سورة الماعون (17) في التنزيل من تفسير البينة (النبا العظيم)

خالد محيي الدين الحليبي

***

السورة بصيغة ملف بي دي إف :

***

سورة الماعون

ملحوظة  

رجاءاً عدم الطبع أو النشر إلا بعد إذن كتابي من المؤلف 

{ والذين هم لآماناتهم وعهدهم راعون }

ملف ورد :

سورة الماعون

(1) أرأيت الذي يكذب بالدين(1)

 

  • [ عن ابن عباس، في قوله : ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ قال: الذي يكذّب بحكم الله عز وجلّ . – تفسير الطبري ] .
[ عن أبي عبد الله في قوله تعالى “أرأيت الذي يكذب بالدين “قال بالولاية يعني أن الدين هو الولاية – تفسير كنز الدقاق للقمي المشهدي ج 14 ص 454 ] .

 

  • أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1)

وهنا قوله تعالى

  • (أرأيت)

وأرأيت ورد هذا اللفظ في قوله تعالى {  أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا  أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ  بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا   – الفرقان 43 – 44 } أي أن قوله تعالى أرأيت الذي يكذب بالدين هم قوم عملوا برأيهم وبأهوائهم في مقابل النص القرآني وهؤلاء وصفهم الله تعالى أنهم كالأنعام بل هم أضل وهؤلاء عملهم بالهوى و تركهم العمل بكتاب ربهم من يهديهم من بعد الله كما في قوله تعالى { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ  أَفَلَا تَذَكَّرُونَ – الجاثية 23 } وهنا يكون قول ابن عباس صحيحاً بأن المكذبين بالدين هم المكذبين بحكم الله تعالى وهم أيضاً المكذبين بالولاية وهة ولاية الله تعالى ثم ولاية رسوله وأهل بيته عليهم السلام الوارد ذكرها في قوله تعالى { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون – المائدة} وهؤلاء هم الذذين ينهون عن الصلاة بأحكامها من أمربالمعروف ونهي عن منكر لقوله تعالى { أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ألم يعلم بأن الله يرى – العلق } .

حتى بعد إسلام هؤلاء نفاقاً قام إسلامهم على مدح وتزكيةرجالهم محولين الدين إلى مدائح لرجال وقبائل لورود لفظ الرؤية في قوله تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا  انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا – النساء 49- 50 } .

وأما :

  • ( الذي يكذب)

التكذيب في كتاب الله لا يعني القول بأنه كذب بل جاء في مواضع من كتاب الله تعالى أن ترك العمل بكتاب الله تعالى تكذيب به لقوله تعالى في بني إسرائيل { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ – الجمعة 5} .

وبالتالي تركهم العمل بآيات الله تعالى أضلهم الله عز وجل فلما أضلهم أصبحوا يختارون ما يضرهم ولا ينفعهم ولذلك قال تعالى : { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ – الأعراف 146} .

والتكذيب هو الترك كما في قوله تعالى { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ  وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ– الحج 42-44 } فإن كان التكذيب ترك فهو كفر إعراض وإن كان على علم فهو جحود وإن كانوا مستكبرين فهو كفر استكبار .

وهؤلاء منهم الذين أسلموا نفاقاً ثم افتروا على الله الكذب وهم يزعمون الإسلام كما في قوله تعالى { ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام – الصف 7 } .

ومما كذبوه مدحهم لرجالهم وقبائلهم كما بينا وذلك في قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا  انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا – النساء 49- 50 } .

وكذلك مما كذبوه تقولوا على الله غير الحق ونسبوا إليه ماليس فيه تعالى من شرك لم يقبلوه لأنفسهم وعملوا بالهوى في مقابل النص القرآني وكذلك  التجسيم ويدخل فيه نسبتهم الإناث إلى الله تعالى عما يشركون ولذلك قال تعالى في كل من جعل لله تعالى شيئاً يكرهه على نفسه : { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَىٰ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ – النحل 62 } .

وأما :

– ( بالدين )

[ الدين بكسر الياء يأتي لمعاني : الإنقياد والطاعة والجزاء والشريعة – معجم ألفاظ القرآن باب الدال فصل الياء والنون ] .

