“المساعدات المالية، التي دأبت السعودية ودول الخليج الأخرى على تقديمها لدول الجوار، تعمل كـ”أداة دبلوماسية” تستخدمها تلك الدول منذ فترة طويلة لبناء النفوذ في جميع أنحاء المنطقة.

هكذا خلص تقرير صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، الذي لفت إلى أن الارتفاع في أسعار النفط والغاز، مكّن الدول الخليجية من العودة لهذه السياسة.

وحسب التقرير، تشترك مصر وباكستان والسودان بامتلاكها إمكانيات بشرية كبيرة، ومشاكل اقتصادية أكبر، وأيضا بكونها تلقت مساعدات مالية كبيرة من دول الخليج، خاصة السعودية وقطر والإمارات.

الدول الثلاث بالإضافة إلى تركيا، تلقت مساعدات بمليارات الدولارات من دول الخليج “خلال فترة تاريخية من الضغوط المالية”، ما يضاعف من الأداة الدبلوماسية التي استخدموها منذ فترة طويلة، لبناء النفوذ في جميع أنحاء المنطقة.

وحسب “جهاد أزعور”، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، فإن التعهدات المالية الخليجية تملأ الفجوة بين ما تحتاجه الدول، والمبلغ الذي يمكن أن يقدمه صندوق النقد الدولي.

 

 

وساعدت حزمة من الأموال الخليجية، باكستان في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 4 مليارات دولار الشهر الماضي، وستكون أيضًا حاسمة في خطة إنقاذ مصر، والتي لا تزال قيد التفاوض.

وتعهدت السعودية وقطر والإمارات بتقديم أكثر من 22 مليار دولار هذا العام لمصر، في الوقت الذي تسعى فيه البلاد إلى تجنب التخلف عن السداد.

كما نقلت عن مسؤولين (لم تسمهم) قولهم إن الدول الثلاث الغنية بالنفط، وعدت بأكثر من 10 مليارات دولار في أغسطس/آب الماضي لدعم باكستان في الوقت الذي ضاعفت فيه الفيضانات المدمرة من المتاعب الاقتصادية في البلاد.

وتلقت تركيا، التي تواجه واحدا من أعلى معدلات التضخم في العالم، مليارات الدولارات من التعهدات الاستثمارية ومساعدات النقد الأجنبي من منافستها السابقة الإمارات.

وتقول الصحيفة إن المساعدات تمثل تحولا عما كان عليه الوضع قبل بضع سنوات، عندما أجبر انخفاض أسعار النفط في ظل جائحة “كورونا” دول الخليج على إعادة التفكير في دعمها المالي للدول الأكثر فقرا في المنطقة.

 

 

وتتزامن المكاسب غير المتوقعة لمنتجي النفط مع فترة من الضغوط التاريخية للبلدان منخفضة الدخل.

وأدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية بالفعل وتأجيج التضخم على مستوى العالم، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض.

كما أنه يعكس التحولات الجيوسياسية الأخيرة في الشرق الأوسط، التي حفزتها الآثار المتتالية للحرب الروسية في أوكرانيا.

من المتوقع أن تجلب أسعار النفط المرتفعة إيرادات إضافية بقيمة 1.3 تريليون دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة لمصدري الطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقًا لصندوق النقد الدولي.

يقول المحلل الإقليمي في مركز أبحاث “تشاتام هاوس” البريطاني “ديفيد باتر”: “لديهم فوائض هائلة”.

 

 

ويضيف: “ليس من الصعوبة بمكان تخصيص بعض الأموال لحلفائهم الإقليميين المحتاجين”.

من جانبها، تقول الباحثة في جامعة كولومبيا للصحيفة “كارين يونج”، إن المساعدات الخليجية “مختلفة” الآن، حيث إن “الأمر يتعلق في الواقع بشراء الأصول، وهو ليس نفس النوع من الإنقاذ” كما كان في السابق.

وفي الآونة الأخيرة، وجهت دول الخليج المساعدات إلى البلدان من خلال الاستثمارات التي تقوم بها صناديق الثروة السيادية الضخمة التابعة لها.

واشترى صندوق الثروة السيادية في أبوظبي “إيه دي كيو” في الأشهر الأخيرة شركة أدوية تركية واستحوذ على حصص في شركات الأسمدة المصرية وأحد أكبر البنوك في البلاد وشركة شحن، وفقا للصحيفة.

وساعد التمويل الذي قدمته دول الخليج في سد الفجوة التي خلفها المستثمرون الأجانب الذين سحبوا مليارات الدولارات من الأصول المصرية بعد بدء الحرب في أوكرانيا.

 

 

يقول خبير العلاقات الدولية المصري “أيمن سلامة”، إن “من المؤكد أن مصر تعوزها مساهمات قطرية في هذه الحقبة وربما في هذه الفترة الاقتصادية العصيبة التي تمر بها مصر كانت باعثاً بأن يقوم الرئيس المصري بتعضيد وتمتين العلاقات مع دولة مثل قطر فاعلة ومهمة اقتصاديا وسياسيا”.

لكن “سلامة” يضيف أن “المصالح متبادلة بين البلدين”، على الرغم من أنه أشار إلى ما وصفه بـ”تقاطعات” مشتركة مثل موضوع سوريا، ونفوذ قطر في الجامعة العربية، وصحفيي قناة “الجزيرة” المسجونين في مصر.

وتقول الباحثة غير المقيمة في مؤسسة “كارنيجي” الدولية “ياسمين فاروق”، إن “السعوديين هبّوا لمساعدة مصر، لأنهم يعتقدون أن استقرار مصر وبقاء النظام مهم بالنسبة لهم”.

وتمتلك مصر أهمية اقتصادية وجيوسياسية كبيرة، حيث تسيطر على قناة السويس ولديها واحد من أكبر الجيوش الدائمة في العالم العربي.

وتضيف “فاروق”: “ينطبق الشيء ذاته على الإمارات والقطريين، إنهم بحاجة إلى دعم مصر للسياسة الخارجية”.

المصدر | الخليج الجديد