خالد محيي الدين الحليبي
مركز القلم
الملف بصيغة PDF :
وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ
صيغة ورد :
{ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا-33 الاسراء }
تفسير الطبري :
[عن الزهريّ، عن عُروة أو غيره، قال: قيل لأبي بكر: أتقتل من يرى أن لا يؤدي الزكاة، قال: لو منعوني شيئا مما أقروا به لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم فقيل لأبي بكر : أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أُمِرْتُ أنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حَتى يَقُولُوا: لا إِلَه إِلا الله، فإذَا قالُوها عَصَمُوا مِنّي دِماءهُمْ وأمْوالهُم إِلا بِحَقِّها، وحِسابُهُمْ عَلى الله ” فقال أبو بكر: هذا من حقها. حدثني موسى بن سهل، قال: ثنا عمرو بن هاشم، قال: ثنا سليمان بن حيان، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتى يقُولُوا لا إِلَه إِلا الله، فإذَا قالُوها عَصَمُوا مِنِّى دِماءهُمْ وأمْوالهُمْ إِلا بِحَقِّها وحِسابهُمْ عَلى الله؛ قيل: وما حقها؟ قال: زِنًا بَعْد إحْصانٍ، و كُفْرٌ بَعْد إيمَانٍ، وقَتْلُ نَفْسٍ فَيُقْتَلُ بِها “. وقوله ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا ) يقول: ومن قتل بغير المعاني التي ذكرنا أنه إذا قتل بها كان قتلا بحقّ( فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) يقول: فقد جعلنا لوليّ المقتول ظلما سلطانا على قاتل وليه، فإن شاء استقاد منه فقتله بوليه، وإن شاء عفا عنه، وإن شاء أخذ الدية. وقد اختلف أهل التأويل في معنى السلطان الذي جُعل لوليّ المقتول، فقال بعضهم في ذلك، نحو الذي قُلنا. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) قال: بيِّنة من الله عزّ وجلّ أنـزلها يطلبها وليّ المقتول، العَقْل، أو القَوَد، وذلك السلطان. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن جُويبر، عن الضحاك بن مزاحم، في قوله ( فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) قال: إن شاء عفا، وإن شاء أخذ الدية. وقال آخرون: بل ذلك السلطان: هو القتل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) وهو القَوَد الذي جعله الله تعالى. وأولى التأويلين بالصواب في ذلك تأويل من تأول ذلك: أن السلطان الذي ذكر الله تعالى في هذا الموضع ما قاله ابن عباس، من أن لوليّ القتيل القتل إن شاء وإن شاء أخذ الدية، وإن شاء العفو، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم فتح مكة: ” ألا ومَنْ قُتِل لَهُ قَتِيلٌ فَهُو بِخَيْرِ النَّظَريْنِ بين أنْ يَقْتُل أوْ يأْخُذ الدّيَة “. قد بيَّنت الحكم في ذلك في كتابنا: كتاب الجِراح. وقوله ( فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء الكوفة (فَلا تُسْرِفْ) بمعنى الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد به هو والأئمة من بعده، يقول: فلا تقتل بالمقتول ظُلْما غير قاتله، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يفعلون ذلك إذا قتل رجل رجلا عمد وليّ القتيل إلى الشريف من قبيلة القاتل، فقتله بوليه، وترك القاتل، فنهى الله عزّ وجلّ عن ذلك عباده، وقال لرسوله عليه الصلاة والسلام: قتل غير القاتل بالمقتول معصية وسرف، فلا تقتل به غير قاتله، وإن قتلت القاتل بالمقتول فلا تمثِّل به. وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة (فَلا يُسْرفْ) بالياء، بمعنى فلا يسرف وليّ المقتول، فيقتل غير قاتل وليه. وقد قيل: عنى به: فلا يسرف القاتل الأول لا ولي المقتول. ]
وهذا تفسير غير دقيق للآية أو تناول وجه من الوجوه دون تدقيق في كتاب الله عن مراده عز وجل من الآية ولكن هذا ما وصل إليه من علم بعيدا عن مدرسة أهل البيت عليهم السلام وبيان القران بالقران والذي لميقل به أحد في هذا العصر المبكر من نزول الوحي لتواجد رسول الله صلى الله عليه وعترته الطاهرة وهم القرآن الناطق بينهم واخيراَ تبين أن مدرسة أهل البيت عليهم السلام هم الفهم العميق و الدقيق للقران الكريم كما سنبين .
وفي مذهب أهل البيت
تفسير البرهان :
[علي بن إبراهيم، في قوله: { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً } أي سلطانا على القاتل، { فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً } أي ينصر ولد المقتول على القاتل.
6349/ [2]- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن عروة، عن أبي العباس و غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ” إذا اجتمعت العدة على قتل رجل واحد، حكم الوالي أن يقتل أيهم شاءوا، و ليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد، إن الله عز و جل يقول: { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ “.{
6350/ [3]- و عنه: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن محمد بن سليمان، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): إن الله عز و جل يقول في كتابه: { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً } فما هذا الإسراف الذي نهى الله عز و جل عنه؟ قال: ” نهى أن يقتل غير قاتله، أو يمثل بالقاتل “.
قلت: فما معنى قوله: { إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }؟ قال: ” و أي نصرة أعظم من أن يدفع القاتل إلى أولياء المقتول فيقتله، و لا تبعة تلزمه من قتله في دين و لا دنيا؟ “. 6351/ [4]- و عنه: عن علي بن محمد، عن صالح، عن الحجال، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ }؟ قال: ” نزلت في الحسن (عليه السلام)، لو قتل أهل الأرض به ما كان سرفا “.
6352/ [5]- الشيخ في (التهذيب) : بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن عروة، عن أبي العباس و غيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ” إذا اجتمع العدة على قتل رجل واحد، حكم الوالي أن يقتل أيهم شاءوا، و ليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد، إن الله عز و جل يقول : { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ } و إذا قتل الثلاثة واحدا، خير الوالي أي الثلاثة شاء أن يقتل، و يضمن الآخران ثلثي الدية لورثة المقتول “.
6353/ [6]- أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، قال : حدثني محمد بن الحسن بن أحمد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن محمد بن سنان، عن رجل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى: { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً } .
قال: ” ذلك قائم آل محمد (عليه و عليهم السلام)، يخرج فيقتل بدم الحسين (عليه السلام)، فلو قتل أهل الأرض لم يكن مسرفا. و قوله: { فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ } أي لم يكن ليصنع شيئا يكون سرفا ” ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): ” يقتل – و الله – ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) بفعال آبائها “.
