بلغ التهديد النووي أقصى مداه، عبر التصريحات الأخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اتهم الدول الغربية بالسعي إلى تدمير بلاده وإخضاع موسكو لما أسماه بـ”ابتزاز نووي”. وقال بوتين: “أود تذكير الذين يطلقون تصريحات كهذه (الغربيين) بأن بلادنا تملك أيضاً وسائل دمار مختلفة بينها وسائل أكثر تطوراً من تلك التي تملكها دول حلف شمال الأطلسي”.

وتابع بوتين في خطاب إعلانه التعبئة العسكرية الجزئية، الذي ألقاه في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، قائلاً: “سنستخدم بالتأكيد كل ما لدينا من وسائل لحماية روسيا وشعبنا.. هذا الأمر ليس خدعة”.

الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة من مختلف العواصم الغربية، على رأسها واشنطن التي قال رئيسها جو بايدن بأنه: “نرى اتجاهات مقلقة، روسيا توجه تهديدات نووية غير مسؤولة لاستخدام الأسلحة النووية”. مضيفاً بأنه “لا يمكن الانتصار في حرب نووية، ولا يجب خوضها أبداً” وأن بلاده مستعدة للتفاوض على “إجراءات أساسية” للحد من التسلح النووي.

وعاد بايدن، يوم الخميس، للتحذير من أن أي استخدام روسي للأسلحة النووية سيجر العالم إلى معركة “هرمجدون”، مستخدماً الاصطلاح الديني المسيحي الذي يعني حرب نهاية العالم. فيما تعود جذور هذا المعتقد إلى التراث البابلي والنوردي.

خطر حرب نهاية العالم

وأمام تجمع لأنصار الحزب الديموقراطي بنيويورك، يوم الخميس، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن نظيره الروسي جاد في استخدام الأسلحة النووية. وقال بايدن: إن “بوتين لا يمزح باحتمال استخدام السلاح النووي التكتيكي”، وإن العالم لم يشهد مثل هذا التهديد “منذ (عهد الرئيس الأسبق جون) كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبيّة”.

وأضاف بايدن محذراً من أن أي استخدام روسي للأسلحة النووية التكتيكية، مهما بلغت قوتها، سيجر على العالم حرباً قد تؤدي إلى نهايته، وهو ما عبر عنه الرئيس مستخدماً المصطلح “هرمجدون”.

وفي وقت سابق، عبَّرت واشنطن عن أنها سترد في حال استخدام الروس أسلحة نووية في أوكرانيا. وقالت على لسان مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، بأنها أبلغت روسيا مباشرة وعلى مستويات عالية جداً وبشكل سرّي، أنه “ستكون هناك عواقب وخيمة على روسيا إذا استخدمت الأسلحة النووية في أوكرانيا”.

وشدد سوليفان على أن مسؤولي بلاده كانوا “واضحين مع الروس، في تأكيدهم أن الولايات المتحدة سترد بشكل حاسم إلى جانب حلفائنا وشركائنا”. مشيراً إلى أن “الروس يفهمون جيداً ما سيواجهونه إذا سلكوا ذلك الطريق المظلم”.

بالمقابل، عادت موسكو للتأكيد على إمكانية استخدامها السلاح النووي. حيث قال وزير خارجيتها سيرغي لافروف، يوم الجمعة، إنه: “لا يمكننا أن نتجاهل في صمت تلك المناقشات التي تزايدت باستمرار في الآونة الأخيرة بشأن الاستخدام المحتمل للأسلحة النووية، ولا يمكننا التغاضي عن الإجراءات المتهورة لنظام كييف، والتي تستهدف التسبب في مخاطر استخدام أنواع مختلفة من أسلحة الدمار الشامل”.

ما التفاصيل وراء “هرمجدون“؟

يعود اصطلاح “هرمجدون” إلى الإنجيل، حيث يذكر سفر “رؤيا نهاية الزمن” حدوث حرب طاحنة بين قوى الخير التي بقيادة المسيح وقوى الشر التي سيقودها الشيطان أو “نقيض المسيح”، وحسب اعتقادهم ستفني تلك المعارك العالم وتحرق الأرض، قبل أن ينتصر الخيرون ويؤسسوا “مملكة الرب”.

يشترك في الاعتقاد بهذه الرواية المسيحيون واليهود، ويشتق اسم المعركة من اللغة العبرية، ويعني حرب “مجيدو”، الذي هو اسم منطقة تقع في مرج بني عامر شمال فلسطين، ما يحيل على الاعتقاد وقوع هذه الحرب هناك. بالمقابل يرجح مؤرخون تسرب هذا المعتقد من الديانة الزردشتية أثناء السبي البابلي لليهود، كما يوجد معتقد مماثل في الديانات النوردية الوثنية، حيث يسمونها بـ “معركة راغناروك”.

ويمنح هذا الاصطلاح الحرب النووية بعداً دينياً، وليست تصريحات بايدن الأخيرة سابقة في هذا، بل تؤكد دراسة أجراها الكاتب الأمريكي دان يانكليفتش، عام 1984، أن 39% من الأمريكيين يؤمنون بأن “هرمجدون” التي تنبأ بها الإنجيل هي حرب نووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، سينهزم فيها قوى الشر السوفيت حسب اعتقادهم.

وفي التراث الإسلامي، نقل عن النبي الكريم أحاديث عن حدوث معركة كبرى في نهاية الزمان، ستكون بين الروم والمسلمين.

TRT

بايدن: خطر “هرمجدون” عند أعلى مستوياته منذ أزمة الصواريخ الكوبية


قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في حفل لجمع التبرعات للديمقراطيين هذه الليلة، “لم نواجه احتمالية هرمجدون منذ أزمة كينيدي والصواريخ الكوبية”.

يقول إن بوتين “لا يمزح عندما يتحدث عن الاستخدام المحتمل لأسلحة تكتيكية أو نووية أو بيولوجية” لأن جيشه ضعيف الأداء.

الرئيس فلاديمير بوتين، الذي يحكم أكبر قوة نووية في العالم، حذر الغرب مرارًا من أن أي هجوم على روسيا قد يؤدي إلى رد نووي.

في أنباء أخرى، قال بوتين إنه يتوقع اشتداد ضغوط العقوبات على الاقتصاد الروسي، وذلك في تصريحات متلفزة من اجتماع مع مسؤولين حكوميين.

ذكرت وكالة رويترز أيضاً أن الكرملين نفى تقارير عن فرار 700 ألف روسي من البلاد منذ أن أعلنت موسكو عن حملة تعبئة عسكرية من أجل استدعاء مئات الآلاف للقتال في أوكرانيا.

في الوقت نفسه، تعتقد وكالات الاستخبارات الأمريكية أن أجزاء من الحكومة الأوكرانية سمحت بهجوم بسيارة مفخخة بالقرب من موسكو في أغسطس / آب أسفر عن مقتل داريا دوجينا، ابنة قومي روسي بارز، كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز.
FXSTREET