والدين هنا مايدين به العبد من شريعة إما حق وإما باطل فإن كان لغير الله  عملاً بالهوى أو شرائع أخرى أرضية أو غير كتاب الله تعالى فهو دين باطل قال تعالى فيه مبيناً أنه دين ولكن ليس دين الإسلام لقوله تعالى في عقائد مصر زمن سيدنا يسف عليه السلام  { مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ – يوسف 76 }

وأما إن كان عملاً بكتاب الله تعالى وسنة رسوله وولاية أهل بيته عليهم السلام امتداد المصطفين الأخيار من النبيين والمرسلين فهو دين الإسلام الحق لقوله تعالى  { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ – آل عمران 19 } . وهذا الإسلام يقون على ولاية المصطفين الأخيار من أنبياء الله تعالى لقول سيدنا إبراهيم لبنيه عليهم السلام { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ  – آل عمران 132} ثم بعد خاتم النبيين صلى الله عليه وآله فقد اصطفى الدين لذريتهم منأهل بيت النبي وقال فيهم سبحانه وتعالى { ذرية بعضها من بعض } قال تعالى { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  – آل عمران 33-34 }

وهذه هى الوصية التي أوصى بها كل أنبياء الله تعالى من قبل ولأن رسول الله خاتم النبيي صلى الله عليه وآله فالوصية من بعده بالإمامة وليست النبوة وهنا جاء الإختلاف بين من أرادوا الله تعالى والدرا الآخرة والعمل بكتاب الله تعالى وبين الذين عملوا للدنيا وبالشورى في مقابل النص قال تعالى لذلك في هذه الوصية {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ – الشورة 13 }

وبهذه الوصية لأمير المؤمنين علي عليه السلام يكتمل الدين ويتم لقوله تعالى

{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا – المائدة 3 } .

وفي الحديث :

عن أبي سعيد الخدري  إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلى علي في غدير خم، وأمر [ما] تحت الشجرة من الشوك فقم – وذلك يوم الخميس – فدعا عليا وأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر [الناس] إلى إبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآيات: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)  فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية – نفحات الأزهار للسيد علي الميلاني ج 16ص 357 ] .

 

[حديث الغدير فيكتب الحديث

1 ـ [ قال النبي(صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم : «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ فقلنا بلى يارسول الله . قال : فمن كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه» –  مسند أحمد ، رقم الحديث 915  ]

 

2 ـ  [ وعن زاذان أبي عمر قال : سمعت عليّاً في الرحبة ، وهو ينشد الناس : من شهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم وهو يقول ما قال .

فقام ثلاثة عشر رجلا فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله(صلى الله عليه وآله)وهو يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه » -مسند أحمد ، رقم الحديث 906  ]

3 ـ [  «إنّ النبي(صلى الله عليه وآله) قال يوم غدير خم : «من كنتُ مولاه» فعلي مولاه قال (ربما الراوي وهو أبو مريم أو غيره) فزاد الناس بعد : والِ من والاه وعادِ من عاداه» – مسند أحمد ، رقم الحديث 1242 ] .

وفيه : أنّ هذه الزيادة ليست من الناس ، بل هي رواية عن النبي(صلى الله عليه وآله)عن زيد عن رسول الله في حديث رقم 18522 في مسند أحمد .

ثم إن هذه الإضافة موجودة في مصادر الحديث الأخرى عند الطائفتين ، فلا إشكال في ثبوت صدورها عن النبي(صلى الله عليه وآله) ، ثم إن مورد الاستشهاد إنما بصدر الحديث أي قوله(صلى الله عليه وآله) : «من كنتُ مولاه فعلي مولاه» . وليس بذيله ، أي : (اللهم والِ من والاه . . .( .

4 ـ [  وعن أبي سرحة أو زيد بن علي عن النبي(صلى الله عليه وآله) : «من كنت مولاه فعلي مولاه» –   سند الترمذي ، كتاب المناقب ـ رقم الحديث 3646 .]

 

5 ـ  [ وقال سعد بن أبي وقاص لمعاوية بن أبي سفيان بعد أن نال الأخير من عليّ(عليه السلام) : «تقول هذا لرجل سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه »  –   نن بن ماجة ، رقم الحديث 118   ] .

 

6 ـ [  «وعن عامر بن سعد عن سعد ، أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)خطب فقال : أما بعد ، أيّها الناس فإني وليكم قالوا : صدقت ، ثم أخذ بيد عليّ فرفعها ثم قال : هذا ولييّ والمؤدي عني ، والِ اللهم من والاه ، وعادِ اللهم من عاداه .

7 ـ  [ وعن عائشة بنت سعد عن سعد قال : أخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله) بيد علي فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ألم تعلموا أني أولى بكم من أنفسكم؟

قالوا : نعم ، صدقت يارسول الله . ثم أخذ بيد علي فرفعها : فقال : من كنت وليه فهذا وليه ، وإن الله ليوال من والاه ويعادي من عاداه» –   خصائص الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : 176 حديث رقم 94 و95 ]

 

8 ـ [ «وعن عائشة بنت سعد عن سعد أنه قال : كنا مع رسول الله بطريق مكّة ، وهو متوجه إليها ، فلما بلغ غدير خم الذي بخم وقف الناس ثم ردّ من مضى ولحقه من تخلف فلما اجتمع الناس قال : أيّها الناس هل بلغت؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد . ثم قال : أيها الناس هل بلغت؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد ثلاثاً (ثم قال) أيها الناس من وليكم؟

قالوا : الله ورسوله ـ ثلاثاً ـ ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فأقامه فقال : من كان الله ورسوله وليه فإن هذا وليه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه» –  رجمة الإمام علي من تاريخ دمشق 2 : 53 .]