6354/ [7]- ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قلت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله، ما تقول في حديث روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: ” إذا قام القائم (عليه السلام) قتل ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) بفعال آبائهم؟ ” فقال (عليه السلام): ” هو كذلك “.
قلت: و قول الله عز و جل} : وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } [الإسراء: 15، فاطر: 18، الزمر: 7] ما معناه؟ فقال: ” صدق الله في جميع أقواله، لكن ذراري قتلة الحسين (عليه السلام) يرضون بأفعال آبائهم و يفتخرون بها، و من رضي شيئا، كان كمن أتاه، و لو أن رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب، لكان الراضي عند الله عز و جل شريك القاتل، وإنما يقتلهم القائم (عليه السلام) إذا خرج، لرضاهم بفعل آبائهم “.
قال: فقلت له: بأي شيء يبدأ القائم (عليه السلام) منكم إذا قام؟ قال : ” يبدأ ببني شيبة و يقطع أيديهم، لأنهم سراق بيت الله عز و جل “.
6355/ [8]- علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن عثمان بن سعيد، عن المفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز و جل: { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً } ، قال: ” نزلت في قتل الحسين (عليه السلام) “.
6356/ [9]- العياشي: عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: ” من قتل النفس التي حرم الله فقد قتل الحسين في أهل بيته (عليهم السلام) “. 6357/ [10]- عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ” نزلت هذه الآية في الحسين (عليه السلام): { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ } قاتل الحسين إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً – قال -: الحسين (عليه السلام) “.
6358/ [11]- عن أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ” إذا اجتمع العدة على قتل رجل، حكم الوالي بقتل أيهم شاء، و ليس له أن يقتل أكثر من واحد، إن الله يقول: { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً } و إذا قتل واحدا ثلاثة، خير الوالي أي الثلاثة شاء أن يقتل، و يضمن الآخران ثلثي الدية لورثة المقتول “.
6359/ [12]- عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }.
قال: ” هو الحسين بن علي (عليه السلام) قتل مظلوما و نحن أولياؤه، و القائم منا إذا قام طلب بثار الحسين، فيقتل حتى يقال: قد أسرف في القتل – و قال – المقتول: الحسين (عليه السلام) و وليه: القائم، و الإسراف في القتل: أن يقتل غير قاتله { إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً } فإنه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل من آل الرسول (صلى الله عليهم) يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جوار “.
6360/ [13]- عن أبي العباس، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين قتلا رجلا، فقال: ” يخير وليه أن يقتل أيهما شاء، و يغرم الباقي نصف الدية – أعني دية المقتول- فترد على ورثته ، و كذلك إن قتل رجل امرأة، إن قبلوا دية المرأة فذاك، و إن أبى أولياؤها إلا قتل قاتلها غرموا نصف دية الرجل و قتلوه، و هو قول الله: { فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ } “.
6361/ [14]- عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: يا بن رسول الله، زعم ولد الحسن (عليه السلام) أن القائم منهم، و أنهم أصحاب الأمر، و يزعم ولد ابن الحنفية مثل ذلك، فقال: ” رحم الله عمي الحسن (عليه السلام)، لقد أغمد أربعين ألف سيف حين أصيب أمير المؤمنين (عليه السلام) و أسلمها إلى معاوية، و محمد بن علي سبعين ألف سيف قاتله، لو خطر عليهم خطر ما خرجوا منها حتى يموتوا جميعا، و خرج الحسين (عليه السلام) فعرض نفسه على الله في سبعين رجلا، من أحق بدمه منا؟ نحن- و الله- أصحاب الأمر، و فينا القائم، و من السفاح و المنصور، و قد قال الله: { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً } نحن أولياء الحسين بن علي (عليهما السلام)، و على دينه “.
6362/ [15]- شرف الدين النجفي، قال: روى بعض الثقات، بإسناده عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل: { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }.
قال: ” نزلت في الحسين (عليه السلام)، لو قتل وليه أهل الأرض [به] ما كان مسرفا، و وليه القائم (عليه السلام( “. ] .
وهنا تفاسير أهل البيت عليهم السلام أقرب للصواب وفقاً لبيان القرآن بالقرآن كما سنبين بإذن الله :
تفسير البينة
( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق )
(ولا تقتلوا النفس)
بينا سالفًا أن بني إسرائيل هم ذرية القاتل الأول علي الأرض والذي سن أول سنة سيئة في العالم من قتل أخيه وهو أول قتيل علي الأرض كما في قوله تعالي عن هذه القصة وترابطها بتحذير بني إسرائيل من أنى الأرض أيضاً سيكونون متورطون فيها أيضاً هنا قال تعالى { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ-المائدة27-32 } .
ولأن الله تعالى ربط بين أول قاتل لأخية على الأرض فى أول الزمان وآخر جريمة ستقع لذلك قال تعالى بأن القاتل المفسد في الأرض كأنه قتل الناس جميعا كما في قوله تعالى { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً – المائدة } أي أن ذرية قابيل مسؤلة عن كل جرائم القتل التي سنها أبيهم قابيل لعنه الله أول قاتل على الأرض وآخرهم بني إسرايل الآن ومنهم آخر قاتل على وجه الأرض وإسمهم هنا بني إسرائيل مجازاً وهم في الواقع ليسوا أبنائه كما بينا في أول السورة الكريمة بل هؤلاء هم الذين قتلوا أبناء نبي الله إسرائيل عليه السلام فعلاً من النبيين والذين يأمرون بالقسط من الناس في كل زمان قال تعالى { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ-البقرة61} وعن قتلهم لآل بيت نبيهم وهم أنبياء زمانهم وفي كل زمان قال تعالى { ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ-البقرة85 } .
وعن قتلهم للنبيين والذين يأمرون بالقسط من الناس يقول تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُون النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ- آل عمران 21 } .
وينتهي بهم المآل إلي التآمر علي قتل رسول الله صلي الله عليه وآله عدة مرات مرة بإلقاء الحجر عليه وأخرى بالسم في خيبر والتآمر بالكيد والمكر برسول الله صلى الله عليه ثم أهل بيته من بعده عليهم السلام كما سنبين فكثير من الأسماء التي تظن أنهم عرب ما هم إلا يهود أو تلاميذ لليهود وذلك لكل باحث مدقق فكانت قريش تسئل اليهود فيقولون لهم قولوا له ماذا عن الروح ماذا عن كذا…..ألخ .
