الخليج الجديد :
“ربما يكون الأكثر وضوحا في استخدام المراكز الغربية وخاصةً الأنجلوساكسونية لمسألة المثلية الجنسية كشعار حقوقي وسياسي، هو استغلالهم لها كأداة سياسية في الضغط على الحكومات والأنظمة التي لا تسير وفقا للهوى الغربي”.
هكذا خلص تقرير بحثي حديث لمركز دراسات “قاسيون” تحدث عن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والهيمنيّة لمتاجرة الغرب بمسائل “المثلية الجنسية”.
ولفت التقرير إلى أن الغرب يرفع ورقة “المثلية الجنسية” كلما دعت الحاجة لدفع الحكومات المستهدفة لتغيير سياساتها (وليس تلك المتعلقة بمسألة المثلية، بل المتعلقة بالصراع الدولي والاصطفاف الدولي الجاري).
وأضاف: “هذا واضح تماما في علاقة الدول الغربية مع دول الخليج العربي وخاصة السعودية مثلا”.
وتابع: “هذا الاستخدام هو امتداد لاستخدام الغرب خلال نصف قرن مضى أو أكثر، لملف حقوق الإنسان كأداة ضغط وابتزاز وتحكم بالسياسات”.
وأشار التقرير إلى أن “قيام الغرب بحمل لواء الدفاع عن المثليين ليس المقصود منه الدفاع عنهم إطلاقا، بل بالمعنى العملي يجري تنمية النزعات المتطرفة ضدهم وخاصة في آسيا وأفريقيا، وهذا أمرٌ غير مفاجئ إطلاقا؛ لأنّ كلّ تطرفٍ يغذي تطرفا معاكسا له، ويصب التطرفان عادة في المصلحة نفسها”.
كما لفت إلى أن دفاع الغرب عن “المثلية الجنسية” يأتي ضمن محاولات شحذ أدواتٍ جديدة في الصراع الأيديولوجي مع الشرق وروسيا.
إلا أن الجانب الأكثر خطورة، وفق تقرير “قاسيون”، هو أنّ استخدام مسألة “المثلية الجنسية” الأكثر حسما من وجهة نظر المراكز المالية الغربية، هو تحويلها إلى أداة في تحطيم كل آليات الدفاع الذاتي ضمن المجتمعات في وجه السيطرة الشاملة للنخبة العالمية.
وأضاف: “عمليات التحكم الكبرى المطلوبة على المستوى العالمي، تتطلب تحطيم كل آليات الأمان المجتمعي، وضمناً كل خطوط الدفاع الأخلاقية والاجتماعية، بما في ذلك مؤسسة العائلة، والعادات والتقاليد والعرف الاجتماعي”.
وتابع: “المطلوب تحطيمه ضمن هذه المؤسسات هو جوانبها التضامنية بالدرجة الأولى، لتحويل البشر حقاً إلى أفراد منعزلين معزولين يخضعون لقيادة المركز المتحكم عالميا”.
ولفت إلى أن عملية “تذرير المجتمعات” وتحطيمها من الداخل، هو بالعمق عملية تحطيمٍ للقوى المنتجة على المستوى العالمي، والتي لم تعد درجة ضخامتها وتطورها تسمح لعلاقات الإنتاج الرأسمالي بالاستمرار.
وتابع: “بات الحل إما تحطيم تلك العلاقات أو تحطيم البشر الذين يهددون بتطورهم استمرارها، والخيار بالنسبة للنخبة المالية واضح تماماً، هو تحطيم البشر وتحطيم القوى المنتجة، والذي يندرج ضمن المخططات التي باتت معلنة تحت مسميات (النيومالتوسية)، و(الجريت ريسيت)”، لافتا إلى أن مسألة المتاجرة بـ”المثلية الجنسية” بهذا المعنى هي إحدى مفردات عملية التذرير والتحطيم هذه.
وحذر تقرير “قاسيون”، من خطر التعاطي الغربي مع المسألة، فيما يتعلق عند الأطفال، “فبينما تعتبر القوانين والمجتمعات، بما فيها الغربية، أنّ السن الطبيعي والقانوني لممارسة الجنس يبدأ في الـ18، وتجرّم ممارسته قبل ذلك، إلا أنّ الإعلام المركزي الغربي وكذلك مشرعون غربيون بدأوا بالعمل على قوانين وتشريعات تسمح للأطفال من عمر الخامسة بـ(اتخاذ القرار) في تحديد هويتهم الجنسية، بما في ذلك القرار في إجراء عمليات التحول الجنسي”.
وفي الإعلام، بدأ إقحام الموضوع في برامج الأطفال منذ حوالي العشر سنوات، ولكن كان هناك ازدياد ملحوظ خلال العام الماضي، وظهرت بعض الشخصيات في برامج الأطفال بالظهور في عائلة فيها الوالدان من الجنس نفسه.
كما بدأت بعض المتاجر التي تبيع ألعاب الأطفال بعرض ألعاب فيها عائلة مكونة من طفل لديه أب وأب أو أم وأم.
ناهيك عن البدء بتعليم الأطفال حول موضوع المثليين والهوية الجنسية في المدارس في المرحلة الابتدائية في الكثير من الدول الغربية والولايات المتحدة، تحت ذريعة رفع التوعية وقبول الآخر وما إلى ذلك، وفق التقرير.
كما حذر التقرير من مساعي الغرب للاصدام مع الدين، عبر الترويج بالدفاع عن “المثلية الجنسية”، وقال: “المؤكد هو أنّ من يدعون محاولة نصرة الحقوق الشخصية للمثليين، يستطيعون الدفع نحو شكلٍ من التصالح مع الآراء الدينية بالاستناد إلى تراث تلك الآراء نفسها”.
وأضاف: “لكنّ الواضح أنّ من يديرون مركزيا طريقة الدعاية للمسألة، يعمدون لتحويل المثلية إلى دينٍ جديدٍ يصطدم مع كافة الآراء الدينية والاجتماعية السائدة”.
المثلية الجنسية هي الانجذاب العاطفي من قبل شخص لشخص آخر من نفس الجنس، أي الذكر للذكر والأنثى للأنثى.
وتحرم الأديان اليهودية والمسيحية والإسلام المثلية؛ كونها تتعارض مع الطبيعة البشرية، كما تعد في الدول العربية جناية يعاقب عليها القانون بالسجن أو عقوبات أخرى.
وتذهب بعض الدراسات إلى تقدير نسبة المثليين بحدود 4 إلى 5% من سكان مختلف المجتمعات.