عسكر السودان “إلى التطبيع دُر”.. ما الذي يدفعهم إلى ذلك؟

الخليج الجديد :

“رحلة سياسية تاريخية”.. هكذا وصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية زيارة مسؤولها الأول “إيلي كوهين” إلى السودان، في أبرز تبادل للزيارات بين البلدين، لبحث التوصل إلى اتفاق للتطبيع وتوقيعه، والتي قالت تقارير إنه بات قريبا جدا.

ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين بالحكومة السودانية الخميس، أن وفدا إسرائيليا برائاسة “كوهين” وصل إلى الخرطوم لبحث تطبيع العلاقات بين البلدين.

في وقت أفاد موقع “أكسيوس” الأمريكي بأن وزير الخارجية الإسرائيلي، التقى في الخرطوم رئيس مجلس السيادة السوداني “عبدالفتاح البرهان”.

وسبق أن زار “كوهين” السودان، عندما كان وزيرا للمخابرات عام 2021، في زيارة لم يسبق لها مثيل.

كما نقلت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن مسؤول إٍسرائيلي وصفته بالكبير أن “السودان يستعد للتوقيع على اتفاق تطبيع للعلاقات مع إسرائيل”، وأنّ الاتصالات الجارية بين تل أبيب والخرطوم بمساعدة أمريكية، حققت تقدما ملموسا بين الجانبين يبشر بقرب التوقيع على ما تعرف بـ”اتفاقات أبراهام”.

وذكرت أن ما وصفتها بالعلاقات الجيدة بين القيادة السياسية الأمنية الإسرائيلية مع السلطات العسكرية في السودان أحيت جهود التطبيع من جديد.

وفي السياق ذاته، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن طائرة إسرائيلية خاصة وصلت الخميس إلى الخرطوم، ونقلت عن مسؤول إسرائيلي (لم تسمه) أن السودان في طريقه للتوقيع رسميا على اتفاقيات “أبراهام” (للتطبيع).

 

 

وتتزامن زيارة “كوهين” إلى السودان مع زيارة يقوم بها حاليًا الرئيس التشادي “محمد إدريس ديبي” إلى إسرائيل، لافتتاح سفارة تشاد في تل أبيب.

وكان كل من رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني “عبدالفتاح البرهان” ونائبه “محمد حمدان دقلو” (حميدتي)، قد زارا تشاد خلال الأيام الماضية في يومين متتاليين.

ولم يصدر أي توضيح عن وزارة الخارجية السودانية، ولا عن الجيش الذي يدير ملف التطبيع منذ تدشينه في عام 2020 بعيداً عن المؤسسات الأخرى.

وحسب ما ذكرت قناة “i24 news”، فإن محادثات أجراها وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” مع النخبة السياسية في إسرائيل، أكدت أن السودان في طريقه للانضمام رسميا إلى “اتفاقيات أبراهام”، وفتح باب التطبيع الكامل بين الخرطوم وتل أبيب.

وأعلن “بلينكن” خلال زيارته لإسرائيل قبل أيام، أن واشنطن تعمل على توسيع دائرة التطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة.

وكان قائد الجيش الجنرال “عبدالفتاح البرهان” أول المبادرين بالتقارب مع إسرائيل، إذ التقى في فبراير/شباط 2020 رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في مدينة عنتبي الأوغندية، وسط اعتراض من حكومة رئيس الوزراء وقتها “عبدالله حمدوك” التي عدت الخطوة تدخلاً في صلاحياتها على صعيد العلاقات الخارجية، واعتراض موازٍ من الأحزاب المشكلة للحكومة، ولبعضها مواقف مبدئية ضد التطبيع مع إسرائيل.

 

 

وفي 14 ديسمبر/كانون الأول 2020، ألغت الولايات المتحدة رسمياً توصيف السودان باعتباره “دولة راعية للإرهاب”.

كذلك أجازت الحكومة السودانية في أبريل/ نيسان من ذات العام، قانوناً يلغي قانوناً قديماً أجيز في عام 1958 بمقاطعة إسرائيل ويحظر التواصل السياسي والتجاري وكل أشكال التواصل مع إسرائيل، ويفرض عقوبات تصل إلى السجن 10 سنوات والغرامة المالية والمصادرة لمن يخالف أحكام القانون.

وكان رئيس الوزراء السوداني السابق “عبدالله حمدوك” يستعد للسفر من أجل التوقيع على اتفاق التطبيع مع إسرائيل لكن اعتقاله إبا الانقلاب حال دون ذلك، حسب ما أفادت به وسائل إعلام عبرية نقلا عن مصدر سوداني.

لكن كل ذلك توقف بعد وقوع انقلاب عسكري، نفذه “البرهان” في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث توقفت التفاهمات السياسية بين الطرفين خصوصاً مع الضغط الدولي على العسكر في السودان لدفعهم للتخلي عن السلطة، فيما تواصلت الزيارات العسكرية والأمنية المتبادلة.

وتجددت المفاوضات بين الخرطوم وتل أبيب في الآونة الأخيرة، بوساطة من إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن”.

