"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

السلو ك السياسي لشعب مصر العظيم من القرآن الكريم .. من كتابنا “مصر المقدسة “

السلو ك السياسي لشعب مصر من القرآن الكريم :

العناد والتصلب :

يتسم المصريون عادة رجالاً ونساءا خاصة في صعيد مصر و حتى الأطفال في السلوك بالعناد والتصلب الشديد في غير تهور في سفك الدم  لرؤيتهم الحقائق من منظور ضيق وعلم محدود تحدده لهم سياسة فرعون وملئه لعنه الله و يؤكد ذلك القرآن في قصة إيمان السحرة لما قالوا لفرعون : { فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا}  ولذلك يقول تعالى لموسى عليه السلام لما أرسله الله تعالى إلى فرعون قد اكد هذه الحقيقة في شخصه بأنه عنيد متسلط  فأوصاه الله تبارك وتعالى بالقول اللين معه حيث قال تعالى لموسى وهارون عليهما السلام { فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى – طه44 } .

شغف الإطلاع على كل ماهو غريب  واستماع الحجة :

الإستماع عند فرعون   وحب المعرفة  وسماع الأدلة والنقاش ونقل الأحاديث  وكل ما هو جديد يؤكد أهمية الإعلام لدى المصريين له أهمية منذ القدم  إلى الآن حيث قبل فرعون سماع ورؤية حجة نبي الله موسى  عليه السلام على الرغم من زعمه وادعائه الألوهية وهذا يأباه فراعنة آخر الزمان في زماننا بأرجاء العالم هذا بدليل قوله تبارك وتعالى في نبي الله موسى وفرعون : { قال أولو جئتك بشيء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين }

وهذه الأخلاق مما  ما افتقده فراعنة آخر الزمان كما بينا عليهم لعنة الله تعالى  وأرانا فيهم يوماً تشفى فيه صدورنا منهم

التآمر  والمكر بالأعداء  :

إذا غضب الحاكم على أحد وقد يستخدم المصريون عامة تلك الأساليب عند لجوئهم للشر مع أحد  كان فرداً  أو جماعة أو دولة :

قال تعالى:{ وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ – القصص20} هذا هو سلوك شعب مصر حاكماً ومحكوماً  في السياسة وتدبير الأمر فهم عمالقة في السياسة والتدبير المحكم . وقال تعالى أيضاَ في امرأة العزيز :

{فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَراً إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ – يوسف31}.

ولما فهم نبي الله يوسف فلسفة العقلية المصرية وما فيها من حكمة وهدوء وتدبر للأمر قبل سفك الدم لجأ لحيلة أخذ أخيه بحيلة وضع صواع الملك في رحل أخيه قال تعالى { فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون – يوسف 70 } .

والمكر هنا أعلى درجات الذكاء في التدبير لإيقاع الأذي بالخصم  إن خاصمهم  أحد ولذلك هم عقل مبتكر دائماً إن شتعلت هممهم باختراع أو عمل عسكري  وانظر ماذا فعل جيش مصر مع التتار والذي هزم كل العالم الإسلامي تقريباً وفي نكسة 1967 كان منهم من يلف نفسه بالقنابل وينام تحت الدبابة ليفجرها بنفسه وفي عبور قناة السويس  في حرب 1973 لا يهابون  الموت  بطريقة جنونية وبعقل جمعي موحد بين الجنود وطريقة الخداع وضرب الصهاينة في عيد الغفران هذه هى مصر إن أرادت أن توقع بالخصم .

وبنفس الطريقة وبتدبير محكم يُسجَن عزيز مصر نبي الله يوسف لإسكات الناس عن الثرثرة في أمر نبي الله يوسف واتهام زليخه بمراودته عن نفسه وفيما بعد يفهم نبي الله  يوسف عليه السلام , هذا السلوك الحكيم في إدارة البلاد شعبها العظيم ورقة مشاعرة. يأخذ أخاه بخيله صواع الملك حيث دسه جنه لهم ليتهكهك ويحتجزه وهم لا يعلمون

ولقوة بطش فرعونه في كل زمن بالسمية لشعبه فهو فرعون نعم ولكنه يقود  أسد  عاقل صبور  مدبر شديد البطش له رأي جمعي موحد من أقصاها إلى أقصاها لا يختلفون لقوة صبرهم حتى يتألم الجميع بنفس الالم فيثوروا جميعاً دفعة واحدة  هذا هو شعب مصر العظيم و الذي يقوده  يجب أن يكون على حذر منه وبنفس طريقة العقل المصري يريد سيدنا يوسف أن يعلمنا طريقة الحكام في تدبير شؤون الدولة فيدبر  مكيدة ليأخذ أخاه كما أسلفنا و كما قال تعالى في هذه الآيات  : {وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَـذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ – يوسف 61-65 }

ثم يقول تعالى أيضاً:{ فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ- يوسف 71-76}.

