شكك تقرير نشره موقع “ريسبونسيبل ستيتكرافت” (Responsible Statecraft) الذي يديره معهد كوينسي ستيتكرافت للأبحاث بواشنطن، من دقة التقارير الاستخباراتية التي قالت السعودية إنها تبادلتها مع الولايات المتحدة حول وجود احتمال بشن هجوم إيراني وشيك على المملكة، وهي التقارير التي دفعت واشنطن ودول في المنطقة لرفع جاهزيتها العسكرية.
واعتبر التقرير، الذي ترجمه “الخليج الجديد”، أنه رغم عدم استبعاد إمكانية لجوء إيران لمهاجمة دول المحيط كوسيلة لصرف الانتباه عن الاضطرابات غير المسبوقة التي تعصف بالنظام في طهران، إلا أنه لا يجب استبعاد أن يكون الأمر مجرد محاولة سعودية لخداع واشنطن للحصول على المزيد من الدعم العسكري الأمريكي.
يأتي هذا في الوقت الذي كانت إدارة “بايدن” تعيد تقييم العلاقة مع الرياض وتدرس تخفيض التواجد والمساعدات العسكرية للمملكة، بسبب أزمة خفض إنتاج النفط.
وقال التقرير إن مسألة هجوم إيراني محتمل على السعودية “هو بالضبط ما يحتاجه الصقور المؤيدون للرياض في الولايات المتحدة لصرف الانتباه عن التوتر في العلاقات بين الجانبين”.
وأضاف: “يجب أن لا نقول إن المزاعم السعودية لا ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد، ولكن لا ينبغي استبعاد مسألة أن الحكومة السعودية تحاول بهذه المزاعم تقييد أيدي منتقديها في واشنطن، وربما تحاول أن تحاصر إدارة بايدن لمنعها من إبطاء أو وقف المساعدات العسكرية”.
وأشار التقرير إلى أنه منذ الهجوم على منشآت “أرامكو” في بقيق عام 2019، لم تتورط إيران في أية هجمات بشكل مباشر على المملكة، ومنذ ذلك الوقت تنخرط طهران والرياض أساسا في محادثات مباشرة لتحسين العلاقات، كما استعادت إيران والإمارات العلاقات الجيدة منذ تولي “إبراهيم رئيسي” السلطة في طهران.
ما سبق، بحسب التقرير، يعزز فرضية استبعاد أن تلجأ إيران لشن هجوم حقيقي على السعودية الآن.
علاوة على ذلك، تواجه الحكومة الإيرانية مشاكل داخلية كافية بسبب الاحتجاجات التي اندلعت منذ أن تسببت شرطة الأخلاق الحكومية في وفاة “مهسا أميني” في 16 سبتمبر/أيلول الماضي، لذلك يبدو من غير المحتمل أن ترغب حكومتهم في المخاطرة بأزمة أمنية كبيرة في نفس الوقت الذي يواجهون فيه اضطرابات كبيرة.
وبحسب التقرير، تدرك السعودية أنه لا يوجد عادة شئ يحظى باهتمام ودعم واشنطن الفوريين بشكل أسرع من دق ناقوس الخطر بشأن التهديدات الإيرانية للحلفاء في الخليج، وكانت مخاوف مماثلة بشأن “التوسع الإيراني” في عام 2015 هي التي دفعت إدارة “أوباما” إلى ارتكاب الخطأ الفادح المتمثل في دعم التدخل العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
وعندما تجد الحكومة السعودية نفسها في مشكلة مع منتقديها في الولايات المتحدة بسبب جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان، فإن الرياض وجيش جماعات الضغط التابعين لها يسارعون للتأكيد على عدائهم لإيران كتذكير على أهمية استمرار قيام واشنطن بتزويدهم بالمعلومات والسلاح، بحسب التقرير.
ويضيف: “لا ننسى أيضا أن مزاعم وجود هجوم إيراني وشيك على القوات الأمريكية استخدمت من قبل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب كذريعة لاغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في يناير/كانون الثاني 2020”.
ويذكر التقرير أن السعودية التي تحاول دفع إدارة “بايدن” لشن هجوم استباقي ضد إيران هي التي تقول الإدارة الأمريكية إنها “ارتكبت عملا عدائيا” بدعمها خفض إنتاج النفط، وبالتالي يجب تذكر أن الوضع الراهن لا يخدم المصالح الأمريكية تماما.
ويخلص التقرير إلى أنه “يجب على إدارة بايدن أن توضح للسعودية أن الولايات المتحدة لن تلجأ إلى العمل العسكري نيابة عنها، سواء أكانت مزاعم السعودية بشأن هجوم إيراني مخطط له صحيحة أم لا، وأن الولايات المتحدة بحاجة إلى إظهار أنها لن تكون مضطرة لتوفير المزيد من الأسلحة والمساعدة العسكرية لحكومة أثبتت أنها غير موثوقة وغير جديرة بالثقة”.
ويردف: “وإذا كان السعوديون يخترعون التهديد أو يبالغون فيه لأغراضهم الخاصة، فهذا تأكيد أكثر على أن حكومتهم لا يمكن الوثوق بها ولا تستحق الحماية التي توفرها لهم الولايات المتحدة”.