 

9 ـ [ «روى عثمان بن سعيد عن شريك بن عبد الله ، قال : لما بلغ عليّاً(عليه السلام) أنّ الناس يتهمونه فيما يذكره من تقديم النبي(صلى الله عليه وآله) وتفضيله إياه على الناس ، قال(عليه السلام) : أنشد الله من بقي ممّن لقى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وسمع مقاله في يوم غدير خم إلاّ قام فشهد بما سمع؟

فقام ستة ممن عن يمينه من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله)وستة ممن على شماله من الصحابة أيضاً فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول ذلك اليوم وهو رافع بيدي علي : من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله ، وأحبَّ من أحبَّه وأبغض من أبغضه » –  شرح ابن أبي الحديد 2 : 287 .]

 

«وفي مكان آخر من كتاب النهج ينقل ابن أبي الحديد هذه القطعة الإضافية «وأنس بن مالك في القوم لم يقم : فقال له يا أنس! ما يمنعك أن تقوم فتشهد ولقد حضرتها؟

فقال : ياأمير المؤمنين كبرت ونسيت . فقال : اللهم إن كان كاذباً فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة .

قال طلحة بن عمير : فوالله لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض من عينيه» –   شرح نهج البلاغة 4 : 4 ]

 

10 ـ [« قال(صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه» –   الصواعق المحرقة : 122 ]

 

11 ـ  [ «وقام النبيّ(صلى الله عليه وآله) خطيباً وأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟

قالوا : بلى يا رسول الله(صلى الله عليه وآله( .

قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»  – تاريخ اليعقوبي 2 : 112 . ]

 

12 ـ [  وقال النبي(صلى الله عليه وآله) للمسلمين في عودته من حجّة الوداع : «من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»  – ا لمجموعة الكاملة لمؤلفات الدكتور طه حسين ، المجلد الرابع : الخلفاء الراشدون : 443 ] .

 

 

وهنا يتبين لنا أن الدين دينان دين حق ودين باطل يقوم على مخالفة الشرائع السماوية وأما المنافقون الذين وضعوا في دين الله الكذب وزعموا الإسلام فهم داخلون في ذلك لقوله تعالى كما بينا { ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام – الصف } ولذلك اختلفوا لشيع وأحزاب برزت من بعد موت النبي صلى الله عليه وآله فاختلفت الأمة لشيع وصفها الله تعالى بالشرك لأنهم أشركوا العمل بالهوى في مقابل النص القرآني كما في  قوله تعالى { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ  – الروم31-32}

 

ولذلك قال صلى الله عليه وآله لقريش لما رفضوا القرآن الكريم والعمل بأحكامه والإيمان بما فيه وبرسالة النبي صلى الله عليه وآله قال لهم الله تعالى في سورة الكافرون  { لكم دينكم ولى دين – الكافرون}

 

وهذا الدين الحق يبين تعالى في استفهام استنكاري كيف يبغون غير دين الله  وهم يرون السماوات والأرض أسلما لله تعالى { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون – يس } ولذلك قال تعالى هنا  { أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ  – آل عمران 83 } .

 

وهذا الدين يقوم على الولاء والبراء الولاء لأهل بيت النبي ومودتهم كما في قوله تعالى { قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى – الشورى } وهذا الولاء والبراء قال فيه تعالى عن سيدنا إبراهيم عليه السلام : { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ – الممتحنة 4 } .

وبالتالي قول الإمام الصادق أن الدين هو الولاية لله تعالى ولرسوله  وإمامة أهل بيته عليهم السلام صحيحاً و يأذن به الله ولايتهم خارج لولاية الشركاء الذين شرعوا للناس من الدين مالم يأذن به الله قال تعالى { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله – الشورى } وهؤلاء هم الذين فرقوا دينهم بالأهواء وكانوا شيعاً لقوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ  – الأنعام 159 }  .

