أنواع الآيات السبعة في القرآن الكريم من تفسير “البينة”(النبأ العظيم)

من تفسير ” البينة ” أو النبأ العظيم ” :

بقلم :

خالد محيي الدين الحليبي 

بحث بصيغة pdf

أنواع الآيات في القرآن الكريم

(59) { وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً } (59)

وهنا: 

(وما منعنا)

[ ومنع الشيئ حجبه وحال بينه وبينه ويقال منع الشيئ من فلان : حجزه عنه ولم يمكنه من – معجم ألفاظ القرآن باب الميم فصل النون والعين ] .

قال تعالى { فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل – يوسف 63 }  وقال تعالى أيضاً : قال تعالى { ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها – البقرة 114 }

ثم يبين الله تعالى أن منع إرسال الآيات المعجزات لتكذيب الأمم  للمرسلين  من قبل قال تعالى {وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا – الإسراء 94-95} .

وبالتالي تكذيب الأمم من قبل ثم نزول خاتم كتب الله على خاتم أنبياء الله تعالى صلى الله عليه وىله حال دون نزول نوع محدد من الآيات بعد ذلك إلى قيام القيامة  وهى المعجزات التي نزلت على المرسلين من قبل كما في قوله تعالى هنا  : {  وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُـمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ العَذَابُ قُبُلاً  – الكهف 55 } .

 وأما :

( أن نرسل بالآيات)

أي أنه تعالى يقول هنا : { وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً- الإسراء59 } و أن الله تعالى أرسل مع كل رسول آية لتخويف الناس ولكن بعد تكذيبهم فلن يرسل الله تعالى هذه الآيات المعجزات الخوارق التي جاء بها المرسلون من قبل ولم  يأت رسول من قبل بآية إلا بإذن الله تعالى قال تعالى : { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ  إلا بإذن اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ – الرعد38 } .

وهنا لكل أجل كتاب لأن أجل الأمة كما بينا مرهون ببعثة رسول الله صلى الله عليه وآله أو إمام آخر الزمان كما في قوله تعالى { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ – يونس47 } وهنا ينزل العذاب دون تخويف أي أن بعثة الإمام بالآيات المعجزات والأدلة على إمامته المفترض أن يعلم الجميع بأن العذاب سيكون متواكباً مع هذا الإمام بدون آيات معجزات للإنذار وفقاً لأجل كل أمة كما في قوله تعالى  { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ – الأعراف34 } .

وأما :

الآيات

الآيات في كتاب الله سبع أنواع في كتاب لله تعالى كما بينها الله عز وجل كما يلي  :

 1)   النوع الأول من الآيات وهى الآيات المتلوة في القرآن الكريم والتي أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله  :

وهذا النوع من الآيات في كتاب الله تعالى الدالة على طريق الله و  صراطه المستقيم قال تعالى فيها { وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ –البقرة99} .  وقال تعالى أيضاً  : {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ – الجاثية6} وقال تعالى أيضاً  : {تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ البقرة252} أي أن كل مانتلوه من قرآن آيات دالة على ألوهيته تعالى ووحدانيته وهى موجودة نتلوها آناء الليل وأطراف النهار.

 

2) النوع الثاني من الآيات وهى الآيات المشاهدة بين السماء والأرض :

 

وهذه هى الآيات المشاهدة بالعين بين السماء والأرض وهى آيات دالة على وجوده تعالى وأن لها خالق خلقها وهو يحركها بقدرته ووفق مشيئته تعالى  قال تعالى :  { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ – آل عمران190  } . وهذه آيات دالة على خلقه وملكه وعظمته وحسن صنعته وعلى ألوهيته ودالة على ربوبيته والنظر إليها يهدي إلى الله تعالى ويجعل النفس مؤهلة لطاعة الله تعالى و الإيمان به وبرسوله الذي يهدي إلى طاعته تعالى  .

 

3) النوع الثالث من الآيات وهى آيات التخويف من آثار الأمم البائدة :

 

والآيات المرسلة تخويفًا هنا هي الآيات التي تركها الله  عز وجل  كبقية من آثار هلاك الأمم الغابرة كما في قوله تعالى بعد هلاك قرية سدوم الملعونة : { وتركنا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ فيها -الذريات 37 }.  وقال تعالى في هلاك عاد وثمود ولوط ومدين وفرعون : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ-الشعراء  الشعراء67 } و الآية تكررت مع الأمم  بعد ذلك في قول أهل النار  (الشعراء103) و تتكرر مع قوم نوح عليه السلام ( الشعراء121) وقوم لوط عليه السلام  (الشعراء174) وقوم شعيب عليه السلام  (الشعراء 190)  ثم يقول تعالى في عذاب تلك الأمم  : { فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِين َ- الشعراء158}  .