وبالتالي فهم مسؤلون مسؤلية تامة عن قتل آل بيت النبي عليهم السلام والمؤمنون ومعهم مشركوا العرب من الخوارج والنواصب .
ويبين تعالي أن قتل النفس عامة حرام إلا بالحق .
والحق هو النفس بالنفس والجروح قصاص و قتل المؤمنًين عمداً في كل زمان دائمًا يقوم به اليهود ومن تبعهم من مشركي العراب والخوارج قال تعالى { لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا- المائدة} .
ومن قتل مؤمناً متعمداً فله عقاب لم يرد في أي جريمة بكتاب الله قال تعالى : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً – النساء93}. وهذه أربع عقوبات لم ترد حتى في جريمة الكفر بالله تعالى كدليل على عظم الجريمة وقال تعالى مبشراً إياهم بعذاب أليم أيضاً : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ- آل عمران21-22} .
والذين يأمرون بالقسط أولهم رسول الله صلى اله عليه وآله ثم أمير المؤمنين وأهل البيت ثم السابقون السابقون ومن سار على هديهم ونهجهمإلى يوم الدين قاتلهم غضب الله تعالى عليه ولعنه وله عذاب أليم كما بينا
والآية نزلت في الحسين عليه السلام لما روي عنه من مصادر أهل البيت [ وقال النبى ( 2 ) : المقتول ، الحسين عليه السلام ووليه القائم ، والاسراف في القتل ان يقتل غير قاتله انه كان منصورا فانه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر برجل من آل رسول الله صلى الله عليه واله يملاء الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما]
[ و في تفسير العياشى جابر عن أبى جعفر عليه السلام قال : نزلت هذه الآية في الحسين عليه السلام : ” ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل ” قاتل الحسين عليه السلام ” انه كان منصورا ” قال : الحسين عليه السلام – تفسير نور الثقلين للحويزي]
وقال ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) أو الثيب الزاني أو المرتد كافراً بعد إيمان وهذا هو الحق.
وأما:
(النَّفْسَ)
و النفس هنا تأتي على رسول الله اولاً لورود هذا اللفظ بمشتقاته في قوله تعالى (لقد جائكم رسول من أنفسكم – التوبة) أي أن الله حرم قتل النفس وأولها رسول الله تعالى ومعلوم أن رسول الله أكثر الأنبياء جميعاً تعرضاً للقتل فكان بين محاولة قتل وأخري في محاولات الكفار و المنافقين عشرات المحاولات منها إلقاءه بناقته من فوق الجبل بالدباب في عقبة أفيق وكان يعلم هؤلاء المجرمين المنافين الصحابي عمار بن ياسر و حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما فكان الخليفة عمر يقول لأبا حذيفة ءأنا منهم يا أبا حذيفة ؟ .
والنفس يأتي على آل بيت محمد لقوله تعالى بأية المباهلة أن أمير المؤمنين نفسه الحسنين ونسائه فاطمة كما هو معلوم في أسباب نزول قوله تعالى { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ – آل عمران61}
ومعلوم أن الأمة لم تراعي الله وتتقيه في آل بيت نبيهم ولذلك الأية تتكلم عن أول مظلومية في الإسلام ألا وهى ظلم الأمة لأمير المؤمنين على كرم الله وجهه وقتلهم لأل بيت النبي بعد ذلك خاصة الحسن مسموماً والحسين مقتولاً شهيداَ والذي قتل أبشع قتلة في التاريخ وداسوه بحوافر الخيل ومن قتل مظلوماً فقد جعل الله تعالى لوليه سلطاناً كما في الآية هنا :
{ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً- الإسراء33 } .
وأما :
(التي)
وهنا يرد هذا اللفظ في قوله تعالى { واتقوا النار التي أعدت للكافرين – آل عمران 131 } وذلك إن وقعتم فيما حرم الله تعالى ولن تغني عنهم أهوائهم أو آلهتهم التي كانوا يعبدونها لقوله تعالى { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ۖ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ – هود 101 }
( حرم الله )
[ وحرم الله الشيئ يحرمه حرماً وحرمانا : منعه إياه واسم المفعول منه محروم والمحروم الممنوع عن الخير وهو النعس الشقي والحرام ضد الحلال وهو الممنوع بتشريع أو بصرف عنه ] قال تعالى { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ – البقرة 173 }
ومن اجتنب المحرمات كان من أصحاب الجنة ومن وقع فيها فسيضاعف له العذاب في نارجهنم خالداً فيها مهانا لقوله تعالى { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا – الفرقان 68-69 } وذلك لأنه نهى عز وجل عن قتل النفس إلا بالحق لقوله تعالى { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا – الإسراء } .
وأما :
(إلا)
هنا يبين تعالى أنه أمر بأن يقول الناس { لا إله إلا الله} ولا إله غيره تعالى كما في قوله تعالى { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم – البقرة 163 } كما أمر الله تعالى أن يعبدوه تعالى ولا يعبدون إلا الله كما في قوله تعالى { أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ – هود 2 }
وهذه العبادة وهذا الإسلام يقوم على الحنيفية والملة الإبراهيمية لقوله تعالى {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ –البقرة 130-132 }
وعبادته تكون وفق ما أنزله الله تعالى من أوامر ونواهي في كتابه الكريم ولا يخرج على هذه الآيات إلا الفاسقون لقوله تعالى { وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ – البقرة 99 } فإن كفروا بها وانقلبوا على أعقابهم كما في قوله تعالى { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ – آل عمران 144 } وكذلك الكثير من أهل الكتاب ممن حرفوا كتاب ربهم وقتلوا أنبياء الله تعالى ممن قال تعالى فيهم { مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا – النساء 46 } وهنا إذا كفروا بالله تعالى فقد توعدهم عز وجل آخر الزمان بنزول ملائكة العذاب كما في قوله تعالى { هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ – البقرة 210 }
( بالحق )
أي بغير أمر إلهي ونص قرآني وهو الحق الذي قال تعالي فيه { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُم- يونس108} . والنفس لذك لا تقتل إلا وفق أمر إلهي قال تعالى فيه هنا { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق – الإسراء } .