وهذا الدين الحق سيظل يحارب من أهل الكتاب كما في قوله تعالى { وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ  وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ– البقرة 217 } وتظل هذه الحرب مستمرة بحمق التيار اليميني المتشدد فيهم حتى يعاقبهم الله تعالى بيأجوج ومأجوج إن لم يتوبوا ويسلموا ويتولوا أهل بيت النبي وينصرونهم ويعاونون الضعيف وينصرون المظلومين من أهل بيت النبي  وهذه هى مقومات نصر وفتح لي أمة في العالم إن أرادت خير الدينا والآخرة .

 

وهذا الدين له يوم وهو يوم الحساب إذا مات هؤلاء الظالمون قالوا يوم القيامة

{ قالوا ياويلنا هذا يوم الدين – الصافات 20 } . وهذا اليوم كذب به هؤلاء المجرمين ولم يعملوا له لأعمال الصالحة ولذي قالوا يوم القيامة عند دخولهم سقر والعياذ بالله {  وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ  حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ  فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ – المدثر 46-48 } .

 

ثم يقول تعالى في وصف هؤلاء المكذبين بالدين هنا :

 

  • فذلك الذي يدع اليتيم (2)

 

(فذلك الذي )

وردت هذه الآيات ونقول آيات لأن كل حرف في كتاب الله آيه قال تعالى { الم تلك آيا ت الكتاب المبين } وهذه الآيات وردت في قوله تعالى

{ فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَٰلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ  ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا  وَبَنِينَ شُهُودًا  وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا  ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ  كَلَّا  إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا  – المدثر 8-17 } .

وهنا يتبين لنا أن هذا اليوم العسير للذي يكذب بالدين ويدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين قال تعالى هنا { أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين – الماعون }  وهنا يتبين لنا أن الوليد بن المغيرة كان من هؤلاء الذين كانوا يمنعون الماعون والآية عامة في كل من فعل ذلك إلى يوم الدين .

وأما :

( الذي )

ورد هذا اللفظ في قوله تعالى { ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده – الهمزة } وقوله تعالى { أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى –  العلق } أي أن الذي كذب بالدين هو الذي يدع اليتيم وهو الحريص على الدنيا وجمع المال فيها بغير حق وهو الذي يمنع الناس من عبادة الله والصلاة .

وأما :

(يدع اليتيم)

[ ويدعه دعاً : دفعه دفعاً عنيفاً في إرهاق وإزعاج – معجم ألفاظ القرآن باب الدال فصل العين والعين ]

قال تعالى { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا  هذه النار التي كنتم بها تكذبون – الطور 13-14 } أي أن صفة من صفات المكذب بيوم الدين تجبره على الفقراء والمساكين وردفعهم دون شفقة أو رحمة كما في الآية هنا { أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم } .

وأما :

(اليتيم)

واليتيم هوالذي فقد الأب دون البلوغ لقوله تعالى في الوصاية على تركاتهم وميراثهم إذا بلغوا سن النكاح { وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ – الأنعام 152} . ثم يبين تعالى أن أهل النار هم الذين لا يكرمون اليتيم وذلك تحذير للمؤمنين من أن يقعوا في تلك الكبيرة في قوله تعالى { كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين – الفجر }

 

وأول يتيم في الإسلام بالفعل تم دعه والإستهزاء به والإعراض عنه وعن دعوته في محضر من بني هاشم وبني عبد المطلب حضرة النبي صلى الله عليه وآله لما قال له أبو لهب تباً لك الهذا جمعتنا

[ عن ابن عباس  لَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] ورَهْطَكَ منهمُ المُخْلَصِينَ، خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حتَّى صَعِدَ الصَّفا، فَهَتَفَ: يا صَباحاهْ، فقالوا: مَن هذا الذي يَهْتِفُ؟ قالوا: مُحَمَّدٌ، فاجْتَمَعُوا إلَيْهِ، فقالَ: يا بَنِي فُلانٍ، يا بَنِي فُلانٍ، يا بَنِي فُلانٍ، يا بَنِي عبدِ مَنافٍ، يا بَنِي عبدِ المُطَّلِبِ، فاجْتَمَعُوا إلَيْهِ، فقالَ: أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ بسَفْحِ هذا الجَبَلِ، أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: ما جَرَّبْنا عَلَيْكَ كَذِبًا، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ، قالَ: فقالَ أبو لَهَبٍ: تَبًّا لكَ أما جَمَعْتَنا إلَّا لِهذا، ثُمَّ قامَ فَنَزَلَتْ هذِه السُّورَةُ: (تَبَّتْ يَدا أبِي لَهَبٍ وقدْ تَبَّ ) – رواه مسلم – حديث صحيح ]
[ ع اليتيم قال فيه البغوي في تفسيرة : يقهره ويدفعه عن حقه، والدع: الدفع بالعنف والجفوة ]
ثم يقول تعالى :
(3) ولا يحض على طعام المسكين (3)

وأما :

( ولا يحض)

[ وحض عليه : حثه عليه – معجم ألفاظ القرآن باب الحاء فصل الصاد والضاد ]

قال تعالى { كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا  وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا  – الفجر 17-20 } وهذه الجريمة أو الكبيرة عند الله تعالى تستوجب النار لقوله تعالى في أهلها { مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ   هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ  خُذُوهُ فَغُلُّوهُ  ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ  ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ  إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ  وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ  فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ  – الحاقة 28 – 35 } .