 

4) النوع الرابع من الآيات وهى آيات النصرة و التأييد من الله تعالى بملائكة :

وهى آيات مستمرة إلى يوم القيامة لا تنقطع كنزول الملائكة في غزوة بدر وقال تعال فيها هنا أن فيها آية في فئتين  التقتا أنزل الله على أحدهما الملائكة وهم حزبه عز وجل كما في قوله تعالى { قد كانت لكم آية في فئتين  التقتا فئةٌ تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين – آل عمران13} وهذه الفئة المؤيدة بالنصر من الله تعالى وهم حزبه كما قلنا  إنه سبحانه وتعالى أيدهم بالملائكة كما في قوله عز وجل هنا { يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين –  آل عمران 125} .

وفى معارك الإمام آخر الزمان بين تعالى أنه سينزل ملك معه لهلاك الظالمين قال تعالى في ذلك  { ولو أنزلنا ملكاً لقضى الأمر ثم لا ينظرون-الأنعام8 } والنوع الرابع هو آيات النصرة هنا وهذه ستظهر بظهور الإمام لقوله تعالى   {  يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِين – آل عمران 124} ولقوله تعالى : { وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ – الأنعام8}

5) النوع الخامس من الآيات وهى آيات مستقبلية يأتي بها الله تعالى آخر الزمان  

والآيات المستقبلية تفيد ظهور آيات من علامات الساعة منها هلاك الظالمين كقوله تعالى : { خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ  لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ  بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ  – الأنبياء 37 -40 } أو آيات تظهر في السماء آخر الزمان كعلامة أو دلالة على ظهور إمام  آخر الزمان أو علامة من العلامات الكبرى قال تعالى هنا   { إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ – الشعراء4} وهذه هي آية النجم ذو الذنب كما هو وارد في السنة وهى آية على خروج إمام آخر الزمان .

. وقال تعالى في الأمم الأولى والآخرة { أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ- المرسلات17-18  } ويقول تعالى { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا-محمد10} .

وهذه آيات مستقبلية تخص نهاية الظالمين في آخر الزمان واستخلاف المسلمين الصالحين  كما في قوله تعالى { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ– الأنبياء105 }

وآيات أخرى كثيرة تبين مستقبل العالم كله وحيث إن كتاب الله آخر الكتب فلن ينزل بعده كتاب آخر ولن يكون هناك نبوة إنما هي الإمامة ولن تنزل آيات داله عليها كما حدث مع المرسلين من قبل إنما تأييد بآيات نصره سواء التي يراها الناس أو آيات نزول الملائكة التي يراها المسلمون في الحروب كما في قوله تعالى{ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ -الأنعام 8 } .

كظهور النجم ذو الذنب آيةً على خروج الإمام كما في قوله تعالى { إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ –الشعراء4}   وظهور آيات لنصرة الإمام في الآفاق وفى الأنفس قد بيناها كما في قوله تعالى : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ – فصلت }

 

6) النوع السادس  من الآيات وهي آيات يصنعها الدجال في كل زمان لفتنة الناس عن دينهم وتطويع الناس له من دون حكم الله تعالى :

 

وهذا نوع يخلقه الدجال آية على إبداعه وصناعته حرباً لله تعالى كما فعل قوم عاد في قوله تعالى { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ –الشعراء128- 129 } أو كقوله تعالى : {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ –الرعد16} .

وهذه الآيات ستكثر في آخر الزمان عندما يصنعون الطائرات والصواريخ والغواصات ويظنون أنهم قادرون على مقدرات الأرض فيصبح الناس كل أيامهم أعياد وتأخذ الأرض زخرفها ويظهر الإمام فيجعل الله تعالى ما عليها صعيداً جرزاً كما في قوله تعالى { حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ-يونس24 } . وقال تعالى { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً – الكهف8  }

[ والجرز أي بلا نبات ولا حياة قال تعالى { أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فتخرج به زرعاً-السجدة27 } ]

ويبين تعالى أنهم كذبوا بالله تعالى ورسله بعد هذه الآيات التي خلقوها باستخدام خلق خلقه الله تعالى وبعقولهم  التي خلقها الله عز وجل ليحاربونه بها وبمخلوقاته وكذبوا بوعده تعالى  ووعيده ولم تزدهم آيات الله المشاهدة بالعين في السماء والأرض أو المتلوة في كتب الله السماوية وآخرها وخاتمها القرآن الكريم  فقال تعالى مبيناً أنه عندما يأتي أجلهم بعث إمامهم ليقيم الحجة عليهم { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ  فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ  قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ  – يونس 47-49 } .

