سورة القدر رقم 23 في ترتيب النزول (تفسير البينة) من

خالد محيي الدين الحليبي

سورة القدر بصيغة pdf

سورة القدر رقم 23 في ترتيب النزول

السورة بصيغة ملف وورد :

سورة القدر رقم 23 في ترتيب النزول

قيل عن إعجاز هذه السورة الكريمة

[عدد كلمات سورة القدر 30 كلمة بعدد أجزاء القرآن الكريم. وعدد أحرف السورة 114 بعدد سور القرآن الكريم.

  • وكلمة (هي) في الآية رقم 27 والمرجح أنها ليلة القدر .
  • وكلمة القدر تكررت في أرقام 5-10-12 وعند جمعهم 5+10+12= 27
  • وعدد حروف ليلة القدر 9 وتكرر ثلاث مرات وحاصل ضرب 3فى9هو27 ] .

 إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون

أسباب نزول السورة والأحاديث التي روويت فيها :

تفسير الدر المنثور :

[ أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت سورة { إنا أنزلناه في ليلة القدر } بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وعائشة مثله.

وأخرج ابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله: { إنا أنزلناه في ليلة القدر } قال: أنزل القرآن في ليلة القدر جملة واحدة من الذكر الذي عند رب العزة حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا ثم جعل جبريل ينزل على محمد بحراء بجواب كلام العباد وأعمالهم.

وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس { إنا أنزلناه في ليلة القدر } قال: أنزل الله القرآن جملة في ليلة القدر كله { ليلة القدر خير من ألف شهر } يقول: خير من عمل ألف شهر.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن مجاهد { إنا أنزلناه في ليلة القدر } قال: ليلة الحكم.
وأخرج عبد بن حميد عن أنس قال: العمل في ليلة القدر والصدقة والصلاة والزكاة أفضل من ألف شهر.
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن قيس الملائي في قوله: { ليلة القدر خير من ألف شهر } قال: عمل فيها خير من عمل في ألف شهر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر عن قتادة في قوله: { ليلة القدر خير من ألف شهر } قال: خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وفي قوله: { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر } قال: يقضي فيها ما يكون في السنة إلى مثلها { سلام هي } قال: إنما هي بركة كلها وخير { حتى مطلع الفجر } يقول: إلى مطلع الفجر.
وأخرج مالك في الموطأ والبيهقي في شعب الإِيمان عنه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمال الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر خيراً من ألف شهر.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدوّ بالنهار حتى يمسي، ففعل ذلك ألف شهر فأنزل الله { ليلة القدر خير من ألف شهر } قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل ألف شهر.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلاً من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر، فعجب المسلمون من ذلك، فأنزل الله { إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر } التي لبس فيها ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف شهر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن عروة قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله ثمانين عاماً لم يعصوه طرفه عين، فذكر أيوب وزكريا وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون، فعجب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك فأتاه جبريل، فقال: يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة، فقد أنزل الله خيراً من ذلك، فقرأ عليه { إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر } هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك، فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية على منبره، فساءه ذلك فأوحى الله إليه إنما هو ملك يصيبونه، ونزلت { إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر }.
وأخرج الخطيب عن ابن المسيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أرأيت بني أمية يصعدون منبري، فشق ذلك عليّ فأنزل الله { إنا أنزلناه في ليلة القدر }  “.
وأخرج الترمذي وضعفه وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن يوسف بن مازن الرؤاسي قال: قام رجل إلى الحسن بن علي بعدما بايع معاوية فقال: سوّدت وجوه المؤمنين، فقال: لا تؤنبني رحمك الله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى بني أمية يخطبون على منبره فساءه ذلك، فنزلت{ إنا أعطيناك الكوثر }  [الكوثر: 1] يا محمد يعني نهراً في الجنة ونزلت { إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر } يملكها بعدك بنو أمية، يا محمد: قال القاسم: فعددنا فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوماً ولا تنقص يوماً.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد في قوله: { إنا أنزلناه في ليلة القدر } قال: ليلة الحكم { وما أدراك ما ليلة القدر } قال: ليلة الحكم.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر ومحمد بن نصر وابن أبي حاتم عن مجاهد { ليلة القدر خير من ألف شهر } قال: خير من ألف شهر عملها أو صيامها وقيامها وليس في تلك الشهور ليلة القدر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: ما أعلم ليوم فضلاً على يوم ولا ليلة إلا ليلة القدر فإنها خير من ألف شهر.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله: { تنزل الملائكة والروح فيها } قال: الروح جبريل { من كل أمر سلام } قال: لا يحل لكوكب أن يرجم به فيها حتى يصبح.

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن مجاهد في قوله: { سلام هي } قال: سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً أو يعمل فيها أذى.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ { من كل أمر سلام }.

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن منصور بن زاذان قال: { تنزل الملائكة } من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر يمرون على كل مؤمن يقولون: السلام عليك يا مؤمن.

وأخرج ابن المنذر عن الحسن في قوله: { سلام } قال: إذا كان ليلة القدر لم تزل الملائكة تخفق بأجنحتها بالسلام من الله والرحمة من لدن صلاة المغرب إلى طلوع الفجر.

وأخرج محمد بن نصر وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: { سلام } قال: تلك الليلة تصعد مردة الجن والشياطين وعفاريت الجن، وتفتح فيها أبواب السماء كلها، ويقبل الله فيها التوبة لكل تائب، فلذا قال: { سلام هي حتى مطلع الفجر } قال: وذلك من غروب الشمس إلى أن يطلع الفجر.

وأخرج محمد بن نصر عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن ليلة القدر أهي شيء كان فذهب أم هي في كل عام؟ فقال: بل هي لأمة محمد ما بقي منهم اثنان.

وأخرج الديلمي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إن الله وهب لأمتي ليلة القدر ولم يعطها من كان قبلهم “.
وأخرج عبد بن حميد عن عبدالله بن مكانس مولى معاوية قال: قلت لأبي هريرة: زعموا أن ليلة القدر قد رفعت، قال: كذب من قال ذلك. قلت: هي في كل رمضان أستقبله؟ قال: نعم. قلت: زعموا أن الساعة التي في الجمعة لا يدعو فيها مسلم إلا استجيب له قد رفعت. قال: كذب من قال ذلك، قلت: هي في كل جمعة استقبلها؟ قال: نعم.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر أنه سئل عن ليلة القدر أفي كل رمضان؟ ولفظ ابن مردويه: أفي رمضان هي؟ قال: نعم، ألم تسمع إلى قول الله تعالى: { إنا أنزلناه في ليلة القدر } وقوله :{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن }  [البقرة: 185]

وأخرج أبو داود والطبراني عن ابن عمر قال: ” سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أسمع عن ليلة القدر فقال: هي في كل رمضان “.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان “.

وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر “.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير ومحمد بن نصر وابن مردويه ” اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر “.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الفلتان بن عاصم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إني رأيت ليلة القدر ثم نسيتها، فاطلبوها في العشر الأواخر وتراً “.

وأخرج ابن جرير من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس أنهم كانوا قعوداً في المجلس حين أقبل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعاً حتى فزعنا لسرعته، فلما انتهى إلينا ثم سلم قال: ” جئت إليكم مسرعاً لكيما أخبركم بليلة القدر فنسيتها فيما بيني وبينكم، ولكن التمسوها في العشر الأواخر “.

وأخرج أحمد وابن جرير ومحمد بن نصر والبيهقي وابن مردويه عن عبادة بن الصامت أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال: ”  في رمضان في العشر الأواخر فإنها في ليلة وتر في إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، أو خمس وعشرين، أو سبع وعشرين، أو تسع وعشرين، أو آخر ليلة من رمضان من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن أماراتها أنها ليلة بلجة صافية ساكنة ساجية لا حارة ولا باردة، كأن فيها قمراً ساطعاً، ولا يحل لنجم أن يرمى به تلك الليلة حتى الصباح، ومن أماراتها أن الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها، مستوية، كأنها القمر ليلة البدر، وحرم الله على الشيطان أن يخرج معها يومئذ  “.

وأخرج ابن جرير في تهذيبه وابن مردويه عن جابر بن عبدالله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ” إني كنت رأيت هذه الليلة وهي في العشر الأواخر في الوتر، وهي ليلة طلقة بلجة لا حارة ولا باردة، كان فيها قمراً لا يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها  “.

وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: ” سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر قال: قد كنت علمتها ثم اختلست مني، وإنها في رمضان، فاطلبوها في تسع يبقين أو سبع يبقين أو ثلاث يبقين، وآية ذلك أن الشمس تطلع ليس لها شعاع، ومن قام السنة سقط عليها “.


وأخرج ابن أبي شيبة وابن زنجوية وابن نصر عن أبي عقرب الأسدي قال: أتينا ابن مسعود في داره فسمعناه يقول: صدق الله ورسوله، فسألته، فأخبرنا أن ليلة القدر في السبع من النصف الأخير، وذلك أن الشمس تطلع يومئذ بيضاء لا شعاع لها، فنظرت إلى السماء فإذا هي كما حدثت فكبرت.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق الأسود عن عبدالله قال: تحروا ليلة القدر ليلة سبع تبقى تحروها لتسع تبقى تحروها لإِحدى عشرة تبقى صبيحة بدر فإن الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان إلا صبيحة ليلة القدر فإنها تطلع يومئذ بيضاء ليس لها شعاع.

وأخرج ابن زنجوية وابن مردويه بسند صحيح عن أبي هريرة قال  ” ذكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم بقي من الشهر؟ قلنا: مضت اثنتان وعشرون وبقي ثمان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مضت اثنتان وعشرون وبقيت سبع التمسوها الليلة الشهر تسع وعشرون “.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ” التمسوا ليلة القدر في أول ليلة من رمضان، وفي تسعة، وفي إحدى عشرة، وفي أحدى وعشرين، وفي آخر ليلة من رمضان “.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة ” عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر ” إنها آخر ليلة ” “.وأخرج محمد بن نصر عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان “.
وأخرج محمد بن نصر عن أبي ذر قال: ” قلت يا رسول الله: أخبرني عن ليلة القدر أي شيء تكون في زمان الأنبياء ينزل عليهم فيها الوحي فإذا قبضوا رفعت أم هي إلى يوم القيامة؟ قال: بل هي إلى يوم القيامة. قلت يا رسول الله: في أي رمضان هي؟ قال: التمسوها في العشر الأول وفي العشر الأواخر. قال: ثم حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدث فاهتبلت غفلته فقلت: يا رسول الله أقسمت عليك تخبرني أو لما أخبرتني في أي العشر هي فغضب عليّ غضباً ما غضب عليّ مثله لا قبله ولا بعده فقال: إن الله لو شاء لأطلعكم عليها التمسوها في السبع الأواخر لا تسألني عن شيء بعدها “.
وأخرج البخاري وابن مردويه والبيهقي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان “.

وأخرج مالك وابن أبي شيبة والطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة وابن جرير والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأوسط من شهر رمضان، فاعتكف عاماً حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من اعتكافه فقال: من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر وقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها، وقد رأيتني أسجد من صبيحتها في ماء وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر. قال أبو سعيد: فمطرت السماء من تلك الليلة، وكان المسجد على عريش، فوكف المسجد. قال أبو سعيد: فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين “.

وأخرج مالك وابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وابن زنجويه والطحاوي والبيهقي عن عبدالله بن أنيس أنه سئل عن ليلة القدر فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول  “:  التمسوها الليلة وتلك الليلة ليلة ثلاث وعشرين “.

وأخرج مالك والبيهقي عن أبي النضر مولى عمر بن عبدالله بن أنيس الجهني قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني رجل شاسع الدار فمرني بليلة أنزلها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  “: أنزل ليلة ثلاث وعشرين من رمضان “.