وأما :

(طعام المسكين )

والمسكين الذي اسكنته الحاجة والفقر وهذا دائما يجتنبه أولي الطول والحول من الأغنبياء والمستكبرين قال تعالى فيما فعله الأغنياء بالفقراء ودمر الله تعالى زراعاتهم { إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ  وَلَا يَسْتَثْنُونَ  فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ  فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ  فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ  أَنِ اغْدُوا عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ  فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ  أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ  وَغَدَوْا عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ  فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ  بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ  قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ  قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ  فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ  قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ  عَسَىٰ رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ  – القلم 17-32} .

وهنا يبين تعالى أن خير مثال ضربه لأهل الجنة هم أهل بيت النبي عليهم السلام أو الإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء لما نزل فيهم من قوله تعالى { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا  إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا  – الإنسان 8-9 }

[  قوله تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ) قال عطاء ، عن إبن عباس‏ :‏ وذلك أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) نوبة أجر نفسه يسقي نخلاً ، بشيء من شعير ليلة حتى أصبح وقبض الشعير وطحن ثلثه فجعلوا منه شيئاً ليأكلوا يقال له : الخزيرة ، فلما تم إنضاجه أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام ثم عمل الثلث الثاني ، فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه ثم عمل الثلث الباقي ، فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فأطعموه وطووا يومهم ذلك فأنزلت فيه هذه الآية – أسباب النزول للواحدي ص 296 ]

مصادر وردت فيها أسباب النزول :

[المصادر :

 

– الحاكم الحسكاني – شواهد التنزيل – الجزء : ( 2 ) – رقم الصفحة : ( 298 ) – رقم الحديث : ( 1042 / 1046 / 1047 / 1048 / 1051 / 1053 / 1054 / 1055 / 1056 / 1057 / 1058 / 1059 / 1061 ).

– الموفق الخوارزمي الحنفي – المناقب – رقم الصفحة : ( 188 / 194 ).

– الكنجي الشافعي – كفاية الطالب : رقم الصفحة : ( 345 / 348 ) الطبعة الحيدرية ، رقم الصفحة : ( 345 ) طبعة الغري.

– السبط إبن الجوزي الحنفي – تذكرة الخواص – رقم الصفحة : ( 312 / 317 ).

– إبن مغازلي الشافعي – مناقب علي (ع) – رقم الصفحة : ( 272 ) – رقم الحديث : ( 302 ).

– الشبلنجي – نور الأبصار – رقم الصفحة : ( 102 / 104 ) – الطبعة السعيدية بمصر ، رقم الصفحة : ( 101 / 102 ) – الطبعة العثمانية بمصر.

– القرطبي – الجامع لآحكام القرآن – الجزء : ( 19 ) – رقم الصفحة : ( 130 ).

– الزمخشري – الكشاف – الجزء : ( 4 ) – رقم الصفحة : ( 670 ) – طبعة بيروت ، الجزء : ( 4 ) – رقم الصفحة : ( 197 ) – طبعة محمد بمصر.

– الآلوسي – روح المعاني – الجزء : ( 29 ) – رقم الصفحة : ( 157 ).

– إبن الأثير – أسد الغابة – الجزء : ( 5 ) – رقم الصفحة : ( 530 / 531 ).

– الواحدي النيسابوري – أسباب النزول – رقم الصفحة : ( 251 ).

– الفخر الرازي – تفسير الفخر الرازي – الجزء : ( 13 ) – رقم الصفحة : ( 243 ) طبعة البهية بمصر ، الجزء : ( 8 ) – رقم الصفحة : ( 392 ) طبعة الدار العامرة بمصر.

– الكلبي – التسهيل لعلوم التنزيل – الجزء : ( 4 ) – رقم الصفحة : ( 167 ).

– الشوكاني – فتح القدير – الجزء : ( 5 ) – رقم الصفحة : ( 249 ) الطبعة الثانية ، الجزء : ( 5 ) – رقم الصفحة : ( 338 ) الطبعة الأولى / الحلبي بمصر.

– السيوطي – الدر المنثور – الجزء : ( 6 ) – رقم الصفحة : ( 299 ).

