عرفان :
بقلم : الأستاذ حسين أنصاريان :
17 ربيع الأول ذكرى ولادة النبي الأعظم “ص” وحفيده الإمام الصادق “ع”
ولد الهدى فالكائنات ضياء *** وفم الزمان تبسم وثناء
مولده الشريف:
اتفق المؤرخون و الروايات المتواترة .. بأن النبي محمد صل الله عليه و آله ،، وُلِدَ في شهر ربيع الأول من عام الفيل سنة (570م)
و اختُلِفَ في تحديد تاريخ ولادته عليه أفضل الصلاة و السلام ..
فعلى رواية الكليني أنه صل الله عليه وآله وُلِدَ في اليوم الثاني عشر (12) من شهر ربيع الأول .. وهو المشهور عند العامة (أهل السنة والجماعة)
و المشهور عند الشيعة الإمامية .. الموالين لأهل البيت عليهم السلام .. أنه صل الله عليه وآله .. وُلِدَ اليوم السابع عشر (17) من شهر ربيع الأول.
النبي الأعظم ( صل الله عليه وآله وسلم ) في ســــطــــور:
هو نبي الرحمة , وإمام الأمة , وقائد مسيرة السلام والإسلام , وحامل لواء القرآن , الذي تحدى به العالم على مدى الزمان..
هو المعصوم المسدد من الله تعالى (لا ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) ..
هو المبشر والنذير , والسراج المنير, والشاهد على الأمة, والداعي لهم بإذن ربهم القدير ( إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله بإذنه وسراجا منيرا) ..
هو صاحب الخلق العظيم , التي لم يصف الله نبيا بمثل ما وصفه به ( وإنك لعلى خلق عظيم) ..
هو الغليظ على الكفار, الرحيم بالمؤمنين (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)..
هو الذي وصل الى منزلة لم يصل اليها أحد من الأولين, ولن يصل اليها أحد من الآخرين ( فدنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى)..
هو صاحب المقام المحمود, الذي يغبطه عليه جميع المخلوقات من الأولين والآخرين ( وعسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا)..
هو الذي طهره الله مع أهل بيته من كل رجس ودنس ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)..
هو الذي قرن الله اسمه باسمه , ورفع ذكره مع ذكره , وجعل الشهادة بنبوته مقرونة بالشهادة له بربوبيته (ورفعنا لك ذكرك)..
هو الذي سيعطيه ربه حتى يرضى (ولسوف يعطيك ربك فترضى)..
هو الذي يعز عليه عنت قومه وأمته , وآلامهم, النبي الذي هو بالمؤمنين رؤوف رحيم ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)
ولو أردنا تعداد صفات وأخلاق ومميزات رسول الله تعالى , وسيد الأنام محمد المصطفى صلى الله عليه وآله .. لطال بنا المقام , لأن صفاته الكريمة (ص) ملأت القرآن الكريم, وشغلت الكتاب والأدباء والمفكرين, ولأنه بهر بأخلاقه العالية كل من عايشه وسمع بصيته من أولئك الأعراب الأجلاف, الذين اعتادوا الجاهلية الجهلاء..
الإمام الصادق عليه السلام :
سادس أئمة أهل البيت الإمام أبي عبدالله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن أمير المؤمنين عليهم السلام معجزة الدنيا الخالدة، ومفخرة الإنسانية الباقية على مر العصور، وعبر الأجيال والدهور، لم يشهد العالم له نظيراً، ولم تسمع الدنيا بمثله، جمع الفضائل كلها، وحاز المكارم جميعها، وسبق الدنيا بعلومه ومعارفه.
وكيف الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام، أعـَنْ علمه، فهو الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه – كما يقول الجاحظ – أم عن مدرسته التي لم يشهد التاريخ في عصوره وأجياله لها مثيلاً؟ وناهيك بمدرسة يربو طلابها على أربعة آلاف يدرّس فيها الفقه، والحديث، والتفسير، والأخلاق، والفلسفة، والفلك، والطب، والكيمياء، إلى غيرها من العلوم والفنون.