وأخرج البيهقي عن الزهري قال: قلت لضمرة بن عبد الله بن أنيس، ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيك ليلة القدر؟ قال: ” كان أبي صاحب بادية، قال: فقلت يا رسول الله مرني بليلة أنزل فيها؟ قال: ” انزل ليلة ثلاث وعشرين “. قال: فلما تولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اطلبوها في العشر الأواخر

 “.وأخرج مالك والبخاري ومسلم والبيهقي عن ابن عمر أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رأوا ليلة القدر في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إني أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر “.

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري والبيهقي عن عبادة بن الصامت قال: خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين قال: ” خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فلان وفلان فرفعت ، وعسى أن يكون خيراً لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة “.


وأخرج الطيالسي والبيهقي عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وهو يريد أن يخبر أصحابه بليلة القدر فتلاحى رجلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر فتلاحى رجلان فاختلجت مني فاطلبوها في العشر الأواخر في تاسعة تبقى أو سابعة تبقى أو خامسة تبقى “.
وأخرج البخاري وأبو داود وابن جرير والبيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى وفي سابعة تبقى وفي خامسة تبقى “.


وأخرج أحمد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” التمسوها في العشر الأواخر في تاسعة وسابعة وخامسة “.

وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الرحمن بن جوشن قال: ذكرت ليلة القدر عند أبي بكرة فقال: أما أنا فلست بملتمسها إلا في العشر الأواخر بعد حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

 

التمسوها في العشر الأواخر لتاسعة تبقى أو سابعة تبقى أو ثالثة تبقى أو آخر ليلة ” فكان أبو بكرة رضي الله عنه يصلي في عشرين من رمضان كما كان يصلي في سائر السنة فإذا دخل العشر اجتهد.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والبيهقي من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” التمسوها في العشر الأواخر من رمضان فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة ” قلت يا أبا سعيد إنكم أعلم بالعدد منا. قال: أجل، قلت: ما التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال: إذا مضت واحدة وعشرون فالتي تليها التاسعة، وإذا مضى الثلاث والعشرون، فالتي تليها السابعة، وإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة.

وأخرج الطيالسي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” ليلة القدر أربع وعشرون “.

وأخرج أحمد والطحاوي ومحمد بن نصر وابن جرير والطبراني وأبو داود وابن مردويه عن بلال رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ليلة القدر ليلة أربع وعشرين .

وأخرج ابن سعد ومحمد بن نصر وابن جرير عن عبد الرحمن بن عسلة الصنابحي رضي الله عنه قال: ما فاتني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بخمس ليال توفي وأنا بالجحفة، فقدمت على أصحابه متوافرين فسألت بلالاً رضي الله عنه عن ليلة القدر فقال: ليلة ثلاث وعشرين.

وأخرج محمد بن نصر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” التمسوا ليلة القدر في أربع وعشرين “.

وأخرج الطيالسي وابن زنجويه وابن حبان والبيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: ”  صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى إذا كانت ليلة أربع وعشرين السابع مما يبقى صلى بنا حتى كاد أن يذهب ثلث الليل، فلما كانت ليلة خمس وعشرين لم يصل بنا، فلما كانت ليلة ست وعشرين السابع مما بقي صلى بنا حتى كاد أن يتأطر الليل، فقلت يا رسول الله: لو نفلتنا بقية ليلتنا فقال: لا، إن الرجل إذا صلى مع الإِمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، فلما كانت ليلة سبع وعشرين لم يصل بنا، فلما كانت ليلة ثمان وعشرين جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمع له الناس فصلى بنا حتى كاد أن يفوتنا الفلاح، ثم لم يصل بنا شيئاً من الشهر ” ، والفلاح السحور.

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن زنجويه وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن حبان وابن مردويه والبيهقي عن زر بن حبيش قال:

 

سألت أبيّ بن كعب عن ليلة القدر قلت: إن أخاك عبدالله بن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر، فحلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين. قلت: بم تقول ذلك أبا المنذر؟ قال: بالآية والعلامة التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إنها تصبح من ذلك اليوم تطلع الشمس ليس لها شعاع “. ولفظ ابن حبان: ” بيضاء لا شعاع لها كأنها طست ” “.

وأخرج محمد بن نصر وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي من طريق عاصم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عمر رضي الله عنه يدعوني مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويقول: لا تتكلم حتى يتكلموا، فدعاهم فسألهم فقال: أرأيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر: ” التمسوها في العشر الأواخر وتراً أي ليلة ترونها؟ ” فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم: ليلة ثلاث، وقال بعضهم: ليلة خمس، وقال بعضهم: ليلة سبع. فقالوا: وأنا ساكت. فقال: ما لك لا تتكلم؟ فقلت: إنك أمرتني أن لا أتكلم حتى يتكلموا. فقال: ما أرسلت إليك إلا لتكلم فقال: إني سمعت الله يذكر السبع فذكر سبع سموات ومن الأرض مثلهن، وخلق الإِنسان من سبع، ونبت الأرض سبع. فقال عمر رضي الله عنه: هذا أخبرتني بما أعلم أرأيت ما لا أعلم؟ فذلك نبت الأرض سبع. قلت: قال الله عز وجل { شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأباً }  [عبس: 26] قال: فالحدائق غلباً الحيطان من النخل والشجر { وفاكهة وأبا } فالأب ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب والأنعام ولا تأكله الناس. فقال عمر رضي الله عنه لأصحابه: أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم يجتمع شؤون رأسه، والله إني لأرى القول كما قلت، وقد أمرتك أن لا تتكلم معهم.

وأخرج عبد الرزاق وابن راهويه ومحمد بن نصر والطبراني والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دعا عمر رضي الله عنه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم عن ليلة القدر فاجتمعوا أنها في العشر الأواخر، فقلت لعمر: إني لأعلم وإني لأظن أي ليلة هي، قال: وأي ليلة هي؟ قال: سابعة تبقى من العشر الأواخر قال عمر رضي الله عنه: ومن أين علمت ذلك قلت: خلق الله سبع سموات وسبع أرضين وسبع أيام وإن الدهر يدور في سبع وخلق الإِنسان من سبع، ويأكل من سبع، ويسجد على سبعة أعضاء، والطواف بالبيت سبع، والجمار سبع لأشياء ذكرها.

فقال عمر رضي الله عنه، لقد فطنت لأمر ما فطنا له، وكان قتادة يزيد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: ويأكل من سبع. قال: هو قول الله تعالى: { فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً } الآية.

وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدني ابن عباس رضي الله عنهما، وكان ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنهم وجدوا في أنفسهم فقال: لأريتكم اليوم منه شيئاً تعرفون فضله فسألهم عن هذه السورة{ إذا جاء نصر الله }  [النصر:1] فقالوا: أمر نبينا صلى الله عليه وسلم إذا رأى مسارعة الناس في الإِسلام ودخولهم فيه أن يحمد الله ويستغفره، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا ابن عباس ما لك لا تتكلم؟ فقال: أعلمه متى يموت. قال: { إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً } فهي آيتك من الموت فقال عمر رضي الله عنه: صدق والذي نفس عمر بيده ما أعلم منها إلا ما علمت. قال: وسألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها فقالوا: كنا نرى أنها في العشر الأوسط، ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر، فأكثروا فيها، فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم: ثلاث وعشرين، وقال بعضهم: سبع وعشرين. فقال له عمر رضي الله عنه ما لك يا ابن عباس لا تتكلم؟ قال: الله أعلم. قال: قد نعلم أن الله أعلم، ولكني إنما أسألك عن علمك، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن الله وتر يحب الوتر خلق سبع سموات، وجعل عدد الأيام سبعاً، وجعل الطواف بالبيت سبعاً، والسعي بين الصفا والمروة سبعاً، ورمي الجمار سبعاً، وخلق الإِنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع. قال: كيف خلق الإِنسان من سبع وجعل رزقه من سبع فقد فهمت من هذا شيئاً لم أفهمه؟ قال: قول الله { لقد خلقنا الإِنسان من سلالة من طين }  [المؤمنون: 12] إلى قوله { فتبارك الله أحسن الخالقين }  [المؤمنون: 14] ثم ذكر رزقه فقال{ أَنا صببنا الماء صباً }  [عبس: 26] إلى قوله{ وفاكهة وأباً }  [ عبس: 31] فالأبّ ما أنبتت الأرض للأنعام والسبعة رزق لبني آدم قال: لا أراها والله أعلم إلا لثلاث يمضين وسبع يبقين.

وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلس في رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين فذكروا ليلة القدر، فتكلم منهم من سمع فيها بشيء مما سمع، فتراجع القوم فيها الكلام، فقال عمر رضي الله عنه، ما لك يا ابن عباس صامت لا تتكلم؟ تكلم ولا يمنعك الحداثة.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: فقلت يا أمير المؤمنين: إن الله تعالى وتر يحب الوتر فجعل أيام الدنيا تدور على سبع، وخلق الإِنسان من سبع، وجعل فوقنا سموات سبعاً، وخلق تحتنا أرضين سبعاً، وأعطى من المثاني سبعاً، ونهى في كتابه عن نكاح الأقربين عن سبع، وقسم الميراث في كتابه على سبع، ونقع في السجود من أجسادنا على سبع، وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكعبة سبعاً وبين الصفا والمروة سبعاً، ورمى الجمار سبع لإِقامة ذكر الله في كتابه فأراها في السبع الأواخر من شهر رمضان، والله أعلم، قال: فتعب عمر رضي الله عنه وقال: وما وافقني فيها أحد إلا هذا الغلام الذي لم يسر شؤون رأسه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” التمسوها في العشر الأواخر ” ثم قال: ” يا هؤلاء من يؤدي في هذا كأداء ابن عباس “.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين “.
وأخرج ابن أبي شيبة عن زر رضي الله عنه أنه سئل عن ليلة القدر فقال: كان عمر وحذيفة وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشكون أنها ليلة سبع وعشرين.
وأخرج ابن نصر وابن جرير في تهذيبه عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” التمسوا ليلة القدر في آخر ليلة “.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتيت وأنا نائم في رمضان فقيل لي: إن الليلة ليلة القدر، فقمت وأنا ناعس، فتعلقت ببعض أطناب فسطاط رسول الله الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فنظرت في الليلة فإذا هي ليلة ثلاث وعشرين قال: فقال ابن عباس: إن الشيطان يطلع مع الشمس كل يوم إلا ليلة القدر، وذلك أنها تطلع يومئذ بيضاء لا شعاع لها.
وأخرج محمد بن نصر والحاكم وصححه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى ظننت أنا لا ندرك الفلاح، وأنتم تسمون السحور، وأنتم تقولون ليلة سابعة ثلاث عشر، ونحن نقول ليلة سابعة سبع وعشرين أفنحن أصوب أم أنتم؟
وأخرج محمد بن نصر عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  ” التمسوا ليلة القدر في العشر الباقيات من شهر رمضان في الخامسة والسابعة والتاسعة .

وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن عمر رضي الله عنه: سأل عمر رضي الله عنه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن ربي يحب السبع { ولقد آتيناك سبعاً من المثاني }  [الحجر: 87] قال البخاري في إسناده نظر.

وأخرج الطيالسي وأحمد وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر: ” إنها ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين، وإن الملائكة في تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى “.

وأخرج محمد بن نصر من طريق أبي ميمون عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إنها السابعة وتاسعة والملائكة معها أكثر من عدد نجوم السماء، وزعم أنها في قوله: أبي هريرة رضي الله عنه ليلة أربع وعشرين.

