التحقيق في ملف التحرش الإسرائيلي في الرباط يؤكد تورط ثلاثة.. والضحايا إسرائيلية وثلاث مغربيات

لندن- “القدس العربي”:

مازال ملف التحرش الجنسي الذي شهدته التمثيلية الدبلوماسية لإسرائيل في الرباط يثير الكثير من الجدل السياسي والقضائي، إذ تفيد معطيات التحقيق التي حصلت عليها جريدة “القدس العربي” تورط ثلاثة مسؤولين من المكتب على رأسهم رئيس البعثة ديفيد غوفرين في فرضية التحرش، بينما عدد الضحايا هو أربعة، ثلاث مغربيات وموظفة إسرائيلية.

وكان ملف التحرش الجنسي قد انفجر منذ أسبوعين، وجرى الحديث عن التورط المفترض لشخص واحد وهو رئيس البعثة الإسرائيلية ديفيد غوفرين، حيث شكل هذا الحدث ضربة قوية للغاية لعملية التطبيع السياسي بين الطرفين.

وتوصلت جهات مغربية وإسرائيلية بشكاوي التحرش منذ سنة، وكان هناك نوع من التريث بحكم أن الرد على جميع التفسيرات حول الموضوع كان يجري تأويلها بفرضية معاداة السامية أو توظيف جهات مغربية للملف للتأثير على عملية التطبيع بمعنى تجميد التطبيع أو اتهام بعض المشتكيات بأنهن قمن بالسرقة ويستعملن التحرش للدفاع عن أنفسهن. ونتج عن هذا التطور غير المنتظر انقسام واضح، طرف مغربي-إسرائيلي أراد الدفع بالتحقيق وأن تتولاه إسرائيل، بحكم تمتع المتهمين بالحصانة الدبلوماسية، حيث لا يمكن للقضاء المغربي استدعاؤهم، بل فقط مطالبة تل أبيب بطردهم، وطرف مغربي-إسرائيلي سعى الى التستر على هذه الفضيحة إنقاذا لعملية التطبيع،وهذا التيار هو الذي عمل من أجل التطبيع منذ سنوات. والمفارقة الكبرى أن وزارة الخارجية كانت تهدف الى إبقاء الملف سرا، غير أنه جرت عملية التسريب الاستباقي للإعلام بهدف التقليل من حدة التهم، وانفلت الملف من أيدي المسربين وكانت نتائجه عكسية.

واستدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية عدداً من مسؤولي المكتب، وعلى رأسهم ديفيد غوفرين، وأبقت فقط على واحد في الرباط وهو “إ د أ”. وفي الوقت نفسه حلت لجنة تحقيق خاصة بالرباط للتحقيق والتي انتهت وفق معطيات دقيقة الى ما يلي: تورط ثلاثة مسؤولين إسرائيليين في فرضية التحرش الجنسي، وليس رئيس البعثة غوفرين لوحده. شمل التحرش الجنسي ثلاث مغربيات، وكذلك موظفة إسرائيلية. وكان مسرح التحرش غرفة الفندق، غرفة المساج الرياضي، ثم المكتب بعد افتتاحه، بحكم أن البعثة كانت تعمل في البدء من جناح في الفندق جرى استئجاره.

ومن المنتظر تعرض غوفرين للمحاكمة رفقة المسؤولين الآخرين، إذا قبل الضحايا مواجهة الثلاثة قضائيا أمام المحاكم الإسرائيلية. وترفض المغربيات نشر أسمائهن خوفا من التشهير، فيما قبلت الإسرائيلية نشر اسمها أمام المحكمة، ولكن دون تسريبه إلى الإعلام، بينما اقتصرت المغربيات على الإدلاء بشهادتهن أمام القضاء دون ذكر أسمائهن. وفي حالة عدم حدوث المحاكمة من المحتمل جدا تجميد المسيرة الدبلوماسية للمتورطين باستثناء واحد جرى الاستغناء عنه لأنه كان متقاعدا.

وعمليا، انتهت مهمة غوفرين الدبلوماسية في الرباط بعد هذه الفضيحة ولن يعود، وجرى إرسال آلونا فيتشر كام كرئيسة لبعثة التواصل مؤقتا في انتظار تعيين فريق جديد نظرا لوجود حكومة تصريف الأعمال في إسرائيل لا تتخذ القرارات الكبرى. وكان منتظرا تعيين هذه الدبلوماسية سفيرة في مدريد، وقد تشغل هذا المنصب عندما ستجد إسرائيل الفريق المناسب للرباط.

ومن جهة أخرى، أصبح التطبيع مهددا بالتجميد لسببين، الأول مراوغة إسرائيل في تفادي الاعتراف بمغربية الصحراء، وهو ما دفع الملك محمد السادس إلى التلميح بضرورة توضيح إسرائيل لموقفها، وذلك عندما انتقد في خطاب 20 أغسطس الماضي الموقف الضبابي لكل من الشريك التقليدي، أي فرنسا، ثم الشريك الجديد، أي إسرائيل، من هذا الملف. وبينما ترغب إسرائيل في إرسال فريق دبلوماسي لديه تجربة كبيرة للعمل مع المغرب، يرغب تيار وسط إسرائيل ووسط المغرب في استقدام دبلوماسيين إسرائيليين من أصول مغربية. وتواجه إسرائيل تحديات كبرى في التطبيع، فقد طورت الاستخبارات والدبلوماسية سياسة المواجهة مع العرب، ولكنها لم تنجح حتى الآن في تطوير العمل الدبلوماسي العادي مع العرب، أي تفتقد للعنصر البشري المؤهل.

وأمام هذه التطورات، بدأ المغرب يقلل من حرارة العلاقات الدبلوماسية ويبقي فقط على التعاون العسكري الذي سبق التطبيع بعقود ويخضع لآليات مختلفة عن السياسي. ويراهن المغرب على إسرائيل عسكريا ضمن رهانه على عدد من الدول مثل الصين وتركيا للحصول على العتاد، بعدما جمّدت واشنطن صفقات أسلحة كان ينوي الحصول عليها.

 

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

المغرب يطلق خطة لمد أنبوب للغاز مع أوروبا

RT : وضع المغرب خطة لتطوير البنية التحتية للغاز تهدف لتأمين عدة وجهات لاستيراد الغاز المسال، ودعم أنابيب الغاز …