وليست جوانب حياته الأخرى عليه السلام بأقل منها في حقل العلم، فمن خصائص أهل البيت عليهم الصلاة والسلام إتساع أفقهم، وبُعد شأوهم في جميع مجالات الحياة، بينما نجد غيرهم إذا اختص في شئ فشل في غيره، فالعالم – من غيرهم – بعيد عن الشجاعة، والشجاع – من غيرهم – بعيد عن الزهادة، أما هم عليهم السلام فقد جمعوا الفضائل والمكارم، وسبقوا الناس إلى كل منقبة حسنة، وخصلة خيرة، فهم عليهم الصلاة والسلام أحسن الناس سيرة، وأوسعهم أخلاقاً، وأكثرهم عبادةً، وأعظمهم زهادةً، وأفضلهم حلماً وأزكاهم عملاً، وأبذلهم مالاً. فهم أكثر أهل الدنيا مناقب، وأجمعهم سوابق.
ولد الإمام الصادق عليه السلام يوم الجمعة عند طلوع الشمس ويقال يوم الأثنين لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وقالوا سنة ست وثمانين وقيل في السابع عشر منه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله عنه وقال إذا ولد إبني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليه السلام فسموه الصادق فإن الخامس من ولده اسمه جعفر يدعي الإمامة إفتراءً على الله وكذباً عليه فهو عند الله جعفر الكذاب … والمشهور بين فقهاءنا أن مولده كان في اليوم السابع عشر من ربيع لاول
نتقدم بأسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام ولي الله وصاحب العصر والزمان محمد بن الحسن المهدي ولمراجعنا العظام وكافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بذكرى ولادة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وحفيده الإمام جعفر الصادق عليه السلام .
صلوات على محمد وآلِ محمد
://www.erfan.ir/arabic/68007.
17 ربيع الأول ولادة رسول الله(ص)
اسمه ونسبه(ص)(1)
محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم، وينتهي نسبه الشريف إلى النبي إبراهيم الخليل(ع).
كنيته(ص) ولقبه
أبو القاسم، أبو إبراهيم، ويُلقّب بالمصطفى.
من أوصافه(ص) في القرآن
الأُمّي، خاتم النبيّين، الداعي، الرؤوف، الرحمة، الرحيم، الشاهد، العبد، الكريم، المبشّر، المبين، المُدّثّر، المُزّمّل، النذير، النعمة، النور.
أُمّه(ص)
آمنة بنت وهب بن عبد مناف الزهرية.
ولادته(ص)
ولد(ص) في السابع عشر من ربيع الأوّل في عام الفيل ـ المصادف 571 ميلادي ـ بمكّة المكرّمة، وسُمّي بعام الفيل؛ لأنّ مكّة تعرّضت فيه لعدوان أبرهة الحبشي صاحب جيش الفيل، فجعل الله كيدهم في تضليل، كما ورد في سورة الفيل من القرآن الكريم.
من كراماته(ص) عند الولادة
1ـ قالت السيّدة آمنة: «لمَّا حَمَلْتُ بِهِ لَمْ أَشْعُرْ بِالْحَمْلِ، وَلَمْ يُصِبْنِي مَا يُصِيبُ النِّسَاءَ مِنْ ثِقَلِ الْحَمْلِ، فَرَأَيْتُ فِي نَوْمِي كَأَنَّ آتٍ أَتَانِي فَقَالَ لِي: قَدْ حَمَلْتِ بِخَيْرِ الْأَنَامِ، فَلَمَّا حَانَ وَقْتُ الْوِلَادَةِ خَفَّ عَلَيَّ ذَلِكَ حَتَّى وَضَعْتُهُ، وَهُوَ يَتَّقِي الْأَرْضَ بِيَدِهِ وَرُكْبَتَيْهِ، وَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: وَضَعْتِ خَيْرَ الْبَشَرِ، فَعَوِّذِيهِ بِالْوَاحِدِ الصَّمَدِ مِنْ شَرِّ كُلِّ بَاغٍ وَحَاسِد»(2).