وأخرج محمد بن نصر وابن جرير والطبراني والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما ” أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله إني شيخ كبير يشق عليّ القيام فمرني بليلة لعل الله أن يوفقني فيها لليلة القدر، قال: ” عليك بالسابعة ” “.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن منيع والبخاري في تاريخه والطبراني وأبو الشيخ والبيهقي عن حوّة العبدي قال: سئل زيد بن أرقم رضي الله عنه عن ليلة القدر فقال: ليلة سبع عشرة ما تشك ولا تستثن، وقال: ليلة نزل القرآن ويوم الفرقان يوم التقى الجمعان.

وأخرج الحرث بن أبي أسامة عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: هي الليلة التي لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومها أهل بدر، يقول الله {  وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان }  [ الأنفال: 41] قال جعفر رضي الله عنه: بلغني أنها ليلة ست عشرة أو سبع عشرة.

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة ومحمد بن نصر والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: التمسوا ليلة القدر لسبع عشرة خلت من رمضان، فإنها صبيحة يوم بدر التي قال الله: { وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان } وفي إحدى وعشرين وفي ثلاث وعشرين فإنها لا تكون إلا في وتر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اطلبوها ليلة سبع عشرة من رمضان وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين ” ثم سكت.
وأخرج الطحاوي عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه أنه ” سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال: ” تحروها في النصف الأخير ” ثم عاد فسأله فقال: ” إلى ثلاث وعشرين

وأخرج أحمد ومحمد بن نصر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه   “.– الدر المثور للسيوطي ] .

 

تفسير البرهان :

[ عن أحمد بن الحسين، عن المختار بن زياد البصري، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام)، فذكر شيئا من أمر الإمام إذا ولد، فقال: ” استوجب زيادة الروح في ليلة القدر “. فقلت له: جعلت فداك، أليس الروح جبرئيل؟ فقال: ” جبرئيل من الملائكة، و الروح [خلق] أعظم من الملائكة، أليس الله عز و جل يقول: { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ } ؟ “.

–  .. عن سهل بن زياد، و محمد ابن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ” بينا أبي (عليه السلام) يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر، قد قيض له، فقطع عليه أسبوعه، حتى أدخله إلى دار جنب الصفا، فأرسل إلي، فكنا ثلاثة، فقال: مرحبا يا بن رسول الله، ثم وضع يده على رأسي، و قال: بارك الله فيك يا أمين الله بعد آبائه، يا أبا جعفر إن شئت فأخبرني، و إن شئت أخبرتك، و إن شئت سألتني، و إن شئت سألتك، و إن شئت فاصدقني، و أن شئت صدقتك، قال: كل ذلك أشاء.

قال: فإياك أن ينطق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره، قال: إنما يفعل ذلك من في قلبه علمان يخالف أحدهما صاحبه، و إن الله عز و جل أبي أن يكون له علم فيه اختلاف. قال: هذه مسألتي، و قد فسرت طرفا منها، أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف من يعلمه؟

قال: أما جملة العلم فعند الله جل ذكره، و أما ما لا بد للعباد منه فعند لأوصياء، قال: ففتح الرجل عجيرته، و استوى جالسا، و تهلل وجهه، و قال: هذه أردت، و لها أتيت، زعمت أن علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء، فكيف يعلمونه؟

قال: كما كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعلمه، إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يرى، لأنه كان نبيا، و هم محدثون، و إنه كان يفد إلى الله جل جلاله فيسمع الوحي، و هم لا يسمعون. فقال: صدقت يا بن رسول الله، سآتيك بمسألة صعبة، أخبرني عن هذا العلم ما له لا يظهر كما كان يظهر مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) ؟

قال: فضحك أبي (عليه السلام)، و قال: أبى الله عز و جل أن يطلع على علمه إلا ممتحنا للايمان به، كما قضى على رسول الله (صلى الله عليه و آله) أن يصبر على أذى قومه، و لا يجاهدهم إلا بأمره، فكم من اكتتام قد اكتتم به، حتى قيل له:

{ فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ }  [الحجر: 94]، و ايم الله أن لو صدع قبل ذلك لكان آمنا، و لكنه إنما نظر في الطاعة و خاف الخلاف، فلذلك كف، فوددت أن تكون عينك مع مهدي هذه الأمة، و الملائكة بسيوف آل داود بين السماء و الأرض، تعذب أرواح الكفرة من الأموات، و تلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء.

ثم أخرج سيفا، ثم قال: ها إن هذا منها. قال: فقال أبي: إي و الذي اصطفى محمدا على البشر، قال: فرد الرجل اعتجاره و قال: أنا إلياس، ما سألتك عن أمرك و بي منه جهالة، غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك، و سأخبرك بآية أنت تعرفها إن خاصموا بها فلجوا.

قال: فقال له أبي: إن شئت أخبرتك بها؟ قال: قد شئت. قال: إن شيعتنا إن قالوا لأهل الخلاف لنا: إن الله عز و جل يقول لرسوله (صلى الله عليه و آله): { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } إلى آخرها، فهل كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعلم من العلم شيئا لا يعلمه في تلك الليلة، أو يأتيه به جبرئيل (عليه السلام) في غيرها؟ فإنهم سيقولون: لا، فقل لهم: فهل كان لما علم بد من أن يظهر؟ فيقولون: لا، فقل لهم: فهل كان فيما أظهر رسول الله (صلى الله عليه و آله) من علم الله عز ذكره اختلاف؟ فإن قالوا: لا، فقل لهم: فمن حكم بحكم الله فيه اختلاف، فهل خالف رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فيقولون: نعم، فان قالوا: لا، فقد نقضوا أول كلامهم. فقل لهم: { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ } [آل عمران: 7] فإن قالوا: من الراسخون في العلم؟ فقل: من لا يختلف في علمه.

فإن قالوا: فمن هو ذاك؟ فقل: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) صاحب ذلك، فهل بلغ أو لا؟ فإن قالوا: قد بلغ، فقل: هل مات رسول الله (صلى الله عليه و آله) و الخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف؟ فإن قالوا: لا، فقل: إن خليفة رسول الله (صلى الله عليه و آله) مؤيد، و لا يستخلف رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا من يحكم بحكمه، و إلا من يكون مثله إلا النبوة، و إن كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) لم يستخلف في علمه أحدا، فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده.

فإن قالوا لك: فإن علم رسول الله (صلى الله عليه و آله) كان من القرآن، فقل: { حـمۤ * وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ * إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } [ الدخان: 1-5]. فإن قالوا لك:

لا يرسل الله عز و جل إلا إلى نبي. فقل: هذا الأمر الحكيم الذي يفرق فيه هو من الملائكة و الروح التي تنزل من سماء إلى سماء، أو من سماء إلى أرض. فإن قالوا: من سماء إلى سماء، فليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلى معصية، فإن قالوا: من سماء إلى أرض، و أهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك، فقل: فهل: لهم: لا بد من سيد يتحاكمون إليه؟

فإن قالوا: فإن الخليفة هو حكمهم، فقل: { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ }  إلى قوله :{ خَالِدُونَ }[البقرة: 257]، لعمري ما في الأرض و لا في السماء ولي لله عز و جل إلا و هو مؤيد، و من أيد لم يخطئ، و ما في الأرض عدو لله عز ذكره إلا و هو مخذول، و من خذل لم يصب، كما أن الأمر لا بد من تنزيله من السماء يحكم به أهل الأرض، كذلك و لا بد من وال، فإن قالوا: لا نعرف هذا، فقل لهم: قولوا ما أحببتم، أبى الله عز و جل بعد محمد (صلى الله عليه و آله) أن يترك العباد و لا حجة له عليهم “.

قال أبو عبد الله (عليه السلام): ” ثم وقف فقال: ها هنا- يا بن رسول الله- باب غامض، أ رأيت إن قالوا: حجة الله القرآن؟ قال: إذن أقول لهم: إن القرآن ليس بناطق يأمر و ينهى، و لكن للقرآن أهل يأمرون و ينهون، و أقول: قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبة ما هي في السنة و الحكم الذي ليس فيه اختلاف، و ليست في القرآن، أبي الله لعلمه بتلك الفتنة أن تظهر في الأرض و ليس في حكمه راد لها و لا مفرج عن أهلها.

فقال: ها هنا تفلجون يا بن رسول الله، أشهد أن الله عز و جل قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الأرض أو في أنفسهم من الدين أو غيره، فوضع القرآن دليلا.

قال: فقال الرجل: هل تدري- يا بن رسول الله- القرآن دليل ما هو؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): نعم، فيه جمل الحدود و تفسيرها عند الحكم، فقد أبى الله أن يصيب عبدا بمصيبة في دينه أو في نفسه أو في ماله ليس في أرضه من حكمه قاض بالصواب في تلك المصيبة.

قال: فقال الرجل: أما في هذا الباب فقد فلجتم بحجة، إلا أن يفتري خصمكم على الله فيقول: ليس لله عز ذكره حجة، و لكن أخبرني عن تفسير .

{ لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ } [ الحديد: 23] مما خص به علي (عليه السلام) { وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ }  [الحديد: 23] قال: في أبي فلان و أصحابه، و واحدة مقدمة، و واحدة مؤخرة، لا تأسوا على ما فاتكم مما خص به علي (عليه السلام)، و لا تفرحوا بما آتاكم من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله). فقال الرجل:أشهد أ نكم أصحاب الحكم الذي لا اختلاف فيه. ثم قام الرجل و ذهب فلم أره “.

– و عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ” بينا أبي جالس و عنده نفر إذ استضحك حتى اغرورقت عيناه دموعا، ثم قال: هل تدرون ما أضحكني؟ قال: فقالوا: لا. قال: زعم ابن عباس أنه من الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، فقلت له: هل رأيت الملائكة- يا بن عباس- تخبرك بولايتها لك في الدنيا و الآخرة من الأمن من الخوف و الحزن؟ قال: فقال: إن الله تبارك و تعالى يقول:{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }  [الحجرات: 10] و قد دخل في هذا جميع الأمة، فاستضحكت، ثم قلت: صدقت يا بن عباس، أنشدك الله، هل في حكم الله جل ذكره اختلاف؟ قال: فقال: لا.

فقلت: ما ترى في رجل ضرب رجلا أصابعه بالسيف حتى سقطت، ثم ذهب و أتى رجل آخر فأطار كفه، فأتي به إليك و أنت قاض، كيف أنت صانع؟ قال: أقول لهذا القاطع، أعطه دية كفه، و أقول لهذا المقطوع: صالحه على ما شئت و ابعث به إلى ذوي عدل. قلت: جاء الاختلاف في حكم الله عز ذكره، و نقضت القول الأول، أبى الله عز ذكره أن يحدث في خلقه شيئا من الحدود و ليس تفسيره في الأرض، اقطع قاطع الكف أصلا، ثم أعطه دية الأصابع، هذا حكم الله ليلة ينزل فيها أمره، إن جحدتها بعد ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه و آله) فأدخلك الله النار، كما أعمى بصرك يوم جحدتها علي بن أبي طالب (عليه السلام). قال: فلذلك عمي بصري، و قال: و ما علمك بذلك؟ فو الله إن عمي بصري إلا من صفقة جناح الملك، قال: فاستضحكت، ثم تركته يومه ذلك لسخافة عقله، ثم لقيته فقلت: يا بن عباس، ما تكلمت بصدق مثل أمس، قال لك علي بن أبي طالب (عليه السلام): إن ليلة القدر في كل سنة، و إنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة، و إن لذلك الأمر ولاة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ فقلت: من هم؟ فقال : أنا و أحد عشر من صلبي أئمة محدثون.

فقلت: لا أراها كانت إلا مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فتبدى لك الملك الذي يحدثه. فقال: كذبت يا عبد الله، رأت عيناي الذي حدثك به علي، و لم تره عيناه، و لكن وعاه قلبه، و وقر في سمعه. ثم صفقك بجناحه فعميت.
قال: فقال ابن عباس: ما اختلفنا في شيء فحكمه إلى الله. فقلت له: فهل حكم الله في حكم من حكمه بأمرين؟ قال: لا. فقلت: ها هنا هلكت و أهلكت “.

