أخبار عاجلة

ناشونال إنترست : حرب أوكرانيا فتحت فرصا لتركيا وعلى أردوغان ألا يبالغ باستغلالها

وقالت الكاتبة إن أردوغان عادة ما يحول الأزمات إلى فرص، وهذا ديدنه. والأزمة في أوكرانيا هي واحد من الأمثلة. فبعد الصدمة الأولى التي تسبب بها غزو أوكرانيا والتي وضعت تركيا في وضع غير مريح، يبدو أن أردوغان الآن يقطف ثمار الواقع الجيوسياسي الجديد. فقد أصبح الغرب وروسيا في المكان الذي يريده لهما، فالأول مدين له، والثاني في وضع ضعيف لا يستطيع التحرك ضده، أو هكذا يعتقد. ففي الفترة التي تبعت الغزو الروسي لأوكرانيا، لعب موقف تركيا المهم في أمن البحر الأسود ولعبة الجمباز التي مارسها أردوغان بين موسكو وكييف، دورا في تقوية موقع أنقرة لدى الغرب.

وبعد علاقة اتسمت بالفتور نتيجة عدد من القضايا منها التوغل التركي في شمال سوريا، وقرار شراء منظومة الدفاع الصاروخية الروسية أس-400، باتت علاقات تركيا بحلفائها الغربيين دافئة. فقد كان قرارها بيع الطائرات المسيرة لأوكرانيا، وممارسة حقها بتفعيل المادة 19 من معاهدة مونترو، التي منعت بموجبها عبور البوارج البحرية الروسية من مضيقي البسفور والدردنيل، ومنعت الطائرات العسكرية الروسية المتجهة إلى سوريا من عبور مجالها الجوي، كان محلا للثناء في العواصم الغربية.

وزاد من وضعية تركيا، العرض الأخير من أنقرة بالمساعدة في إزالة الألغام من ميناء أوديسا الأوكراني، وتوفير الحراسة للسفن الأوكرانية المحملة بالمواد الغذائية لتجنب أزمة غذاء عالمية. وبات أردوغان، واثقا من أن الغرب فهم الدورالتركي الذي لا يمكن الاستغناء عنه. وزاد من ثقته، ورقة الفيتو لدى أنقرة في قرار انضمام كل من فنلندا والسويد لحلف الناتو، وهو تحرك ربما كان كفيلا بتغيير المجال الأمني الأوروبي. وترى الكاتبة أن الأهمية الإستراتيجية التي باتت تركيا تتمتع بها في جهود الغرب لمواجهة روسيا في أعقاب غزو أوكرانيا، تمنح أردوغان فرصة للحصول على تنازلات من الغرب.

وأحد أهم المطالب التي يسعى أردوغان للحصول عليها، هي شراء الأسلحة. فبعد العملية العسكرية التركية في شمال سوريا عام 2019، فرضت عدة دول أوروبية، ومنها السويد وفنلندا حظرا على بيع الأسلحة لأنقرة. ولكن النكسة في شراء الأسلحة بدأت قبل العملية بداية 2019، عندما قررت الولايات المتحدة منع بيع مقاتلات أف-35 لتركيا بسبب منظومة أس-400 الروسية.

وتقدمت تركيا قبل فترة بشراء مقاتلات أف-16 الأمريكية، و80 مجموعة تحديث لأسطولها. لكن أعضاء الكونغرس يراكمون الضغوط على إدارة بايدن لمنع الصفقة. وأدت العقوبات الغربية إلى تشويش خطط التحديث التركية، ووجهت ضربة واضحة لصناعتها العسكرية. وواحد من المجالات الذي تسبب فيه العقوبات بمشكلات لتركيا، هو تكنولوجيا المحركات. حيث لم تكن تركيا قادرة على تصنيع محركاتها، بشكل عرقل صناعتها الدفاعية المزدهرة.

وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا، كانت تركيا تبحث عن خيارات عدة للتغلب على هذه التحديات. وواحدة من الأفكار هي شراء مقاتلات روسية، أو تعاون مع أوكرانيا التي احتفظت بميراث الاتحاد السوفييتي لتصميم وتصنيع المحركات القادرة على تشغيل أنواع عدة من الطائرات. إلا أن الحرب في أوكرانيا جعلت من تلك الخطط غير مجدية، على الأقل في الوقت الحالي. ولم تعد فكرة شراء مقاتلات روسية قائمة بسبب الفشل الروسي الصارخ في أوكرانيا، والعار الذي سيلتصق بتركيا لو ارتبطت بالصناعة العسكرية الروسية.

وقلبت الحرب الخطط التركية للتعاون مع أوكرانيا في المستقبل القريب مما أجبر أنقرة على البحث عن خيارات في الأسواق الغربية. ويأمل أردوغان باستخدام وضع تركيا كعضو مهم في الناتو، وورقة الفيتو على عضوية كل من السويد وفنلندا للحصول على تنازلات وإجبار الدول الغربية على رفع العقوبات عن بيع الأسلحة لتركيا.

ويريد أردوغان الاستفادة من ضعف الموقف الروسي أيضا. فلطالما حاول أن يقوم بعملية عسكرية في شمال سوريا من أجل إقامة منطقة عازلة تستوعب 3.6 مليون لاجئ سوري يعيشون في تركيا. إلا أن المعارضة الأمريكية والروسية جعلته يضع خططه على الرف. ويعتقد أردوغان على ما يبدو أن الوقت الحالي هو الأفضل لشن عملية عسكرية جديدة، في وقت تركز روسيا على الحرب في أوكرانيا، إضافة للحنق المحلي التركي ضد اللاجئين السوريين قبل انتخابات عام 2023.

كما يريد أردوغان استخدام ورقة الفيتو على طلب عضوية السويد وفنلندا للحصول على الموافقة الغربية. وربما حصل على بعض هذه الأمور لو رفعت فنلندا والسويد القيود على تصدير المعدات الدفاعية إلى تركيا، أو تعطيه روسيا الضوء الأخضر لعملية عسكرية جديدة في شمال سوريا. ولكن محاولة أنقرة إجبار واشنطن قد ترتد سلبا عليها وستزيد من الجبهة المعادية لأردوغان في العواصم الغربية.

ويبدو أن إدارة بايدة مستعدة لبيع مقاتلات أف-16 لتركيا. وفي رسالة من وزارة الخارجية إلى الكونغرس قالت فيها إن إمكانية بيع المقاتلات لتركيا ستكون متوافقة مع مصالح الأمن القومي الأمريكي، وستكون في مصلحة الناتو ووحدته على المدى البعيد. وأقنع موقف تركيا من الحرب في أوكرانيا عددا من المشرعين في الكونغرس لدعم صفقة أف-16، إلا أن تهديد أردوغان الأخير بمنع انضمام السويد وفنلندا للناتو، أدى لتغير المزاج في الكونغرس، حيث اعتبر مشرعون التهديد بمثابة ابتزاز.

كما أن التوتر المتزايد بين تركيا واليونان لا يساعد أردوغان أيضا. وفي النهاية، فتح الغزو الروسي لأوكرانيا فرصا جديدة لتركيا، لكن على أردوغان ألا يبالغ، فربما تحول موقف تركيا الانتهازي والمعرقل لانضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، حجر أساس جديد لتراجع موقفها كحليف.

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

“أنصار الله” اليمنية : الملاحة في البحر الأحمر ستبقى آمنة ومأمونة لجميع السفن باستثناء الإسرائيلية

بيروت ـ “راي اليوم” : جددت جماعة “أنصار الله” اليمنية، اليوم الأحد، التأكيد على استمرارها …