ألقى تقرير لمعهد دول الخليج العربية في واشنطن الضوء على التحالف الإقليمي الناشئ بين العراق والأردن ومصر، وهو تحالف قال إنه جاء برعاية أمريكية لتعزيز الأدوار الإقليمية لكل دولة، والعمل معا كواجهة ضد تدخلات قوى إقليمية أخرى بالمنطقة، أبرزها إيران وتركيا.

وأشار التقريرإلى اجتماع الرئيس الأمريكي “جو بايدن” مع قادة تلك الدول، كل على انفراد، خلال زيارته الأخيرة إلى السعودية، وأكد خلال تلك اللقاءات دعم واشنطن لهذا التحالف.

وأضح أن الهدف الأساسي للدول الثلاثة يبدو هو زيادة التعاون الاقتصادي، لاسيما أن القاهرة وبغداد وعمان جميعهم في وضع اقتصادي صعب، لذلك يأملون في أن يوفر التعاون المعزز دعمًا اقتصاديًا مستمرًا لكل منهم بدلاً من المساعدة المتقطعة من الخليج والخارج.

وشبه التقرير التحالف الحالي، بالتحالف الذي أعلنته مصر والعراق والأردن إلى جانب ما كان يعرف باليمن الشمالي، عام 1989، حينما شكلوا مجلسا للتعاون العربي، سرعان ما انهار بعد الغزو العراقي للكويت.

وقال التقرير إن التحالف الحالي يحمل بعض التشابه مع مجلس التعاون العربي، لا سيما في تركيزه على الدبلوماسية والتنمية الاقتصادية على التعاون العسكري.

وتحدث المعهد عن العلاقات الثنائية بين دول التحالف، قائلا إن مصر والعراق والأردن تجاوزوا تاريخ العلاقة المتوترة بينهما منذ غزو الأخير للكويت، وباتت العلاقة حاليا قائمة على المصالح المتبادلة، لاسيما المصالح الاستخباراتية حول مكافحة تنظيم “الدولة  الإسلامية” والذي نشط في البلدان الثلاثة، وطورت الاستخبارات العراقية أسلوبا متقدما للعمل ضد التنظيم أفاد المصريون والأردنيون.

 

 

ونقل التقرير عن خبراء قولهم إن التحالف الثلاثي يسعى للعمل كواجهة ضد تدخل طهران وأنقرة في العالم العربي، حيث يهدف مشروع الربط العراقي بين مصر والأردن والعراق إلى تقليل اعتماد بغداد على طهران في هذا الملف، بحيث يمكن للبلدان العربيان إمداد العراق بالكهرباء عام 2023.

لكن، ووفقا للتقرير، لا يمتلك التحالف الثلاثي بين العراق والأردن ومصر نفوذا كافيا، حتى الآن، لتقليص نفوذ إيران وتركيا في المنطقة، حيث يعد التحالف الأول في “حالة جنينية”.

علاقات التحالف مع دول الخليج

يرى التقرير أن التحالف الثلاثي يسعى صراحة إلى إقامة علاقات جيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي، لاسيما الإمارات التي تمت دعوتها للانضمام بعد تزايد دورها الإقليمي، ورغم أنه لا يوجد شئ رسمي حول انضمام أبوظبي، إلا أنه يبدو أنها تعمل مع الدول الثلاث.

وأوضح المعهد أن الأردن يحاول الآن تجاوز علاقات فاترة بالسعودية، ناتجة عن موقفه غير القوي من مقاطعة قطر إبان الأزمة الخليجية، وانسحابه من التحالف الذي تقوده المملكة في اليمن، ما تسبب في جمود الاستثمارات والمساعدات السعودية لعمان، الأمر الذي أثر على الاقتصاد الأردني.

وهناك الآن مؤشرات على تحسن “حذر” للعلاقات بين الرياض وعمان، وبعد دعوة الأردن لقمة جدة الأخيرة اتضح أن جليد الخلافات بينهما قد ذاب بالفعل.

 

 

ويعتبر التقرير أن تحسن العلاقات السعودية الأردنية مرتبط أيضا بإدارة الرئيس الأمريكي الحالي “جو بايدن”، حيث جعل سلفه “دونالد ترامب” النفوذ الأردني الإقليمي مهددا، بسبب الاتفاقيات الإبراهيمية مع دول الخليج التي أغفلت دور الأردن في القضية الفلسطينية ووصايته على المسجد الأقصى، لذلك كان الأردن من أوائل المحتفلين بفوز “بايدن”، وبالفعل يبدو أن واشنطن رقت العلاقات مع عمان مجددا.

كما تتشارك السعودية والأردن المخاوف حول إيران، لاسيما بعد أن اقتربت ميليشياتها المسلحة في سوريا من حدود الأردن، وهو ما سبب إزعاجا لعمان.

أما بالنسبة للعراق ودول الخليج، فبعد توتر العلاقات بعد غزو الكويت، بدأت الأمور في التحسن، وإن كان التقارب السعودي العراقي بطيئا، نظرا للنفوذ الإيراني الكبير هناك بعد الغزو الأمريكي وتداعياته، لكن المملكة بدأت في تسريعه منذ 2017، وبات السعوديون يحاولون أن يكونون لاعبا مهما في الساحة العراقية، بحسب التقرير.

أما مصر، يقول التقرير إن علاقاتها مع السعودية ظلت قوية نسبيا على مدار العقد الماضي، لاسيما بعد الدعم الاقتصادي والمالي السعودي للقاهرة عقب 2013 وحتى الآن.

وبشكل عام، تسعى الدول الثلاثة إلى إقامة علاقات قوية مع دول مجلس التعاون الخليجي ، مما يشير إلى أن التحالف مستعد للعمل بجانب الكتلة الخليجية بدلاً من التنافس معها.

 

 

لكن، المهم هنا، بحسب التقرير، هو أن التحالف، ومعه الدول الخليجية لا يبدو قادرا للحشد والرد على القوى الإقليمية غير العربية لسببين، على الأقل:

أولاً ، لا يزال لإيران نفوذ كبير على العراق، ثانياً ، لدى كل من الأردن ومصر معاهدات سلام مع إسرائيل ، وهي قوة إقليمية أخرى غير عربية.

من المهم أيضًا أن مخاوف الدول الثلاث بشأن إيران أو تركيا داخل الحلف ليست متطابقة، حيث يبدو أن المصريين على سبيل المثال ، يشعرون بتهديد من تركيا أكثر من إيران.

ويخلص التقرير إلى أنه في المستقبل المنظور، يبدو أن ما يبدو على الأرجح هو تحسينات دبلوماسية تدريجية بين الدول الثلاث ، مع استمرار الجهود الثنائية والثلاثية لتعزيز العلاقات مع الرياض وأبوظبي.

المصدر | عبدالعزيز كيلاني/ معهد دول الخليج العربية في واشنطن – ترجمة وتحرير الخليج الجديد