 

 

  • دوافع السودان

ويعد هذا الأسبوع حاسما في توجه السودان نحو الغرب، حيث أن القادة العسكريين والأطراف السياسية والمدنية الفاعلة في السودان سيضعون خارطة طريق لتنفيذ الاتفاق الإطاري الذي وقعوه الشهر الماضي، وتعهدوا بموجبه بتنظيم انتخابات بعد فترة انتقالية مدتها عامان.

وبالنظر إلى البداية “الهشة” للتوجه نحو حكم تعددي، والتي انطلقت عقب الإطاحة بنظام “عمر البشير” عام 2019، فإن الاتفاق الإطاري الذي وقعه القادة العسكريون و40 جماعة سياسية ومنظمات مجتمع مدني، وحظي باعتراف الولايات المتحدة وشركائها، يعد أفضل مسار نحو إرساء السلام في البلاد.

ورحبت كل من الولايات المتحدة والنرويج والسعودية والإمارات وبريطانيا -في بيان مشترك- بالاتفاق عقب توقيعه، باعتباره “خطوة أولى أساسية نحو إقامة حكومة بقيادة مدنية، وتحديد الترتيبات الدستورية”، ودعوا إلى “حوار مستمر وشامل حول جميع القضايا ذات الأهمية، والتعاون لبناء مستقبل السودان”.

وأمام ذلك، يقول الأكاديمي في المعهد العالي لعلوم الشرطة والأمن الداخلي التابع لجامعة لشبونة المستقلة “فيليبي باث دوارتي”، في مقال بمجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية،، إن إدراك الصعوبات الماثلة يستوجب استصحاب تقييم لما هو على المحك بالنسبة للولايات المتحدة في السودان.

هذا التقييم يحدد “دوارتي” نقاطه في التعاون “المفيد للطرفين” في مجال مكافحة الإرهاب، واعتراف السودان بإسرائيل بعد التوقيع على “اتفاقيات أبراهام” والجهود المبذولة لتعزيز العلاقات السودانية الإسرائيلية.

ويُنظر إلى جيش السودان على أنه من بادر بالتحرك لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهي الخطوة التي تريد أن تستفيد منها الولايات المتحدة قبل تسليم السلطة للمدنيين.

 

 

كما يرى مؤيدوا التطبيع مع إسرائيل أنه سيحقق مصالح للسودان، خاصة فيما يتعلق بالنهوض بالاقتصاد، حيث يرون أنه بمثابة بوابة ستفتح أمام الخرطوم، طريق التعاون مع المجتمع الدولي.

كذلك يذهب قطاع منه إلى أن الفائدة أمام السودان ستتعاظم عبر فتح الأبواب له للتعاون اقتصاديا مع مؤسسات العالم المالية.

بينما يتطلع أنصار التطبيع إلى إمكانية الاستعانة بالتقنية الاسرائيلية المتطورة، في مجال الزراعة بما يسهم في زيادة الانتاجية وتنوع المحاصيل، بالنظر إلى أن السودان يملك مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.

وعلى مستوى الشريك العسكري في الحكومة الانتقالية السودانية، يرى معظم الجنرالات، أنه لا نهاية لأزمات السودان إلا بالعودة للمجتمع الدولي، وأنه وأمام الضغط الأمريكي، فإن العودة للمجتمع الدولي لن تتم إلا عبر التطبيع مع إسرائيل.

 

 

  • رغبة إسرائيلية

أما من ناحية إسرائيل، فتقول رئيسة قسم الدراسات الأفريقية في جامعة تل أبيب “إيريت باك”، إن الوضع الجيوسياسي للخرطوم قد يكون مثيراً للاهتمام للغاية بالنسبة لتل أبيب، لجهة أنها ستكون الجسر بين شمال أفريقيا، وأفريقيا جنوب الصحراء.

وتضيف: “السودان أيضاً ينظر إلى علاقات إسرائيل مع إثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان، وإذا كان هو الدولة الرابعة في هذه المجموعة فستمثل كتلة جيوسياسية في منطقة القرن الأفريقي، يمكن أن تتداخل مصالح سياساتها الإقليمية والأمنية في منطقة البحر الأحمر، وقضية سد النهضة”.

إلا أن القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي في السودان “عادل خلف الله”، يرى أن زيارة “كوهين” وقرب توقيع الاتفاق يمثل تهديداً من نوع آخر لوحدة واستقرار السودان ولنضال السودانيين السلمي في ثورتهم نحو الحرية والسلام والعدالة.

ويضيف أنّ “العدو الصهيوني يحاول توفير دعم سياسي لقائد الانقلاب ولمن يسعون لشرعنة الانقلاب عبر الاتفاق الإطاري خصوصاً، وأنّ بعض الموقّعين سبق لهم أن وافقوا على إجازة قانون لإلغاء قانون 1958 لمقاطعة اسرائيل ضمن خطة الانضمام لاتفاقيات أبراهام”.

 

 

 

المصدر | الخليج الجديد

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

أوكرانيا بعد إرسال قوات محاربة مع إسرائيل في غزة ترسل مرة أخرى قوات للمشاركة في “حرب السودان”

sky  news : AFP : تقرير: أوكرانيا أرسلت قوات للمشاركة في “حرب السودان” أفادت صحيفة …