وصول عباس وهنية إلى الجزائر بشكل متزامن دون الإعلان عن لقاء بينهما.. وملف المصالحة على الطاولة

غزة – “القدس العربي”:

تستعد السلطات الجزائرية في هذه الأوقات لإثارة ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية، خلال استضافتها كل من الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، اللذين يشاركان في الاحتفالات بالعيد الـ 60 لاستقلال الجزائر، وذلك في ضوء اللقاءات الاستكشافية التي عقدتها هذه الدولة العربية، لعدة فصائل فلسطينية في شهر يناير الماضي.

عباس وهنية في الجزائر

وتقول مصادر فلسطينية أن وجود الرئيس عباس على رأس وفد قيادي فلسطيني، وكذلك إسماعيل هنية على رأس وفد من حركة حماس، يمثلان فرصة كبيرة للوسطاء الجزائريين لإثارة ملف المصالحة الفلسطينية، بعد تدخلات مطلع العام الجاري، بعقد عدة لقاءات استكشافية، ناقشت خلالها الجزائر مع الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها حركتي فتح وحماس، ملف المصالحة، وكيفية إنهاء الانقسام السياسي.

وعلمت “القدس العربي” من مصدر في حركة فتح، أن المسؤولين الجزائريين يثيرون، منذ أن أوعز الرئيس عبد العزيز تبون، باستضافة الفصائل الفلسطينية، ملف المصالحة في كل لقاءات تعقد مع المسؤولين الفلسطينيين على المستوى الرسمي، وكذلك قيادات حركة فتح.

وأشار إلى أن اللقاء، الذي سيجمع الرئيس عباس بنظيره تبون، حتما سيثار فيه هذا الملف، خاصة وأن آخر اللقاءات التي عقدت بينهم العام الماضي أعلن في ختامها الرئيس الجزائري عن خطة بلاده للتحرك في ملف المصالحة الفلسطينية، واستضافة الفصائل، كمرحلة أولى تجاه عقد مؤتمر شامل.

لكن المسؤول في حركة فتح قال إنه لا يوجد ضمن برنامج الزيارة الذي نسق له، للرئيس عباس، عقد لقاء مع هنية، غير أنه أشار إلى أن “تطورات لحظية” على الأرض من الممكن أن تحمل أشياء جديدة.

وكان الرئيس عباس التقى بهنية وقيادة حركة حماس أكثر من مرة بعد وقوع لانقسام، حيث جرت اللقاءات في كل مصر وقطر.

غير أن طرح الموضوع في هذا الوقت، الذي يزور فيه كل من الرئيس عباس وهنية للجزائر، لا يعني بأن هناك آمالاً تلوح في الأفق عن قرب تطبيق المصالحة، أو جسر هوة الخلاف بين الحركتين.

وكانت السفارة الفلسطينية بالجزائر أعلنت، قبل أيام، أن الرئيس عباس سيشارك في احتفالات الذكرى الـ60 لاستقلال الجزائر، وقال السفير الفلسطيني لدى الجزائر فايز أبو عيطة إن مشاركة الرئيس الفلسطيني الأشقاء في الجزائر بهذه الذكرى في 5 يوليو تؤكد عمق العلاقة التاريخية التي تربط البلدين. ولفت إلى أن مشاركة عباس في الاحتفالات تأتي تلبية لدعوة من الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، وقال إن الرئيس عباس سيبحث مع نظيره الجزائري سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين وآخر التطورات بشأن عقد القمة العربية وتنسيق المواقف التي تضمن نجاحها.

وأعلنت حركة حماس أن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية وصل إلى العاصمة الجزائرية على رأس وفد قيادي يضم خليل الحية رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية في الحركة، وسامي أبو زهري عضو مكتب العلاقات، ومحمد عثمان ممثل الحركة في الجزائر، بدعوة رسمية من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، للمشاركة في الاحتفالات بذكرى انتصار الثورة الجزائرية الستين، واسترجاع السيادة الوطنية.

وأعربت حركة حماس، في تصريح صحفي، عن تقديرها الكبير لهذه الدعوة الكريمة التي حرصت من خلالها القيادة الجزائرية على مشاركة الشعب الفلسطيني ومقاومته في الاحتفالات الوطنية بذكرى الاستقلال.

ودعت الله أن يحفظ الجزائر وشعبها وقيادتها “قلعةً عربية شامخة داعمةً على الدوام للشعب الفلسطيني ورافضةً لكل أشكال التعاون والتطبيع مع الاحتلال”.

وقالت “إن شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة ينظرون إلى الثورة الجزائرية كمصدر إلهام نستمد منه القدوة والمَثَل في طريقنا نحو تحرير فلسطين كاملة من بحرها إلى نهرها”.