2ـ قال الإمام الصادق(ع): «أَصْبَحَتِ الْأَصْنَامُ عَلَى وُجُوهِهَا، وَارْتَجَسَ إِيْوَانُ كِسْرَى، وَسَقَطَ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرَافَةً، وَغَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسَ، وَلَمْ تُخْمَدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ عَامٍ، وَلَمْ يَبْقَ سَرِيرٌ لِمَلِكٍ إِلَّا أَصْبَحَ مَنْكُوساً، وَالمَلِكُ مُخْرَساً لَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَهِ ذَلِكَ، وَانْتُزِعَ عِلْمُ الْكَهَنَةِ، وَبَطَلَ سِحْرُ السَّحَرَةِ، وَلَمْ تَبْقَ كَاهِنَةٌ فِي الْعَرَبِ إِلَّا حُجِبَتْ عَنْ صَاحِبِهَا»(3).
أُمّه الرضاعية
حليمة بنت عبد الله السعدية.
شعر عبد المطّلب في ولادته(ص)
لمّا سمع جدّه عبد المطّلب بولادته(ص) فرح فرحاً كثيراً، ودخل على السيّدة آمنة، وقام عندها يدعو الله ويشكر ما أعطاه، وقال:
«الحَمدُ لِلهِ الَّذِي أَعْطَانِي ** هَذَا الغُلامَ الطَّيِّبَ الأرْدَانِ
قَدْ سَادَ في المَهدِ عَلَى الغِلمانِ ** أُعيذُهُ بِاللهِ ذِيْ الأركانِ
حَتَّى أراهُ بَالغَ البُنيانِ ** أُعيذُهُ مِنْ شَرِّ ذِي شنانِ
مِن حَاسِدٍ مُضْطَرِبِ العِنانِ»(4).
من زوجاته(ص)
خديجة بنت خويلد الأسدية، ابنة عمّته زينب بنت جحش الأسدية، ابنة عمّته أُمّ سلمة هند بنت أبي أُمية المخزومية، زينب بنت خزيمة الهلالية، ميمونة بنت الحارث الهلالية، سودة بنت زمعة العامرية، مارية بنت شمعون القبطية، أُمّ حبيبة رملة بنت أبي سفيان الأموية، عائشة بنت أبي بكر التيمية، حفصة بنت عمر بن الخطّاب.
أولاده(ص)
إبراهيم، عبد الله، القاسم، زينب، فاطمة الزهراء(عليها السلام).
بعثته(ص)
بُعث(ص) في السابع والعشرين من رجب بمكّة المكرّمة، بعد أن بلغ عمره الشريف أربعين عاماً.
هجرته(ص)
هاجر(ص) من مكّة المكرّمة إلى المدينة المنوّرة في بداية شهر ربيع الأوّل بعد مرور ثلاثة عشر عاماً من بعثته، وذلك لشدّة أذى المشركين له ولأصحابه.
معاركه(ص)
أذن الله تعالى له(ص) بقتال المشركين والكفّار والمنافقين، فخاض معهم معارك كثيرة، منها: معركة بدر، معركة أُحد، معركة الخندق أو الأحزاب، معركة خيبر، معركة حُنين.
عمره(ص) ومدّة نبوّته
عمره 63 عاماً، ومدّة نبوّته 23 عاماً.
من وصاياه(ص)(5)
1ـ قال(ص): «شَرُّ النَّاسِ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ، وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِه».
2ـ قال(ص): «يَا عَلِيُّ، ثَلَاثٌ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: أَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وَتَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَتَحْلُمَ عَمَّنْ جَهِلَ عَلَيْكَ.
يَا عَلِيُّ، بَادِرْ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ أَرْبَعٍ: شَبَابِكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتِكَ قَبْلَ سُقْمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَحَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِك».
3ـ قال(ص): «جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا، وَبُغْضِ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهَا».