حب الكلام والثرثرة وحسن الإستماع لكل ماهو غريب  وجديد  :

وهذا أصله في الأرض الزراعية الطيبة وخيرها الكثير وما تنتجه من مرزوعات فإذا ألقى المزارعون الحبوب وهيئوا الأرض للزرع ماذ سيفعلون  بعد ذلك في بقية النهار والليل إلا المناقشة والحديث والثرثرة التي يتخللها الغيبة والنميمة إن لم يتقوا الله كما طعنوا في امرأة العزيز والثرثرة التي دارت حول عشقها لنبي الله يوسف ومن هنا وأخذ الرأي ورده حول مشاكلهم العامة والخاصة هام في مصر لإيجاد الحول المنطقية لمشكلاتهم ,.

قال تعالى مؤكداً ذلك السلوك بين المصريين مبيناً ميل هذا الشعب إلى استماع غرائب الأحداث والغور في دواخل الأمور والخوض في الغرائب والأسرار وهو سلاح ذو حدين إن كان إيجابياً دفع نحو الإختراع والإبتكار وبالفعل مصر في هذا المضمار من أوائل الدول في التاريخ إن أحسن الحكام إدراة مصر وقد يتحول لسيف هدام للقيم والأخلاق كما قال تعالى في اغتيابهم نبي الله موسى عليه السلام { يا أيها الذين آمنوا لا تكونا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها} وكذلك نفس الجريمة من قبل في الأغتياب والنميمية والثرثرة حينما وقعوا فيها عن قصر العزيز وقولهم سراً وتهامساً خفياً بينهم حتى سارت الشائعة تكاد تكون حقيقة بين الناس وهنا قال تعالى في هذه القصة وقولهم  { امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً } وهذا الحديث الذي لا يخلو عن كونه نميمة إلا أنه يبين حب المصريين لاستماع غرائب الأحداث والشغب لما هو غامض مع وجود ثوابت أخلاقية تحدد حسن مسار السلوك العام لأنهم عابوا عليها مسلك مشين في حبها لفتاها وهنا يؤكد القرآن بأن عقوبة اللا مساس لها أصل وجودي بين المصريين وهذه العقوبة استخدمها نبي الله موسى مع السامري حيث قال له عليه السلام { اذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس} أي لا يمسه أحد ولا يخاطبه ولا يتعامل معه وهذا مسلك شائع بين المصريين إذا كرهوا شيئاً ما ولذلك كانت تستخدم الأجهزة الأمنية هذا المسلك حول خصومها منذ عهد الفراعنة وإلى الآن وهو  ترويج الشائعات حول الخصوم والمجرمين إذا أرادوا  لتثار الريبة والشك بين الناس فيهم فيعتزلوهم  كعقوبة نشبه إلى حد كبير عفوبة اللامساس منذ زمن الفراعين   .

الإعلام وأهميته بين المصريين أكثر من الصواريخ :

إذا تفحصنا قول فرعون للملأ من حوله { ذروني أقتل موسى وليدع ربه} هذا القول ينم على وجود حاجز  في السلوك العام بين الناس والذي سيجهلهم لا يقبلون قتله دون محاكمة عادلة ولأنهم شعب غير محب للدماء فقال فرعون ذروني أقتل موسى وما هى الموانع  إذن ؟ حتى بعد أن قرروا قتل نبي الله موسى جاءه مؤمن آل فرعون الذي يكتم إيمانه قائلاً { يا موسى إن الملاء يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين } والتآمر هنا عبارة عن جلسه محاكمة سرية كل يدلي بدلوه عن جريمته وهل يستحق القتل أم لا فإن عزموا التنفيذ وضعوا لذلك الخطة المناسبة للإغتيال وذلك المسلك يختلف عن مسالك الشعوب والحكومات الأخرى إلا ما ندر منها حتى وإن فعلوا ذلك ففرعون وملئه أول من فعلوا ذلك بنص القرآن الكريم { وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار } .

إنه الروح التي تسري في مصر من زمن نبي الله ادريس عليه السلام و الذوق الرفيع والأخلاق التي تربوا عليها و نشأوا فيها لذلك لجأ فرعون إلى الضجة الإعلامية خداعا لأن الناس يصدقون كل ما يقال لهم حتى يتبين لهم العكس ولذلك هذا الشعب هو من جائنا بحكومة العسكريين في ١٩٥٢ وناصر ثورة يوليو  وهو من جاء بالحزب الوطني وهو من جائنا بالإسلاميين في عام ٢٠١٢ بعد ثورة ٢٥ يناير  ٢٠١١ وهو من لفظهم وإذا عدنا لمسلك فرعون في إحداث ضجة إعلامية حول دعوة نبي الله موسى وهارون عليهما السلام وجدناه يقول في المدائن المصرية { إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى } وقال في مرسوم إعلامي لكل مدائن مصر { وابعث في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون و إنا لجميع حاذرون }

وبالتالي في مصر الضجة الإعلامية حول فرقة بداية قطعية لنسفها احتراماً للرأي العام والحس الأخلاقي لدى الناس  فإن تسلط الإعلام على طائفة أهلكها لأن الشعب المصري يميل إلى السماع والنظر في الحجة  فيتولد لدى المصريين جميعاً رأي واحد عبارة عن عقل جمعي بين الناس و قد يكونوا مضللين فيه بفعل كهنة فرعون وسحرته من قبل أو بواسطة التضليل الإعلامي الكاذب الذي اصبح يستخدم فعلياً في تغيير النمط السلوكي للناس في كل مكان

وهنا نكون قد وصلنا لمرحلة الجبرية ومن خرج على سلوك معين حدده فرعو كل زمان ومكان فالسجن مصيرة أو القتل .

  • حكام العالم عبر العصور ولجوئهم لاعتماد خطط فرعون في السيطرة على هذا الشعب :

أولا :

لجوء فرعون لعقوبة السجن وهو جديد على الأمم من قبل :

يقول تعالى مبيناً أن فرعون ونهجه في السيطرة على الحكم سيصبح نهج كل حكام العالم فيما بعد فكل الأمم كانت تقتل أنبيائها قال تعالى :

{ قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين الشعراء 116 } &  { قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا – مريم46 } & { قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز – هود 91 } & { إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا – الكهف 20} &  { قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم – يس 18} & { وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون – الدخان 20}

وأما فرعون فقد ابتدع أساليب جديدة في السيطرة على الناس وأولها السجن قال تعالى { لئن لم تنهي ياموسى لتكونن من المسجونين }وذلك لإرغام الني على تقبل فكرة الحاكم الإله المطلق الذي يحكم فلا يهقب عليه أحد  لإرغام الناس على قبول ادعائه الألوهية لعنه الله حيث قال { أنا ربكم الأعلى } .

ثانياً : اعتماد فرعون على خطة فرق تسد :

بعد أن لجأ فرعون لعقوبة السجن للمخالفين كان يعتمد على خطة فرق تسد وجعل الناس شيع متقاتلة مختلفة متحاربة ليكون هو المرجع والحكم وهو سراً المخطط لهذه المهزلة السياسية والإجتماعية في زمانه لذلك قال تعالى { إن فرعون على في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طاشفة منهم يذبح أبنائهم ويستحيي نسائهم إنه كان عالياً من المفسدين } وحيث أن الطاعة المطلقة لغير الله تعالى إلوهية قال تعالى فيها { أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا –الفرقان 43-44} .

ومن هنا كل حكام العالم ممن انتهج نهج الطاعة المطلقة لنفسه فقد اتخذ فرعون إماماً كما في قووله تعالى حيث بين تعالى أنه إمام كل مدعي الألوهية من حكام كل زمان ومكان جاءوا من بعده إلا منر حم الله وقليل ماهم قال تعالى لذلك هنا { وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون – القصص 41 } وهذا النهج مع الشخصية العربية المصرية التي تتسم بالعناد الشديد والإصرار على ما يعتقده الفرد برزت أسوأ ديكتاتوريات وأسوأ حكام عرفهم التاريخ وهم يدعون الإسلام بعد أن تم المزج بين مدرسة الرأي في الإسلام و العمل بالهوى والدين  والنهج الفرعوني المغلف بغلاف الإسلام فالكل يدعي العدالة والإسلام والكل يسل السيف على المعارضين و لو كانوا من أنباء النبي نفسه وقد فعلوها وحتى الآن لا يدري هؤلاء أنهم فراعين خاصة بعد أو أوهمهم علماء الضلالة أنهم على حق وأن حكمهم هو الحكم العادل والعدل في القرآن الكريم وهو بعيد كل البعد عن الإستهتار بالدماء وسفكها بغير حق ومع استمرار البعد عن عصر النبوة اتسعت الهوة بين الناس وشرع الله وهنا برز الدجال في أبهى صورة في صورة حكام قال صلى الله عليه وآله فيهم أنهم جبابرة