(ومن)
ورود هذه الآيات بمواضع معينة في كتاب الله سيبين المقصود ونقول كل حرف آيه كما في قوله تعالى { الم تلك آيات الكتاب المبين – البقرة } وهنا هذه الحروف الثلاثة في كتاب الله سترى من خلالها عظمة كتاب الله في كشف الأسرار وتتبع الحقائق في كشف وبيان من المقصود بالمقتولين ظلماً وعدواناً وبدقة كما سترى :
ترد هذه الحروف :
أولاً في بيان دين الإسلام ما هو ومن الموكول عنه فهو دين قائم على الحنيفية الإبراهيمية :
يبين تعالى أن أول بيت وضع في الأرض للناس هو بيت الله الحرام كما في قوله تعالى { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ – آل عمران 96-97 }
ولذلك دعا نبي الله إبراهيم عليه السلام لأهل بيت الله الحرام ساكني هذه البقعة الطاهرة من العالم في قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ – البقرة 126 } .
ثم يبين تعالى أنه لا يوجد ديناً في العالم منذ خلق الله السماوات والأرض أحسن ممن أسلم وجهه لله تعالى وتحنف بالحنيفية الإبراهيمية في قوله تعالى {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا – النساء 125 }
والحنيفية الإبراهيمية تقوم على :
- البراءة من المشركين لقوله تعالى { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ – الممتحنة 4 } والبراءة باختصار هى الحب في الله ورسوله وأهل بيته والمؤمنين والبغض فيهم وفيمن حاربهم وقاتلهم .
(2) الوصية لذريته بالنبوة ثم الإمامة من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله لأنه خاتم النبيين قال تعالى : { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ – البقرة 130-132 }
وهذه الوصية من شرع الله شرعها كل الأنبياء كما في قوله تعالى { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ – الشورى 13 }
وهذا هو دين الإسلام الذي قال تعالى فيه : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ – آل عمران 19 } وبين تعالى أن سيدنا إبراهيم عليه السلام ماكان يهودياً ولا نصرانياً بنص قوله تعالى : { أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ۗ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ – البقرة 140 } وهنا يبين تعالى أنه لن يقبل في الآخرة إلا من أسلم وجهه لله تعالى كما في قوله تعالى { ومن يبتغ غير لإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في لآخرة من الخاسرين – آل عمران 85 }
ولذلك حسد الناس ذريته وقتلوا الأنبياء وأئمة أهل البيت من ذريته عليهم السلام حسداً كما في قوله تعالى : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ ۚ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا – النساء 54-55}
ثم يأتي زمن تحقق دعوة سيدنا إبراهيم حيث قال في دعائة { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ – البقرة 129 }
وهنا يبين تعالى أنه أوحى لنبيه خاتم الأنبياء لينذر أم القرى ومن حولها كما في قوله تعالى { وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۚ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ – الشورى 7 } وهذ الكتاب مصدق لما بين يديه من كتب الله تعالى كما في قووله تعالى { وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ۚ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَهُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ – الأنعام 92 }
وهو أحسن الحديث كما في قوله تعالى { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ – الزمر 23 }
وهذا الكتاب فيه بصائر لهم يبصرون به خير الدنيا والآخرة كما في قوله تعالى { قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ – الأنعام 104 }
ومن يسلم لله تعالى وجهه عاملاً بهذا الكتاب فقد استمسك بالعروة الوثقى كما في قوله تعالى { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ – لقمان 22 }
ثم يقول تعالى لقريش والعرب { فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا – الطلاق 10-11 }
ومن آمن بالله علم أنه لا خيار له مع حكم الله تعالى أي لابد وأن يستسلم لحكم الله تعالى مذعناً له عز وجل كما في قوله تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا – الأحجزاب 36 }
وهذا هو سبيل الله تعالى الذي كان عليه رسول الله صلى لله عليه وآله ومن تبعه على بصيرة كما في قوله تعالى { قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ – يوسف 108 } ويبين تعالى أنه ما أحسن قولاً ممن دعا لولاية الله تعالى ورسوله وأهل بيته عليهم السلام
وهنا أهل بيته عليهم السلام :
لورود هذه الحروف في مواضع تؤكد ن المقصود منها بعد رسول الله صلى الله عيه ولاية أهل بيته والإمام علي عليه السلام لوردها في قوله تعالى
{ وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ – المائدة 56 }
وهنا آيات التصدق بخاتمه عليه السلام وهو راكع ثم آية حزب الله نزلت في الإمام علي عليه السلام وكذلك قوله تعالى
{ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ۚ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ۚ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ – هود 17 }
والذي عنده علم الكتاب هو الإمام علي عليه السلام كما في قوله تعالى
{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ – الرعد 43 }
والآية القطعية في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل بيته عليهم السلام ومودتهم كما في قوله تعالى :
{ ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ – الشورى 23 }
ولقد بايع المسلمون رسول الله صلى الله عليه وآله للقتال معه على تلك الولاية لله الحق ولرسوله وللوصية في أهل بيته من بعده لورود هذه الحروف في قوله تعالى
{ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا – الفتح 10} ولقد قاتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله كما في قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ – الانفال 64-65 } وقال تعالى هنا أيضاً { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ – التوبة 111 }
ولقد قاتل أهل المدينة معه صلى الله عليه وآله لقوله تعالى
{ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ – التوبة 120 }
ولا يوجد أحسن قولاً ممن تولى الله تعالى لذلك ورسوله وأهل بيته عليهم السلام كما في قوله تعالى { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ – فصلت 33 } فلما جادلوا بالباطل قال تعالى { فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ – آل عمران 20 }
ولقد نزلت الملائكة لنصرته صلى الله عليه وآله وصحابته الكرام الذين اتبعوه في ساعة العسرة لما علم الله مافي قلوبهم من صدق الإيمان لذلك يقول تعالى عن غزوة بدر وهى يوم فرقان قال تعالى فيه { يوم الفرقان يوم التقى الجمعان } قال تعالى في نزول الملائكة عليهم هنا لنصرتهم { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ – الانفال 12-13 }
ولذلك أخذ يزيد بالثأر من النبي محمد صلى الله عليه وآله من الحسين وأنشد في ذلك شعر ابن الزعبري قال الطبري في تاريخه [ طلب بثأرات المشركين وطوائلهم عند المسلمين فأوقع بأهل الحرة الوقيعة التي لم يكن في الإسلام أشنع منها ولا أفحش مما ارتكب من الصالحين فيها وشفى بذلك عبد نفسه وغليله وظن أن قد انتقم من أولياء الله وبلغ النوى لأعداء الله فقال مجاهرا بكفره ومظهرا لشركه … ليت أشياخي ببدر شهدوا … جزع الخزرج من وقع الأسل … قد قتلنا القوم من ساداتكم … وعدلنا ميل بدر فاعتدل … فأهلوا واستهلوا فرحا … ثم قالوا يا يزيد لا تسل … لست من خندف إن لم أنتقم … من بني أحمد ما كان فعل … ولعت هاشم بالملك فلا … خبر جاء ولا وحي نزل … – تاريخ الطبري ] .