هنا تنزل ملائكة لعذابهم بعد إقامة الحجة عليهم كما في قوله تعالى { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا – الإسراء 15 } وهنا تنزل ملائكة من عند الله تعالى تدمر ماصنعوه حرباً لله تعالى ورسوله والمؤمنين قال تعالى  { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لاظليل ولا يغني من اللهب إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفرـ المرسلات29-33 }  .

وهنا انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ أي أنها ملائكة لها ثلاث شعب أي شعبة رئيسية وشعبتين على الجانبين ومنها ملائكة رباعية الشعب وخماسية قال تعالى فيها : {  الحمد لله خالق السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولى أجنحةٍ مثنى وثلاث ورباع – فاطر }  وأما لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ أي ليس لها ظل فيتظللون به من الحرارة والشمس ولا تغنى من اللهب أى لاتمنعه عنهم لأنها هي القاذفة لهذا اللهب ولذلك يقول تعالى إنها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جمالة صُفْرٌ أي أن الشرارة الواحد في حجم القصر وأنها شرارات في حجم الجمال الضخام الصفر وهذا عن شررها وليس نارها فنارها أعظم بكثير وهذا التدمير سيكون ببعثة الإمام كما بينا وبيان القرآن لأنه لن يكون معه آية تؤيده بل معه آيات نصرة بجنود الله التي نراها والتي لا نراها و علمنا بها أم لم نعلم لقوله تعالى : { وما يعلم جنود ربك إلا هو- المدثر}   .

ويتوعد الله تعالى الكفار والمنافقين قائلاً عز وجل { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رسول من الله يتلو صحفاً مطهره  فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ – البينة2-3} . البينة يتم هلاك الظالمين لقوله تعالى {  فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّه –الزمر22} أي أنه تعالى ببعثه الإمام سيكون هلاكهم بآيات الله المتلوة وبيانها لأن الظالمين هم الذين صنعوا الإمام بإخفائهم لبيان رسول الله صلى الله عليه وآله للقرآن حتى تخلفت الأمة وتناحرت وتقاتلت وكادت تتلاشى مما سيكون حافزاً وتكون هذه الأحداث مدرسة لتخريج قادة عظام أشداء ويحين أجلهم ببعثة إمامهم  فإذا جاء أجلهم بعث الله تعالى لهم البيان الذي أخفوه بينهم وتكون النصرة بالآيات المتلوة وهو القرآن وتنزل النصرة من الله تعالى وذلك لأنه إمام لا يحتاج لتأييد وقد كفرت الأمم من قبل بهذه الآيات وفيها التخويف والتهديد والوعيد قال تعالى هنا {  وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً- الإسراء59 }  وهذا التخويف هو النوع الخامس من الآيات .

 

7) النوع السابع من الآيات وهى آيات التأييد بالمعجزات الخارقة للمرسلين من قبل وهذه الآيات انتفت ببعثة رسول الله صلى الله عليه وآله ونزول القرآن الكريم ولن ينزلها الله تعالى مرة أخرى لكفر الأمم السالفة بها :

 

ومن هذه الآيات النار التي تتحول برداً وسلاماً فابالعم آخر الزمان سيتمكن الإنسان من ذلك وخوارق نبي الله سليمان ومن بساط طائر أو مرآة يرى بها ما يحدث في آخر الدنيا أو خواتم يسمع بها أو يرى بها دون أن يشعر به أحد سيصل إليها بني آدم بالعلم وحتى إلقاء الصيحة على الأمم من سيدنا جبريل سيصل الإنسان لما يشبه هذه الصيحة لذلك قال تعالى في سكان الجزيرة إن خرجوا على طاعة الله تعالى { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود – فصلت 13 }   .

