إطلالة على أهم كتب التفسير في مدرسة أهل البيت عليهم السلام

بقية الله :

الشيخ حسن بدران‏

* تعريف التفسير:
التفسير كما عرّفه السيد الخوئي رضي الله عنه هو “بيان معاني الآيات القرآنية والكشف عن مقاصدها ومداليلها”. وبتعريف الشهيد الصدر هو “علم يبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية”. فعلم التفسير يهدف إلى استجلاء معالم القرآن بكافة أبعاده الممكنة.

التفسير وظيفة من؟
المفسرون الحقيقيون للقرآن في مدرسة أهل البيت عليهم السلام ثلاثة: المفسّر الأول هو النبي الأعظم صلى الله عليه وآله. ويعتبر تفسيره وتبيينه لآيات القرآن من أهم وظائفه ومهامه الرسالية، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ (النحل: 44). والمفسّر الثاني للقرآن الكريم هو نفس القرآن، فإنه المبيّن الكامل لآياته والمفسر لها، قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ (النحل) 89). وقال تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾ (المائدة: 15). قول أمير المؤمنين عليه السلام: كتاب الله.. ينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على بعض (نهج البلاغة). والمفسر الثالث للقرآن الكريم هم أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام فإنهم أبواب علوم الأولين والآخرين، وورثة علم النبي الخاتم صلى الله عليه وآله. عن الصادق عليه السلام: نحن ولاة أمر الله، وخزنة علم الله، وعيبة وحي الله(1). وعن الباقر عليه السلام: نحن خزان علم الله ونحن تراجمة وحي الله(2). وعن الكاظم عليه السلام: نحن الذين اصطفانا الله عزّ وجلّ وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شي‏ء (3). وعن الرضا عليه السلام: فإن محمداً صلى الله عليه وآله أمين الله في خلقه فلما قبض صلى الله عليه وآله كنا أهل البيت ورثته(4).

وأما العلماء من أتباع مدرسة الأئمة عليهم السلام فوظيفتهم الكشف عن هذه التفاسير السابقة وإماطة اللثام عنها، مع الرجوع إلى ظاهر اللغة والعقل القطعي، وكل تفسير لا يرجع إلى هؤلاء المفسرين الحقيقيين فهو من التفسير بالرأي، وهو منهي عنه لأنه يرجع إلى الذوق الشخصي والاجتهاد الظني والتأثر بالديانات السابقة.. وقد ظهرت التفاسير المتعددة نتيجة الوقوع تحت تأثير التحولات الفكرية التي شهدتها الأجيال اللاحقة شيوع المباحث الكلامية وانتشار الفلسفة وعلم التصوف وما اكتنف ذلك من ميول سلفية ظاهرية.. كل ذلك وغيره كان له أثره الواضح في ظهور أنواع من التفسير مختلفة كالتفسير بالمأثور والتفسير الفلسفي والتفسير الصوفي والتفسير الكلامي والتفسير البياني والتفسير اللغوي والتفسير التاريخي والتفسير العلمي…

وأدى ذلك إلى احتواء بعض هذه التفاسير للتأويل المرفوض (بمعنى حمل اللفظ على ما يخالف الظاهر) واشتمالها على التطبيق (بمعنى تحميل اللفظ ما يتناسب مع ذوق المطبّق وميوله). وإزاء هذا الواقع المأزوم كان لا بد لعلماء مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) من إعادة ترسيم المنهج التفسيري على أسسه ومرتكزاته الحقيقية، مما يتوقف في حصوله على جهود جبارة، وقد تمثلت هذه الجهود فيما أخرجوه لنا من تفاسير عديدة اعتمدت في جوهرها على مناهج محددة كالمنهج القرآني (مقابلة الآية بالآية فما أُجمِل في مكان يتم تفسيره في مكان آخر) والمنهج الأثري (وهو التفسير بالأثر الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام) والمنهج اللغوي (وهو تفسير مفردات القرآن واشتقاقاتها وأصولها) والمنهج الموضوعي (وهو يقوم على أساس دراسة موضوعات معينة تعرض لها القرآن الكريم في أماكن متفرقة وذلك بغية تحديد النظرية القرآنية بملامحها وحدودها في الموضوع المعين كموضوع الجهاد والتقوى والأسرة..) وأمثال ذلك من مناهج وطرق تعين على فهم المعنى المراد من آيات القرآن الكريم.