[روى الإمام أحمد عن النعمان بن بشير رضي الله عنه الله، قال: كنا جلوساً في المسجد فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال: يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء، فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته. فجلس أبو ثعلبة. فقال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت. – وروى الحديث أيضًا الطيالسي والبيهقي في منهاج النبوة، والطبري

(والملك العضوض) أي يصيب الرعية فيه عسْفٌ وظُلْم، كأنَّهم يُعَضُّون فيه عَضًّا. والعَضُوضُ: من أبْنية المُبالغة. وفي رواية (ثم يكون مُلك عُضُوض وسَتَرَون بَعْدي مُلْكا عَضُوضاً)

وأما الملك الجبري، فالمراد به الملك بالقهر والجبر. قال ابن الأثير في النهاية: ثم يكون مُلك وجَبَرُوت  أي عُتُوّ وقَهْر. يقال: جَبَّار بَيّن الجَبَرُوّة، والجَبريَّة، والْجَبَرُوت. اهـ

و   قال رسول الله  صلى الله عليه وآله و سلم قال:  سيكون بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة ، ثم يخرج رجل من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورًا –  الطبراني  ] .

ثالثاً  استخدام الفراعين والجباري للضجة الأعلامية والمعلومات المغلوطة لتثبيتها كحقائق لتشويه الخصم والبطش به :

والقرآن الكريم يبين كيف أدار هؤلاء الجبارون بلدانهم فكما لجأ فرعون للضجة الإعلامية وحملاته لتشويه الخصم قبل قتله وقال تعالى في ذلك عن فرعون { قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى – طه 63 }

وهنا هل فعلا جاء نبي الله موسى أو أنبياء الله لإخراج الناس من بيوتهم أم لإخراجهم من ظلمات الجاهلية إلى نور اسلام والحكم بالقرآن الكريم ؟

ولقد لجأ لنفس الإسلوب الملعون قارون حينما جاء بعاهرة ليلصق تهمة مشينة بنبي الله موسى فخسف الله تعالى به وبداره الأرض  قصة قارون :

أورد ابن كثير في كتابه البداية والنهاية :[

 فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين [ ص: 205 ] لما ذكر تعالى خروجه في زينته ، واختياله فيها ، وفخره على قومه بها ، قال : فخسفنا به وبداره الأرض .

