واشنطن بوست: تعليمات إسرائيلية “غريبة” تطلب من الأجانب الكشف عن العلاقات الغرامية قبل زيارة الضفة الغربية

لندن- “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا حول القيود الجديدة التي ستفرضها إسرائيل على زوار الضفة الغربية من أصحاب الجنسيات المزدوجة والتي ستطبق يوم الإثنين، خاصة الطلب المثير للجدل من الزوار الإفصاح عن علاقات حب مع الجانب الفلسطيني، وإرساله عبر إيميل خاص للجيش الإسرائيلي والكشف عن بداية العلاقة خلال شهر.

وقالت شيرا روبن وكلير باركر، إن إسرائيل ستقيد زيارة المواطنين الفلسطينيين- الأمريكيين والتبادل الأكاديمي بين الجامعات الفلسطينية والأجنبية، وأن هذا تصعيد في نظام عنصري بالأصل ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967.

وأضافت الصحيفة أن المرسوم الإسرائيلي المكون من 97 صفحة، يفصّل القيود الجديدة المطلوبة من الزاور حملة الجوازات الأجنبية، بمن فيهم أمريكيون- فلسطينيون، ويطلب الكشف عن علاقات عاطفية مع مواطن/ مواطنة فلسطينية في الضفة الغربية، وعليهم “إعلام” السلطات الإسرائيلية عبر عنوان إلكتروني خاص وخلال 30 يوما من بداية العلاقة. وجاء في الوثيقة: “تاريخ بدء العلاقة هو يوم الخطوبة، الزواج أو المعاشرة، أو أيهما بدأ أولا”.

المرسوم الإسرائيلي يطلب من حملة الجوازات الأجنبية الكشف عن علاقات عاطفية مع مواطن/ مواطنة فلسطينية في الضفة الغربية، وعليهم “إعلام” السلطات الإسرائيلية

وتطلب التعليمات من الزوار الكشف عما إن كان يملكون أراضي في الضفة أو ميراثا. ولا تنطبق التعليمات على المستوطنين الإسرائيليين في الضفة. فالنظام القانوني الذي تطبقه إسرائيل في الأراضي المحتلة يعامل الفلسطينيين بطريقة مختلفة عن المستوطنين الذين يطبق عليهم القانون الإسرائيلي المدني. أما الفلسطينيين، فيعاملون كمقاتلين في ظل الحكم العسكري الإسرائيلي وعرضة للمداهمات الليلية والاعتقال ومنع زيارة أراضي أجدادهم أو استخدام شوارع معينة.

وهاجم الفلسطينيون ونشطاء حقوق الإنسان التعليمات الإسرائيلية الجديدة على منصات التواصل الاجتماعي، ووصفوها بأنها مثال جديد عن محاولات إسرائيل المستمرة لحرمان الفلسطينيين الذي يعيشون تحت الاحتلال منذ 55 عاما. وقال سالم براهمة، مدير “رابط” وهو منبر رقمي تابع للمعهد الفلسطيني للدبلوماسية العامة: “جزء من هذا هو عن السيطرة والعزلة، والجانب الآخر، لو لم نستطع أن نكون معا في فلسطين فعليك المغادرة أو عمل هذا في مكان آخر. وهو لطرد أكبر عدد من الفلسطينيين  من أجل الحفاظ على التفوق الإسرائيلي”.

وقامت إسرائيل قبل زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بأكبر عملية طرد للفلسطينيين منذ عقود. وقال فادي قرعان، مدير “أفاز” في تغريدة، إن التعليمات الجديدة في الضفة الغربية تجعل من “الحب خطيرا”.

ويواجه الأجانب الزائرون للضفة الغربية تحقيقات مكثفة. وقالت امرأة فلسطينية تعيش في ألمانيا ومتزوجة من ألماني، إن التعليمات الجديدة التي ستجعل من زيارتها مع زوجها وأولادها لأقاربهم في الضفة الغربية معقدة. ولم تكشف المرأة عن هويتها حتى لا تلفت انتباه السلطات الإسرائيلية. وبعد سماعها الأخبار، قررت في أيار/ مايو زيارة أقاربها مع زوجها قبل بدء تطبيق التعليمات الجديدة. وحتى في ذلك الوقت، نصحها الأردنيون على الجانب الآخر من المعبر الحدودي أن تحذف هي وزوجها أي إشارة عن العلاقة ومحو الصور على هاتف كل منهما والتي تكشف عن علاقة، لأن السلطات الإسرائيلية تعيد الأزواج المتزوجين من فلسطينيات.