* أساليب التفسير
تميز الأسلوب التفسيري الذي اعتمده المفسرون من مدرسة أهل البيت عليهم السلام بشموليته، واتسعت وسائل البحث لتطال كافة المجالات الممكنة، من قبيل: تبيين فضل السورة واسمها وخواصها، وتعيين المكي والمدني، وإبراز غرض السورة وهدفها، وأسباب النزول (إن أمكن) وترتيب السور، ووجه القراءة، ووجه الوقف والفصل في الجمل القرآنية وآياتها، واعتماد البحث اللغوي ومعاني الألفاظ واشتقاقاتها، والبحث النحوي وبيان التراكيب والاعراب، والبحث البياني البلاغي، والبحث الصرفي، ووجوه الإعجاز في السور والآيات، ووجه تكرار القصص والآيات، والتناسب بين السور، وبيان الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والظاهر والباطن.. وتحقيق الأقوال المختلفة والتدليل على المختار منها، وتفسير القرآن بالقرآن وبيان التأويل، وذكر جملة المعاني، والبحث الروائي، والبحث الفقهي، والبحث الاحتجاجي والمعاني الكلامية، وبيان المفاهيم والمعارف القرآنية، والمقارنة مع أقوال المفسرين من التابعين، والبحث الأخلاقي، والبحث الموضوعي، والبحث العقلي الفطري والقطعي، والبحث الاجتماعي والإيماني والفكري وغير ذلك مما يحتاج تشريحه إلى مجال أوسع..

* مناهج التفسير
توافق المسلمون على رفض التفسير بالرأي، وتنازعوا في تحديد مصداق التفسير بالرأي، فما هو المقبول والمرفوض من مناهج التفسير بحسب مدرسة أهل البيت عليهم السلام؟ يقول السيد الخوئي رضي الله عنه: “التفسير هو ايضاح مراد الله تعالى من كتابه العزيز، فلا يجوز الاعتماد فيه على الظنون والاستحسان، ولا على شي‏ء لم يثبت أنه حجة من طريق العقل، أو من طريق الشرع، للنهي عن اتباع الظن، وحرمة إسناد شي‏ء إلى الله بغير إذنه. قال تعالى: ﴿قُلْ الله أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى الله تَفْتَرُونَ﴾. وقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾. والروايات الناهية عن التفسير بالرأي مستفيضة من الطريقين”(5). ومناهج التفسير التي ارتضاها العلماء في مدرسة الإمامة هي:

1 – المنهج القرآني: وهو يتم من خلال مقابلة الآية بالآية، فما أجمل منها في مكان يتم تفسيره في مكان آخر.

2 – المنهج الأثري: وهو التفسير بالأثر الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام.

3 – المنهج اللغوي: وهو تفسير مفردات القرآن واشتقاقاتها وأصولها.

4 – المنهج البياني: وهو تفسير القرآن من جهة بلاغية.

5 – المنهج الموضوعي: وهو يقوم على أساس دراسة موضوعات معينة تعرض لها القرآن في مواضع متعددة أو في موضع واحد، بهدف تحديد النظرية القرآنية بملامحها وحدودها في الموضوع المعين، كالبحث في موضوع (الجهاد) و(التقوى) و(القصص القرآني).

6 – المنهج الفقهي التشريعي: وهو يقوم على دراسة الأحكام الشرعية والاستنباطات الفقهية القرآنية من خلال دراسة العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ وعرض الأخبار على القرآن وما شابه مما له دخالة في عالم التشريع والأحكام.

7 – المنهج الكلامي: وهو يقوم على دراسة أسس التوحيد القرآني ومباحث النبوة والمعاد والإمامة مما له علاقة بالمباني الكلامية والمرتكزات العقائدية في القرآن.

8 – المنهج الفلسفي: وهو يقوم على أساس تكوين رؤية كونية مستمدة من القرآن لفهم الله والعالم والإنسان وغائية الحياة وغير ذلك مما يندرج في دائرة المفاهيم القرآنية العامة.

9 – المنهج الأخلاقي: وهو يسعى إلى تكميل النفس بالمعارف الضرورية، وتزكيتها وتنشيط الفطرة الإنسانية بغية إخراجها من الظلمات إلى النور على أسس أخلاقية واضحة.

وبكلمة واحدة فإن كل ما دل عليه العقل القطعي والفطري، والشرع الثابت بنص القرآن والسنّة القطعية، فهو المعول في تفسير القرآن، وما خرج عن ذلك فهو من التفسير بالرأي المنهي عنه، لاستناده إلى الظن والذوق الشخصي. ومن هنا رفض علماء مدرسة أهل البيت المناهج التفسيرية التي لا تبلغ مستوى اليقين كالمنهج الصوفي القائم على الذوق الشخصي، والمنهج التاريخي القائم على ما تناقله أهل الكتاب عن الأمم السابقة مما لا يوثق بنقله، والمنهج التجريبي القائم على تطبيق الماديات على الغيبيات، وتعاطوا بحذر شديد مع أمثال هذه المناهج.