–  وعنه: بهذا الإسناد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ” قال الله عز و جل في ليلة القدر: {  فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } [ الدخان: 4] يقول: ينزل فيها كل أمر حكيم، و المحكم ليس بشيئين، إنما هو شيء واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عز و جل، و من حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت، إنه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا و كذا، و في أمر الناس بكذا و كذا، و إنه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كل يوم من علم الله عز ذكره الخاص و المكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر ” ثم قرأ { وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }  [ الفرقان: 27] .
– و عنه: بهذا الاسناد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ” كان علي بن الحسين (صلوات الله عليه) يقول:{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } صدق الله عز و جل، أنزل [الله] القرآن في ليلة القدر { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ } ، قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا أدري. قال الله عز و جل: { لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } ليس فيها ليلة القدر. قال لرسول الله (صلى الله عليه و آله): و هل تدري لم هي خير من ألف شهر؟ قال: لا. قال: لأنها تنزل فيها الملائكة و الروح بإذن ربهم من كل أمر، و إذا أذن الله عز و جل بشيء فقد رضيه { سَلاَمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ } يقول: تسلم عليك يا محمد ملائكتي و روحي بسلامي من أول ما يهبطون إلى مطلع الفجر.

ثم قال في بعض كتابه: { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً }  [الأنفال: 25] في { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } ، و قال في بعض كتابه: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ }  [آل عمران: 144] يقول في الآية الأولى: إن محمدا حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله عز و جل: مضت ليلة القدر مع رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فهذه فتنة أصابتهم خاصة، و بها ارتدوا على أعقابهم لأنهم إن قالوا: لم تذهب، فلا بد أن يكون الله عز و جل فيها أمر، و إذا أقروا بالأمر لم يكن له من صاحب الأمر بد “.

– و عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ” كان علي (عليه السلام) كثيرا ما يقول: ما اجتمع التيمي و العدوي عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو يقرأ: { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } بتخشع و بكاء، فيقولان: ما أشد رقتك لهذه السورة! فيقول رسول الله (صلى الله عليه و آله): لما رأت عيني و وعى قلبي، و لما يرى قبل هذا من بعدي، فيقولان: و ما الذي رأيت و ما الذي يرى؟ قال: فيكتب لهما في التراب { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ }.

قال: ثم يقول: هل بقي شيء بعد قوله عز و جل: { كُلِّ أَمْرٍ }؟ فيقولان: لا، فيقول: هل تعلمان من المنزل إليه بذلك؟ فيقولان: أنت يا رسول الله. فيقول: نعم. فيقول: هل تكون ليلة القدر من بعدي؟ فيقولان: نعم، قال: فيقول: فهل ينزل ذلك الأمر فيها؟ فيقولان: نعم. فيقول: إلى من؟ فيقولان: لا ندري، فيأخذ برأسي و يقول: إن لم تدريا فادريا، هو هذا من بعدي، قال: فإن كانا ليعرفان تلك الليلة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله) من شدة ما يداخلهما من الرعب “.

– و عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ” يا معشر الشيعة، خاصموا بسورة { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } تفلجوا، فو الله إنها لحجة الله تبارك و تعالى على الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و إنها لسيدة دينكم، و إنها لغاية علمنا. يا معشر الشيعة، خاصموا ب { حـمۤ * وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ * إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ }  [ الدخان: 1-3] فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله (صلى الله عليه و آله). يا معشر الشيعة، يقول الله تبارك و تعالى: { وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ }  [فاطر: 24]  “.

قيل: يا أبا جعفر، نذيرها محمد (صلى الله عليه و آله)؟ فقال: ” صدقت، فهل كان نذير و هو حي من البعثة في أقطار الأرض؟ “. فقال السائل: لا، قال أبو جعفر (عليه السلام): ” أ رأيت بعثه، أليس نذيره؟ كما أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) في بعثه من الله عز و جل نذير “.

فقال: بلى. قال: ” فكذلك لم يمت محمد إلا و له بعيث نذير “. قال: ” فإن قلت: لا، فقد ضيع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من في أصلاب الرجال من أمته “. قال: و ما يكفيهم القرآن؟ قال: ” بلى، إن وجدوا له مفسرا “. قال: و ما فسره رسول الله (صلى الله عليه و آله)؟ قال: ” بلى، قد فسره لرجل واحد، و فسر للأمة شأن ذلك الرجل، و هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) “.
قال السائل: يا أبا جعفر، كان هذا أمر خاص، لا يحتمله العامة؟ قال: ” أبى الله أن يعبد إلا سرا حتى يأتي إبان أجله الذي يظهر فيه دينه، كما أنه كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) مع خديجة (عليها السلام) مستترا حتى امر بالإعلان “.
قال السائل: فينبغي لصاحب هذا الدين أن يكتم؟ قال: ” أو ما كتم علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم أسلم مع رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى ظهر أمره؟ “. قال: بلى. قال: ” فكذلك أمرنا حتى يبلغ الكتاب أجله “.
– و عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ” لقد خلق الله جل ذكره ليلة القدر أول ما خلق الدنيا، و لقد خلق فيها أول نبي يكون، و أول وصي يكون، و لقد قضى أن يكون في كل سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة، من جحد ذلك فقد رد على الله عز و جل علمه، لأنه لا يقوم الأنبياء و الرسل و المحدثون إلا أن تكون عليهم حجة بما يأتيهم في تلك الليلة مع الحجة التي يأتيهم بها جبرئيل (عليه السلام) “.
قلت: و المحدثون أيضا يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة (عليهم السلام)؟ قال: ” أما الأنبياء و الرسل (صلى الله عليهم) فلا شك، و لا بد لمن سواهم من أول يوم خلقت في الأرض إلى آخر فناء الدنيا أن يكون على ظهر الأرض حجة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى من أحب من عباده، و ايم الله لقد نزل الروح و الملائكة بالأمر في ليلة القدر على آدم، و ايم الله ما مات آدم إلا و له وصي، و كل من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه الأمر فيها، و وضع لوصيه من بعده، و ايم الله إن كان النبي ليؤمر فيما يأتيه من الأمر في تلك الليلة من آدم إلى محمد (صلى الله عليه و آله) أن أوص إلى فلان، و لقد قال الله عز و جل في كتابه لولاة الأمر من بعد محمد (صلى الله عليه و آله) خاصة: {  وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } إلى قوله تعالى:فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ }  [ النور: 55] .

يقول: أستخلفكم لعلمي و ديني و عبادتي بعد نبيكم، كما استخلف وصاة آدم من بعده حتى يبعث النبي الذي يليه { يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً }  [النور: 55] يقول: يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله)، فمن قال غير ذلك { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [النور: 55] فقد مكن ولاة الأمر بعد محمد (صلى الله عليه و آله) بالعلم، و نحن هم، فاسألونا فإن صدقناكم فأقروا، و ما أنتم بفاعلين، أما علمنا فظاهر، و أما إبان أجلنا الذي يظهر فيه الدين منا حتى لا يكون بين الناس اختلاف، فإن له أجلا من ممر الليالي و الأيام، إذا أتى ظهر، و كان الأمر واحدا.
و ايم الله، لقد قضى الأمر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف، و لذلك جعلهم شهداء على الناس ليشهد محمد (صلى الله عليه و آله) علينا، و لنشهد على شيعتنا، و لتشهد شيعتنا على الناس، أبى الله عز و جل أن يكون في حكمه اختلاف أو بين أهل علمه تناقض “.
ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) : ” فضل إيمان المؤمن بجملة { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ } و تفسيرها، على من ليس مثله في الإيمان بها، كفضل الإنسان على البهائم، و إن الله عز و جل ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين، و لا أعلم أن في هذا الزمان جهادا إلا الحج و العمرة و الجوار “.

–  قال: و قال رجل لأبي جعفر (عليه السلام) : يا بن رسول الله، لا تغضب علي. قال : ” لماذا؟ “. قال: لما أريد أن أسألك عنه. قال: ” قل “. قال: و لا تغضب. قال: ” و لا أغضب “. قال: أ رأيت قولك في ليلة القدر، تنزل الملائكة و الروح فيها إلى الأوصياء، يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد علمه، [أو يأتونهم بأمر كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعلمه] و قد علمت أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) مات و ليس من علمه شيء إلا و علي (عليه السلام) له واع؟

قال أبو جعفر (عليه السلام): ” ما لي و ما لك أيها الرجل، و من أدخلك علي “؟ قال: أدخلني عليك القضاء لطلب الدين، قال: ” فافهم ما أقول لك، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما أسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان و ما سيكون، و كان كثير من علمه ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر، و كذلك كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد علم جمل العلم، و يأتي تفسيره في ليالي القدر، كما كان مع رسول الله (صلى الله عليه و آله ) .

قال السائل: أو ما كان في الجمل تفسيره؟ قال: ” بلى، و لكنه إنما يأتي بالأمر من الله تبارك و تعالى في ليالي القدر إلى النبي (صلى الله عليه و آله) و إلى الأوصياء: افعل كذا و كذا، لأمر قد كانوا علموه، أمروا كيف يعملون فيه “.
قلت: فسر لي هذا؟ قال: ” لم يمت رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلا حافظا لجملة العلم و تفسيره “.
قلت: فالذي كان يأتيه في ليالي القدر، علم ما هو؟ قال: ” الأمر و اليسر فيما كان قد علم “.
قال السائل: فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا؟ قال: ” هذا مما أمروا بكتمانه، و لا يعلم تفسير ما سألت عنه إلا الله عز و جل “.
قال السائل: فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء؟ قال: ” لا، و كيف يعلم وصي غير علم ما اوصي إليه؟ “.
قال السائل: فهل يسعنا أن نقول: إن أحدا من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال: ” لا، لم يمت نبي إلا و علمه في جوف وصيه، و إنما تنزل الملائكة و الروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد “.
قال السائل: و ما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال: ” بلى، قد علموه، و لكنهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة “. قال السائل: يا أبا جعفر، لا أستطيع إنكار هذا؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): ” من أنكره فليس منا “.
قال السائل: يا أبا جعفر، أ رأيت النبي (صلى الله عليه و آله) هل كان يأتيه في ليالي القدر شيء لم يكن علمه؟ قال:

” لا يحل لك أن تسأل عن هذا، أما علم ما كان و ما يكون؟ فليس يموت نبي و لا وصي إلا و الوصي الذي بعده يعلمه، أما هذا العلم الذي تسأل عنه، فإن الله عز و جل أبى أن يطلع الأوصياء عليه إلا أنفسهم “.
قال السائل: يا بن رسول الله، كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة؟ قال: ” إذا أتى شهر رمضان فأقرأ سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة، فإذا أتت ليلة ثلاث و عشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه “.

