تفسير سورة العصر رقم (14) في التنزيل من تفسير البينة (النبأ العظيم)

السورة بصيغة PDF

سورة العصر :

 

 سورة العصر 

ورد في تفسيرالدر المنثور :

[ أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت سورة { والعصر } بمكة.

وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي مليكة الدارمي وكانت له صحبة قال: كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة { والعصر إن الإِنسان لفي خسر } إلى آخرها، ثم يسلم أحدهما على الآخر….– الدر المنثور للسيوطي ]

وورد في تفسير البرهان :

[ ورد في تفسير البرهان : [” العصر: عصر خروج القائم (عليه السلام) { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } يعني أعداءنا، { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [يعني] بآياتنا { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } يعني بمواساة الإخوان { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ } يعني بالإمامة { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } ، يعني في العسر .

عن المفضل بن عمر، قال: سألت الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)، عن قول الله عز و جل: { وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } ، فقال (عليه السلام) .

” العصر: عصر خروج القائم (عليه السلام) { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } يعني أعداءنا، { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [يعني] بآياتنا { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } يعني بمواساة الإخوان { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ } يعني بالإمامة { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } ، يعني في العسرة “.

عن عبد الله بن عبيد، عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } ، قال: ” استثنى الله سبحانه أهل صفوته من خلقه حيث قال: { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي أدوا الفرائض { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ } أي بالولاية { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } أي وصوا ذراريهم و من خلفوا من بعدهم بها و بالصبر عليها “.

– علي بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } ، فقال: ” استثنى أهل صفوته من خلقه حيث قال: { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } يقول: آمنوا بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام): { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ } من بعدهم و ذراريهم و من خلفوا، أي بالولاية { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } أي وصوا أهلهم بالولاية و تواصوا بها و صبروا عليها “.

– و قال علي بن إبراهيم أيضا: { وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } ، قال: هو قسم، و جوابه: إن الإنسان لخاسر.

و قرأ أبو عبد الله (عليه السلام): (و العصر، إن الإنسان لفي خسر، و إنه فيه إلى آخر الدهر، إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات، و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر و ائتمروا بالتقوى، و ائتمروا بالصبر).- تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

التفسير :

  • والعصر(1)

وهنا :

(و)

الواو هنا للقسم فقد أقسم الله تعالى  بالليالي العشرمن ذي الحجة أو العشر الأواخر من رمضان قال تعالى { و الفجر وليال عشر و الشفع و الوتر  – الفجر } ويقسم الله تعالى بوقت الضحى في قوله تعالى { والضحى والليل إذ جى – الضحى }وقال تعالى { والشمس و ضحاها والقمر إذا تلاها  }  والضحى ينتهي ويلتقي بوقت صلاة الظهر  ويقسم تعالى و يقسم الله تعالى بالليل قائلاً { و الليل إذا يغشى }  والليل والنهار يعرفان بالشمس والقمر وهما في السماء لذلك يقسم تعالى بالسماء في قوله تعالى { والسماء ذات البروج } { والسماء والطارق } وحيث أن الله تعالى يقسم بأوقات مختلفة بين الليل والنهار ويقسم بالسماء وما فيها من كواكب كالشمس والقمر والليل وما فيهما فهذه كلها أوقات صلاة قال تعالى فيها { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ – الروم 17-18 } .

وبالتالي القسم هنا بالعصر وهو وقت من أوقات الصلاة . كما في قول ابن عباس [ أخرج ابن المنذر عن ابن عباس ( والعصر ) قال: ساعة من ساعات النهار . وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ( والعصر ) قال: هو ما قبل مغيب الشمس من العشي. – الدر المنثور للسيوطي ] .

وأما :

(العصر)

وهذا اللفظ مما ليس له مرادف يبينه في كتاب الله .

ورد في تفسير البغوي : [ { وَٱلْعَصْرِ } ، قال ابن عباس : والدهر. قيل : أقسم به لأن فيه عبرة للناظر. وقيل: معناه ورب العصر، وكذلك في أمثاله. وقال ابن كيسان: أراد بالعصر الليل والنهار، يقال لهما العصران. وقال الحسن: من بعد زوال الشمس إلى غروبها. وقال قتادة: آخر ساعة من ساعات النهار. وقال مقاتل: أقسم بصلاة العصر وهي الصلاة الوسطى. { إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لَفِى خُسْرٍ } ، أي خسران ونقصان – تفسير نعالم التنزيل للبغوي ] .