وجاء موعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ليكون أول مظلوماً من هذه الأمة المجرمة ولذلك الآية لا تقطع بموته موتاَ طبيعياً او قتلا في قوله تعالى { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ – آل عمران 144 – 145}
ثانياً :
حرب أهل الكتاب والمشركين والمنافقين بعد بدر يوم الفرقان :
تبين الآيات السابقة بأن الله تعالى قد حذر من الإنقلاب على منهج لوصية الإبراهيمية مع قبول الصلاة والصيام والفروض وهذا هو بعض ما أنزل الله الوارد ذكره في قوله تعالى { وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ۖ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ ۚ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ ۚ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ – الرعد 36 }
وهذا البعض حذر الله تعالى وأنذر من اتباع الهوى و ترك حكم الله تعالى فيه كما في قوله تعالى { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ – المائدة 49-50 }
} وحكم الجاهلية هنا باسم الدين في البعض الذي سيتركونه من كتاب الله تعالى في ولاية أهل بيت النبي عليهم السلام و ولاية الإمام علي التي رفضوها ومن يرد الله فتنته فلن يهديه أحداً من بعد الله قال تعالى { ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً أولائك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في لدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم – المائدة41 }
وقد كانوا من قبل رفضوا كتاب الله تعالى ولذلك لجأوا إلى الكذب على الله تعالى ورسوله حرباً على الله تعالى ورسوله كما في قوله تعالى : {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى الْإِسْلَامِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ – الصف 7 }
وهؤلاء لجأوا لثلاثة طرق استخدموها في الكذب على الله تعالى ورسوله صلى اللهعليه وآله كما في قوله تعالى :{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ ۗ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ – الأنعام 93 }
ومن فعل ذلك فقد ضل سواء السبيل كما في قوله تعالى
{ ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل – البقرة 108 } ثم يبين تعالى في استفهام استنكاري كيف يكفرون وفيهم رسول الله صلى الله عليه وآله قال تعالى { وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ – آل عمران 10 }
وهنا بدلوا بعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار والله تعالى بشرهم بعذاب أليم في قوله تعالى { ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جائته فإن لله شديد العقاب – البقرة 211 }
ثم يبين تعالى لهم أن من أطاعه تعالى فسيدخل الجنة ومن عصاه فإن له نار جهنم خالداً فيها قال تعالى { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ – المساء 13-14 } ومن هنا يحذرهم الله تعالى من حكم الجاهلية و الدخول في ولاية آبائهم وأجدادهم باسم الإسلام كذباً على الله تعالى ورسوله فيخرجون الناس بمكذوبات عن ولاية الله الحق كما في قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ – التوبة 23-24 } وهنا يكونوا قد أشركوا الهوى بعد أن نبذوا كتاب الله تعالى وراء ظهورهم لما مدحوا آبائهم ورجالهم وأخفوا مناقب الإمام علي وأهل البيت عليهم السلام قال تعالى { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا – النساء 48-50}
وعن أهل الكتاب وقريش و جريمة كتمانهم شهادة الله في نبوة النبي صلى الله عليه وآله ثم كتمان المنافقين أحاديث ولاية الإمام علي وأهل البيت عليهم السلام لقوله تعالى منذراً فاعل تلك الجريمة { ولا تكتموا الشهدة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه – البقرة 283} كما أنهم اتبعوا أهوائهم لقوله تعالى { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ – القصص 50 } .
ومن حينها استمر قتال هؤلاء الظالمين لرسول الله وأهل بيته عليهم السلام و المسلمين حتى يومنا هذا وإلى أن يبعث إمام آخر الزمان ونبي الله عيسى عليهما السلام قال تعالى { وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ – البقرة 217 }
وحيث أنهم لجأوا إلى الكذب على الله تعالى ورسوله باسم الإسلام ليتولى الناس رجالهم من دون أهل بيت النبي صلى الله عليه آله المحسودين فقد خربوا مساجد كل من خرج على ولاية رجالهم إلى ولاية الإمام علي وأهل البيت عليهم السلام قال تعالى لذلك { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لا تقم فيه أبداَ – التوبة 107 – 108 } ولا يوجد أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ورسوله وأنبيائه وأهل بيته عليهم السلام قال تعالى { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ – البقرة 114 } .
ثم يبين تعالى حكم قتل المؤمن أنه لا قتل مؤمناً مؤمناً إلا خطئا وأربع عقوبات تنتظر قاتل المؤمن عمداً لم ترد في أي حكم إلا في قتل المؤمن كما في قوله تعالى { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا – النساء 92-93 } ومن قتل نفساً كأنما قتل الناس جميعاً فما بالنا بمن قتلوا نبياً أو شرعوا أكثر من اثنتى عشرة مرة في قتل نبيهم وقتلوا وأبادوا أهل بيت نبيهم وشيعتهم ومحبيهم بعد أن طاردوهم بتهمة الكفر قال تعالى في بني إسرائيل وحكم قتل مؤمن عادي وليس نبياً او وصياً {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ – المائدة 32 }
ولقد بين تعالى لكل بني آدم أنه من أراد الدنيا فسيؤتيه منها ومن أراد الآخرة سيؤتيه الله تعالى أجرها وثواب عملها ليعمل كلا الفريقين على شاكلته في قوله تعالى { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ – الشورى 20 }
ويبين تعالى أن المنافقين قد ضلوا وأركسهم [(قال أبو جعفر : أي أرجعهم إلى الشرك – تفسير الطبري) وسيعاقبهم الله تعالى كما في قوله تعالى { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا ۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا – النساء 88 } وهؤلاء كانوا ضمن المحاربين للنبي وأهل بيته عليهم السلام بعد أن رووا كذباً في مناقب كل رجال قبائل محاربة للنبي صلى الله عليه وآله وسلب كل مناقب أمير المؤمنين وتوزيعها عليهم كما قال الإمام أحمد لأبنه عبد الله فيما ورد فيفتح الباري باب مناقب معاوية ج 7 ص81 : [اخرج ابن الجوزي أيضا من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية فأطرق ثم قال اعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيادا منهم لعلي ]
