مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا شهره الثامن، تفقد موسكو بشكل متزايد التفوق الاستراتيجي، حيث تواصل أوكرانيا استعادتها للأراضي التي فقدتها من خلال هجمات مضادة ناجحة للغاية.

ومع الهزائم التي تعرضت لها القوات الروسية على طول جبهة خاركيف ليمان وتراجعها في خيرسون، تراجع تفاؤل موسكو فيما يتعلق بنتيجة الحرب.

ولتعديل الموقف الاستراتيجي لروسيا، تحولت موسكو إلى شركائها – الصين وإيران وكوريا الشمالية- لتلبية احتياجاتها من المعدات العسكرية والذخيرة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار وقطع المدفعية الحديثة.

وفي يوليو/تموز، قال البيت الأبيض، إن إيران تستعد لتزويد روسيا بطائرات بدون طيار لاستخدامها في أوكرانيا.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي “جيك سوليفان”، إن “المعلومات تشير أيضًا إلى أن إيران تستعد لتدريب القوات الروسية على استخدام هذه الطائرات، ومن المقرر أن تبدأ الجلسات التدريبية في وقت قريب”.

وأثارت هذه الأخبار ضجة في أوكرانيا والغرب، بالرغم أن طهران نفت هذه الأنباء بشكل قاطع.

وتم تأكيد التقارير الأمريكية في أواخر سبتمبر/أيلول، عندما أسقطت القوات الأوكرانية طائرات بدون طيار في منطقة دنيبروبتروفسك الشرقية، ومدينة أوديسا الجنوبية، وميناء بيفنيني القريب.

وقد حددت وزارة الدفاع الأوكرانية المركبات الجوية التي تم إسقاطها على أنها من نوع “شاهد -136” و”مهاجر6″، والتي يمكن أن تحمل الصواريخ أو تقوم بإجراء مهام استطلاع.

 

 

وعلى عكس الطائرات بدون طيار القتالية الروسية، فإن المسيرات الإيرانية صغيرة نسبيًا ويمكن أن تقطع مسافات طويلة تصل إلى نحو 2500 كيلومتر بسرعة 185 كم/ساعة، وتطير على ارتفاع منخفض للغاية مما يجعلها هدفا صعبا لأنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية.

وفي أواخر سبتمبر/أيلول، قامت إحدى الطائرات بدون طيار بتجاوز الدفاعات الأوكرانية وضرب مقر البحرية الأوكرانية في أوديسا.

واستثمرت إيران منذ فترة طويلة في برنامجها الوطني للطائرات بدون طيار؛ لتعزيز قوتها الجوية وقوة وكلائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

واستخدم “حزب الله” والمتمردون الحوثيون تكنولوجيا الطائرات بدون طيار الإيرانية ضد خصومهم، حيث استخدم “حزب الله” الطائرات بدون طيار الإيرانية ضد إسرائيل ونجح بالفعل في اختراق أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة.

فيما نفذ الحوثيون هجمات ضد السعودية بواسطة المسيرات الإيرانية. وتكرر طهران هذا الدور مرة أخرى عبر تزويد القوات الروسية.

وبحسب ما ورد، وصلت الشحنة الأولى للطائرات بدون طيار الإيرانية إلى روسيا في 19 أغسطس/آب.

ووفقًا للمصادر، تم التفاوض على الصفقة على مدار عدة أشهر من قبل فريق بقيادة وكيل وزير الدفاع الإيراني “سيد هوجات الله قريشي”، والملحق العسكري الروسي في طهران.

وكجزء من الاتفاقية، سافر ضباط روس إلى إيران للتدريب، وتوجه خبراء تقنيون إيرانيون إلى روسيا من أجل الدعم الفني.

 

 

ويعكس استخدام روسيا الواسع للطائرات بدون طيار الإيرانية ضد القوات الأوكرانية، توسعًا كبيرًا في وصول طهران العسكري إلى ما وراء الشرق الأوسط.

وفي الوقت ذاته، يبرز استخدام الطائرات الإيرانية بدون طيار في أوكرانيا أوجه القصور في برنامج الطائرات بدون طيار في روسيا، والذي فشل إلى حد كبير في إنتاج طائرات قتالية فعالة بأعداد كبيرة.

في غضون ذلك، أثبتت الطائرات بدون طيار الإيرانية فعاليتها. وأظهرت لقطات الفيديو الحديثة لطائرات “شاهد” تدمير العديد من الأهداف الأوكرانية.

تشير جهود إيران لتسليح روسيا ووكلائها في الشرق الأوسط إلى أن طهران حريصة على تقديم نفسها كمصدر رئيسي للأسلحة، في إطار تنافسها مع تركيا – وهي منافس جيوسياسي قوي – على النفوذ الإقليمي.

من خلال إظهار فعالية الطائرات بدون طيار في أوكرانيا، يمكن أن تقدم إيران بديلاً عن مسيرات “بيرقدار” التركية الشهيرة.

وفي الواقع، فإن التكنولوجيا الرخيصة نسبيًا المستخدمة في الطائرات بدون طيار الإيرانية تجعلها في متناول الدول المنبوذة والجهات الفاعلة غير الحكومية في المنطقة.

في الوقت الحالي، تعتبر إيران شريكا عسكريا مرغوبا فيه ومصدر أسلحة لروسيا، بالنظر إلى النقص الخطير في الإمدادات والإدارة اللوجيستية الكارثية في أوكرانيا.

وبالرغم أن الخطاب الرسمي لإيران يزعم أن “طهران تسعى إلى تسوية دبلوماسية للصراع في أوكرانيا”، فإن صادراتها من الطائرات بدون طيار جعلتها لاعباً رئيسياً، في حرب موسكو المستمرة في أوكرانيا. وهو الأمر الذي قد يكون له تداعيات مستقبلية داخل المنطقة وخارجها.

المصدر | فؤاد شهبازوف – منتدى الخليج الدولي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد