نظرة على سياسة دول الخليج تجاه طالبان

شفقنا :

ان صعود طالبان في أفغانستان جعل مختلف الدول وخاصة دول الجوار تقوم بإعادة ترتيب أوراق علاقاتها في التعامل مع أفغانستان، هذا الأمر أدى إلى إعادة نظر دول مجلس التعاون الخليجي وخاصة المملكة العربية والإمارات وقطر في علاقاتها بكابول، إذ ان تواجد حكم طالبان في أفغانستان قد يسمح إلى الجماعات الإرهابية ان تستخدم أفغانستان للقيام بأعمال إرهابية، كما ان انسحاب أمريكا من أفغانستان قد سمح للجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط ان ترفع من وتيرة أنشطتها.

قد اتسم ردة فعل دول مجلس التعاون الخليجي تجاه التطورات السريعة التي شهدتها أفغانستان بنوع من الحيادية، فإنها لم تكيل المدح لطالبان ولم ترفضها. ان إستراتيجية السياسة الخارجية لدول الخليج تجاه أفغانستان بعد صعود طالبان يمكن ان تحدد مصير الاستقرار في هذا البلد، هذا وان موقفها يمكن ان يترك تأثيره على نماذج علاقات طالبان بمختلف أنواعها من الصداقة والعداء بمنطقة الخليج، هذه القضية تجد مدلولها في الدول الخليجية الثلاثة الرئيية أي المملكة العربية والإمارات وقطر، التي تلعب دورا بارزا في الجانب الجيوسياسي في المنطقة، إذ تعد في جانب القضايا ذات الصلة بطالبان وأفغانستان من الفاعلين المؤثرين.

موقف دول مجلس التعاون تجاه أفغانستان

القضية التي يبدو أن جميع الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون تتفق عليها هي أن استقرار أفغانستان يمكن أن يدر بأكبر فائدة لأمن المنطقة. قد كانت قضية سيطرة طالبان على أفغانستان في ديسمبر 2021، أحد الموضوعات الرئيسة لاجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة. حيث دعمت دول مجلس التعاون المصالحة الوطنية في أفغانستان وتشكيل حكومة شاملة يمكن أن تؤدي إلى تطور هذا البلد وازدهاره. واتفقا على أن تقديم المساعدات الإنسانية يمكن أن يساعد في تحسين الوضع وإحلال السلام في أفغانستان. كما تمحور قلق هذه الدول حول قضايا مثل قضية اللاجئين والمشردين داخليا، فضلا عن التهديدات الإرهابية التي قد يتعرض إليها أفغانستان الخاضعة لسيطرة طالبان. إضافة إلى هذا تعد القضايا المزعزعة للاستقرار مثل تقوية الجماعات الإرهابية وتهريب الأسلحة والمخدرات وغيرها من القضايا من بين الاهتمامات الرئيسة لدول مجلس التعاون الخليجي.

ان خطر الإسلام السياسي يعد من أسباب القلق بين دول مثل السعودية والإمارات التي تريد إبعاد نفسها عن تأثير تلك القضايا وخاصة بعد الربيع العربي، إذ يمكن تصنيف الجماعات الإسلامية وفقا لنوع مقاربتها للقضايا والجانب الربحي لها. فان الأصوليين الذين يبحثون عن استعادة الأساس لا يتدخلون في السياسة ولا يهمهم سوى نشر أفكارهم الإسلامية، أما السياسيون يلجئون إلى الأعمال السياسية غير العنيفة لنشر إيديولوجيتهم، لكن الجهاديين ومنهم طالبان فهم يستخدمون العنف لتحقيق أهدافهم، وهذه الجماعة هي التي تريد الدول الخليجية ان تتعامل معها من منطلق التسامح، كما هناك احتمال كبير بان انتصار طالبان في أفغانستان أدى إلى تشجيع الجماعات الإسلامية المتطرفة في منطقة الخليج.

استضافت أفغانستان العديد من الجماعات المتطرفة مثل القاعدة وداعش، والتي تحدت حتى طالبان نفسها. بصرف النظر عن هذه القضية، لطالما تورطت أفغانستان في أنشطة غير مشروعة. ولفترة طويلة، دعمت طالبان عملياتها من خلال عائدات تهريب المخدرات والجرائم الأخرى الدولية. وفقا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، في عام 2021، ربحت أفغانستان حوالي 1.8 إلى 2.7 مليار دولار من المخدرات، ويتوقع المراقبون بأنها تكسب أكثر بكثير من خلال عمليات توريد المخدرات غير المشروعة. يمكن للجهات الفاعلة غير الحكومية استخدام هذه الموارد لتمويل عملياتها. وقد أعلن أعضاء مجلس التعاون الخليجي صراحة موقفهم ضد تنفيذ مثل هذه الأعمال في أفغانستان. وشجعوا الحكومة الأفغانية الجديدة على التعامل مع هذه القضايا الأمنية وعرضوا عليها التعاون في مكافحة الإرهاب. كما أصرت هذه الدول على أن تستخدم طالبان مساعدة المجتمع الدولي، وخاصة المنظمات الدولية، لإحياء الاقتصاد والنظام السياسي وتخفيف الأزمة في هذا البلد.

هذا ويبدو ان النظام الجديد في أفغانستان وضع الحصول على الاعتراف الدولي على رأس أولوياته ويريد بناء العلاقات بالقوى العالمية مثل الصين وروسيا والهند وكذلك بدول الخليج، فلو رغبت طالبان بالقيام بهذا الأمر، يمكن لدول الخليج ان تركز على المجالات المشتركة مع طالبان بغية إحلال السلام في أفغانستان والمنطقة.

المصدر: مطالعات شرق

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

دوتش فيليا : تهديد لأوروبا.. شولتس يحذر من تنامي نفوذ اليمين الشعبوي

DW : حذر المستشار أولاف شولتس خلال مؤتمر الاشتراكيين الأوروبيين من تعاظم نفوذ اليمينيين الشعبويين …

اترك تعليقاً