ساسة بوست :
وأوضح ماثيوز أن الجنيه المصري انخفض بنسبة 40% مقابل الدولار في عام 2022، (أحد أسوأ أداء عملات الأسواق الناشئة العام الماضي) وفي هذا الأسبوع، بدأ عام 2023 بانخفاض أكثر من 7%.
تحدث موقع «ميدل إيست آي» مع اقتصاديين ومحللين لشرح سبب انخفاض قيمة العملة في أكثر دول العالم العربي سكانًا، ولماذا يحدث ذلك بشكل مفاجئ.
ارتباط الجنيه المصري بالدولار
جاءت التقلبات الدراماتيكية نتيجة لما وصفه براد سيتسر، زميل في مجلس العلاقات الخارجية وخبير في التجارة العالمية وتدفقات رأس المال، بمحاولات مصر للابتعاد عن الارتباط بالدولار.
يجري تداول العملات مثل الدولار الأمريكي أو اليورو أو الجنيه الإسترليني بحُرِّية، مما يعني أن قيمتها بالنسبة إلى أقرانها يحددها المشترون والبائعون الذين يوافقون على سعر السوق. ولهذا السبب فإن منحنى اليورو مقابل الدولار الأمريكي يتعرج صعودًا وهبوطًا.
يستدرك ماثيوز بأنَّ الأمر ليس كذلك بالنسبة لمصر التي تحاول إدارة سعر صرف الجنيه. وبين عامي 2018 و2021، كان الدولار الواحد يشتري نحو 16 جنيهًا مصريًّا بسعر الصرف الرسمي.
البنك الأهلي المصري
قال سيتسر لموقع «ميدل إيست آي»: «تقليديًّا، ربطت مصر عملتها بالدولار». هناك العديد من الطرق التي يمكن للحكومات من خلالها إدارة سعر الصرف، ولكن الطريقة الأكثر وضوحًا هي أن تستخدم البنوك المركزية احتياطياتها من العملات الأجنبية.
أضاف سيتسر: «سيبيع البنك المركزي المصري الدولارات في السوق عندما يكون هناك نقص في المعروض أو يشتريها عندما يكون هناك فائض». وتعد عمليات ربط العملات شائعة في الشرق الأوسط.
تربط دول الخليج جميع عملاتها بالدولار لأن معظم إيراداتها تأتي من النفط المسعَّر بالدولار. كما أن مصر لديها أيضًا مصادر دخل أجنبية، مثل تحويلات الخارج، وأرباح السياحة، ورسوم قناة السويس، ولكنها لا تقترب من مستوى جيرانها الأكثر ثراءً.
ويضيف ماثيوز أنَّه رغم نفي الحكومة المصرية إدارة عملتها، فإن محللين واقتصاديين يقولون إن القاهرة دعمت الجنيه في محاولة للحفاظ على استقرار الأسعار والسيطرة على التضخم.
اقتصاد الناس
من جهته، قال تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين العالميين في بنك الاستثمار الحدودي «رينيسانس كابيتال»، لـ«ميدل إيست آي»: «الربط يعني أن الدولارات تتدفق باستمرار إلى خارج البلاد».
ويقول سيتسر: «ليس لدى مصر احتياطيات من العملات الأجنبية أو تدفقات أجنبية للحفاظ على سعر صرف ثابت».
وفي محاولة للحفاظ على الدولارات الشحيحة، طلبت الحكومة المصرية من المستوردين تقديم خطابات اعتماد، مما خلق طلبًا في السوق السوداء على الدولارات وتراكم البضائع في الموانئ. قال الرئيس عبد الفتاح السيسي في ديسمبر (كانون الأول) إن الحكومة ستساعد البنوك في تأمين العملات الأجنبية لإنهاء تكدس البضائع في الموانئ.
يذكر ماثيوز أنَّ مصر لديها 45 مليار دولار من مدفوعات الديون المستحقة هذا العام. لكنها تواجه صعوبة في العثور على دائنين. وفي أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، سحب المستثمرون الأجانب 22 مليار دولار من سوق ديونها. كما أن ارتفاع أسعار الفائدة في الغرب يجعل مصر وجهة غير مرغوب فيها للمستثمرين الأجانب، مع ارتفاع كبير لعملتها.
