بالنسبة لأبناء المهرة الرافضين للتواجد والنشاط الأجنبي في محافظتهم فإن أكثر ما يثير استغرابهم وشكوكهم هو الهدوء الذي تتمتع به المحافظة مقارنة بالعديد من المحافظات الأخرى.

ومع اعترافهم بأهمية المحافظة الساحلية، إلا أن الرافضين للوجود الأجنبي يرون أن عمليات تأمين الملاحة ومكافحة الإرهاب لا تستدعي كل هذا النشاط العسكري.

وثمة اتهامات للسعودية بالسعي إلى السيطرة على المهرة لإيجاد منفذ للمملكة على سواحل بحر العرب، وهو ما تنفيه الرياض وتشدد على احترامها لسيادة اليمن ووحدة أراضيه، مذكرةً بأن تواجدها كان بطلب من الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي لمواجهة “الانقلاب الحوثي” واستعادة السلطة الشرعية.

وتمتلك المهرة موقعا جغرافيا استراتيجيا، فهي تطل على بحر العرب بشريط ساحلي هو الأطول في اليمن بطول 560 كم وتحاذي سلطنة عمان من الشرق والسعودية من الشمال.

 

 

 ثروات نفطية

كما تحتضن المهرة في باطنها ثروات هائلة نفطية وغازية ومعدنية، وهو ما يثير مزيد من الشكوك في النوايا الأجنبية، بحسب باحثين مختصين.

ووفق مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات فإنه كان ثمة حديث عن رغبة سعودية خلال تسعينيات القرن الماضي في مد أنبوب نفطي عبر المهرة إلى بحر العرب بطول 300 كم تقريبا.

وهذه المساعي السعودية بدأت مع سلطنة عمان أولا، لكن لم يصل الطرفان إلى اتفاق، لذا اتجهت إلى اليمن، وكان ذلك في عهد الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، لكن المفاوضات لم تفضِ إلى اتفاق، بحسب “ورقة سياسية” نشرها المركز في يونيو/ حزيران 2022.

 

 

 

المصدر | الخليج الجديد

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

“فايننشال تايمز” : الاتحاد الأوروبي سيمنح تونس 165 مليون يورو لكبح الهجرة غير الشرعية

RT : قالت صحيفة “فايننشال تايمز” يوم الأحد إن الاتحاد الأوروبي سيقدم لقوات الأمن التونسية …