– و قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): ” لما ترون من بعثه الله عز و جل للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين و أرواحهم أكثر مما ترون مع خليفة الله الذي بعثه للعدل و الصواب من الملائكة ” قيل:
يا أبا جعفر، و كيف يكون شيء أكثر من الملائكة؟ قال: ” كما يشاء الله عز و جل “.
قال السائل: يا أبا جعفر، إني لو حدثت بعض أصحابنا الشيعة بهذا الحديث لأنكروه، قال: ” كيف ينكرونه؟ ” قال: يقولون: إن الملائكة (عليهم السلام) أكثر من الشياطين. قال: ” صدقت، افهم عني ما أقول لك، إنه ليس من يوم و لا ليلة إلا و جميع الجن و الشياطين تزور أئمة الضلالة، و تزور أئمة الهدى، عددهم من الملائكة، حتى إذا أتت ليلة القدر فهبط فيها من الملائكة إلى ولي الأمر، خلق الله- أو قال: قيض الله- عز و جل من الشياطين بعددهم ثم زاروا ولي الضلالة فأتوه بالإفك و الكذب حتى لعله يصبح فيقول: رأيت كذا و كذا، فلو سئل ولي الأمر عن ذلك لقال:
رأيت شيطانا أخبرك بكذا و كذا حتى يفسر له تفسيرا و يعلمه الضلالة التي هو عليها، و ايم الله إن من صدق بليلة القدر ليعلم أنها لنا خاصة، لقول رسول الله (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام) حين دنا موته: هذا وليكم من بعدي، فإن أطعتموه رشدتم، و لكن من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر، و من آمن بليلة القدر ممن على غير رأينا فإنه لا يسعه في الصدق إلا أن يقول: إنها لنا، و من لم يقل، فإنه كاذب، إن الله عز و جل أعظم من أن ينزل الأمر مع الروح و الملائكة إلى كافر فاسق، فإن قال: إنه ينزل إلى الخليفة الذي هو عليها، فليس قولهم ذلك بشيء، و إن قالوا: إنه ليس ينزل إلى أحد، فلا يكون أن ينزل شيء إلى غير شيء، و إن قالوا و سيقولون: ليس هذا بشيء؟ فقد ضلوا ضلالا بعيدا “.
– و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن حسان بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن ليلة القدر، فقال: ” التمسها ليلة إحدى و عشرين، أو ثلاث و عشرين “.

– و عنه : عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال [له] أبو بصير:
جعلت فداك، الليلة التي يرجى فيها ما يرجى؟ فقال: ” في إحدى و عشرين، أو ثلاث و عشرين “. – تفسير البرهان للسيد هاشم االبحراني ] .

التفسير :

بسم لله الرحمن الرحيم

  • إنا أنزلناه في ليلة القدر (1) وما أدراك ما ليلة القدر (2)

وهنا :

(إنا أنزلناه)

والهاء هنا عائدة على كتاب الله تعالى كما في قوله عز وجل { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما – النساء 105 } أو القرآن الكريم لقوله تعالى

{ إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا – الإنسان 23 } ويبين تعالى أنه نزل في ليلة القدر كما في قوله تعالى هنا {إنا أنزلناه في ليلة القدر – القدر1 } و هذه الليلة مباركة يفرق فيها الله تعالى كل أمر حكيم من عند الله تعالى بنص قوله تعالى : { إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمراً من عندنا إنا كنا مذرين  – الدخان 3-5} . وهذه الليلة هى إحدى ليالي شهر رمضان المبارك لقوله تعالى { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان – البقرة 185 } .

وشهر مفرد وجمعها أشهر قال تعالى { الحج أشهر معلومات } وأشهر لأنه قال تعالى { فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما } وفي الأحاديث هناك أشهر العمرة فيها تعدل حجة كالأشهر الحرم أو رمضان ولذلك قال تعالى الحج أشهر وليس شهر .

و عن شهر رمضان جاء في كتاب الله بصيغة المفرد كدلالة على أنه أول أشهر السنة عندما خلق الله السماوات والأرض قال تعالى { إن عدة الشهور عند الله اثنتا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض – التوبة } ولذلك لفظ شهر ورد على شهر رمضان بصيفة المفرد وهنا (مرفوعا) [ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض) فغرة الشهور شهر الله شهر رمضان، وقلب شهر رمضان ليلة القدر، ونزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان ، فاستقبل الشهر بالقرآن  – تفسير البرهان ] .

وهذا القرآن الكريم نزل من أم الكتاب لقوله تعالى { وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ – الزخرف 4}  ووقال تعالى { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ  – آل عمران 7 } .

و أم الكتاب هى اللوح المحفوظ الذي نززل منه القرآن الكريم  قال تعالى { يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ – الرعد 39 } والمتشابهات هو القرآن الكريم الذي نزل على رسول لله صلى الله عليه وآله وهو  بين أيدينا الآن لقوله تعالى فيه { الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد – الزمر 23 }

وهذا القرآن نزل بلغة العرب كباب أول لفهم القرآن الكريم قال تعالى { إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون – يوسف 2} وهذا القرآن و الذكر محفوظ بأمر الله تعالى كما في قوله عز وجل { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون – الحجر 9 }

ويأمر الله تعالى رسوله والعالم بأن يعبدوا الله مخلصين له الدين وفق ما أمر الله تعالى في كتابه الكريم قال تعالى  { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين – الزمر 2 } ومن اهتدى فلنفسه ومن ضل فعليها قال تعالى  : { إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل – الزمر 41 }

ولما قدر الله تعالى الأقدار وأمر بالأوامر والنواهي ووضع الحدود والأحكام نزلت في كتاب الله وليس فيه عوج أو اختلاف أوو تناقض  او تضارب قال تعالى { الحمد لله الذي أنزل على عبد الكتاب ولم يجعل له عوجا – الكهف } وهذا الكتاب نزل في ليلة مباركة

وأما :

(في ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر)

هذه الليلة هى ليلة مباركة قال تعالى فيها { إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمراً من عندنا إنا كنا مذرين  – الدخان 3-5} وهذه الليلة خير من ألف شهر قال تعالى  {وما أدراك ما ليلة القدر – القدر 2 } ولورود هذا اللفظ في قوله تعالى عن نبي الله موسى ونزول التوراة واستخلاف أخيه هارون في قوله تعالى { وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين – الأعراف } .

وهنا تببين لنا أولا :

أن خلافة الإمام علي عليه السلام نزلت مع أول نزول القرآن كنبوءة للنبي صلى الله عليه وآله أن الإمام علي أول من سيؤمن  به ولذلك بنص من الله تعالى أنه سيكون الخليفة له صلى الله عليه وآله وفي الأحاديث الكثيرة أول من أسلم هو الإمام علي عليه السلام ومع نزول أوائل آيات القرآن الكريم عند قوله تعالى { وأنذر عشيرتك الأقربين – الشعراء } كان أول من صدقه بعد أن جمع النبي بني هاشم وبني عبد المطلب وأعلن الإمام علي نصرته للنبي صلى الله عليه وآله تؤكد صحة ما ذكرناه آنفاً .

ثانيا : الآية { وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين – الأعراف } . تثبت أن نزول التوراة أيضاً كان في ليلة القدر وهى ليلة مبارك كما في الآية هنا { إنا أنزلناه في ليلة القدر } وكل كتب الله السماوية نزلت بناءاً عليى ذلك في هذه الليلة المباركة .

ثالثاً :

إذا كان الوحي قد نزل على رسل الله صلى الله عليه وآله وهو في سن الأربعين فاالتاريخ الإسلامي الحقيقي يبدأ بمولد النبي صلى الله عليه وآله وبالتالي التقويم العمري الذي بدأ بالهجرة لابد وأن يضاف إليه تقريبياً عشر سنوات بمكة بالإضافة إلى أربعون عاماً وهو عمره الشريف وقت نزول الوحي بالإضافة إلى عدة شهور لأن الهجرة كانت في ربيع الأول وهذه الأشهر هى 1- ربيع ثاني 2- جماد أول -3- جماد ثاني 4- رجب -5- شعبان6- رمضان 7- ذو القعدة 8- ذو الحجة 9- المحرم الحرام ومن هنا

وبالتالي إذا كنا في سنة 1427 للهجرة + 10 مكية +40 عاما عمر النبي وقت نزول الوحي فيكون عمر أمة الإسلام 1477 من ميلاد النبي صلى الله عليه وآله بالإضافة إلى 9 أشهر فرق التقويم العمري الذي بدأة من محرم .

ونزول الوحي في ليلة القدر كما حددتها سنة النبي صلى الله عليه وآله فيكون التوقيت هو رمضان وفي أول ليلة كما في مرويات أهل بيت النبي عليهم السلام وذلك لأنه أول أشهر العام عندما خلق الله السماوات في الحديث : [ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض) فغرة الشهور شهر الله شهر رمضان، وقلب شهر رمضان ليلة القدر، ونزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان ، فاستقبل الشهر بالقرآن  – تفسير البرهان ] .

وأما :

(القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر)

[ قدر: عظمة، شَرَف، مكانة : وهي إحدى الليالي الفرديّة في العشر الأواخر من رمضان وفيها أُنزل القرآن الكريم إلى السماء الدنيا القَدْر: اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 97 في ترتيب المصحف، مكِّيَّة، عدد آياتها خمس آيات جاءَ الشيءُ على قَدْر الشَّيءِ: وافقه وساواه القَدْرُ : مُساوِي الشيءِ من غير زيادة ولا نُقصان القَدْرُ: الحُرْمَةُ والوَقارُ وليلةُ القَدْر: ليلة مباركة من شهر رمضان، أُنزل فيها القرآن الكريم و القَدَر: بالتحريك مصدر قدر وقدر جمع أقدار ، مقدار الشيء ، وما يقدره الله ويحكم به ، ومنه {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }. (فقهية)  – لسان العرب باب قدر ] .

[ القدْر اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 97 في ترتيب المصحف ، مكِّيَّة، عدد آياتها خمس آيات.المعجم : عربي عامةالقَدَرُالقَدَرُ : مِقدار الشَّيءِ وحالاته المقدَّرة له.وفي التنزيل العزيز: القمر آية 49إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) .

و القَدَرُ وقتُ الشيء أَو مكانه المقدَّر له.و القَدَرُ القضاءُ الذي يَقضي به الله على عباده. والجمع : أَقْدَارٌ.المعجم: المعجم الوسيطالقَدْرُالقَدْرُ : المقدارُ.يقال: هم قَدْرُ مائة.ويقال: جاءَ الشيءُ على قَدْر الشَّيءِ: وافقه وساواه.

و القَدْرُ مُساوِي الشيءِ من غير زيادة ولا نُقصان. يقال: هذا قَدْرُ هذا.و القَدْرُ الحُرْمَةُ والوَقارُ.يقال: له عندي قَدْرٌ. والجمع : أَقدارٌ.وسُورةُ القَدْر: من سُوَرِ القرآن الكريم. وليلةُ القَدْر: ليلة مباركة من شهر رمضان، أُنزل فيها القرآن الكريم.المعجم: المعجم الوسيط ]

وهنا يقول تعالى  {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }. وكل خلقه تعالى عنده عز وجل خزائنه التي لا تنفد قال تعالى { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم – الحجر 21 } ويبين تعالى أنه خلق السماوات والأرض وقدرها في قوله تعالى { قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ –فصلت 9-11 } . ولما خلق الله تعالى الساء والأرض جعل فيها شمساً وقمراً ليعلم الناس ويقدرون الليل والنهار والزمن و يعلموا الحساب ومنه تخرج النظريات والإختراعات في كل زمن قال تعالى { هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون – يونس 5 } وليعلم الناس التقويم قال تعالى  { والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم – يس 39 } . وقال تعالى في اليوم والليلة { والله يقدر الليل والنهار – المزمل 20 }

ولما دارت الشمس مع أول يوم من أيام الخلق جعل الله تعالى لكل شيئ قدرا قال تعالى { قد جعل الله لكل شيئ قدرا – الطلاق 3 } فقد الله تعالى نعم القدر قال تعالى { فقدرنا فنعم القادرون – المرسلات 23 }

ثم قدر الله تعالى خرق بني آدم قال تعالى { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ  فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ – المرسلات 20-23 } ثم قدر الله تعالى أرزاقهم قال تعالى { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير – الشورى 27 } وقال تعالى { له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم الشورى 12 }

ثم يبين تعالى أنه قدر الموت بين بني آدم وهو الإنتقال بين العوالم وليس الفناء كما يظن الدهرية قال تعالى { نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين – الواقعة 60 }

ولما قال تعالى عن كفار قريش ومنهم الوليد بن المغيرة{إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ  ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ – المزمل 28-24 } وهنا يشير الله تعالى إلى أن قوله تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر – القدر } أي ألف شهر تحكمها قريش كما في بعض النصوص .

[ .. حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا القاسم بن الفضل الحداني عن يوسف بن سعد قال قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية فقال سودت وجوه المؤمنين أو يا مسود وجوه المؤمنين فقال لا تؤنبني رحمك الله فإن النبي صلى الله عليه وسلم أري بني أمية على منبره فساءه ذلك فنزلت إنا أعطيناك الكوثر يا محمد يعني نهرا في الجنة ونزلت هذه الآية إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر يملكها بعدك بنو أمية يا محمد قال القاسم فعددناها فإذا هي ألف شهر لا يزيد يوم ولا ينقص قال أبو عيسى هذا حديث غريب – تحفة الأحوذي في شرح صحيح الترمذي للمباركفوري ج 9 ص 196 ] .

[ وأخرج الخطيب عن بن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أريت بني أمية يصعدون على منبري فشق ذلك علي فأنزل الله تعالى ( إناأنزلناه في ليلة القدر) – الدر المنثور للسيوطي ج6 ص 415 ] .

[قام رجلٌ إلى الحسن بن علي بن أبي طالب بعد ما بايع معاويةَ قال سوَّدتَ وجوه المؤمنين أو يا مُسوِّدَ وجوه المؤمنين فقال لا تُؤنِّبْني رحمك اللهُ فإنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُرِيَ بني أُميَّةَ على منبرِه فساءَه ذلك فنزلت إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ يا محمدُ يعنى نهرًا في الجنة ونزلت (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ  وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ  لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) يملكُها بعدك بنو أميةَ يا محمدُ قال الفضلُ فعددْنا فإذا هي ألفُ شهر ٍلا تزيد يومًا ولا تنقصُ –  البداية والنهاية لابن كثير ج8 ص 19 & و الدر المنثور للسيوطي ج6 ص 415 ] .

وأما :

(وما أدراك)

 [ أدراك : (اسم) أدراك : جمع دَرَك دَرَك: (اسم) الجمع : أدراك اِسْمُ مَصْدَرٍ مِنَ الإدْرَاكِ حَاوَلَ الدَّرَكَ بِهِ : اللَّحَاقَ بِهِ بَلَغَ الدَّرَكَ الأسْفَلَ : أسْفَلَ سَافِلِينَ، أقْصَى حَدٍّ رِجَالُ الدَّرَكِ : قُوَّاتُ الشُّرْطَةِ العَسْكَرِيَّةِ تُحَافِظُ عَلَى الأمْنِ العَامِّ، وَبِالأخَصِّ فِي الطُّرُقِ وَالبَوَادِي، لإدراكهم الفارّ والمجرم الدَّرَكُ: التَّبِعَة الدَّرَكُ :الطبَقُ من أطباق جهنم دَرَّكَ: (فعل) دَرَّكَ، يُدَرِّكُ، مصدر تَدْرِيكٌ دَرَّكَ المطرُ وغيرُه: تتابع كأَنه يُدْرِكُ بعضُه بعضًا ] .

والإدراك للنبي صلى الله عليه وآله  والمؤمنين كل أمر خاص بالظالمين وأهل النار وعذابهم قال تعالى { وما أدراك ماسجين – المطففين 8} وقال تعالى { وما أدراك ما سقر – المدثر 7 }   وسقر وديوان سجين علمه رسول الله صلى الله عليه وآله بالوحي ولم يشاهده لذلك قال تعالى هنا { وما أدراك ماليلة القدر } .

 

وأما :

 

(ليلة القدر)

وهنا ليلة القدر التي قال تعالى فيها { إنا أنزلناه في ليلة القدر – القدر 1 } وهذه الليلة خير من ألف شهر كما في قوله تعالى {ليلة القدر خير من ألف شهر – القدر } .

وأما :

(خير)

وهنا يبين تعالى أن الخير في الدنيا والآخرة في طاعة الله تعالى { من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون – القصص 84 } وقال تعالى أيضاً { فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون – التغابن 16 } ومن آمن بالله تعالى فليطعه وليطع رسوله صلى الله عليه ويتولة الإمام علي وهؤلاء هم خير البرية بنص قوله تعالى { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية – البينة 7}

[حدثنا ابن حميد، قال: ثنا عيسى بن فرقد، عن أبي الجارود، عن محمد بن عليّ (( أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ )) فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ” أنتَ يا عَليُّ وَشِيعَتُكَ  –  تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ)  ] [ عن إبراهيم بن مهاجر مولى آل شخبرة قال: حدثني يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب علي، قال: سمعت علياً يقول: (حدثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا مسنده إلى صدري فقال: يا علي أما تسمع قول الله عز وجل: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ )) (البينة:7) هم أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض، إذا اجتمعت الأمم للحساب تدعون غراءً محجلين) ]

وفي [  (الدر المنثور ج6ص379 )ذكر من أخرج الحديث فقال: وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال كنا عند النبي (صلى الله عليه وسلم) فأقبل عليّ فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): (والذي نفسي بيده ان هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ونزلت (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ )) فكان أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا أقبل عليّ قالوا جاء خير البرية.]

وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعا عليٌ خير البرية. وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال: لما نزلت (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ )) قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعليّ: (هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين) .

وأخرج ابن مردويه عن علي قال: (قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم):ألم تسمع قول الله (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ )) أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمم للحساب تدعون غراً محجلين) .

و في [  (كفاية الطالب ص 118 ط الغري): قال:أخبرنا إبراهيم بن بركات القرشي أخبرنا الحافظ علي بن الحسن الشافعي أخبرنا أبو القاسم بن السمر قندي أخبرنا عاصم بن الحسن أخبرنا الحافظ أبو العباس حدثنا محمد بن أحمد القطواني حدثنا إبراهيم بن أنس الأنصاري حدثنا إبراهيم بن جعفر ابن عبد الله بن محمد بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله…. ] [ ابن عساكر في تاريخه: وأخبرني المقرئ أبو إسحاق بن يوسف بن بركة الكتبي عن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن الهمداني عن أبي الفتح عبدوس عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري أخبرنا الحافظ أحمد بن مردويه أخبرنا أحمد بن محمد بن السري حدثنا المنذر بن محمد بمن المنذر حدثني أبي حدثني عمي الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن مهاجر حدثني يزيد بن شراحيل قال سمعت علياً يقول] ….

[ و في (شواهد التنزيل ج2ص364 ط بيروت): أخبرنا أبو عمر البسطامي أخبرنا أبو أحمد بن عيد الجرجاني أخبرنا الحسن بن علي بن عبد الله الاهوازي،أخبرنا معمر بن سهل أخبرنا أبو سمرة أحمد بن سالم بن خالد بن جابر بن سمرة أخبرنا شريك عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال] …
 

[ و قال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/173: وعن أبي هريرة: أن علي بن أبي طالب قال: يا رسول الله أيما أحب إليك أنا أم فاطمة؟! قال (صلى الله عليه وآله) : فاطمة أحب إلى منك وأنت أعز على منها وكأني بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس وان عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء وأني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة إخوانا على سرر متقابلين أنت معي وشيعتك في الجنة ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إِخوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ )) (الحجر:47) لا ينظر أحد في قفا صاحبه. ثم قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفيه سلمي بن عقبة ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات ] .

 

[  وقال الهيثمي في مجمع زوائده ايضا 9/131: وبسنده (يقصد الطبراني): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أنت وشيعتك تردون على الحوض رواة مرويين مبيضة وجوهكم وان عدوك يردون على الحوض ظمأ مقمحين. (ولم يعلق عليه الهيثمي بشيء) ] [  وقال الهيثمي في مجمع زوائده 9/131: وعن عبد الله ابن أبي نجى أن عليا أتى يوم النضير بذهب وفضة فقال: ابيضي واصفري وغري غيري غري أهل الشام غدا إذا ظهروا عليك فشق قوله ذلك على الناس فذكر ذلك له فأذن في الناس فدخلوا عليه قال: إن خليلي صلى الله عليه وسلم قال يا علي انك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيين ويقدم عليه عدوك غضاب مقمحين ثم جمع يده إلى عنقه يريهم الإقماح ] .

[  وروى الحاكم في مستدركه على الصحيحين 3/160 عن ميناء بن ابي ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف قال: خذوا عني قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: انا الشجرة وفاطمة فرعها وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرتها وشيعتنا ورقها واصل الشجرة في جنة عدن وسائر ذلك في سائر الجنة. ]

 

[  ورى الهيثمي في مجمع زوائده 9/131 ما نقله عن الطبراني فقال: بسنده ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: إن أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وذرارينا خلف ظهورنا وأزواجنا خلف ذرارينا وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا. ( ولم يعلق عليه الهيثمي ) ] .

 

[  وقد ذكر الطبري في تفسيره 30/335 وهو شيخ المفسرين عند اهل السنة وجها واحدا منقولا عن السلف في تفسير الاية الكريمة من قوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ )) (البينة:7)… الى ان قال: يقول (تعالى): من فعل ذلك من الناس فهم خير البرية. وقد: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا عيسى بن فرقد، عن أبي الجارود، عن محمد بن علي أولئك هم خير البرية فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : أنت يا علي وشيعتك. ] أهـ.

[  ذكر السيوطي في تفسيره الدر المنثور 6/379 والشوكاني في تفسيره فتح القدير 5/476 قالا: أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي، فأقبل علي، فقال النبي صلى الله عليه وآله: “والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة “. ونزلت (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ )). فكان أصحاب النبي إذا أقبل علي قالوا: “جاء خير البرية” وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعا: “عليا خير البرية”. وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال: لما نزلت (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ )) قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي: “أنت وشيعتك ترد علي يوم القيامة راضين مرضيين”. وأخرج ابن مردويه عن علي، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” ألم تسمع قول الله (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ ))؟ أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جيئت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين. أهـ ]

وبالتالي من تولى الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام فهم الذين اختاروا الله تعالى والدار  الآخرة وهى وخير و أبقى قال تعالى  { والآخرة خير وأبقى – الأعلى 17 }  . ومن تولاهم فليلة واحدة هى ليلة القدر خير من ألف شهر يحكمها هؤلاء قال تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر } .

 ورد في [  الصحيفة السجادية : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يا متوكل كيف قال لك يحيى : ابن عمي محمد بن على وابنه جعفرا دعوا الناس إلى الحياة ودعوناهم إلى الموت؟! قلت: نعم أصلحك الله قد قال لي ابن عمك يحيى ذلك. فقال: يرحم الله يحيى، إن أبي حدثني عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام أن رسول الله أخذته نعسة وهو على منبره، فرأى في منامه رجالا ينزون على منبره نزو القردة، يردون الناس على أعقابهم القهقرى، فاستوى رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا والحزن يعرف في وجهه، فأتاه جبريل عليه السلام بهذه الآية: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا! يعني بني أمية! قال: يا جبريل على عهدي يكونون وفي زمني؟ قال: لا، ولكن تدوررحى الإسلام من مهاجرك فتلبث بذلك عشرا، ثم تدور رحى الإسلام على رأس خمسة وثلثين من مهاجرك فتلبث بذلك خمسا، ثم لابد من رحى ضلالة هي قائمة على قطبها ثم ملك الفراعنة! قال: وأنزل الله تعالى في ذلك: إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر، يملكها بنو أمية فيها ليلة القدر. قال: فأطلع الله عز وجل نبيه عليه السلام أن بني أمية تملك سلطان هذه الأمة وملكها طول هذه المدة، فلو طاولتهم الجبال لطالوا عليها، حتى يأذن الله تعالى بزوال ملكهم، وهم في ذلك يستشعرون عداوتنا أهل البيت بغضنا، أخبر الله نبيه بما يلقى أهل بيت محمد عليهم السلام وأهل مودتهم وشيعتهم منهم في أيامهم وملكهم. قال: وأنزل الله تعالى فيهم: ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. جهنم يصلونها وبئس القرار. ونعمة الله محمد وأهل بيته صلى الله عليه وآله حبهم إيمان يدخل الجنة، وبغضهم كفر ونفاق يدخل النار، فأسر رسول الله ذلك إلى على وأهل بيته – كنز الدقائق ج 14 ص 363 ] .