قال باتريك كوران، كبير الاقتصاديين في شركة «تلمر ليميتد»، وهي شركة متخصصة في أبحاث الأسواق الناشئة، لـ«ميدل إيست آي»: «لقد حافظت مصر على سعر صرف عملتها عند مستوى عالٍ بشكل مصطنع، وفي الوقت نفسه لديها ديون ضخمة مستحقة بالدولار».
وأضاف كوران: «الأشخاص الذين لدينا بصفتهم عملاء لن يضعوا أموالهم في البلاد حتى يصبح سعر الصرف عند المستوى العادل. من المتوقع أن يحدث انخفاض أكبر بنسبة 20% خلال العام المقبل، وحاليًا يجري تداول العملة بأقل من سعر السوق السوداء».
وفي ديسمبر (كانون الأول)، لجأت مصر إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرضها الرابع من في ستة أعوام، جزءًا من صفقة بقيمة 3 مليارات دولار، ووافقت القاهرة على التحول إلى نظام سعر الصرف المرن، ووافقت على السماح بتحديد قيمة الجنيه من خلال قوى السوق. ومنذ ذلك الحين حدث انخفاض كبير مفاجئ في قيمة الجنيه.
وقال كوران: «ما نشهده خلال الانخفاضات هو رفع الحكومة يديها عن عجلة القيادة، وتركها الجنيه يتكيف وفقًا للعرض والطلب».
ويؤكد ماثيوز أنَّه مع انخفاض قيمة الجنيه تصبح الواردات أكثر تكلفة، وواقعيًّا فهذا يعدُّ شكلًا من أشكال التقشف. يقول روبرتسون من «رينيسانس كابيتال» إن ما يجب على مصر فعله هو زيادة الإنتاج وتقليل الاستهلاك، لا سيما من الخارج.
وأضاف: «مع ضعف العملة، ستصبح الصادرات المصرية أقل تكلفة وأكثر قدرة على المنافسة، وهذا هو الأثر على المدى البعيد. أما التأثير المباشر هو انخفاض في الطلب على الواردات».
ويتحمل المصريون الألم، الذين يعانون من ارتفاع كبير في أسعار كل شيء، من الأدوية إلى الأجهزة الإلكترونية، مع انخفاض قيمة الجنيه.
ويؤدي انخفاض قيمة العملة أيضًا إلى ارتفاع معدلات التضخم، الذي تتوقع «كابيتال إيكونوميكس»، وهي شركة استشارية مقرها لندن، أن يبلغ ذروته عند 27% بنهاية الربع الأول. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ التضخم في مصر 18.7%.
تقول «كابيتال إيكونوميكس» إن هناك بالفعل دلائل على أن انخفاض قيمة العملة له تأثير، حيث تستفيد البلاد من زيادة القدرة التنافسية في الصادرات. وتعهدت دول الخليج، التي تخشى الانهيار الاقتصادي المحتمل، بمليارات الدولارات لمحاولة دعم الاقتصاد.
ويختتم ماثيوز مقاله بتوقع سيتسر بأنَّ مزيدًا من الألم قادم على المصريين العاديين: «يجب على مصر أن تشد حزامها، وتحصل على مساعدة إضافية من جيرانها، وأن يحالفها الحظ مع انخفاض أسعار المواد الغذائية وانتعاش السياحة. إن الخوف الأكبر هو أن تخرج ديون مصر عن السيطرة».
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».
علامات
الاستبداد في الفكر الإسلامي
عبد الله النجار
تحقيق العبودية لله تعالى من خلال تربية الأبناء
حسني الخطيب
غسل الأموال قضية يلزمها قوة رادعة
غنيم فراج الحسيني @Ghunaim1991
لعبة النار بين الإطار والتيار!
إبراهيم الشاهد
مترجم: بين التضخم وتوترات شرق أوروبا.. هذه أكبر المخاطر الاقتصادية في عام 2022
نشر موقع «بيزنس تك» (BusinessTech)، أكبر شبكة لتغطية الأعمال في جنوب أفريقيا، ويركز بصفة خاصة على أخبار المال والأعمال، تقريرًا حول المخاطر الاقتصادية التي يمكن أن تحدِق بالعالم في العام الجديد، لا سيما الشرق الأوسط الذي يُتوقَّع له أن يتعرض لمتاعب بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية؛ مما قد يؤدي إلى انتفاضات شبيهة بما حدث في عام 2011.