ثواب زيارته(ص)(6)
1ـ قال(ص): «مَنْ أَتَانِي زَائِراً كُنْتُ شَفِيعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
2ـ قال(ص): «مَنْ زَارَنِي فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِي كَانَ فِي جِوَارِي يَوْمَ الْقِيَامَة».
3ـ قال(ص): «مَنْ زَارَنِي بَعْدَ وَفَاتِي كَانَ كَمَنْ زَارَنِي فِي حَيَاتِي، وَكُنْتُ لَهُ شَهِيداً وَشَافِعاً يَوْمَ الْقِيَامَة».
4ـ قال(ص): «مَنْ زَارَ قَبْرِي بَعْدَ مَوْتِي كَانَ كَمَنْ هَاجَرَ إِلَيَّ فِي حَيَاتِي، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا فَابْعَثُوا إِلَيَّ السَّلَامَ فَإِنَّهُ يَبْلُغُنِي».
وفاته(ص)
تُوفّي(ص) في الثامن والعشرين من صفر 11ﻫ بالمدينة المنوّرة، ودُفن ببيته، ومن ثَمّ صار بيته مسجداً، ويُعرف اليوم بالمسجد النبوي الشريف.
تجهيزه(ص)
تولّى الإمام علي(ع) تجهيزه، ولم يُشاركه أحد فيه، فقام(ع) بتغسيله وتكفينه، والصلاة عليه ودفنه، ووقف على حافّة قبره قائلاً: «إِنَّ الصَّبْرَ لَجَمِيلٌ إِلَّا عَنْكَ، وَإِنَّ الجَزَعَ لَقَبِيحٌ إِلَّا عَلَيْكَ، وَإِنَّ المُصَابَ بِكَ لَجَلِيلٌ، وَإِنَّهُ قَبْلَكَ وَبَعْدَكَ لَقَلِيل»(7).
رثاؤه(ص)(8)
ممّن رثاه الإمام علي(ع) بقوله:
«نَفْسِي عَلَى زَفَراتِها مَحبُوسَةٌ ** يَا لَيتَها خَرجَتْ معَ الزَّفراتِ
لا خَيرَ بَعدَكَ في الحَيَاةِ وإنَّما ** أَخْشَى مَخَافَةَ أنْ تَطُولَ حَيَاتِي»
وقال(ع) أيضاً:
«أَمِنْ بَعدِ تَكفينِ النَّبيِّ ودَفنِهِ ** بِأثْوَابِهِ آسى عَلَى هَالِكٍ ثَوى
رُزِئْنَا رَسُولَ اللهِ فِينَا فَلَنْ نَرى ** بِذَاكَ عَديلاً مَا حَيِيْنا مِنَ الوَرى»
كما رثته ابنته فاطمة الزهراء(عليها السلام) بقولها:
«قُلْ للمُغَيَّبِ تَحتَ أطْبَاقِ الثَّرى ** إنْ كُنتَ تَسْمَعُ صَرخَتِي ونِدَائيَا
صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبٌ لَوْ أنَّها ** صُبَّتْ على الأيَّامِ صِرْنَ لَياليَا
فَلأجعلَنَّ الحُزنَ بَعدَكَ مُؤنِسِي ** وَلأجعلَنَّ الدَّمعَ فِيكَ وِشَاحِيَا
مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُربَةَ أَحمَدٍ ** ألَّا يَشَمَّ مَدى الزَّمانِ غَواليَا»
ــــــــــــــــــــــــ
1ـ اُنظر: إعلام الورى بأعلام الهدى 1/ 42.
2ـ كمال الدين وتمام النعمة 1/ 196ح41.
3ـ مناقب آل أبي طالب 1/ 30.
4ـ الطبقات الكبرى 1/ 103.
5ـ من لا يحضره الفقيه 4/ 353، 357، 381.
6ـ كامل الزيارات: 41.
7ـ شرح نهج البلاغة 19/ 195.
8ـ مناقب آل أبي طالب 1/ 240.
بقلم: محمد أمين نجف