وأما :

(من)

وهنا يبين تعالى حسد كفار أهل الكتاب للنبي صلى الله عليه وآله والعرب من نزول هذه الرسالة القرآنية المحمدية فيهم قال تعالى : { ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم – البقرة 105 } ولقد ظهر في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله فئة تعمل للدنيا ويؤثرونها على العمل الصالح لذلك قال تعالى لما رأوا تجارة فتركوا الصلاة وذهبوا إليها فأنزل الله تعالى : {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو و من التجارة والله خير الرازقين – الجمعة 11 }  وهؤلاء نجحوا في الوصول لسدة الحكم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله قال تعالى {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين – آل عمران 144 } وهؤلاء بين تعالى أن ليلة واحدة وهى ليلة القدر خير من ألف شهر سيحكمها هؤلاء قال تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر – القدر } فإذا انتشر في آخر الزمان أولياء هؤلاء ونشروا الفساد والكفر والفسوق والعصيان آخر الزمان قال تعالى بأنه مسيهلكون كما أهلك الله تعالى الأمم السالفة بفعالهم وجرائمهم قال تعالى { أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر – القمر 43 } .

وأما :

(ألف)

الألف كعدد في القرآن الكريم ورد في قوله تعالى على حرص اليهود البقاء فيا لدنيا والإستمتاع بها ونبذ كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون قال تعالى لذلك فيهم : { ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون – البقرة 96 } وبالتالي ألف شهر هنا مدة استمتاع لقوم قدموا الدنيا على الآخرة وقد يكون عددهم مائة ألف لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون – الصافات 147 } فلما كفروا وقتلوا أهل بيت النبي كانوا أقرب الشبة بأمة نوح عليه السلام الذي لبث فيهم ألف سنة يدعوهم إلى الله تعالى فلم يزدهم دعائه إلا فرارا وإصراراً على كفرهم قال تعالى { وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا – نوح 7 }

فلما ورود هذا العدد في قوله تعالى عن قوم نوح عليه السلام { ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون – العنكبوت 14 } أثبت أنه سيكون أمة آخر الزمان تتتقلد بهم وستحكم أللف شهر وليلة واحدة خير من ألف شهر يحكمها هؤلاء ومن هذه الليالي   ليلة إصلاح الإمام عليه السلام حيث قال صلى الله عليه وآله ” يصلحه الله تعالى في يوم وليلة ”

[ابن أبي شيبة:۱٥/۱۹۷ ، بروايتين عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة) . ومثله أحمد:۱/۸٤ ، ونحوه ابن حماد:۱/۳٦۲، بروايتين وتاريخ بخاري:۱/۳۱۷ ، كرواية ابن حماد الثانية ، عن علي عليه السلام ، وابن ماجة:۲/۱۳٦۷، كابن شيبة ، عن علي عليه السلام ، وأبو يعلى:۱/۳٥۹ ، عن ابن شيبة ، وحلية الأولياء:۳/۱۷۷ كما في ابن شيبة ، بتفاوت يسير ، عن علي عليه السلام ، وأخبار إصبهان:۱/۱۷۰، وقال الشافعي في البيان/٤۸۷ , ومال ابن كثير في الفتن:۱/۳۸ الى توثيقه ، وقال السيوطي في الدر المنثور:٦/٥۸: وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجة . ورواه الجامع الصغير:۲/٦۷۲، وحسنه . ومرقاة المفاتيح:٥/۱۸۰، وفيه: من أهل البيت ، وقال: أي يصلح أمره ويرفع قدره في ليلة واحدة أو في ساعة وأحدة من الليل ، حيث يتفق على خلافته أهل الحل والعقد فيها. والمغربي/٥۳۳ )  .

ورواه من مصاد مذهب أهل البيت ورد الحديث في كتاب دلائل الإمامة/۲٤۷ ،عن علي عليه السلام ، كما في ابن أبي شيبة . وفي كمال الدين:۱/۱٥۲ ، عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله المهدي منا أهل البيت يصلح الله له أمره في ليلة ، وفي رواية أخرى: يصلحه الله في ليلة . فروي عن الصادق عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو . فإن موسى ابن عمران عليه السلام خرج ليقتبس لأهله ناراً فرجع إليهم وهو رسول نبي ، فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيه موسى عليه السلام في ليلة ، وهكذا يفعل الله تبارك وتعالى بالقائم الثاني عشر من الأئمة عليهم السلام ، يصلح أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيه موسى ويخرجه من الحيرة والغيبة إلى نور الفرج والظهور). وعنه البحار:۱۳/٤۲  ] .

وببركة هذه الليلة تنزل الملائكة لنصرته عليه السلام وإجابة لاستغاثة الأمة المحمدية لورود هذا العدد في قوله تعالى { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين – الأنفال 9 }

وأما :

(شهر)

وهنا يقول تعالى { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين – التوبة 36 } ومن هذه الأشهر شهر رمضان الذي قال تعالى فيه { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان – البقرة } وفي هذا الشهر ليلة القدر التي قال تعالى فيها { إنا أنزلناه في ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر- القدر } وهذه الليلة ليلة مباركة قال تعالى فيها { إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أممراً من عندنا إنا كنا منزلين رحمة من ربك إنه هو السميع العليم – الدخان } وبالتالي هذه الليلة خير من ألف شهر بنص الآية هنا .

ثم يقول تعالى :

(4) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر (4)

وهنا :

(تنزل)

يبين تعالى أنه بعث النبيين بالبينات وأنزل معهك الكتب للحكم بين الناس بالقسط قال تعالى : {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز – الحديد 25 } وقال تعالى مبينا أنه أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وآله حيث نزل عليه الروح الأمين بكتاب الله تعالى كما في قوله تعالى { نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين –لشعراء 193-194 }

وقال تعالى له صلى الله عليه وآله  أنه علمه وأمته مالم يعلموا قال تعالى { وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما – النساء 113} وبهذا الحكم وهذه البينات يحكم بين الناس قال تعالى {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما – النساء 105} ويأمر الله تعالى الناس بايمان به وطاعته تعالى وطاعة رسوله قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا – النساء 136 } ثم بين تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وآله هو المكلف من قبل الله تعالى ببيان كتابه الكريم قال تعالى { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون – النحل 43-44 }

وهنا يبين تعالى أنهم إن آمنوا به تعالى ورسوله فسينزل عليهم بركات من السماء كما في قوله تعالى {   ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون – الأعراف 96 } وهذه البركات أمر من السماء ينزل من بين السماوات السبع قال تعالى {الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما – الطلاق 12 } ومن هذه البركات ملائكة لنصرة الرسل والأنبياء والأئمة والمؤمنين قال تعالى فيها { إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين – آل عمران 124 } ويقول تعالى أن هذه الملائكة تنزل في ظلل من الغمام قال تعالى هنا :{ ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا– الفرقان 25 }

نزول ملائكة بالبركة على المؤمنين في الدنيا وتبشرهم بالجنة لقوله تعالى {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون – فصلت 30 } وهذه الملائكة منها ملك مكلف من قبل الله تعالى بالقضاء في الأمر آخر الزمان قال تعالى فيه { وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون – الأنعام 8 } و الماؤ مما ينزل من عند الله تعالى من السماء قال تعالى { وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون – المؤمنون 18 } وقال تعالى أيضاً { وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون – الأعراف 57 } وهذا الماء الذي فيه الحياه للخلائق قال تعالى فيه : { وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين – الحجر 22 }

ومما ينزل من السماء أيضاً العذاب على الكافرين قال تعالى {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون – البقرة 59 } وهذه الأقدار كلها من خير وشر وبركة ولعنة تنزل بقدر من الله تعالى في ليلة القدر كما في الآية هنا { وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح ففيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هى حتى مطلع الفجر – القدر }

وأما :

(الملائكة)

وهنا يبين تعالى أنه يصطفي من الملائكة رسلاً من الناس قال تعالى { الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير – الحج 75 } وهناك ملائكة حملة للعرش قال تعالى فيهم {وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين – الزمر75 } وهناك ملائكة تنزل بالرحمة والبركة قال تعالى فيهم { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون – فصلت 30 } وملائكة تستغفر للمؤمنين في الأرض قال تعالى فيهم { تكاد السموات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم – الشورى 5 }

وملائكة لرفع الأعمال قال تعالى فيهم { تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة – المعارج 4 } . وهنالك ملائكة لقبض أرواح الظالمين والإنتقام منهم قال تعالى { يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا – الفرقان 22 } وهناك ملائكة لقبض أرواح الخلق قال تعالى فيهم { فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم – محمد 27 } .

وملائكة تنزل لنصرة الأنبياء والمرلين والصالحين من المؤمنين قال تعالى { بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين –آل عمران 125 }

وملائكة تنزل آخر الزمان لتحقيق قضاء الله تعالى في نصرة الحق وأهله وإمامهم من أهل البيت عليهم السلام قال تعالى { هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون – النحل 33 } . وكل هذه الأقدار من خير وشر تنزل في ليلة القدر كما في الآية هنا { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر – القدر}

وأما :

(والروح)

والررح في روايات أهل البيت عليهم السلام ملك أعظم من سيدنا جبريل عليه السلام : [ سعد بن عبد الله : عن أحمد بن الحسين، عن المختار بن زياد البصري، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام)، فذكر شيئا من أمر الإمام إذا ولد، فقال: ” استوجب زيادة الروح في ليلة القدر “. فقلت له: جعلت فداك، أليس الروح جبرئيل؟ فقال: ” جبرئيل من الملائكة، و الروح [خلق] أعظم من الملائكة، أليس الله عز و جل يقول: { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ }؟   – تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

وهنا يأت لفظ روح على القرآن الكريم في قوله تعالى { وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم – الشورى 52 } وهذا القرآن الذي أطلق عليه الله تبارك وتعالى روحاً نزل به الروح الأمين على قلبه صلى الله عليه وآله كما في قوله تعالى { نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين  – الشعراء 193-195 } وبهذه الروح التي نزل بها الروح الأمين يتحرك كل الكون خيره وشره وهذه الروح التي هى القرآن الكريم ينزل بها ملك من عند الله تعالى بالفهم الذي أراده الله تعالى وبينه لرسوله وأئمة أهل البيت عليهم السلام وهذه مشيئته تعالى التي قال فيها { رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق – غافر 15 } وقال تعالى أيضاً

{ ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون – النحل 2 } وهذه الروح وفق الإختيار الإلهي نزلت في أول الخلق بليلة القدر من كل أمر كما في قوله تعالى هنا { تنزل الملائكة و الروح فيها بإذن ربهم من كل أمر } .

وكما تنزل الملائكة والروح من أمره كذلك تعرج الملائكة والروح إليه تعالى في يوم كان مقدارة خمسين ألف سنة قال تعالى { تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة – المعارج 4 }

ويوم القيامة أيضاً في نهاية الخلق تقوم الملائكة و هذا الملك الروح صفاً لا يتكلمون بما يؤكد صحة رواية أهل بيت البي عليهم السلام أن روح ملك من ملائكة لله تبارك وتعالى قال فيه عز وجل { يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا – النبأ 38 } .