– السيوطي – اللآلي المصنوعة – الجزء : ( 1 ) – رقم الصفحة : ( 370 ).

– الطبري – ذخائر العقبى – رقم الصفحة : ( 88 / 102 ).

– محب الدين الطبري – الرياض النظرة – الجزء : ( 2 ) – رقم الصفحة : ( 274 / 302 ).

– إبن طلحة الشافعي – مطالب السؤول – الجزء : ( 1 ) – رقم الصفحة : ( 88 ).

– إبن عبد ربه – العقد الفريد – الجزء : ( 5 ) – رقم الصفحة : ( 96 ) لجنة التأليف والنشر بمصر – والجزء : ( 3 ) – رقم الصفحة : ( 45 ) ط أخرى.

– تفسير الخازن – الجزء : ( 7 ) – رقم الصفحة : ( 159 ).

– تفسير النسفي – الجزء : ( 4 ) – رقم الصفحة : ( 318 ).

– تفسير البيضاوي – الجزء : ( 5 ) – رقم الصفحة : ( 165 ) ط بيروت ، الجزء : ( 4 ) – رقم الصفحة : ( 235 ) ط مصطفى محمد.

– البغوي الشافعي – معالم التنزيل بهامش الخازن – الجزء : ( 7 ) – رقم الصفحة : ( 159 ).

– إبن حجر – الإصابة – الجزء : ( 4 ) – رقم الصفحة : ( 387 ) ط السعادة ، الجزء : ( 4 ) – رقم الصفحة : ( 376 ) ط مصطفى محمد بمصر.

– التستري – إحقاق الحق – الجزء : ( 3 ) – رقم الصفحة : ( 158 / 169 ) ، الجزء : ( 9 ) – رقم الصفحة : ( 110 / 123 ).

– القندوزي الحنفي – ينابيع المودة – رقم الصفحة : ( 93 / 212 ) ط إسطنبول ، رقم الصفحة : ( 107 / 108 / 251 ) ط الحيدرية.

– الترمذي – نوادر الأصول – رقم الصفحة : ( 64 ).

– إبن أبي الحديد – شرح نهج البلاغة – الجزء : ( 1 / 13 ) – رقم الصفحة : ( 21  / 276 ) ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل.

– فضائل الخمسة في الصحاح الستة – الجزء : ( 1 ) – رقم الصفحة : ( 254 ).

– الحمويني – فرائد السمطين – الجزء : ( 1 ) – رقم الصفحة : ( 53 / 56 ) – رقم الحديث :   383 ) ] .

ثم يبين تعالى استخدام أعداء الله خطة حصار المؤمنين بإفقارهم ومنع حقوقهم من طعام في قوله تعالى {  أنطعم من لو يشاء الله أطعنه – يس 47 } وهؤلاء مأواهم سقر كما في قوله تعالى {  كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ  إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ  فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ  عَنِ الْمُجْرِمِينَ  مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ  وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ  وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ  وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ  حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ  فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ  – المدثر 38-48} .

 

(4) فويل للمصلين (4) الذين هم عن صلاتهم ساهون (5)

 

وأما :

(فويل)