ولذلك يقول تعالى { وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا – النساء 111-112}
وهؤلاء بعملهم هذا شاقوا الله ورسوله كما في قوله تعالى { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا – النساء 115 } وهذا الشقاق كان بولايتهم رجالهم من دون الله تعالى ورسوله وأهل بيته وهى ولاية للشيطان قال تعالى فيها { وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا – النساء 119} ومن تولى غيرهم من أهل الكتاب فهو منهم كما في قوله تعالى { ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظلمين – المائدة 51 }
ولورود هذه الآيات أو هذه الأحرف الثلاثة هنا (ومن) في قوله تعالى { وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا – النساء 100 }
آيات الهجرة جاءت على رسول الله أولاً في قوله تعالى { إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ – التوبة 40}
وثاني الذين تم تهجيرهم وقتالهم وإخراجهم من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله هم أهل بيت النبي عليهم السلام قل تعالى { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ – الحج 39-40 }
وبالتالي الذين قوتلوا وقتلوا ظلماً وأخرجوا من ديارهم بغير حق أولهم سيدنا رسول الله صلى الله عيه ثم الإمام علي وأهل البيت عليهم السلام كما في الآية هنا
{ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا – الإسراء 33 }
وهؤلاء وعدهم الله تعالى بالإستخلاف والنصر والتمكين آخر الزمان ثأراً لحضرة النبي صلى الله عليه وآله عليهم السلام كما في قوله تعالى { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ – النور 55 }
وأما :
(ومن قتل مظلوماً)
[ الظلم : هو وضع الشيئ في غير موضعه المختص به مادياً إما بنقصان أو زيادة وإما بعدول عن وقته أو مكانه فيكون وجاوزة الحق ويستعمل في الذنب الكبير وفي الصغير ( إن الشرك لظلم عظيم ) والمجاوزة فيما بين الناس ظلم والأبلغ ظلوم وظلام ويعبر القرآن عن الجهل والشرك والفسق بالظلام ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) – معجم ألفاظ القرآن باب الظاء فصل اللام والميم ٍ]
(ومن قتل مظلومًا)
المظلوم هو المقتول بغير حق و بغير نص قرآني في كتاب الله أو قتل بنص مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وآله و لتلبيس الدين علي الناس وسفك دماء المسلمين بتأويل فاسد غير مراد الله تعالى كما قال { يحرفون الكلم من بعد مواضعه } .
فيوهمون العامة أنهم على حق فيسفكون الدم الحرام ويحللون ويحرمون برأي والإجماع والقياس والهوى في وجود النص القرآني ومن قتل بتلك الطريقة فهو قتيل على يد الخوارج الذين خرجوا على الكتاب الله وسنة رسوله وإمامةأهل بيته عليهم السلام وبدلوا دين الله وشرعته بتأويلات فاسدة قال تعالى : { فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ-لأعراف162} .
وهؤلاء هم المنافقون الأوائل الذين كذبوا على الله تعالى ورسوله سيراً على نهج اليهود في تحريف ديانتهم كما قال تعالى فيهم : {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ- آل عمران78}
ثم يرث الجيل الثاني ما رواه آباؤهم المنافقون الأولون علي أنه من عند الله كما في قوله تعالي { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ-الأعراف169} وهؤلاء كانوا جيلاً كاملاً بعد ثلاثين سة من موت رسول الله صلى الله عليه وآله وترسيخ نظام حكم الشوري المخالف لكتب الله السماوية جميعاً والذي يقوم على الوصية في الذين اصطفاهم الله تعالى وقال فيهم{ إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض} .
قال تعالى في ظلم قريش وتكذيبها رسول الله صلى الله عليه وآله : {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْماً وَزُوراً – الفرقان4 } .
وورث هذا المنهاج منافقي قريش الطلقاء الذين كذبوا على الله تعالى ورسوله ورووا المناقب في أجدادهم الكفار وكفروا آباء رسول الله صلى الله عليه وآله وعينوا في مناصب الدولة بعد موته رجالهم واستبعدوا آل بيت الرسول وبني هاشم وعبد المطلب من شورى السقيفة بل ومن كل مناصب الدولة في عصر الخلفاء الثلاثة الأوائل وكثرت المناقب المكذوبة ولما ورث الناس هذه الترسانة الهائلة من المناقب الغير معقولة ظن الناس أنها مقدسة من عند الله وملئوا بها الآفاق وأحاديث تثبيت ملك كل فاسق وتكفر الخارج عليهم وظن الناس أنه علم من عند الله وتحول الدين لمدائح الرجال من فوق المنابر وما هذا من عند الله فرووا مثلاً “إذا جاءكم من يشق عصا الخلافة فاقتلوه كائنًا من كان ثم يزيد المنافقون (ولو كان إبن محمد).
ويروون قول رسول الله صلي الله عليه وآله والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها لإسقاط آل البيت من مكانتهم وهبوطهم لمنزلة العامة فهل تسرق فاطمة سلام الله عليها وعلى أبيها؟ والأمثلة كثيرة. والتمسوا الأعذار لكل حاكم يبطش بآل بيت الرسول بل ويتوسعون في مدح قاتلي آل بيت الرسول في كل زمان وهذه أفعال كما بينا فعلتهاأمة بني إسرائيل من قبل قال صلى الله عليه وآله [ أنتم اشبه الأمم ببني إسرائيل ” ] وقال أيضاً صلى الله عليه آله : [ ” لتركبن سنن الذين من قبلكم حذو القذة بالقذة ولو دخلوا جحر ضب دخلتم ورائهم ” ] وفي رواية أخرى ولوكان فيهم من ينكح أمه علانية لكان في أمتي من يفعل ذلك ” ] .
وكان وجه الإشتراك بين أمتنا وأمة بني إسرائيل قتلهم للأنبياء عليهم السلام وقتل أمتنا بإيعاز من اليهود لأهل بيت النبي عليهم السلام ولا يحتاج الأمر إلى أدلة لأن السير والتواريخ يؤكد قتل هذه الأمة لللسيدة فاطمة الزهراء وأمير المؤمنين علي والإمام الحسن والحسين والأئمة من بعدهم عليهم السلام وذريتهم إلى الآن .
وبالتالي المظلوم والمظلومين أمة تقتلها أمة ظالمة تنتهج نهجاً مخالفاً متأولاً تأويلاً باطلاً قائم على الهوى وفهم مخالف لمراد الله تعالى قال تعالى في هؤلاء المظلومون : {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ- الحج 39-40} .
