RT :
توقع الخبير السياسي المصري “أحمد يوسف أحمد” اتجاه الصراعات الرئيسية في الشرق الأوسط نحو الحلحلة في عام 2023 لكن دون الوصول إلى استقرار نهائي بالضرورة، مستندا إلى جمود المتغيرات المحلية والدولية في كل من: اليمن وسوريا وليبيا، مقابل تغيرات واضحة في الحراك الإقليمي المؤثر في صراعات الدول الثلاث.
وذكر “أحمد”، في تنبؤ نشره مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبوظبي، أن المعطيات المحلية في اليمن وليبيا وسوريا لم تشهد أي تغير جذري في تفاعلاتها يمكن أن يشير إلى نقلة نوعية في موازين القوى بينها، بما يمكن أن يؤدي إلى حسم الصراع أو تسويته.
ففي اليمن ظلت الاستقطابات الحادة بين قوى الشرعية والحوثيين مستمرة، كما ظلت مستمرة بين قوى الغرب الليبي وشرقه، وبين النظام السوري والمعارضة، وسط استمرار لتراجع الاهتمام بالدولي المنطقة وصراعاتها، في ظل استمرار الحرب الأوكرانية وتداعياتها العالمية.
غير أن متغيرات المشهد الإقليمي هي ما يرجح اتجاه تلك الصراعات نحو الحلحلة في 2023، كما يرى الخبير المصري، موضحا أن إيران هي الداعم الرئيسي، إن لم يكن الوحيد، للحوثيين، وبدونها تنتهي قدرة الجماعة اليمنية تماما على شن هجمات بالصواريخ أو الطائرات المسيرة، وتتجه نحو الحوار مع السعودية في الآونة الأخيرة.
أما تركيا فهي فاعل رئيسي بالصراعين الآخرين في ليبيا وسوريا، حيث تدعم الغرب الليبي بالسلاح والمشورة العسكرية، وأحيانا التدخل العسكري غير المباشر، وفي سوريا يبدو دورها أكثر وضوحا عبر شن عمليات عسكرية مباشرة ضد المسلحين الأكراد، بهدف القضاء على ما تعتبره أنقرة تهديدا لأمنها القومي، باعتبار أن الطموحات الانفصالية للأكراد تمثل تهديدا لوحدة تركيا، التي تضم أكبر تجمع كردي بالعالم في دولة واحدة.
ونوه “أحمد” إلى أن تركيا اتجهت مؤخرا إلى الحوار والتسوية مع القوى الإقليمية الداعمة لخصوم حلفائها في ليبيا وسوريا، ما أدى إلى تخفيف الاحتقان الإقليمي بنهاية عام 2022.
وبدا وكأن القوى الإقليمية جميعها، وإن بدرجات متفاوتة، قد توصلت إلى أن استمرار الاحتقان بينها لن يفضي إلى انتصارات حاسمة، وإنما إلى استنزاف يُعتد به للموارد، حسب ما يراه “أحمد”، مشيرا إلى انفتاح السعودية والإمارت على تركيا، والحوار بين الرياض وطهران بوساطة بغداد.
وأشار إلى أن مواقف الدول العربية في قمة جده للأمن والتنمية، التي عُقدت في منتصف يوليو/تموز 2022، كشفت أن فكرة إقامة حلف عربي ضد إيران برعاية أمريكية أصبحت في خزائن التاريخ.
ويستدرك الخبير المصري: “لا يعني هذا أن التناقضات العربية الإيرانية قد حُلت، وإنما المقصود أن الباب الدبلوماسي لحل الخلافات قد تم فتحه”.
ويضيف: “ينطبق الأمر نفسه عى تركيا، فثمة انفتاح إماراتي وسعودي عى تركيا، يُضاف إلى علاقتها الوطيدة أصاً بقطر. وهناك حوار مصري تركي وإن كان بطيئاً، يشبه في وتيرته الحوار السعودي الإيراني. كذلك فإن هناك انفتاحاً تركياً على النظام السوري، وإن كان ما زال في بداياته، بيد أن توثق العلاقات الروسية التركية عل خلفية الحرب في أوكرانيا يمكن أن يزيد من فرص نجاحه”.
ويخلص الخبير المصري إلى أن الأمل الوحيد في إنهاء صراعات الشرق الأوسط الرئيسية يتمثل في استمرار حلحلة الخلافات بين القوى الإقليمية المتصارعة، موضحا: “لا شك أن أي تقارب عربي إيراني سينعكس بالإيجاب عى جهود تسوية الراع في اليمن، ونجاح الحوار المصري التركي سيعني إمكانية الحديث عن تقدم في تسوية الصراع الليبي، ونجاح الحوار بن تركيا وسوريا ستكون له بالتأكيد انعكاسات إيجابية على تسوية الصراع في سوريا، خصوصاً مع وجود مصلحة مشركة بن نظامي البلدين فيما يتعلق بالمشكلة الكردية”.
لكن “أحمد” لا يتوقع حدوث حلحلة نهائية للصراعات الإقليمية في عام 2023، لأن غالبية شهور العام قد تُستغرق في استكمال حوارات التهدئة والتقارب، فضلا عن أن احتمالات انتكاسات هذه الحوارات مازالت قائمة، كما أن نجاحها لا يعني الوصول إلى تسويات تلقائيا.