القاهرة – سكاي نيوز عربية :
قبل 200 عام، وتحديدا في 14 سبتمبر 1822، صاح الشاب الفرنسي جان فرانسوا شامبليون مهللا “فهمتها”، معلنا بذلك لأخيه أنه وجد للتو مفتاح قراءة الكتابة المصرية القديمة، التي ظلت عصية عن القراءة طيلة 1500 عام.
وفتح الاكتشاف بدوره كنوز معرفة أقدم حضارة إنسانية في كل مجالاتها، فانطلق ما عُرف بـ”علم المصريات”، وهو الحدث الذي تخصص له فرنسا معرضا فنيا ووثائقيا للاحتفال به، بين 14 سبتبمر الجاري حتى 25 أكتوبر في قاعات مؤسسة “كوليج دي فرانس” بعنوان “شامبليون 1822”.
وبالتزامن مع احتفالات الذكرى، تجددت في مصر انتقادات لوجود تمثال لشامبليون في فرنسا، وهو يضع قدمه فوق تمثال لحاكم مصري من التاريخ القديم، وسط مطالب بإزالته.
حجر رشيد
والمعرض المفتوح مجانا للزوار، يقدم لهم فرصة لاستكشاف الكتابة الهيروغليفية (أقدم الخطوط المصرية)، وقصة حياة شامبليون، وحله رموز الكتابة المصرية، وذلك في 4 أجزاء.
(1) نسخة من حجر رشيد
يقدم الجزء الأول من المعرض عالم الكتابة المصرية عبر نموذجين ساعدا شامبليون في فك رموزها، وهما: مسلة كونكورد وحجر رشيد.
وحجر رشيد الذي اكتشفته الحملة الفرنسية في مصر سنة 1798، عليه نص مكتوب بـ3 خطوط (الهيروغليفية، الديموطيقية، اليونانية)، وساعد في قراءة اللغة بعد مقارنة الخطين المصريين بالخط اليوناني، كما تشرح الخبيرة الأثرية المصرية، نيرمين خفاجي لموقع “سكاي نيوز عربية”.
وتضيف أنه بعد هزيمة الفرنسيين في مصر، سقط الحجر في يد الإنجليز، إلا أن الفرنسيين كانوا أعدوا منه نسخة، وهي التي عكف عليها شامبليون في أبحاثه.
(2) مصر تتحدث عن نفسها
الجزء الثاني يستعرض ما عُرف بـ”الهوس” بالحضارة المصرية في القرن 19 في أوروبا، وكيف ساعد اكتشاف رموز اللغة في أن تعود الحضارة المصرية لتسمع صوتها للعالم، وفق الموقع الفرنسي Pariscosmop – Le guide multiculturel de Paris
(3) شامبليون: سيرة عبقري
في الجزء الثالث يتابع الزوار شامبليون منذ طفولته وسفره لمصر، حتى تحقيق حلمه، وبالوثائق يشاهدون طريقة عمله وهو يعتمد على أكوام من النصوص بلغات مختلفة لمقارنتها ببعضها.
وتوضح نرمين خفاجي أن عم شامبليون كان لديه قصر فيه عدد من الآثار المصرية، وهي التي أثارت شغفه منذ طفولته لاكتشاف هذه الآثار الصامتة، وساعده عمه ماديا في دراساته.
(4) شامبليون الأستاذ الرائد
يتعلق القسم الأخير من المعرض بالتاريخ المشترك لشامبليون وكوليج دو فرانس التي رحبت به أستاذا عام 1831 على أول كرسي لعلم المصريات.
وتوفي شامبليون الصغير، كما كان يُلقب، عن عمر 41 عامًا، في 4 مارس 1832، وعبر عالم المصريات جون جاردنر ويلكنسون (1797-1875) عن هذا الحدث بعبارة “الشعلة سقطت على الأرض ولا أحد قادر على حملها”.
وتطالب الخبيرة الأثرية بأن يكون الاحتفال في مصر بمرور 200 عام على حل رموز اللغة المصرية على قدر المناسبة، خاصة أن التراث المصري يشهد هجمة شرسة لطمسه وتبديده.
أزمة تتجدد
في غضون ذلك، دعا علماء آثار مصريون، ومنهم وزير الآثار الأسبق، زاهي حواس، باريس إلى إزالة التمثال المسيء للحضارة المصرية، الخاص بوضع شامبليون قدمه على رأس حاكم مصري.
وأضاف لوسائل إعلام محلية أن المصريين لا يقبلون إطلاقا هذا التمثال، داعيا وزارة الآثار لمخاطبة الجانب الفرنسي لإزالته، وأن في حال لم تتم الاستجابة تتخذ مصر إجراءات أخرى.
من ناحيته، قدم الدكتور سعيد البطوطي، المستشار الاقتصادي لمنظمة السياحة العالمية، شكوى رسمية إلى منظمة اليونسكو، بحسب تصريحات صحفية.
وسبق أن تقدم علماء مصريات بعريضة عام 2013 لإزالة التمثال.