وفي البداية، يشير التقرير إلى أن سنوات كوفيد مليئة بالتنبؤات التي لم يثبت الواقع صحتها، وفيما يخص أي شخص يتطلع إلى عام 2022، يجب أن تكون هذه الحقيقة كافية للتوقف من أجل التفكير وإعادة النظر.
ويشير التقرير إلى أن معظم المتنبئين الاقتصاديين، ومن بينهم «بلومبرج إيكونوميكس»، يرون أن هناك انتعاشًا قويًّا مع انخفاض الأسعار والتحول عن أوضاع السياسة النقدية الطارئة، وسيكون ذلك بمثابة حالة أساسية. إذن، ما الخطأ الذي يمكن أن يحدث؟ هناك كثير من الأخطاء التي يمكن أن تحدث.
إفريقيا
يلفت التقرير إلى أن أوميكرون، والتضخم الثابت، ورفع سعر الفائدة لدى الاحتياطي الفيدرالي، وركود العقارات في شركة إيفرجراند الصينية، وتايوان، والركض في الأسواق الناشئة، والبريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، وأزمة اليورو الجديدة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في الشرق الأوسط.
وقد تسير بعض الأشياء على نحو أفضل مما كان متوقعًا أيضًا، بالطبع، وقد تقرر الحكومات الإبقاء على استمرار الدعم المالي. ويمكن أن تحفز الخطة الخمسية الأخيرة للصين على زيادة الاستثمار، وقد تمول مدخرات الجائحة إنفاقًا عالميًّا هائلًا.
أوميكرون: أبرز المخاطر الاقتصادية في عام 2022
ينوِّه التقرير إلى أنه من المبكر إصدار حكم نهائي بشأن متغير أوميكرون من كوفيد-19، ويبدو أنه أكثر عدوى من سابقيه، وقد يكون أقل فتكًا أيضًا، ومن شأن ذلك أن يساعد العالم على العودة إلى شيء مثل الوضع الطبيعي لما قبل الجائحة – مما يعني إنفاق المزيد من الأموال على الخدمات.
لقد أدَّت عمليات الإغلاق والحذر بشأن كوفيد إلى إبعاد الناس عن الصالات الرياضية أو المطاعم، على سبيل المثال، وشجعتهم على شراء المزيد من الأشياء بدلًا من ذلك، وقد تؤدي إعادة التوازن إلى الإنفاق من أجل تعزيز النمو العالمي ليصل إلى 5.1% بزيادة عن توقعات «بلومبيرج إيكونوميكس» الأساسية البالغة 4.7%، لكننا قد لا يحالفنا الحظ إلى هذا الحد، إن متغيرًا أكثر عدوى وفتكًا من شأنه أن يعوق الاقتصادات، وحتى العودة لمدة ثلاثة أشهر إلى أصعب قيود 2021 – دول مثل المملكة المتحدة تحركت بالفعل في هذا الاتجاه – يمكن أن تشهد تباطؤ النمو في 2022 إلى 4.2%.
وفي سيناريو مثل هذا، سيكون الطلب أضعف ومن المرجَّح أن تستمر مشكلات المعروض في العالم، مع إبعاد العمال عن أسواق العمل والمزيد من الأزمات اللوجستية. وبالفعل هذا الشهر، شهدت مدينة نينجبو الصينية – موطن أحد أكثر الموانئ ازدحامًا في العالم – عمليات إغلاق جديدة.
مخاطر التضخم في 2022
يوضح التقرير أنه في بداية عام 2021، كان من المتوقع أن تنهي الولايات المتحدة العام بنسبة تضخم تبلغ 2%. وبدلًا من ذلك، اقتربت نسبة التضخم من 7%. وفي عام 2022، مرةً أخرى، كم المتوقع في ضوء توافق الآراء أن ينتهي التضخم العام بالقرب من المستويات المستهدفة، ولكن قد يكون هناك إخفاق كبير آخر.