كما روى البخاري من حديث الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : بينا رجل يجر إزاره ، إذ خسف به ، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة . ثم رواه البخاري من حديث جرير بن زيد ، عن سالم ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه . ذكر عن ابن عباس ، والسدي ، أن قارون أعطى امرأة بغيا مالا ، على أن تقول لموسى ، عليه السلام ، وهو في ملأ من الناس : إنك فعلت بي كذا وكذا . فيقال : إنها قالت له ذلك فأرعد من الفرق وصلى ركعتين ، ثم أقبل عليها فاستحلفها : من دلك على ذلك ، وما حملك عليه؟ فذكرت أن قارون هو الذي حملها على ذلك ، واستغفرت الله ، وتابت إليه ، فعند ذلك خر موسى لله ساجدا ، ودعا الله على قارون ، فأوحى الله إليه : إني قد أمرت الأرض أن تطيعك فيه ، فأمر موسى الأرض أن تبتلعه وداره ، فكان ذلك . فالله أعلم . وقد قيل : إن قارون لما خرج على قومه في زينته ، مر بجحفله ، وبغاله ، وملابسه ، على مجلس موسى ، عليه السلام ، وهو يذكر قومه بأيام الله ، فلما رآه الناس انصرفت وجوه كثير من الناس ينظرون إليه ، فدعاه
… موسى ، عليه السلام ، فقال له : ما حملك على هذا؟ فقال يا موسى ، أما لئن كنت فضلت علي بالنبوة ، فلقد فضلت عليك بالمال ، ولئن شئت لتخرجن فلتدعون علي ، ولأدعون عليك . فخرج ، وخرج قارون في قومه ، فقال له موسى تدعو أو أدعو؟ قال : أدعو أنا . فدعا قارون ، فلم يجب في موسى ، فقال موسى : أدعو؟ قال : نعم . فقال موسى : اللهم مر الأرض فلتطعني اليوم . فأوحى الله إليه : إني قد فعلت . فقال موسى : يا أرض خذيهم . فأخذتهم إلى أقدامهم ، ثم قال خذيهم . فأخذتهم إلى ركبهم ، ثم إلى مناكبهم ، ثم قال : أقبلي بكنوزهم وأموالهم . فأقبلت بها ، حتى نظروا إليها ثم أشار موسى بيده ، فقال : اذهبوا بني لاوي . فاستوت بهم الأرض . وقد روي عن قتادة أنه قال : يخسف بهم كل يوم قامة ، إلى يوم القيامة . وعن ابن عباس أنه قال : خسف بهم إلى الأرض السابعة . وقد ذكر كثير من المفسرين هاهنا إسرائيليات كثيرة ، أضربنا عنها صفحا وتركناها قصدا .
وقوله تعالى { : فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين لم يكن له ناصر من نفسه ، ولا من غيره ، كما قال : فما له من قوة ولا ناصر – الطارق 10  }  . ولما حل به ما حل من الخسف ، وذهاب الأموال ، وخراب الدار ، وهلاك النفس والأهل والعقار ، ندم من كان تمنى مثل ما أوتي ، وشكروا الله تعالى الذي يدبر عباده بما يشاء من حسن التدبير المخزون ، ولهذا قالوا  { لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون }.- البداية والنهاية –  قصة موسى الكليم عليه الصلاة والسلام »قصة قارون مع موسى عليه السلام  ص 201  -206 ] .

و في أمتنا كان معاوية يقول أليس في كتاب الله تبت يدا أبي لهب أليس هو عم علي فيقولون نعم فيقول العنوا عليا وظل يلعن الإمام علىاً على المنابر حتى صارت فيهم سنة أكثر من ثمانين سنة بعد استشهاده , و كان يزيد لعنه الله يلقي تهمة الخوارج على سيدنا الحسين ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وتستمر هذه الخطة إلى الآن حيث أصبح  وظيفة الإعلام واإلاعلاميين بالعالم قلب الحقائق لإقناع الناس بوجهة النظر والسياسة العامة للدول وأصبح لهذا القسم كليات ومعاهد إعلامية تخرج جيوشاً جرارة من المنافقين ومن خرج على نهجهم طرد ليعمل في أي عمل حرفي آخر إن خرج على النهج الفرعوني في وكتم الحقائق وتضليل الناس إلى حيث يريد الحكام في كل زمان ومكان ومن هنا إمامة فرعون لأهل النار في الدنيا حتى أصبح حكم الفرد هو الذي يوجه المجتمع إلى حيث يريد بهواه وبعد هزيمة جيوشهم عسكرياً وحضارياً وافقوا سرأً بأن يكونوا ستارة لعدوهم  .

ومن خلف الستار يوجهون من قوى استعمارية استعبدتهم بعد أن هزمت جيوشهم عسكريها فأصبحت هذه الجيوش ترتعد فرائصها من عدوهم ويستأسدون على شعوبهم وفي هذا الطريق يتم استبعاد كل نفس أوعائلة أو قبيلة يلتمسون فيها الشرف والدين والعزيمة والمصادقية والأخلاق في الدفاع عن الأوطان ولا يدري هؤلاء الحمقى أنهم يدخلون رؤوسهم في حبل المشنقة قبل سقوط الأمة وسقوط ملكهم بأيديهم وبحماقتهم وعمى قلوبهم حتىأصبحوا يخربون بيوتهم بايديهم تماماً كما قال تعالى : { يخربون بيوتهم بايديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار } وذلك لأن العدو لن يتوقف في نهمه نحو السيطرة على مقدرات الأمة وثرواتها ولن يهدأ حتى يطمح في إبداة كل الجنس العربي والإسلامي ولن ينجح في ذلك فإمة الإسلام أمة لا تبيد وهى محفوظة بإذن الله ولن يأخذ العدوا منا إلا على قدر معاصينا ثم ياتي النصر والفتح بإذن الله .

