قال موقع “المونيتور” الأمريكي، إن المخططين النقديين في مصر يواجهون خيارات صعبة خلال محاولتهم منع المزيد من التدهور في قيمة الجنيه المصري وكبح ارتفاع سعر صرف الدولار، وهو عملة الاستيراد الرئيسي في البلاد.

وأضاف، في تقريرترجمه “الخليج الجديد”، أن هذه المعضلة تتجدد مع اقتراب اجتماع لجنة السياسة النقدية، جهاز صنع القرار في البنك المركزي المصري، في 22 سبتمبر/أيلول الجاري لتقرير مستقبل سعر الصرف للأشهر المقبلة.

ويتبع البنك المركزي سعر صرف متحكم فيه، منذ أن سمح للجنيه المصري بالتعويم بحرية في البداية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وهو التحكم الذي ازداد مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية، وهو تطور دولي كان له آثار بعيدة المدى على الاقتصاد المصري وحياة المصريين وزاد الضغوط على العملة المحلية.

ومع ذلك ، قال الاقتصاديون إن هذه السياسة كان لها جوانبها السلبية.

 

 

ونقل التقرير عن أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة “علياء المهدي” قولها إن “سعر الصرف المضبوط يعطي قيمة غير حقيقية للعملة الوطنية”، وهو ما يفتح الباب أمام وجود سعري صرف لنفس العملة أحدهما داخل البنوك والآخر خارجها.

ويلفت التقرير إلى أنه من خلال تعطيل سلسلة التوريد الدولية، أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار السلع في السوق الدولية بشكل كبير، مما أجبر مصر على دفع المزيد مقابل استيراد نفس الكميات من السلع.

واعتادت مصر، وهي من أكبر مستوردي القمح في العالم، على الاعتماد بشكل كبير على واردات القمح من روسيا وأوكرانيا.

وفي عام 2021 ، جاء ما يقرب من 80% من واردات القمح للدولة العربية المكتظة بالسكان من البلدين ، وهما الآن محاصران فيما يبدو أنه حرب لا نهاية لها.

إلى جانب حرمان مصر من إمدادات القمح وإجبارها على دفع المزيد مقابل نفس كميات الحبوب، أعاقت الحرب ملايين السياح الذين اعتادوا القدوم إلى مصر من البلدين.

 

 

وقال “خالد الشافعي”، رئيس مركز “كابيتال للأبحاث الاقتصادية”، لـ”المونيتور”، إن “التدهور الذي حدث في قطاع السياحة نتيجة الحرب كان له آثار عميقة على الاقتصاد الوطني”.

وبصرف النظر عن المساهمة بنسبة 11.9% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، توظف السياحة 9.5% من القوة العاملة الوطنية البالغة 26 مليونًا.

وتضاعفت الخسائر في قطاع السياحة بسبب هروب مليارات الدولارات من رؤوس الأموال الأجنبية من البلاد.

وأوضح التقرير أن هذه السلبيات كلفت حاكم البنك المركزي السابق “طارق عامر” وظيفته في منتصف أغسطس/آب الماضي، ويقال أن “عامر” تعرض لضغوط شديدة بسبب إخفاقاته في تقييد خسارة الجنيه أمام العملات الأجنبية.

وبحسب ما ورد، فضل “عامر” التعويم التدريجي لسعر صرف الجنيه لمنع الصدمات المفاجئة في السوق المحلية.

وينقل التقرير عن “عبدالنبي عبدالمطلب”، كبير مستشاري البحوث بوزارة التجارة المصرية، قوله إن “فشل البنك المركزي أيضًا في اتخاذ إجراءات لإقناع المستثمرين في أدوات الدين المحلية بالبقاء في السوق المحلية”.

ووصل معدل التضخم إلى 16.7% في أغسطس، من 15.6% في يوليو/تموز، لكن هذا يسبب معاناة لعشرات الملايين من المستهلكين في بلد يعيش فيه 27.9% من السكان البالغ عددهم 106.5 مليون نسمة من الفقراء.

 

 

وفقد الجنيه المصري بالفعل نحو 18% من قيمته أمام الدولار منذ فبراير/شباط.

وقالت “علياء المهدي”: “لا يزال هناك شعور عام بأن البنك المركزي لا يقوم بتسعير الجنيه بشكل عادل”.

ماذا سيفعل البنك المركزي في اجتماع لجنته النقدية في 22 سبتمبر/أيلول الجاري؟

يحاول التقرير الإجابة، مستعينا بتصريحات قبل أيام لوزيرة التخطيط المصرية “هالة السعيد”، والتي قالت إن الحكومة تفضل سعر صرف مرن، وهو إجراء تراه الوزيرة مفيدا للاقتصاد المصري، بحسب تصريحاتها لوكالة “بلومبرج” الأمريكية.

وتتعرض مصر لضغوط شديدة لزيادة عائداتها من العملات الأجنبية، ويقع على عاتق الدولة العربية العديد من الالتزامات الدولية، حيث قدر بعض الاقتصاديين هذه الالتزامات بعشرات المليارات من الدولارات في عام 2023.

ويشير التقرير إلى أن القرارات التي اتخذتها الحكومة في أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا لتقليل الطلب على العملة الخضراء وحماية العملة الوطنية من المزيد من الانخفاض في قيمة العملة، أعطت الجنيه فترة راحة مؤقتة.

ومع ذلك، فإن نفس القرارات، التي تضمنت خطاب اعتماد إلزامي من البنوك لعمليات الاستيراد، قد أوقفت حركة الاستيراد، وأرسلت المستوردين لمناشدة الحكومة والبنوك لاتخاذ إجراءات للسماح بالإفراج عن الشحنات من موانئ الدولة وجعل الدولارات اللازمة المتاحة.

 

 

كما أدت نفس القرارات إلى كبح الإنتاج في بعض القطاعات المهمة.

وفي مايو/أيار الماضي، تدخل “السيسي” لإعفاء بعض الواردات، بما في ذلك متطلبات الإنتاج من متطلبات خطاب الاعتماد.

في غضون ذلك ، هناك مخاوف من أن يؤدي التعويم المتوقع للجنيه إلى ارتفاع أسعار السلع في السوق بطريقة تجعل معظم السلع بالكاد في متناول اليد، بحسب التقرير.

المصدر | عمرو إمام/المونيتور- ترجمة وتحرير الخليج الجديد