إن أوميكرون مجرد سبب واحد محتمل، والأجور التي ترتفع بالفعل بوتيرة سريعة في الولايات المتحدة، يمكن أن ترتفع أكثر وقد تؤدي التوترات بين روسيا وأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الغاز، ومع تغير المناخ الذي يجلب المزيد من الظواهر الجوية المدمرة، قد تستمر أسعار المواد الغذائية في الارتفاع.
ليست كل المخاطر تمضي في الاتجاه نفسه، ويمكن أن تضرب موجة جديدة من الفيروس السفر على سبيل المثال؛ مما يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط، وحتى مع ذلك، فإن التأثيرات المجتمعة يمكن أن تكون صدمة تضخم مصحوب بركود يترك بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى عاجزة عن تقديم إجابات سهلة.
الاتجاه إلى رفع أسعار فائدة بنك الاحتياطي
وبحسب التقرير، يُظهر التاريخ الحديث، من نوبة الغضب أو taper tantrum (الارتفاع المفاجئ في عوائد سندات الخزانة الأمريكية الناتج من إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن تقليص سياسة التيسير الكمي) في عام 2013 إلى عمليات بيع الأسهم في 2018، كيف أن بنك الاحتياطي الفيدرالي عندما يتشدد في سياساته يكون سببًا في حدوث مشكلات للأسواق، كما تُضاف أسعار الأصول المرتفعة بالفعل إلى المخاطر هذه المرة، ويقترب مؤشر ستاندرد آند بور 500 من منطقة الفقاعة، وتشير أسعار المنازل المتسارعة بعيدًا عن الإيجارات إلى أن مخاطر سوق الإسكان أكبر من أي وقت مضى منذ أزمة الرهن العقاري في عام 2007.
وبحسب الكاتب فقد صاغت «بلومبيرج إيكونوميكس» نموذجًا لما يمكن أن يحدث إذا رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الفائدة ثلاث مرات في عام 2022، وأشارت المؤسسة الأمريكية إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيستمر في ذلك حتى تصل المعدلات إلى 2.5%؛ مما يدفع عوائد سندات الخزانة للأعلى وينتشر الائتمان على نطاق أوسع، والنتيجة: ركود في بداية عام 2023.
رفع الفائدة والأسواق الناشئة
يضيف التقرير: وقد يعني رفع الاحتياطي الفيدرالي للفائدة هبوطًا حادًّا للأسواق الناشئة، وعادةً ما تعزز أسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة الدولار، وتؤدي إلى تدفقات رأس المال إلى الخارج – وأحيانًا أزمات في العملة – في اقتصادات الدول النامية، وبعض الدول تكون عرضة للخطر أكثر من دول أخرى. وفي عامي 2013 و2018 كانت الأرجنتين وجنوب أفريقيا وتركيا هي الأكثر معاناة، وبإضافة البرازيل ومصر، نحصل على قائمة من خمسة اقتصادات معرضة للخطر في عام 2022، بناءً على مجموعة من التوقعات والاستقراءات التي جمعتها «بلومبرج إيكونوميكس»، ويبدو أن السعودية وروسيا وتايوان، بقليل من الديون وأرصدة حسابات جارية قوية، هي الأقل تعرضًا لهروب رأس المال في عالم الأسواق الناشئة.
الصين وأزمات العقارات
وأردف التقرير أنه في الربع الثالث من عام 2021، وصل الاقتصاد الصيني إلى مرحلة التوقف، وأدَّى الوزن المتراكم لتراجع العقارات لدى شركة «إيفرجراند» العقارية العملاقة، وعمليات الإغلاق المتكررة بسبب كوفيد ونقص الطاقة إلى انخفاض النمو الاقتصادي السنوي إلى 0.8% – أقل بكثير من الوتيرة البالغة 6% التي اعتاد عليها العالم.
وفي حين أن أزمة الطاقة يجب أن تخف في عام 2022، قد لا تُحَل المشكلتان الأخريان، وقد تعني إستراتيجية بكين الخاصة بالقضاء نهائيًّا على كوفيد تنفيذ عمليات إغلاق بسبب أوميكرون، ومع ضعف الطلب ومحدودية التمويل، قد يتعرض بناء العقارات – الذي يحرك نحو 25% من اقتصاد الصين – لمزيد من الهبوط.