وإذا جاء أجلهم في الدنيا وقع عليهم العذاب بظلمهم يقع عليهم القول بالعذاب عندما يحل أجلهم وزمان عذابهم آخر الزمان كما في قوله تعالي { وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ-النمل85 } ويكون الانتقام من قتلة آل البيت والمؤمنين بخروج قائم آل محمد دابة الأرض كما في قوله تعالي { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ- النمل82} فيعلمهم الأمام اليقين ويبينه لهم بعدما أضل المنافقون واليهود جبلاً كثيراً و أجيال من المسلمين ويكون هو ولي أمر المسلمين الآخذ بثأر زكريا ويحى والأنبياء وأهل البيت والأئمة عليهم السلام الذين قتلهم اليهود ويسير فيهم بشريعة ذو القرنين وهو الثواب والعقاب ولا ينفصلان هذان المبدأن من سلوكه قال تعالى { قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا – الكهف 87-88} وهذا هو السلطان الذي سيسير به إمام آخر الزمان المطالب بثأر الحسين عليه السلام وقال تعالى فيه هنا : { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً- الإسراء33}
والويل لهم في الآخرة لقوله تعالي في هؤلاء الظالمين : { فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ- الزخرف65} .
وهؤلاء سيعلمون أي منقلب ينقلبون كما في قوله تعالي : { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ – الشعراء -227-228} .
وأما:
(فقد جعلنا)
وجعلنا لفظ يأتي على الإمامة التي جعلها الله تعالى جعلية في الذين اصطفاهم الله تعالى من ذرية نبي اللهإبراهيم ثم عترة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله كما في قوله تعالى { وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا – الأنبياء } .
وتأتي على خلافة الله تعالى في الأرض كما في قوله تعالى : { ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض – ص} وقال تعالى في عهد الخلافة لسيدنا آدم عليه السلا الله عز وجل : { إني جاعل في الأرض خليفه – البقرة } وهذه الإمامة والخلافة جعلها الله تعالى في الصالحين من ذرية نبي الله إبراهيم ممن اصطفاهم الله عز وجل في قوله تعالى { وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ – البقرة 124 }
أي أن الله سيجعل آخر الزمان خليفة أو إمام يكون معه سلطان من الله تعالى لايغلبه أحد ولو إجتمع عليه من بأقطارها يطلب ثأر الحسين ابن رسول الله صلى الله عليه وآله والنبيين من قبله بسلطان قال تعالى فيه هنا { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً- الإسراء33} .
وفي تفساسير أهل السنة الآية على عموما ولا تخص الإمام الحسين فقط كما في تفسير الطبري على سبيل المثال
[ عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتى يقُولُوا لا إِلَه إِلا الله، فإذَا قالُوها عَصَمُوا مِنِّى دِماءهُمْ وأمْوالهُمْ إِلا بِحَقِّها وحِسابهُمْ عَلى الله؛ قيل: وما حقها؟ قال: زِنًا بَعْد إحْصانٍ، و كُفْرٌ بَعْد إيمَانٍ، وقَتْلُ نَفْسٍ فَيُقْتَلُ بِها “.وقوله ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا ) يقول: ومن قتل بغير المعاني التي ذكرنا أنه إذا قتل بها كان قتلا بحقّ( فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا )
يقول: فقد جعلنا لوليّ المقتول ظلما سلطانا على قاتل وليه، فإن شاء استقاد منه فقتله بوليه، وإن شاء عفا عنه، وإن شاء أخذ الدية.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى السلطان الذي جُعل لوليّ المقتول، فقال بعضهم في ذلك، نحو الذي قُلنا…..
وعن ابن عباس، قوله ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) قال: بيِّنة من الله عزّ وجلّ أنـزلها يطلبها وليّ المقتول، العَقْل، أو القَوَد، وذلك السلطان.حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن جُويبر، عن الضحاك بن مزاحم، في قوله ( فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا ) قال: إن شاء عفا، وإن شاء أخذ الدية.- تفسير الطبري ] .
وأما:
(لوليه)
وهنا لوليه على عموم الولاية هم أولوا الأرحام الأقرب قال تعالى { وَالَّذِينَ آمَنُوا مِن بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَٰئِكَ مِنكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ – الأنفال 75 } أي أن الأولى في المطالبة بالثأر أولياء المقتول ظلماً . كما في قوله تعالى أيضاً : {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ – النمل49} .
ووليه هنا هو ولي أمر المقتول المطلب بثأره ويمكنأن تنتقل هذه الولاية لولي أمر المسلمين حكم القطر الذي يحكم بماأنزل الله فيهم سواء كان قتلاً عمداَ أو خطأً بأحكام القتل الواردة في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله .
والولي أيضاً ولي أمر المسلمين علي ابن أبي طالب الذي نزل فيه قوله تعالى { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون – المائدة } .
وهذه الآية نزلت في أمير المؤمنين على وهوساجد حيث تصدق بخاتمه وذكر ذلك [ ابن كثير في البداية والنهاية ج/7 ص357والسيوطي والرازي في تفسيرهما للأية وغيرهم كثير لسنا بصدد تحقيقه الآن وأماأبنائه من بعده فهم أيضاً الأئمة أبناءه من بعده من آل بيت محمد وهم الذين قال تعالي فيهم (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ – النساء59) ] .
وذريته من بعدة الأئمة من أهل بيت النبي هم أولياء المسلمين لما نزل فيهم من قوله تعالي : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ-المائدة55} .
والآية أيضاً هنا نزلت في أهل بيت النبي كما ورد في تفسير البرهان :
[ابن بابويه…. عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: لما أنزل الله عز وجل على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله): (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) قلت: يا رسول الله ، عرفنا الله ورسوله ، فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟فقال (صلى الله عليه وآله): «هم خلفائي- يا جابر- وأئمة المسلمين من بعدي ، أولهم علي بن أبي طالب ، ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر ، ستدركه- يا جابر- فإذا لقيته فاقرأه مني السلام ، ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى ، ثم محمد بن علي ، ثم علي بن محمد ، ثم الحسن بن علي ، ثم سميي وكنيي حجة الله في أرضه ، وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي ، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان».قال جابر: فقلت له: يا رسول الله ، فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟فقال (عليه السلام): «إي والذي بعثني بالنبوة ، إنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس ، وإن تجلاها سحاب. يا جابر ، هذا ، من مكنون سر الله ، ومخزون علم الله ، فاكتمه إلا عن أهله».– تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني ] .
