في 29 يونيو/حزيران، أعلن النظام السوري اعترافه رسمياً باستقلال وسيادة كل من جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك شرقي أوكرانيا، لتصبح سوريا ثاني دولة بخلاف روسيا تقوم بذلك. وأثار قرار “بشار الأسد” إدانة دولية سريعة وأزمة في العلاقات الدبلوماسية بين سوريا وأوكرانيا.

وتمكن “الأسد” من البقاء في السلطة بسبب حماية الكرملين، لكن تصرفاته المتعلقة بأوكرانيا يمكن أن تأتي بنتائج عكسية خطيرة على حكومته في سوريا.

 

 

علاقات عميقة 

لا يخفى على أحد مدى عمق العلاقات التي أقامتها سوريا مع روسيا، وهي علاقة زرعت بذورها منذ أوائل السبعينيات في ذروة الحرب الباردة. وقام الاتحاد السوفيتي ببناء منشأة بحرية في طرطوس، وهي المنشأة التي ورثتها روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.

وتعد سوريا الآن المعقل الشرق أوسطي الوحيد المتبقي لروسيا. وعندما أوشك النظام السوري على الانهيار، تدخلت روسيا رسمياً لحماية حكومة “الأسد” وتأمين نفوذها.

ومع التدخل الروسي، تغير مسار الحرب بشكل حاسم. ومع ذلك، تسبب هذا التدخل في إدانة دولية واسعة نتيجة حملات القصف العشوائية ضد المدنيين، واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا بما في ذلك الأسلحة الكيمياوية.

ومع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا – الذي يعد العمل العسكري الأكثر إدانة عالميًا منذ حروب يوغوسلافيا – يبحث الكرملين بشدة عن حلفاء.

واختارت الصين عدم تأييد روسيا بشكل حاسم وكذلك اختارت الهند الحياد، فيما أشارت دول أعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي مثل كازاخستان وقيرغيزستان إلى ضرورة احترام القانون الدولي.

ولم تتلق روسيا الدعم إلا من البلدان التي تحكمها أنظمة استبدادية صلبة، مثل إريتريا ونيكاراغوا وكوريا الشمالية وبيلاروسيا وسوريا وإيران وكوبا. وكانت هذه البلدان الدول الأعضاء الوحيدة في الأمم المتحدة التي تصوت بـ “لا” على إدانة العدوان العسكري الروسي في أوكرانيا.

 

 

الرهان على روسيا أصبح خطيرًا

ويبدو “الأسد” عازما على مواصلة إرضاء الكرملين، معتقدا أنه أصبح آمنًا ولا يمكن المساس به الآن. لكن مستقبل الدعم العسكري الروسي – الذي يغري “الأسد” – أصبح موضع شك.

ففي أبريل/نيسان، أمر “بوتين” بتعيين الجنرال الذي قاد الحملات العسكرية الروسية في سوريا “ألكساندر ديفورنيكوف” قائدا للقوات العسكرية الروسية في منطقة دونباس. كما أعادت مجموعة “فاجنر” شبه العسكرية نشر مرتزقتها من سوريا وأجزاء أخرى من إفريقيا.

وفي مايو/أيار، استدعت روسيا أيضًا عددًا من قواتها في سوريا إلى أوكرانيا، مما يشير إلى الخسائر الروسية الكبيرة في الحرب. ويترك ذلك فراغًا يمكن أن تستغله قوى مختلفة ذات علاقات سيئة مع حكومة “الأسد”، مثل تركيا أو إسرائيل أو المعارضين السوريين أو تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وفي الآونة الأخيرة، أعلن الرئيس “رجب طيب أردوغان” عن خطط للتوسع في سوريا من أجل إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود المشتركة. وتسبب ذلك في زيادة التوترات مع حكومة “الأسد”، مما أدى إلى انتشار الوحدات العسكرية السورية إلى جانب القوات الكردية في الشمال.

ومع ثناء “بايدن” مؤخرا على “أردوغان” لرفعه الفيتو التركي عن عضوية فنلندا والسويد في الناتو، أصبح موقف سوريا سيئًا.

 

 

سوريا تعرض نفسها للعقوبات

كان أحد الأسباب الرئيسية التي أبقت دولة كازاخستان خارج الحرب هو تفادي العقوبات الدولية التي كانت ستؤثر عليها لو أرسلت قوات أو دعمت غزو الروس لمنطقة دونباس، وهو أمر طلبته روسيا رسميًا من كازاخستان.

أما “الأسد”، فقد أصبح أكثر نرجسية مع حملة التطبيع التي بدأتها بعض الدول العربية مع نظامه، ويبدو أنه يعتقد أنه محمي حقًا. ومع تواطؤ “الأسد” في سرقة القمح الأوكراني، ودعمه لروسيا بحزم، قد تصبح حكومته هدفًا للغرب مرة أخرى.

ومع إصرار الناتو على هزيمة ومكافحة النفوذ والعدوان الروسي، فإن التغيرات الجيوسياسية قد تلعب ضد “الأسد” مرة أخرى، لكن قد تنذر هذه المرة بنهاية نظامه.

المصدر | جوليان مكبرايد/ جيوبوليتيكال مونيتور – ترجمة وتحرير الخليج الجديد