وبحسب توقعات «بلومبيرج إيكونوميكس» هي أن تنمو الصين بنسبة 5.7% في عام 2022. ومن شأن التباطؤ إلى 3% أن تنتشر أصداؤه في جميع أنحاء العالم، مما يجعل مصدري السلع يفتقرون إلى المشترين وربما عرقلة خطط بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مثلما حدث عند انهيار الأسهم الصينية في عام 2015.
الاضطرابات السياسية في أوروبا
أفاد التقرير بأن التضامن بين القادة الذين يدعمون المشروع الأوروبي ونشاط البنك المركزي الأوروبي ساعد في الحفاظ على السيطرة على تكاليف الاقتراض الحكومية، كما ساعد أوروبا على تجاوز أزمة كوفيد، ويمكن أن يتلاشى كلاهما في العام المقبل.
والصراع على الرئاسة الإيطالية في يناير (كانون الأول) يمكن أن يقلب التحالف الهش في روما، وتتجه فرنسا إلى صناديق الاقتراع في أبريل (نيسان)، حيث يواجه الرئيس إيمانويل ماكرون تحديات من اليمين، وإذا اكتسب المشككون في أوروبا القوة في الاقتصادات الرئيسة للكتلة، فقد يؤدي ذلك – بحسب التقرير- إلى تحطيم الهدوء في أسواق السندات الأوروبية وحرمان البنك المركزي الأوروبي من الدعم السياسي المطلوب للرد.
لنفترض أن فروق العائد على سندات الدين السيادي اتَّسعت بمقدار 300 نقطة أساس، كما حدث في أزمة الديون في العقد الماضي. يُظهر نموذج «بلومبرج إيكونوميكس» أنه يمكن أن يخفض أكثر من 4% من الناتج الاقتصادي بحلول نهاية عام 2022، مما يؤدي إلى دخول منطقة اليورو في حالة ركود وإحياء المخاوف بشأن بقائه.
تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
وبحسب التقرير، من المقرر أن تبدأ المفاوضات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن بروتوكول أيرلندا الشمالية – وهي محاولة محكوم عليها بالفشل لعمل المستحيل بإقامة حدود برية مفتوحة واتحاد جمركي مغلق – وتستمر خلال عام 2022، وسيكون الوصول إلى «نعم» أمرًا صعبًا.
ماذا يحدث إذا انهارت المفاوضات؟ استنادًا إلى الاضطرابات السابقة بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن حالة من انعدام اليقين ستضرب الاستثمار التجاري وتقوض الجنيه، مما يؤدي إلى زيادة التضخم وتآكل الدخل الحقيقي، وفي حرب تجارية شاملة، يمكن أن تدفع التعريفات الجمركية وأزمة النقل الأسعار إلى الارتفاع.
مستقبل السياسة المالية
أشار التقرير إلى أن الحكومات أنفقت إنفاقًا كبيرًا لدعم العمال والشركات في هذه الجائحة، ويريد كثيرون الآن ربط أحزمتهم، وسيصل تراجع الإنفاق العام في عام 2022 إلى نحو 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي نحو خمسة أضعاف تدابير التقشف التي أبطأت التعافي بعد أزمة 2008، وفقًا لتقديرات شركة «يو بي إس» السويسرية للخدمات المالية. وهناك استثناءات، بحسب التقرير؛ إذ أعلنت الحكومة اليابانية الجديدة عن حافز قياسي آخر، وأشارت السلطات الصينية إلى تحول نحو دعم الاقتصاد بعد فترة طويلة من التقتير في الإنفاق.
وفي الولايات المتحدة، تحولت السياسة المالية من تعزيز الاقتصاد إلى إبطائه في الربع الثاني من عام 2021، وفقًا لمعهد بروكينجز، ومن المقرر أن يستمر هذا في العام المقبل، على الرغم من أن خطط الاستثمار في رعاية الأطفال والطاقة النظيفة التي وضعها الرئيس جو بايدن ستحِد من البطء إذا ما نجح في تمريرها من خلال الكونجرس.