وفي يكتب أهل السنة مثله : [ عن أبي بصير عن أبي جعفر أنه سأله عن قول الله تعالى ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) قال نزلت في علي بنأبي طالب قلت إن الناس يقولون فما منعه إن يسمي علياً وأهل بيته في كتابه ؟ فقال أبو عفر : قولهم لهم إن الله أنزل على رسوله الصلاة ولم يسم ثلاثا ولا أربعاً حتى كان رسول الله هوالذي فسر ذلك وأنزل الحج فلم ينزل طوافاً سبعاً حتى فسر ذلك لهم رسول الله وأنزل ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) فنزلت في علي والحسن والحسين وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ,اصيكم بكتاب الله وأهل بيتي سألت الله أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني ذلك – شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج1 ص 191 ] .
أي أن ولي المقتولين ظلمًا هم ذرية أهل بيت النبي عليهم السلام وآخرهم المنصوص عليه الآخذ بثأر الإمام الحسين من الصهاينة ومن تولاهم من قريش الآخرة التي دعا عليها رسول الله صلى الله عليه وآله قائلا [ ” اللهم كما اذقت أول قريش نكالاً فأذق آخرها نوالاً – أمالي الشجري ” ] .
قال تعالى هنا {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً- الإسراء33} . وهذه آخر الزمان الولاية الكبرى لإمامأهل البيت عليهم السلام .
وأما:
(سلطانًا)
والسلطان البرهان وهو آيات الله تعالي وحكمه على الناس والوارد في كتابه العزيز لقوله عز وجل { وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ-الذريات38} والسلطان نص قرآني من الله تعالي لقوله عز وجل { هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ -الكهف15} ويقول تعالي { إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ- يونس68}
والسلطان القهر والغلبة والحكم والقهر والغلبة يقول تعالي : { هَلَكَ عَنِّي سلطانية-الحاقة29} أي أن هذا السلطان حكم من الله تعالي يقوم به أولياء الدم أو سلطان المسلمين الحاكم .
وهنا نكون قد بينا أن السلطان حكم إمام ونص قرآن يقوم به ثأراً من الكافرين والمنافقين ثم ينذر الله تعالي المنافقين والكافرين علي السواء بل ومتوعداً : { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً- الإسراء33 } .
وأما:
(فلا يسرف)
[ الإسراف مجاوزة القصد والاعتدال والمسرفون هم المفسدون في الأرض] لقوله تعالي { وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ-الشعراء151-152} .
والفساد يأت على القتل كما في قوله تعالى {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ– المائدة32} .
أي مسرفون في السيئات والقتل على اختلاف درجاته فقد يساهم رجلاً في قتل مسلما بشطر كلمة كما في الحديث من ساهم في قتل مؤمن بشطر كلمة جاء عند لله مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله…..الحديث ولما قتل فرعون وعصى قال تعالى فيه { وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ– يونس83 } وهؤلاء هم أصحاب النار كما في قوله تعالي { وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ-غافر43} ولا يحسب الناس أنهم سيفرطون و يسرفون وأن الله سيعفو عنهم في قوله تعالي { أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ– الزخرف5 } والإسراف هنا جاء علي القتل { فلا يسرف في القتل} وجاء علي اللواط في قوله تعالي { قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ– الذريات32-34} ومن هنا يتبين لنا أن أشد الكافرين على المؤمنين هم قوم لوط فإذا رأيت جباراً عليهم فاعلم أنه حتماً من قوم لوط و يأتي الإسراف كما بينا علي الفساد في الأرض بالمعاصي والكبائر قال تعالي : { ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ-المائدة32}
وذلك علي عامة المعاصي إسراف ومنه الإسراف في القتل بالتحديد كما في قوله تعالى { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً- الإسراء33) أي لا يتجاوز القصد فيستمر فيقتل آخرين للأن عذابه سيكون إليماً جداً ولا نظير له .
وأما:
(إنه كان)
أي هذا الإمام كان عبداً شكوراً كآبائه الأنبياء ومنهم نوح الذي قال تعالى فيه : { إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً الإسراء3} فلما دعا له سيدنا نوحاً عليه السلام ي قوله تعالى { رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا – نوح 28 } .
وما دام نوحاً دعا للنبي محمد صلى الله عليه وآله آخر الزمان فكل الأنبياء دعوا لهم ولذلك إمامه أهل بيت النبي عليهم السلام آخر الزمان منصوراً لقوله تعالى هنا : منصور لقوله تعالى هنا { إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً- الإسراء33 } .
وأما:
(منصورا)
النصر غير الغلبة فالنصر هو الثبات علي العقيدة كما في قوله تعالي عن ثبات رسول الله صلي الله عليه وآله وخروجه بدينه مع وصبره علي نصر الله تعالي { إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ-التوبة40} وهذا النصر هو الثبات على أمر الله تعالى والذي يؤدي إلي الغلبة كما في قوله تعالي { وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ -الصافات116} والنصر هو الثبات في الحرب علي الإيمان بالله وولايته الحق وبغير هذه الولاية لايثبت المنافق كما في قوله تعالى عنهم هم وأوليائهم الكافرين { وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ ليولون الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ-الحشر12} والنصر يقول تعالي فيه { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ-الحج40} أي أنه تعالى سيثبت من ثبت على طاعته ومن نصر كتابه العزيز بفهم عترة رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله صلى الله عليه وآله في الحديث [ ” كتاب الله وعترتي أهل بيتي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض “… الحديث ] .
ولذلك يقول تعالي { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ- محمد7 } ومن نصره الله تعالى فلا غالب له كما في قوله تعالى { إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ – آل عمران160} .
ومن هنا يتبين لنا أن النصر طريق الغلبة وهو العزم والثبات علي نصرة دين الله وبكتاب الله وبفهم القرآن بالقرآن لا بشرط زيد أو عمر من الناس ولذلك يقول تعالي عن المقاتلين مع المرسلين والنبيين { وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا -آل عمران146} وهذا هو النصر والثبات على طاعة الله تعالى كما قال صلى الله عليه وآله دينك دينك لحمك دمك وإن قتلت وإن حرقت ……. الجديث وهذا الثبات نصر يؤدي لا محالة إلي الغلبة كما في قوله تعالي عن جنوده الذين هم حزبه الغالبون { وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ -الصافات116} .
وقال تعالى أيضاً فيهم { إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ-الصافات172-173} .
وبالتالي يكون حزب الله تعالى و إمام آخر الزمان أو حاكم المسلمين من أهل البيت عليهم السلام هم القائمين بهذا الثأر وينصرهم الله تعالى بولاية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وأهل بيته عليهم السلام والمؤمنون ويغلبون عدوهم بهذه الولاية كما قال تعالى : {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون- المائدة 54-55} .
هذا وبالله التوفيق وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
من تفسير البينة
خالد محيي الدين الحليبي
What’s app 00201008219595