DW :
هربا من البطالة والفقر..مهاجرون بالآلاف غادروا السواحل المصرية
يهاجر سنويا آلاف المصريين بطرق غير قانونية عبر مياه البحر الأبيض المتوسط
تقرير أوروبي جديد يتحدث عن ارتفاع ملحوظ بأعداد المهاجرين المغادرين لسواحل مصر باتجاه الدول الأوروبية، يحذر من استمرار تلك الظاهرة ويدعو للمزيد من التعاون مع مصر للحد من تلك القوارب.
عند الحديث عن الهجرة في المتوسط، أول ما يتبادر إلى ذهن القارئ ليبيا ثم تونس، باعتبارهما البلدان الأكثر “تصديرا” للمهاجرين عبر تلك الطريق، حسب بيانات منظمات أممية ودولية.
من حيث الأرقام يعتبر هذا صحيحا، لكن هذه المعلومة قد تغفل أن هناك دولا أخرى في المنطقة (شمال أفريقيا) مصدرة للمهاجرين أيضا.
المغرب على سبيل المثال باتت تحتل مرتبة متقدمة أيضا على لائحة “تصدير المهاجرين، مع انطلاق الآلاف من سواحل المملكة خلال السنوات الماضية باتجاه السواحل الإسبانية (الأندلس والكناري).
هذا معلوم، لكن مع نشر مفوضية الاتحاد الأوروبي ورقة حول الهجرة، يتبين أن هناك دولا سبق وأن أعلنت عن نجاحها في منع انطلاق القوارب من سواحلها، هي أيضا من الدول المصدرة للمهاجرين.
في هذه الحالة نتحدث عن مصر، التي، وفقا لصحيفة “إي يو أوبزيرفر” (euobserver)، غادر سواحلها أكثر من 3,500 مهاجر منذ مطلع العام الحالي.
قد لا يعتبر متابعون أن هذا الرقم يمكن أن يشكل ظاهرة، إذا ما قورن بأرقام المهاجرين المغادرين لسواحل الدول سابقة الذكر. لكن إذا ما نظرنا إلى نظيره خلال 2021 (للمهاجرين المغادرين السواحل المصرية)، نجد أنه يتخطاه بنسبة أربعة أضعاف، وأن الغالبية العظمى من هؤلاء وصلوا إلى إيطاليا، حسب الوثيقة الأوروبية.
الوثيقة الصادرة في الـ15 من حزيران\يونيو الجاري، طالبت بدعم آليات التعاون بين مصر ودول أخرى مصدرة للمهاجرين في المنطقة (مثل ليبيا) “على ضوء الارتفاع الكبير بأعداد المصريين الواصلين إلى دول الاتحاد، وعلى رأسها إيطاليا”.
“الهجرة قدر لا مفر منه”
الباحث والناشط في شؤون الهجرة واللجوء حسن عبد الرحمن شكك في قدرة الدول على منع الهجرة كليا عبر أراضيها، “هذه مهمة تعتبر شبه مستحيلة بالنظر إلى الأوضاع الحالية في مصر”.
عبد الرحمن اعتبر أن “الهجرة حاليا هدف فئة كبيرة من الشباب المصري، الذي يراها طريقه الوحيد لتأمين مستقبله، في ظل أزمة البطالة والفقر التي تعانيها بلاده”.
وقال الباحث إن “أكثر من يؤرق الدول الأوروبية حاليا، فضلا عن الآثار الجيوسياسية للحرب الروسية الأوكرانية، هو ملف الهجرة، خاصة مع التوقعات السلبية بشأن ارتفاع تدفقات المهاجرين خلال السنوات القليلة المقبلة”. وأضاف “السلطات المصرية بطبيعة الحال تستفيد من ذلك القلق، وتستخدم ورقة الهجرة بين الحين والآخر لتحقيق مكاسب سياسية متعددة”.
واختتم عبد الرحمن قائلا “أخشى أن الهجرة للشباب العربي عموما والمصري خصوصا باتت قدرا لا مفر منه . فالحلم بخيرات القارة العجوز والفرص التي سيتمكنون من تحصيلها هناك باتت المحرك الرئيسي لهم الآن. وطبعا لا يمكن إغفال فشل دولهم بالاستجابة لاحتياجاتهم وطرح خطط تنموية توفر للشباب فرصا حقيقية للبناء والاستثمار في بلدانهم”.
مساعدات بملايين اليوروهات
ولعل من بواعث قلق أوروبا من معطيات الوثيقة، مخاطر الأزمة الغذائية التي تلوح في الأفق وأثرها على العالم، خاصة على الدول المعتمدة بشكل كبير على الحبوب والقمح الروسي والأوكراني. فمصر على سبيل المثال، أكبر مستورد للقمح في العالم، تواجه أزمة حقيقية مع استحالة الحصول على القمح الأوكراني وصعوبة الوصول للقمح الروسي بسبب العقوبات، وامتناع دول مصدرة أخرى لتلك المادة الحيوية عن بيعها خوفا من عدم تمكنها من سد حاجتها المحلية. هذا يضاعف قلق الأوروبيين من عدم قدرة مصر، البلد العربي الأكثر كثافة سكانية، من تأمين الحاجات الغذائية لسكانه، وبالتالي سعي الكثير منهم للبحث عن وسائل للهجرة.
بالعودة إلى الوثيقة الأوروبية وتقرير “يورو أوبزيرفر”، أعلنت المفوضية الأوروبية عن منح مصر 80 مليون يورو للمساعدة في مكافحة الهجرة غير الشرعية. موضحة أن هذا المبلغ سيستخدم لمنع ارتفاع مستويات الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط (بعد أن هاجر 3500 مصري من البلاد منذ بداية العام).
وفي سياق متصل، أكد ممثل الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، حرص الاتحاد على دعم قضية الأمن الغذائي لمصر، وقال “خصصنا 100 مليون يورو لمصر وحدها، ولكن ما يزيد أهمية عن المال هو أهمية تعزيز شراكتنا المبنية على فهم مشترك للعديد من القضايا في العالم، ومنها الشؤون الخارجية والاقتصاد المستدام وحقوق الإنسان وسيادة القانون”.
وشهد المتوسط مؤخرا انخفاضا بأعداد المهاجرين الوافدين على الدول الأوروبية، إلا أن أعداد الضحايا شهدت ارتفاعا كبيرا بالمقارنة مع السنوات الماضية، حسب الأمم المتحدة.
المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين شابيا مانتو، قالت في مؤتمر صحفي بجنيف إن أعداد المهاجرين تراجعت في 2021، حيث بلغت 123 ألفا و300 حالة عبور فردية، لكن في المقابل شهدنا ارتفاعا بأعداد الضحايا حيث تم تسجيل حوالي 3,231 حالة وفاة أو فقدان في البحر المتوسط وشمال غرب المحيط الأطلسي.