أسعار المواد الغذائية والاضطرابات
يشدد التقرير على أن الجوع محرك تاريخي للاضطرابات الاجتماعية، وأدَّت مجموعة من تأثيرات كوفيد والطقس السيئ إلى ارتفاع أسعار الغذاء العالمية لتقترب من مستويات قياسية، ويمكن أن تبقيها مرتفعة خلال العام المقبل، وأحدثت صدمة أسعار الغذاء الأخيرة في عام 2011 موجة من الاحتجاجات الشعبية، لا سيما في الشرق الأوسط، ولا يزال عديد من البلدان في المنطقة معرضة لذلك.
والسودان واليمن ولبنان – التي تتعرض بالفعل لضغوط – تبدو جميعها معرضة للخطر على الأقل اليوم كما كانت في عام 2011، وبعضها أكثر هشاشة. وتعد مصر أفضل حالًا على نحو هامشي فقط – بحسب وصف الكاتب- ونادرًا ما تكون الانتفاضات الشعبية أحداثًا محلية جارية، بينما خطر عدم الاستقرار الإقليمي الأوسع هو خطر حقيقي، بحسب التقرير.
السياسة.. جيوسياسية أم محلية؟
يرجِّح التقرير أن أي تصعيد بين الصين وتايوان، من الحصار إلى الغزو المباشر، قد يؤدي إلى جذب قوى عالمية أخرى – بما في ذلك الولايات المتحدة- وحرب القوى العظمى هي الأسوأ، لكن السيناريوهات التي لا تصل إلى حد الحرب تشمل عقوبات من شأنها أن تجمد العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، وانهيار إنتاج تايوان لأشباه الموصلات التي تعد ضرورية للإنتاج العالمي من كل شيء من الهواتف الذكية إلى السيارات.
اقتصاد
وفي مكان آخر، من المقرر أن تجري البرازيل انتخابات في أكتوبر (تشرين الأول) – على خلفية اضطرابات الجائحة والاقتصاد الذي لا يزال يعاني من الركود. وقد تمضي أمور كثيرة في اتجاه خاطئ، على الرغم من أن فوز مرشح يعد بتشديد السيطرة على الإنفاق الحكومي يمكن أن يجلب بعض الراحة في الواقع، وبحسب ما يضيف الكاتب أنه في تركيا، تدفع المعارضة لتقديم انتخابات 2023 إلى العام 2022 وسط تراجع في قيمة العملة يُلقى باللوم فيه على نطاق واسع على السياسات الاقتصادية غير التقليدية للرئيس رجب طيب أردوغان.
ما الذي يمكن أن يتحسن في عام 2022؟
ينفي التقرير وقوع جميع المخاطر في الجانب السلبي. وسياسة الميزانية الأمريكية، على سبيل المثال، يمكن أن تظل توسعية أكثر مما يبدو محتملًا الآن – مما يبقي الاقتصاد بعيدًا عن حافة الهاوية المالية، ويعزز النمو. وعلى الصعيد العالمي، تحتفظ الأسر بتريليونات من الدولارات من المدخرات الزائدة، وذلك بفضل الحوافز المالية للجائحة والاقتصاد في الإنفاق قسرًا أثناء الإغلاق، وإذا جرى إنفاق ذلك بوتيرة أسرع من المتوقع، فسوف يتسارع النمو.
وفي الصين، يمكن للاستثمارات في الطاقة الخضراء والإسكان الميسور التكلفة، المنصوص عليه بالفعل في الخطة الخمسية الرابعة عشرة للبلاد، أن يعزز الاستثمار، ويمكن لاتفاقية التجارة الآسيوية الجديدة، الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة – التي تضم 2.3 مليارات شخص و30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي – أن تعزز الصادرات.
وفي الختام، يشير التقرير إلى أنه في عام 2020، كانت اقتصادات الجائحة أسوأ مما توقعه أي خبير اقتصادي.، لكن هذا لم يكن هو الحال في عام 2021، لأنه في عديد من البلدان، كانت حالات التعافي سريعة على نحو مدهش، وهذا تذكير مفيد بأن بعض الأشياء يمكن أن تسير على نحو صحيح خلال العام المقبل أيضًا.