وفي تفسير الطبري يقول : [والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن ربنا أقسم بالعصر ( وَالْعَصْرِ ) اسم للدهر، وهو العشيّ والليل والنهار، ولم يخصص مما شمله هذا الاسم معنى دون معنى، فكلّ ما لزِمه هذا الاسم، فداخل فيما أقسم به جلّ ثناؤه.

ثم يقول تعالى :

  • إن الإنسان لفي خسر (2)

وهنا :

(إن الإنسان)

وهنا يبين الله تعالى أن الإنسان خلقه الله تعالى ولم يكن شيئاً مذكوراً من قبل قال تعالى { أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا – مريم 67} ثم خلقه تعالى من سلالة من طين قال تعالى {  ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ – المؤمنون 12-16 } وهذا الإنسان سيكابد في الدنيا ويشقى فيها لقوله تعالى { لقد خلقنا الإنسان في كبد – البلد 4} ويبين تعالى أنه سيكابد ويكادح في طريق لقاء الله تعالى بالحياة الدنيا كما في قوله تعالى { يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه – الإنشقاق 6 } وفي طريق كدحة وكده ومابدته في طريق لقاء الله تعالى بالحياة الدنيا بين تعالى أن كثيراً من الناس إذا أنعم الله تعالى عليهم فيها أعرضوا كما في قوله تعالى { وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض – فصلت 51 } وهؤلاء في خسران مبين قال تعالى فيه هنا { والعصر إن الإنسان لفي خسر  } وهنا العصر إذا عنى به الدهر فهو قد أضاع  دنياه في ما لا يرضي الله وترك الصلوات وأولها صلاة العصر وهى الصلاة الوسطى بين الليل والنهار قال تعالى { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } وهى صلاة العصر لتوسطها بين الليل والنهار .

وأما :

(لفي)

وهنا يبين تعالى أن الناس بغير طاعة الله تعالى ورسوله وولايته الحق و تعلم كتاب الله وتدارسه وتدبره فهم في ضلال مبين قال تعالى { لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين – آل عمران 164 } وبالتالي المؤمنين في عليين بالجنة كما في قول تعالى { كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين – المطففين 18} ومن ماتوا على كفر وخروج على ولاية الله الحق كما في قوله تعالى { كلا إن كتاب الفجار لفي سجين – المطففين 7 }  فهؤلاء في خسران مبين إلا  لا الذين آمنوا وعملو الصالحات هنا   { إن الإنسان لفي خسر  إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } .

وأما :

(خسر)

[ والخسر :

يكون لمن خرج على دين الإسلام وهو الطاعة والحنيفية الإبراهيمة والوصية لآخل بيت النبي عليهم السلام قال تعالى { ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين – آل عمران 85 } . وكل من أطاع كافراً أو منافقاً فهو من الخاسرين قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين – آل عمران 149 } وكذلك من ارتد عن دينه وعمل بغير شريعة الإسلام  فهو من الخاسرين قال تعالى { وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ – المائدة 21 } و هؤلاء هم الذين كفروا بالإيمان وصدقوا غير كتاب الله وسنة رسوله وولاية أهل بيته عليهم السلام وقال تعالى فيهم { ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين – المائدة 5 } وطاعتهم لغير الله تعالى شركاً مع الله تعالى قال فيه { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم ياذن به الله – الشورى } ومن أطاع الرجال في غير نص من كتاب الله فهو الشرك كما في الآية السالفة وهو في الآخرة من الخاسرين لقوله تعالى {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين – الزمر 64-65  }ولذلك قال تعالى في عباد الرجال بغير نص من كتاب الله ومن تركوا شريعة الله تعالى : { فاعبدوا ما شئتم من دونه قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين – الزمر 15 }

ومن ترك العمل الصالح لتخف موازينة يوم القيامة فهو مع الخاسرين { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ – المؤمنون 103 } .

ومن الخاسرين آخر الزمان الذين خرجوا على إمام أهل البيت عليهم السلام لورود لفظ الخسران في قوله تعالى عن تأويل آخر الزمان الذي يأتي به إمام أهل البيت عليهم السلام : { هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون – ألأعراف 53 }

وهنا يصح تأويل تفاسير أهل البيت عليهم السلام أن العصر هو عصر إمام آخر الزمان كوجه من وجوه التفسير عند أهل بيت النبي عليهم السلام وهم الأعلم بكتاب الله :

ورد في تفسير البرهان : [” العصر: عصر خروج القائم (عليه السلام) { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } يعني أعداءنا، { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [يعني] بآياتنا { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } يعني بمواساة الإخوان { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ } يعني بالإمامة { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } ، يعني في العسر .

– محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن سلمة، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن أبي صالح الحسن بن إسماعيل، عن عمران بن عبد الله المشرقاني، عن عبد الله بن عبيد، عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز و جل: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } ، قال: ” استثنى الله سبحانه أهل صفوته من خلقه حيث قال: { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي أدوا الفرائض { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ } أي بالولاية { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } أي وصوا ذراريهم و من خلفوا من بعدهم بها و بالصبر عليها “. – البرهان للسيد هاشم البحراني ] .

وهؤلاء هم الذين خسروا أنفسهم  وأهليهم يوم القيامة لقوله تعالى { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ ۗ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ – الشورى 45 }

ثم يقول تعالى في المؤمنين الذين استثناهم عز وجل من الخسران في الدنيا والآخرة :

  • إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات (3)

وهنا يبين تعالى أن الإيمان هو التصديق لقوله تعالى عم إخوة يوسف وماذكروه عن يوسف عليه السلام أمام أبيهم { وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين – يوسف } والإيمان لا يقبل إلا بالعمل فلو آمن ولم يعمل فهو زعم باطل قال تعالى فيه { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا – النساء 60 }

وإن أعلنوا الإسلام وعملوا بالطاعات وأبطنوا الكفر فهم منافقون قال تعالى فيهم { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ- المائدة 41 } وهؤلاء هم الذين قال تعالى في تظاهرهم بالإسلام { وإذا جاءوكم قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا أنا معكم إنما نحن مستهزءون – البقرة }  وبالتالي الإيمان لا بد وأن يكون قولا وعملا كما في قوله تعالى { ياعباد لاخوف عليكم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين – الزخرف 69 } وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وآله [  الإيمان والإسلام أخوان قرينان لا ينفصلان .. الحديث – منتخب كنز العمال هامش مسند أحمد باب الإيمان ] .

وفي كتاب الله تعالى الإيمان قال تعالى فيه { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ذَٰلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ  – محمد 1-3 } ومن آمن بما نزل على محمد صلى الله عليه وآله أطاع الله تعالى ورسوله لقوله تعالى { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ – آل عمران 32 }

ومن أطاعه تعالى تولاه عز وجل ورسوله والإمام عليه عليه السلام لقوله تعالى { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ – المائدة 55-56 } ومن تولى الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام فهو من الفائزين لما نزل فيهم من قوله تعالى أنهم خير البرية بسورة البينة قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ – البينة 7-8 }ورد في تفسير الدر المنثور في تفسير هذه الآية  [.. أخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: ”  قلت يا رسول الله: من أكرم الخلق على الله؟ قال: ” يا عائشة أما تقرئين { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية }  .

وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال: ” كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل عليّ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة، ونزلت { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية } “فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبل عليّ قالوا: جاء خير البرية .

وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعاً: عليّ خير البرية.وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال: ” لما نزلت { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: ” هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ” ” وأخرج ابن مردويه عن عليّ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ألم تسمع قول الله: { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية } أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جئت الأمم للحساب تدعون غرّاً محجلين “.- الدر المنثور للسيوطي ] .

ومن خرج على هذه الولاية وهذه الطاعة فهو من الخاسرين كما في الآية هنا { والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وهنا يصح تأويل أهل البيت بأن الخاسرين هم الذين خرجوا على ولاية الله تعالى ورسوله وإمامة أهل بيته عليهم السلام وآخرهم قائمهم المهدي (عليه السلام) .

هذا وبالله التوفيق وما توفيقي

إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وسلام على المرسلين

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

انتهى العمل من هذه السورة الكريمة بعد عشاء الجمعة الموافق 23 رمضان عام 1420 هـ الموافق

31 دديسمبر 1999م

 

 

 

About مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمستقبل العالم الإسلامي و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم على الكلمة وتفاصيل مواردها ومراد الله تعالى منها في كل موضع بكتاب الله في أول عمل فريد لن يتكرر مرة أخرى .

Check Also

من تفسير “البينة” : لماذا قال الأنبياء من قبل لقومهم (إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) و في أمتنا آخر الأمم (عذاب يوم كبير)  

لماذا قال الأنبياء من قبل لقومهم (إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) و في أمتنا …