الحوارات السابقة

وكانت السلطات الجزائرية استضافت، مطلع العام الجاري، الوفود الفلسطينية بشكل متتالٍ، دون أن تجمع بينها على طاولة واحدة، وناقشت معها سبل تجاوز الوضع السياسي القائم، والخطط اللازمة لإنهاء الانقسام، في ضوء الاتفاقيات الموقعة سابقا، ووجهة نظر الفصائل خاصة فتح وحماس حيال الحل، وقد وعدت بتقديم خطتها للحل في ضوء ما استمعت إليه من مقترحات، وعقد لقاء موسع يجمع كل الفصائل، غير أن الأمر لم يتم حتى اللحظة، وقد أرجع السبب إلى إيقان المسؤولين الجزائريين بوجود فجوة كبيرة في مواقف الفصائل، خاصة التنظيمين الرئيسيين.

وجاءت هذه اللقاءات بعد أن أكد الرئيس تبون أن اجتماعات الفصائل الفلسطينية مهمة وضرورية لتوحيد المواقف والجهود لدعم مقاومة الشعب الفلسطيني، مؤكدا ضرورة تعزيز العمل العربي المشترك حول القضية الفلسطينية وتوحيد الشعب الفلسطيني، في ظل حالة الجمود غير المسبوقة التي تعتلي عملية السلام في الشرق الأوسط.

ولا تزار الجزائر، رغم تباين المواقف حيال المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، تأمل في أن تنجح في تقريب وجهات النظر، وعقد اللقاء الموسع على أراضيها، الذي يضم كل التنظيمات الفلسطينية الرئيسة، بإشراف مباشر من الرئيس تبون، وذلك قبل عقد القمة العربية التي تستضيفها بلاده.

والجدير ذكره أن اللقاءات التي عقدت في الجزائر في يناير الماضي، كانت الأولى التي تناقش ملف المصالحة، بعد الخلافات الكبيرة التي وقعت بين فتح وحماس، في أعقاب قرار الرئيس محمود عباس بتأجيل عقد الانتخابات الفلسطينية التشريعية والرئاسية، والذي اتخذه نهايات شهر أبريل من العام الماضي.

وبدأت اللقاءات باستضافة وفود فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية، والجبهة الشعبية القيادة العامة، ثم تلا ذلك بعد عدة أسابيع، عقد لقاءات استضافت فيها الجزائر باقي فصائل منظمة التحرير.

وخلال تلك الحوارات التي عقدت في الجزائر، طرحت حركة فتح تشكيل حكومة وحدة وطنية، تلتزم بقرارات الشرعية الدولية، وتكون مقبولة دوليا، وتلتزم بالاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير.

لكن في الجهة الأخرى رفضت حركة حماس هذا العرض، ودعت لإجراء انتخابات شاملة، بما في ذلك داخل منظمة التحرير، كما أنها رفضت شكل الحكومة التي تطرحها حركة فتح.

وقد زادت حدة هذه الخلافات بعد عقد المجلس المركزي في فبراير الماضي، بدون مشاركة بعض فصائل المنظمة، خاصة وأن عقد المجلس وقراراته قوبلت برفض شديد من حماس والفصائل المقاطعة.

يشار إلى أن تلك اللقاءات كانت هي المرة الأولى التي تناقش فيها الجزائر ملف المصالحة الفلسطينية، حيث جرت العادة على قيام مصر باستضافة مثل هذه اللقاءات، باعتبارها الوسيط الرئيس في ملف المصالحة.

وفي هذا السياق، بحث أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، مع سفير مصر طارق طايل آخر المستجدات السياسية على الساحة الفلسطينية.

وخلال اللقاء الذي عقد في مدينة رام الله، أطلع الرجوب السفير طايل على آخر التطورات السياسية في المنطقة، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني عامة من جرائم متواصلة من قبل الاحتلال، وكذلك ما يتعرض له الأسرى في المعتقلات من ظروف اعتقال غير إنسانية وإهمال طبي متعمد، أسفرت عن استشهاد عدد منهم آخرهم الأسيرة سعدية فرج الله.

واستعرض الرجوب توجهات القيادة الفلسطينية وموقفها الثابت من ضرورة وقف الانتهاكات الإسرائيلية اليومية والاستيطانية والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، مؤكدا أن عمليات القتل والاعتداءات من قبل قطعان المستوطنين تأتي بشكل منظم وممنهج.

وخلال اللقاء أكد السفير المصري موقف بلاده الثابت والمتعلق بدعم حقوق شعبنا في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة، وفق ما أقرته قرارات الشرعية الدولية.

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

بلا رادع.. مصر تسابق الزمن لهدم المقابر التاريخية لتسهيل الوصول إلى العاصمة الإدارية

الخليج الجديد : على مدى السنوات العشر الماضية، يزور الباحث المصري مصطفى الصادق مجمع المقابر …

اترك تعليقاً