رابعا : اللجوء إلى السياسة ولو مع الخصم للوصول إلى حلول :

لقد كان فرعون حكيماً يكتسب حكمته من كثرة نقاش المصريين في كل الأمور وثرثرتهم بما يجعل الأفكار متداولة بينهم الشيئ وضده يتدوال بما يدفعهم دفعاً نحو التفكر في الأمور قبل الإندفاع العسكري والقتل  أي أنه حكيماً في إدارة البلاد نحو ألوهيته المطلقة حتى ولو اصطدم بالإله الآخر وهو الخالق عز وجل  فعندما أنزل الله تبارك وتعالى بهم باسه فسط عليهم الجراد والقمل والضفادع والدم لجأوا للسياسة والتفاوض مع نبي الله موسى كوكيلاً على الإله الذي أنزل بهم نقمته وعذابه قال تعالى { ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل – الأعراف 134 } . وهذه الحكمة في سياسة فرعون كانت تقوم على فكرة الإقرار بالكلام وللطعة أنه الإله تعالى الله عما يشركون وفي العصور الحديثة بعد ادعاء الاسلام مع تبني نظرية فرعون بالطاعة المطلقة له دون اي احد هنا نكون قد وصلنا الى مستوى احط من الفراعين بل إن فرعون على كل مساوئه كان حكيما في إدارة البلاد حريصا على تنمية دولته بنفسه ووفق موارده وبجيشه يسعى لتقويتها ولم يأت بأي مملكة أخرى لإنشاء اهرامات أو معابد او مساكن أو تأجير أرضا أو بيعها لبلاد أخرى   بناء وهنا قد يتحول الحكام إلى دجال أكبر وأخطر من فرعون على المصريين والدين  أو على أقل تقدير ذراع الدجال الأيمن في هدم البلاد والدين والقيم والأخلاق و الثروة لصالح أعداء هذه الأمة  .

خامساً : لجوء الفراعين لتعذيب الخصوم وقطع نسل المؤمنين :

كما في قوله تعالى { سنقتل أبنائهم ونستحيي نسائهم } وهنا قتل الأبناء لقطع نسل المتقين واستحياء النساء أي بهتك  حيائهن ونقول هتك أعراضهم لأن الإستحيا هنا ليس من الحياة بل الحياء والخجل لورود هذا اللفظ في قوله تعالى { فجاءته إحداهما تمشي على استحياء} فأول ما يفكر فيه الفرعون في أي مكان من العالم مع المؤمن أو المؤمنة تجريدهن من ملابسهن كما أخبر الخالق عز وجل لكسرهن من جهة  ومن جهة أخرى ليأتوا بنسل من طريق أولاد الزواني وأبناء الأبالسه بعد أن يكونوا قد قطعوا نسل الأنبياء والمرسلين والمؤمنين  وأيضاً كما بينا من قبل يتم ذلك في خفية خوفاً من الرأي العام الذي كان يخشاه فرعون في قوله { ذروني أقتل موسى وليدع ربه } .

. ولذلك بن الإقدام والإحجام وبين سفك الدماء والتدبر في عواقب الأمور وما فيه مصلحة شخصية لألوهيته أصبح فرعون إماماً للكفار في عالم الدنيا ولأن الله تعالى خلق النفس الإنسانية لتحب وتكره وتطمع جعل منافسين له ولو يتظاهرون بالتقرب منه على  أمل الوصول إلى كرسي الحكم ومن هنا تمهل الفرعون وتدبره يأتي فترات أمان لمن يدخل مصر وليتحقق قوله تعالى { ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين }  فهو ليس كالأعراب أو غيرهم من الأمم بشرق الأرض وغربها ممن يلجأون لأسلوب النقاء العرقي وذلك لتكون مصر على الرغم من حكم فرعون إلا أنه أقل ضرراً على البشرية من غيره وأطول عمراً بدهائه إلى أن يشاء الله تعالى ويقطع دولته بدولة الإمام المهدي عليه السلام .

لذلك فإن الدولة الفرعونية ومن تقلد بها مرشحة لأن تكون نظامها هى الدجال الأكبر  حتى زمان ما قبل يوم القيامة لصعوبة الحكم عليه وتحليل صحة توجهه وتجوه حكامه مما سيجعل الكثير من الناس تصدقه بالفعل ومن هنا سيعذبهم الله  تعالى ومن تقلد بهم وسيعذبهم عذاباً شديداَ في الدنيا والآخرة كما في قوله تعالى فيهم : { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب – غافر 46 } .