قتل متظاهر سوداني، الجمعة، في مظاهرات ذكرى “فض اعتصام القيادة” بالعاصمة الخرطوم.

جاء ذلك في قمع لآلاف المتظاهرين الذين خرجوا في العاصمة الخرطوم، ومدنها وفي الأقاليم، الجمعة، لإحياء الذكرى الثالثة لفض اعتصام القيادة العامة، الذي وقع في يونيو/حزيران 2019.

وبهذا يرتفع العدد الكلي للقتلى السودانيين، الذين أحصتهم لجنة أطباء السودان، منذ انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى 99 قتيلا.

ويصادف اليوم الجمعة 3 يونيو/حزيران، الذكرى الثالثة لفض اعتصام القيادة العامة، عندما اقتحمت قوات من تشكيلات عسكرية مختلفة مقر الجيش واستخدمت العنف المفرط لتفريق محتجين كانوا يطالبون بحكومة مدنية، ما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى.

ووفق شهود عيان، فقد خرج آلاف المتظاهرين بالخرطوم، ومدن بحري (شمال) وأم درمان ونيالا (غرب) وربك (جنوب) ومدني (وسط) وعطبرة (شمال)، والقضارف (شرق)، لإحياء ذكرى فض الاعتصام والمطالبة بالحكم المدني.

وحمل المتظاهرون الأعلام الوطنية وصور الضحايا، ورددوا شعارات تنادي بالقصاص للضحايا ومحاسبة المسؤولين عن المجزرة، وإسقاط “المجلس العسكري” الحاكم.

 

 

كما ردد المتظاهرون هتافات تطالب بعودة الحكم المدني الديمقراطي.

ورفع المشاركون لافتات مكتوبا عليها: “لا للحكم العسكري” و”دولة مدنية كاملة”، و”الشعب أقوى والردة مستحيلة”، و”حرية، سلام، وعدالة”، “و”نعم للحكم المدني الديمقراطي”.

وجاءت التظاهرات استجابة لدعوة من تنسيقيات لجان المقاومة بهدف “إحياء الذكرى الثالثة لفض الاعتصام والمطالبة بالحكم المدني الديمقراطي”.

وتكونت “لجان المقاومة” في المدن والقرى، عقب اندلاع احتجاجات 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، وكان لها الدور الأكبر في إدارة المظاهرات في الأحياء والمدن حتى عزلت قيادة الجيش الرئيس آنذاك “عمر البشير”، في 11 أبريل/نيسان 2019.

 

 

وأغلقت السلطات الأمنية شارعي النيل والمطار بالحواجز الأسمنتية والأسلاك الشائكة، منعا لوصول المتظاهرين إلى محيط القصر الرئاسي والقيادة العامة للجيش وسط العاصمة الخرطوم.

وبدأ السودان في 21 أغسطس/آب 2019 مرحلة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام عام 2020.

وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، قام قائد الجيش السوداني “عبدالفتاح البرهان”، بإجراءات حل بموجبها الحكومة المدنية التي تكونت عقب سقوط نظام الرئيس المعزول “عمر البشير”، وفض اعتصام القيادة العامة، ومنذ ذلك الوقت يشهد السودان احتجاجات متجددة.

وقتل في فض الاعتصام العشرات، وفقد آخرون ووجدت بعض الجثث مكبلة الأيدي في النهر، بحسب تقارير غير رسمية، وقدرت إحصائية حكومية الضحايا بنحو 85 شخصا.

ووثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الواقعة، وقالت في تقرير إن الاعتداءات على المتظاهرين كانت “مُبرمَجة وقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية”.

 

 

وتُظهر مقاطع فيديو تم تسريبها على فترات، كان آخرها مطلع رمضان الماضي، قوات تلبس زي الدعم السريع وهي تنكل بالمتظاهرين وتطاردهم في محيط القيادة.

لكن قائد هذه القوات “محمد حمدان دقلو” (حميدتي)، ظل ينفي على الدوام أي علاقة لشخصه بعملية الفض، بل أكد أنه كان يمنع قادة النظام السابق من التعرض للمعتصمين طوال الأيام الخمسة التي سبقت الإطاحة بنظام “البشير”.

وأعلنت لجنة تحقيق تابعة للمجلس العسكري، في بيان متلفز آنذاك، ضلوع ضباط برتب مختلفة (لم تعلنها) في فض الاعتصام، وألمحت إلى أن عملية الفض لم تكن بأمر من المجلس العسكري بقولها إن “الضباط دخلوا مقر الاعتصام من دون تعليمات من الجهات المختصة”.

ونفى جهاز القضاء وقتها صحة ما تردد عن أن المجلس العسكري تشاور مع رئيس الجهاز، بشأن فض الاعتصام، وقال في بيان إن المجلس العسكري دعاه إلى اجتماع بصدد إخلاء منطقة “كولومبيا” لدواعٍ أمنية.

كما أعلن رئيس النيابة العامة، أن تصريح المتحدث باسم المجلس العسكري بشأن مشاركة النائب العام ورئيس القضاء في الاجتماع الأمني لفض الاعتصام غير صحيح على الإطلاق.

وقد أثار فض اعتصام القيادة العامة بالخرطوم بالقوة المفرطة، ردودا غاضبة داخل السودان وتنديدا دوليا، وطالبت الولايات ودول غربية بإجراء تحقيق مستقل وشفاف وموثوق به بهذا الشأن.

المصدر | الخليج الجديد