الويل كلمة عذاب ودعاء شر لمن يستحق الهلكة لسوء فعله – معجم ألفاظ القرآن باب الواو فصل الياء واللام ] قال تعالى { وويل للكافرين من عذاب شديد – إبراهيم 2}  وقال تعالى { ويل للمكذبين – الطور 11 } وهؤلاء المكذبين منهم تاركي الصلاة الذي قال فيهم صلى الله عليه وآله [  العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر  – الترمذي – حديث صحيح ] .
ومن هؤلاء التاركين الذين توعدهم الله تعالى بالعذاب هم الساهون عن الصلاة وذلك لعظم مكانتها عند الله تعالى ولا عذر لأاحد في تركها وليصلها ولو بعينه أو على جنبه أو قاعداً أو قائما لذلك قال تعالى هنا { فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون – الماعون } .
وأما :
(للمصلين الذين هم عن صلاتهم)
والصلاة قال تعالى فيها هنا { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين – البقرة 43 } وهذه الصلاة لها مواقيت قال تعالى فيها { اقم الصلاة طرفى النهاز وزلفاً من الليل – – هود 114 } وقال تعالى أيضاً { اقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا – الإسراء 78 } وهذه الأوقات محددة بالخيط الأبيض والأسود من الفجر والظهرين والعشائين قال تعالى
{ إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا – النساء 107}
وهذه الصلاة أوصى بها أنبياء الله تعالى بوحي وأمر من الله تعالى قال فيهم ( عليهم السلام) {وجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ  وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ – النبياء 73}
والمؤمنون تابعون لهؤلاء الأنبياء والمرسلين وأئمة أهل بيت النبي عليهم السلام لقوله تعالى { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ  رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ  يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ  – النور 36-37 }
وهذه البيوت هى بيوت رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي أفضلها كما في الحديث [عن أنس بن مالك وبريدة قال: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذه الآية (في بيوت أذن الله أن ترفع) فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ قال: ” بيوت الأنبياء “، فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله، هذا البيت منها؟- لبيت علي وفاطمة – قال: ” نعم من أفاضلها “. –  الدر المنثور، ج ٥، ص ٥٠. ورواه ابن مردويه كما في توضيح الدلائل (ص ١٦٢) وروح المعاني (ج ١٨، ص ١٥٧) وأرجح المطالب (ص ٧٥) وكشف الغمة (ج ١، ص ٣١٩) وكشف اليقين (ص ٣٨٠) ورواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (ج ١، ص ٤١٠، ح ٥٦٧)، قال: حدثني أبو الحسن الصيدلاني وأبو القاسم بن أبي الوفاء العدناني، قالا: حدثنا أبو محمد بن أبي الشيباني، حدثنا أبو بكر بن أبي دارم بالكوفة، حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر بن سعيد بن أبي الجهم، حدثنا أبي، حدثنا عمي أبان بن تغلب، عن بقيع بن الحرث، عن أنس بن مالك، وعن بريدة قالا: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الآية: (في بيوت أذن الله – إلى قوله – والأصال) فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، أي بيوت هذه؟ قال: ” بيوت الأنبياء “. فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها؟ – لبيت علي وفاطمة – قال: ” نعم من أفضلها “. ] .
[عن ابن عباس قال: كنت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وقد قرأ القاري ” في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ” الآية، فقلت: يا رسول الله ما البيوت؟ فقال: بيوت الأنبياء، وأومأ بيده إلى منزل فاطمة عليها السلام – بحار الأنوار ج 23 ص 326 ] .
وهذه الصلاة لها شروط كي تقبل عند الله تعالى فلابد ,ان تكون صحيحة وخالصة لله تعالى دون رياء قال صلى الله عليه وآله [ إن الله يقبل من العمل ما صح وخلص .. الحديث  ] وأهم شرط لقبل الصلاة بعد ذلك من الصحة والخلوص لله تعالى بالنبية فالنية تسبق العمل كما في الحديث وهذا الشرط هو فعل الخيرات وترك الفواحش والمنكرات كما في قوله تعالى { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ  إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ  وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ  – العنكبوت 45 }
  ومن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر  فلا صلاة له والآية تقول هنا الويل لمن سهى عنها وترك أدائها في  أوقاتها  قل تعالى هنا { فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون – الماعون } .
وأما :
(ساهون)
[ وسهى عن الشيئ يسهو سهواً : تركه غافلاً عند ذاكراً له فهو ساه وهم ساهون وقد يستعمل في ترك الشيئ عن إغفال وعدم اكتراث – معجم ألفاظ القرآن باب السين فصل الهاء والواو ] .

قال تعالى في سهو التراك لصلاته وعدم اكتراثه بها انشغالاً بدنيا { قتل الخراصون الذين هم في غمرة ساهون  يسألون أيان يوم الدين يوم هم على النار يفتنون ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون – الذاريات 10-14} [ وقتل الخراصون هم الكذابون الذين يتخرصون بما لا يعلمون ; فيقولون : إن محمدا مجنون كذاب ساحر شاعر ; وهذا دعاء عليهم ; لأن من لعنه الله فهو بمنزلة المقتول الهالك وقتل هنا دعاء عليهم لأنهم في غمرة  غمر الشيئ ما ستر الشيء وغطاه وهؤلاء هم ساهون عن أمر الآخرة ومن ذلك سهوهم عن الصلاة لقوله تعالى هنا { فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون } . ثم يقول تعالى في وصف هءلاء المكذبين بيوم الدين أنهم :

(6) الذين هم يراؤون (6)

وأما :

–  (الذين هم يراؤون)