وخلع الزوجان خاتم الخطبة وقررا إلغاء الحجز المشترك عبر موقع “إير بي إن بي” وشطبا كل الحوارات المتبادلة على واتساب. وأخبر زوجها السلطات الإسرائيلية أنه سائح، لكنه واجه تحقيقات موسعة من الشرطة الإسرائيلية.

ورفضت متحدثة بلسان ما تسمى وحدة “تنسيق نشاطات الحكومة في المناطق”، وهي الهيئة الإسرائيلية المسؤولة عن التنسيق مع الفلسطينيين في الأمور المدنية، التعليق على القيود، ولكنها قالت إن النسخة من التعليمات ستصدر الأحد. ويصف المرسوم تعليمات مثل “هدف التعليمات” بأنه لتقنين الأعراف المعمول بها منذ سنين لحملة الجوازات الأجنبية الذين يدخلون المناطق المحتلة. والهدف هو “تحديد مستويات السلطة وطريقة التعامل مع الطلبات التي يقدمها الأجانب الراغبون بزيارة يهودا والسامرة ( الضفة الغربية) عبر المعابر الدولية وبناء على السياسة والتنسيق مع المكاتب المختصة”.

القواعد الجديدة “ستحرم العائلات الفلسطينية من العيش معا بشكل طبيعي”، وتجعل من عمل الأكاديميين في المؤسسات التعليمية الفلسطينية مستحيلا

ومنذ الإعلان عن السياسة الجديدة في شباط/ فبراير، أجّلت المحكمة العليا تطبيق التعليمات أكثر من مرة. ففي حزيران/ يونيو، تقدمت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “هاموكيد” مع 19 شخصا بعريضة للمحكمة العليا الإسرائيلية لوقف تطبيق التعليمات الجديدة، وناقشت أن التعليمات “تفرض قيودا مشددة على مدة التأشيرة وتمديدها”، حيث تحد من قدرة الأفراد على العمل أو التطوع في المؤسسات الفلسطينية، بحيث لا تستغرق المدة سوى عدة أشهر، وفي بعض الأحيان تمنعهم من مغادرة المناطق أو البقاء لأعوام في الخارج قبل أن يتقدموا بطلب تأشيرة أخرى.

وقالت المنظمة الإسرائيلية إن القواعد الجديدة “ستحرم العائلات الفلسطينية من العيش معا بشكل طبيعي”، وتجعل من عمل الأكاديميين في المؤسسات التعليمية الفلسطينية مستحيلا. وتسمح التعليمات الجديدة لـ100 أستاذ جامعي و150 طالبا أجنبيا بالعمل والدراسة في الجامعات الفلسطينية، وهي ضربة للتعليم العالي الفلسطيني، حيث تعتمد الجامعات على التعاون مع الجامعات في الخارج ،وتجذب مئات الطلاب من حملة الجوازات الأجنبية.

وبناء على برنامج “إراسموس بلاص” للتبادل التعليمي الذي يدعمه الاتحاد الأوروبي، فقد درس طلاب أكثر من 350 جامعة أوروبية وعمل أساتذتها في الجامعات الفلسطينية عام 2020، وهي زيادة كبيرة عن 51 جامعة قبل خمسة أعوام.

وأشارت ماريا غابرييل، المفوضة الأوروبية للإبداع والبحث والثقافة والتعليم والشباب،  إلى أن التطورات الأخيرة قد تضر بالعلاقات الأوروبية- الإسرائيلية. وقالت: “تنتفع إسرائيل بشكل كبير من إراسموس بلاص، فالمفوضية تعتبر أن دورها هو تسهيل وليس عرقلة الطلاب إلى الجامعات الفلسطينية”.

وقالت إن المسؤولين الأوروبيين عبّروا للسلطات الإسرائيلية عن قلقهم من التطورات الأخيرة، وعلى أعلى المستويات. وقال سام بحور، الأكاديمي الأمريكي- الفلسطيني، إن قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية المتعددة لتأجيل تنفيذ التعليمات، هي إشارة على عدم شرعيتها. مضيفا أنه تلقى مكالمات عدة من فلسطينيي الشتات حول العالم، عبّروا فيها عن قلقهم من زيارة عائلاتهم في الضفة الغربية، مؤكدا أن التعليمات الجديدة “غريبة ومن الصعب تطبيقها”، وأنها تحمل الرسالة القديمة من الإسرائيليين للفلسطينيين: “ابتعدوا عن وطنكم”.

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

المغرب يطلق خطة لمد أنبوب للغاز مع أوروبا

RT : وضع المغرب خطة لتطوير البنية التحتية للغاز تهدف لتأمين عدة وجهات لاستيراد الغاز المسال، ودعم أنابيب الغاز …