وأما :

(فيها)

أي أنه يقول تعالى { فيها يفرق كل أمر حكيم } وهذا الأمر الحكيم تنزل به الملائكة والروح في ليلة القدر  قال تعالى { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر – القدر 4 } .

وأما :

(بإذن ربهم)

والأذن أمر من الله تعالى بالإباحة قال تعالى { قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون – يونس 59 } وما أذن الله تعالى به في كل عام بلية القدر  هو :

  • إذن الله تعالى ببعثة رسول الله صلى الله عليه وآله قال تعالى { وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا- الأحزاب 46 }
  • في هذه الليلة يقدر الله تعالى من هداهم إلى طريقه المستقيم قال تعالى {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم – المائدة 16 } وقال تعالى أيضاً { وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله – يونس 10 }
  • الوحي بإذن الله تعالى بما يشاء لقوله عز وجل { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم – الشورى 51 }
  • إمساك العذاب أو نزوله بإذن الله لقوله تعالى { ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم – الحج 65 } .
  • تقدير المصائب ونزول العذاب في هذه الليلة قال تعالى { ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله – التغابن 11 }
  • تقدير الإنفصال بين الزوجين والفراق بينهما قال تعالى { وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله – البقرة } .
  • تقدير أعمال وآجال البشر قال تعالى { وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلا –  آل عمران 145 } .
  • تقدير الله تعالى بالنصر والغلبة لؤسل الله والمؤمنين قال تعالى { كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله – البقرة 249 }
  • يقدر الله تعالى فيها بعثة إمام كل عصر سواء كان ظاهراً أم باطناً قال تعالى { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ – إبراهيم 24-25 } .
  • تقدير ارزاق كل بلد وما يخرج إليهم من نبات قال تعالى { والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون – الأعراف 58 }

أي أن الملائكة تنزل في هذه الليلة بأقدار الله تعالى من خير وشر على الخلائق كلها قال تعالى { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر }

وأما :

(من كل)

أي أنه يقول تعالى { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا – النساء 41} وهؤلاء الشهداء من رسل وأنبياء وأئمة وشهداء وصالحين وعلماء يقضي الله تعالى فيهم بأمره في ليلة القدر

و ترد هذه الآيات في قوله تعالى { و من كل شيئ خلقنا زوجين لعلهم يذكرون – الذاريات 49 } أي الشيئ ونقيضه أو ضده من ذكر وأنثى ليل ونهار سماء وأرض خير وشر … إلخ وكل ما قدره الله تعالى في هذه المخلوقات بين السماء والأرض ينزل فيهم حكمه من خير وشر بليلة القدر كما في قوله تعالى هنا { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر } .

وأما :

(أمر)

وهنا يبين تعالى أن هذا الأمر من ليلة القدر بدأ مع خلق السماوات والأرض وفي هذه الليلة كتب الله تعالى كل ما هو كائن ومقدر على الخلائق إلى يوم القيامة وذلك في اللوح المحفوظ أو أم الكتاب فلما هبط نبي الله آدم وزوجه وإبليس إلى الأرض أصبح هناك ليلة قدر في الأرض ينزل فيها كل عام لهذه الليل ماهو مقدر في اللوح المحفوظ أو أم الكتاب .

أولا :

رسول الله كان قبل الخلق :

قال تعالى  { لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين – الأنعام 163 } وقال تعالى أيضاً { قل إنما أمرت أن أكون أول من أسلم – الزمر } ولفظ أسلم ورد في قووله تعالى { أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ – آل عمران 83 } أي أن خلق رسول الله صلى الله عليه وآله وإسلامه لله تعالى كان قبل الخلق بما يشير إلى أن كل الخلق والأنبياء وما هو في اللوح المحفوظ كله يدور حول بعثة رسول الله صلى الله عليه وآله ولذلك يقول تعالى أنه أخذ في هذه المرحلة الميثاق من كل الأنبياء بنصرة النبي صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام قال تعالى { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين – آل عمران 81 } وكل ما هو كائن بين أنبياء الله تعالى وأقوامهم والبشارة بالنبي محمد صلى الله عليه و أهل بيته عليهم السلام قدره الله تعالى في ليلة القدر بأم الكتاب  . كما في الآية هنا { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر – القدر4 }

ثانياً :

ورد لفظ أمر على أمره تعالى في خلق السماوات والأرض

وهذا الأمر هنا بين الكاف والنون كما في قوله تعالى { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون – يس 82 }

ووكان هذا الخلق سبع سماوات وسبع أراضين وأحى في كل سماءأمرها في ستة أيام قال تعالى فيها { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون – يونس 3} ويقول تعالى أيضاً : { فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم – فصلت 12 } وهنا أبدع الله تعالى خلقه  بكن فكان قبل تقدير الزمن والليل والنهار كما في قوله تعالى { بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون – البقرة 117 }  فلما خلق الله تعالى الخلق قدر عليهم الموت والحياة ودبر أمر خلقه قال تعالى { قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون – يونس 31 }

 

ثالثاً :

 قضاء الله تعالى واختياره أنبياءه ورسله والوحي إليهم :

قال تعالى هنا { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا – الأحزاب 36 } وهنا يقول تعالى بأن اختيار رسله وأنبيائه والأئمة بمشيئته تعالى { رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق – غافر 15} وجعل بأمره تعالى من ذريتهم أئمة قال تعالى فيهم { وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون – السجدة 24}

وكما أوحى الله تعالى لرسله وأنبيائه من قبل أوحى للنبي الخاتم صلى الله عليه آله قال تعالى { وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم – الشورى 52 }  وهذا  كله تم في ليلة القدر مع أول خلق الله تعالى ويتنزل الأمر فيها لكل سماء كما في قوله تعالى { فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم – فصلت 12 } وهذا تم في ليلة القدر بإذن الله كما بينا .

رابعاً :

الرزق قدره الله تعالى للخلائق في هذه الليلة وكتب فيها الأشقياء والسعداء قال تعالى { ومن يتقي الله يدعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا – الطلاق 3 } وهذه الأقدار قدرها الله تعالى في ليلة القدر كما بينا .

خامساً :

نزول العذاب المقدر على الأمم في هذه الليلة :

 

قال تعالى أن هذا الأمر قد أتى وقضاه الله عز وجل كما في قوله تعالى { أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون – النحل 1 }

وقال تعالى لذلك في قوم عاد { تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين –الأحقاف 25 } وهذا هو يوم الحسرة الذي قدره الله تعالى وقال فيه { وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون – مريم 39 }  الأمر قدره الله تعالى في ليلة القدر .

سادساً :

الجنة وما قدره الله تعالى في أهلها قال تعالى { تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ۖ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا – مريم 63-64 }

سابعاً :

كل كيد كاده كفار كل زمان أو مكر مكروه أبرم الله تعالى أمامه أمراً مقدراً في أم الكتاب قال تعالى

{ أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون – الزخرف 79 }

ثامناً :

القيامة وعلاماتها قال تعالى فيها { أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين – الدخان 5 }

تاسعاً :

الموت والحياة وأعمار الخلق قدره الله تعالى في هذه الليلة لقوله تعالى : { هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون – غافر 68} وكل هذه الأقدار من خير وشر في الدنيا والآخرة هنا قدرها الله تعالى في هذه الليلة الممباركة قال تعالى {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر – القدر 4 }

ثم يقول تعالى :

(5) سلام هى حتى مطلع الفجر (5)

وهنا :

(سلام)

والسلام تحية من الله تعالى لأهل الجنة وهى دار السلام لقوله تعالى { والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم – يونس 25 } وهذه التحية قال تعالى فيها { تحيتهم فيها سلام – إبراهيم 23 } وتحية بين أهل الجنة قال تعالى فيها { ونادى أصحاب الجنة أن سلام عليكم – الأعراف 46 } وهى تحية الملائكة لأهل الجنة في قوله تعالى { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين – الزمر 73 } وقال تعالى أيضاً { الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون – النحل 32 } وهو تحية المؤمنين في الدنيا لقوله تعالى { وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم – الأنعام 54 } وهذه الدعوة إلى دار السلام وما يؤدي إليها من أعمال وأوامر أمر بها الله عز وجل تظل حتى مطلع الفجر وهو وقت إجابة الدعاء كما في قوله تعالى هنا { سلام هى حتى مطلع الفجر – القدر } .

وأما :

(هى)

و هى هنا هى الكلمة رقم (27) من ثلاثين كلمة عدد كلمات السورة

(1) إِنَّا – (2)  أَنزَلْنَاهُ (3) فِي (4)  لَيْلَةِ (5) الْقَدْرِ (6)  وَمَا (7)أَدْرَاكَ (8) مَا (9) لَيْلَةُ (10) الْقَدْرِ (11) لَيْلَةُ  (12) الْقَدْرِ (13) خَيْرٌ (14)مِّنْ(15)أَلْفِ(16) شَهْرٍ(17)  نَزَّلُ(18) الْمَلَائِكَةُ (19) الرُّوحُ (20)َفِيهَا(21) بِإِذْنِ (22) رَبِّهِم (22)مِّن (24)كُلِّ(25) أَمْرٍ (26) سَلَامٌ (27)  هِيَ (28) حَتَّىٰ (29)مَطْلَعِ (30)الْفَجْرِ

وهنا يبين اله تعالى لنا أن هى رقم 27  بما يشير إلى أنها على الأرجح ليلة 27 من  شهر رمضان في الأرض و هى الليلة الأولى من شهر رمضان في أم الكتاب و اللوح المحفوظ { يوم خلق الله السماوات والأرض} .

وهى يبين تعالى من خلالها أن كتاب الله تعالى يهدي للطريق القويم المستقيم قال تعالى { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا – الإسراء 9 } . و كلمته تعالى في الدنيا والآخرة هى العليا قال تعالى { وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم – التوبة 40 } وفي هذا لليلة قدر الله تعالى على الكفار والمنافقين أن يكونوا من أصحاب النار هى حسبهم قال تعالى  { وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم – التوبة 68 } وكذلك هلاك القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد وهذا ما قدره الله تعالى في هذه الليلة لقوله تعالى {  وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد  -هود 102 } وكل هذه التقديرات ومنها إجابة الدعوات حتى مطلع الفجر قال تعالى { سلام هى حتى مطلع الفجر } :

وأما :

(حتى)

{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون – البقرة 187 } وهنا هذالخيط الأبيض من الأسود هو وقت مطلع الفجر الذي قال تعالى فيه هنا { سلام هى حتى مطلع الفجر – القدر 5} .

وأما :

(مطلع)

ومطلع الفجر هو وقت ماقبل طلوع الشمس كما قال عز وجل { فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى – طه 130 } وقال تعالى أيضاً { فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب – ق 39 } .أي أن الله تعالى يوصي عباده في هذا اليوم وهذه الليلة بالصلاة والتسبيح قال تعالى { سلام هى حتى مطلع الفجر } .

وأما :

(الفجر)

والفجر وقت الصلاة المعروف قبل طلوع الشمس وهو وقت إمساك عن الطعام للصوم قال تعالى {  وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر – البقرة  187} وهذا الوقت من الأوقات المباركة التي تشهدها الملائكة كما في قوله تعالى { وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا- الإسراء 78 } ولذلك قال تعالى هنا { سلام هى حتى مطلع الفجر } ولعظم بركة هذا الوقت أقسم الله تعالى به في قوله تعالى { والفجر وليال عشر – الفجر } .

هذا وبالله التوفيق وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على

سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

انتهى العمل من هذه السورة الكريمة

في 12 ذو الحجة سنة 1420 هـ الموافق 18 مارس سنة 2000 من ميلاد السيد المسيح (ع)

أهـ .

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

كتاب حياة السيدة زينب (عليها السلام)

كاتب وباحث : خالد محيي الدين الحليبي مدير مركز القلم للأبحاث والدراسات القاهرة    النسب …