[ وهنا رأءى يراءي رئاء ومراء : ارى الناس خلاف ماهو عليه ليخدعهم – معجم ألفاظ القرآن باب الراء فصل الهمزة والياء ] قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ  -البقرة 264 } . وقال تعالى أيضاً { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ – الأنفال 47 } .
 وهؤلاء الذين يكذبون بيوم الدين وينشغلون بالدنيا عن الصلاة ويمنعون الصدقات وإطعام الفقراء والمساكين ويدعون اليتيم أهم ما يتصفون به وهو المراء والتظاهر بالأعمال الصالحة رئاءاً وخداعاً للناس ليكونوا دائما في الصدارة ويمدحون بمالم يفعلوا كما في قوله تعالى { لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ  وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  – آل عمران 188 } وهذا التظاهر بالرياء هنا كي يسبح الناس بحمدهم في الدنيا وهذا مما يحبط الأعمال كما ففي قوله صلى الله عليه وآله :
 إنَّ أوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَومَ القِيامَةِ عليه رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: قاتَلْتُ فِيكَ حتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ قاتَلْتَ لأَنْ يُقالَ: جَرِيءٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ حتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ، ورَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ، وعَلَّمَهُ وقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ، وعَلَّمْتُهُ وقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقالَ: عالِمٌ، وقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقالَ: هو قارِئٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ حتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ، ورَجُلٌ وسَّعَ اللَّهُ عليه، وأَعْطاهُ مِن أصْنافِ المالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: ما تَرَكْتُ مِن سَبِيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فيها إلَّا أنْفَقْتُ فيها لَكَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقالَ: هو جَوادٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ في النَّارِ.- رواه مسلم – حديث صحيح ] .
 وهؤلاء هنا في الآية هم الذين يمنعون الماعون والويل لهم من الله تعالى عند الحساب وفي بداية الممات ثم يقول تعالى :
(7) ويمنعون الماعون (7)
وهنا :
( يمنعون)
أي يحبسون كل خير احتكاراً لأنفسهم كما في قوله تعالى { إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا  إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا  وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا  إِلَّا الْمُصَلِّينَ  الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ  لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ  – المعارج 19-27 } المنوع هنا هو الإنسان إذا خرج على دين الله وعمل للدنيا فقط وهذا هو الذي يمنع حق الله تعالى في المال من زكاة وصدقات وخمس مستحق لأهل بيت النبي أمر به الله تعالى في قوله تعالى { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ – الأنفال 41 } و قد وصف الله تعالى هؤلاء المكذبين بيوم الدين المانعين لحقوق الراء والمساكين أنهم دائماً يلجئون للحلف الكاذب كما في قوله تعالى { فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ  مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ  عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ  -القلم 10-16 } .
وهؤلاء منهم المنافقون الذين بين تعالى أنهم حتى لو أفقوا فلا ينفقون إلا وهم كارهون قال تعالى { قُلْ أَنفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ – التوبة 53-54} . وهؤلاء من الذين يمنعون الماعون فلا ينفقون إلا وهم كارهون .
وأما :
(الماعون)
[ ومعين : معن الماء يمعن معوناً : سال وجرى في مجراه والوصف معين – معجم ألفاظ القرآن باب الميم فصل العين والنون ] .
قال تعالى { وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين – المؤمنون 50 }  وهذا المعين هنا لمن ملكه في قوله تعالى { ويمنعون الماعون} هذا الماعون له زكاة لها نصاب وامر الله تعالى بحق للفقراء والمساكين في هذا الماعون ومن منعه فقد اقترب من عذاب الله تعالى وبدأ في مراح التكذي بالدين كما في الآية هنا التي وصفت المكذبين بالدين أن من صفاتهم أنهم { ويمنعون الماعون} .
[ والماعون : الشيئ الهين اليسير والماعون ما يتداوله الناس ويتعاونون بينهم بالعارية كالفأس والحبل والوتد والقدر ويرى بعض اللغويين أن الماعون أصله المعونة فحدفت التاء وعوض عنها بالألف وبكل هذه المعاني فسر لفظ ماعون – معجم ألفاظ القرآن باب الميم فصل العين والنون ] قال تعالى { ويمنعون الماعون }
وفي تفسير بن كثير [ أي : لا أحسنوا عبادة ربهم ، ولا أحسنوا إلى خلقه حتى ولا بإعارة ما ينتفع به ويستعان به ، مع بقاء عينه ورجوعه إليهم . فهؤلاء لمنع الزكاة وأنواع القربات أولى وأولى … وعن ابن عباس : ( ويمنعون الماعون ) قال : لم يجئ أهلها بعد .وقال العوفي عن ابن عباس : ( ويمنعون الماعون ) قال : اختلف الناس في ذلك ، فمنهم من قال : يمنعون الزكاة . ومنهم من قال : يمنعون الطاعة . ومنهم من قال : يمنعون العارية – تفسير بن كثير ]
هذا وبالله التوفيق وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
انتهى العمل في هذه السورة الكريمة
في الرابع من شوال
 الساعة الأولى من ليل الثلاثاء (ليلة الأربعاء) عام عشرون بعد الربعمائة والألف
خالد محيي الدين الحليبي

 

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

كتاب حياة السيدة زينب (عليها السلام)

كاتب وباحث : خالد محيي الدين الحليبي مدير مركز القلم للأبحاث والدراسات القاهرة    النسب …