وهنا لا حظ قوله تعالى مثل وليست هى وذلك كقوله تعالى في اكتشاف الإنسان للسفن العملاقة والغواصات { وآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ  – يس 41-42 } . وهنا مثله أي ليست هى بل مثلها ومن هنا بين تعالى أن نزول سيدنا جبريل لن ينزل مرة أخرى ويأتي بخوارق لكفر الأمم بها من قبل وسيسلط الله تعالى الناس بعضهم على بعض بكفرهم ولن يتبقى من الآيات إلا آيات النصرة التي تنزل بها الملائكة مع قائم آل محمد آخر الزمان لإهلاك الذين كفروا بآيات الله تعالى المتلوة والمشاهدة وآيات التخويف ولم يؤمنوا بأي شيئ سوى الماديات هنا لن يردعهم سوى آيات النصرة التي تنزل بها الملائكة ليؤمن البشر بأن قدرته فوق علم بني آدو من هنا جاءت سورة المرسلات تتحدى البشر بخلق إلهي عبارة عن ملائكة تقذف بقذائف  كالقصر كما في قوله تعالى { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ  أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاءً فُرَاتًا  وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ انطَلِقُوا إِلَىٰ مَا كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ  انطَلِقُوا إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ  لَّا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ  إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ  كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ  وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ  هَٰذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ  وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ  هَٰذَا يَوْمُ الْفَصْلِ  جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ   – المرسلات 24-40}  .

و هذا هو المقصود من الآية هنا والتي منعها الله عز وجل في قوله تعالى : { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون}

والآية هي العلامة قال تعالى عن طالوت : { وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَة –البقرة248} وقال تعالى في ناقة صالح وهى آية تأييد له عليه السلام : { وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُم آيةهود6}  .

أي علامة دالة على صدق نبوته لهم ورسالته وقد مد الله تعالى موسى عليه السلام بتسع آيات وهى اليد البيضاء والعصا والجراد والضفادع والقمل والدم … الخ وهى آيات تسعة قال تعالى فيها { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرائيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مسحورا الإسراء101 } وعندما بين آياته لفرعون قال موسى عليه السلام { قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى -طـه47} وكذلك المعجزات التي حدثت لمريم وابنها عليهما السلام آية قال تعالى فيها : { وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ  -المؤمنون50}  وهذة الآيات إمتنعت ليوم القيامة كما في الآية : { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون } .

وهنا في الآية التي نحن بصددها يقول تعالى (آتينا ثمود الناقة مبصرة)  أي أنها  عظيمة الخلق تهدى إلى الرشد كآية من آيات خلق الله تعالى قال فيها { وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً – هود64 }  ولكنهم عقروها كما في قوله تعالى { فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَ – الشمس 14-15} أي أنهم بعد أن هداهم الله تعالى خيروا فاختاروا العمى على الهدى والكفر على الإيمان وعقروا الناقة وظلموا كما بينا وفي استحبابهم للكفر بلا ضغوط ولا مبرر عقلي لتلك الحرب التي شنوها على رسول الله وأهل بيته عليهم السلام حتى الآن  قال تعالى في قتلهم الناقة  بغير مبرر عقلي حقيقي : { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ- فصلت 17 }  .

ولذلك ثمود بالذات يتم اختيارها هنا بالذات لأنها أكثر الأمم شبهًا بالعرب وما ستفعله مع آل بيت نبيهم ولذلك يقول صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين [ ”  أتدرى يا على من هو شر الأولين ومن هو شر الآخرين قال من يا رسول الله قال شر الأولين قاتل ناقة صالح وشر الآخرين قاتلك يا على ”  .. الحديث  ]

و من آيات التأييد إبطال خواص النار مع نبي الله إبراهيم عليه السلام و ناقة صالح وتسع آيات مع سيدنا موسى قال تعالى فيها  : {  ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك ياموسى مسحورا  قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا  فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا   وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا – الإسراء 101-104  }

وهذه الآيات المعجزات كلها لن يرسلها الله تبارك وتعالى  مرة أخرى لكفر الأولين بها كما في قوله تعالى هنا{  وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً- الإسراء59 }  .

 وأما:

)إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ- الإسراء 59) أي  أن كل الأمم كذبت من قبل كما في قوله تعالى { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ المؤمنون44} . ولتكذيب الأولين منع الله تعالى هذه الآيات عن الآخرين كما في الآية هنا { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون }  .

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم للأبحاث والدراسات بشؤون المستضعفين في العالم لا سيما المسلمين والتحذير من أعداء البشرية والإنسانية و تثقيف المسلمين وتعريفهم بحقائق دينهم وما خفى عنهم وعن وحضارتهم وماهم مقبلون عليه في ضوء علامات الساعة المقبلون عليها.

شاهد أيضاً

كتاب حياة السيدة زينب (عليها السلام)

كاتب وباحث : خالد محيي الدين الحليبي مدير مركز القلم للأبحاث والدراسات القاهرة    النسب …