* بيان أهم كتب التفسير باللغة العربية:
1 – تفسير الإمام الحسن العسكري‏
2 – تفسير الحبري‏
3 – تفسير فرات الكوفي‏
4 – تفسير القمي‏
5 – تفسير العياشي‏
6 – التبيان في تفسير القرآن‏
7 – مجمع البيان في تفسير القرآن‏
8 – تفسير جوامع الجامع‏
9 – منتخب البيان‏
10 – نهج البيان عن كشف معاني القرآن‏
11 – تفسير القرآن الكريم‏
12 – الصافي في تفسير كلام اللَّه‏
13 – البرهان في تفسير القرآن‏
14 – تفسير نور الثقلين‏
15 – تفسير المعين‏
16 – الوجيز في تفسير القرآن العزيز
17 – تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب‏
18 – تفسير القرآن الكريم‏
19- الجوهر الثمين في تفسير الكتاب المبين‏
20 – بيان السعادة في مقامات العبادة
21 – مقتنيات الدرر وملتقطات الثمر
22 – تفسير القرآن الكريم‏
23 – الميزان في تفسير القرآن‏
24 – الجديد في تفسير القرآن.
25 – تقريب القرآن إلى الأذهان‏
26 – تفسير الكاشف‏
27 – الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل
28 – التفسير لكتاب الله المنير
29 – مواهب الرحمن في تفسير القرآن‏
30 – من هدي القرآن‏
31 – مختصر مجمع البيان في تفسير القرآن‏
32 – تفسير البصائر منسوب للإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام

* أهم الكتب المؤلفة باللغة الفارسية
(روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن) وهو تفسير أبو الفتوح الرازي، تأليف حسين بن علي محمد بن أحمد الخزاعي النيسابوري (م‏552ق). (جلاء الأذهان وجلاء الأحزان) أو (تفسير كازر) تأليف أبو المحاسن الحسين بن الحسن الجرجاني (م أواخر القرن التاسع). (تفسير مواهب عليه) أو (تفسير حسيني): تأليف كمال الدين حسين واعظ كاشفي (م 910 ق). (تفسير منهج الصادقين في إلزام المخالفين) تأليف ملا فتح الله الكاشاني (م: ح 977 – 988ق). (تفسير خلاصة المنهج) تأليف ملا فتح الله الكاشاني (م: ح 977 – 988ق). (تفسير شريف لاهيجي) تأليف بهاء الدين محمد شيخ علي الشريف اللاهيجي (م‏1088ق). (تفسير اثنا عشري) تأليف حسين بن أحمد الحسيني الشاه عبد العظيمي (م‏1384ق). (أنوار درخشان در تفسير قرآن) تأليف السيد محمد الحسيني الهمداني. (تفسير جامع) تأليف السيد إبراهيم البروجردي. (حجة التفاسير وبلاغ الاكسير) تأليف سيد عبد الحجت بلاغي. (تفسير كشف الحقائق عن نكت الآيات والدقائق) تأليف محمد كريم العلوي الحسيني الموسوي. (تفسير خسروي) تأليف شاهزاده علي رضا ميرزا خسرواني (م‏1386ق). (برتواز قرآن) تأليف السيد محمود الطالقاني (م‏1358ق). (مخزن العرفان در علوم القرآن) تأليف بانوى أصفهاني (أمين أصفهاني) (م‏1404ق). (تفسير آسان) تأليف محمد جواد النجفي. (تفسير عاملي) تأليف إبراهيم العاملي. (روان جاويد در تفسير قرآن مجيد) تأليف الميرزا محمد الثقفي الطهراني. (قرآن مجيد با ترجمه وجمه آورى تفسير) تأليف زين العابدين رهنما. (تفسير نمونه) تأليف ناصر مكارم الشيرازي. (تفسير أحسن الحديث) تأليف السيد علي أكبر قرشي. (أطيب البيان في تفسير القرآن) تأليف السيد عبد الحسين طيب (م‏1411ق). (أنوار العرفان في تفسير القرآن) تأليف أبو الفضل داور بناه. (تفسير راهنما) تأليف على أكبر الهاشمي الرفسنجاني. (تفسير نور) تأليف محسن قراءتي. (الفرقان في تفسير القرآن) محمد صادق الطهراني.
(1) أصول الكافي، ج‏1، ص‏192، حديث 1.
(2) ن.م. حديث 3.
(3) ن.م. ص‏226، حديث 7.
(4) ن.م. ص‏223، حديث 1.
(5) البيان، ص‏397.

رابط :

https://baqiatollah.net/article.php?id=3531

About مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمستقبل العالم الإسلامي و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم على الكلمة وتفاصيل مواردها ومراد الله تعالى منها في كل موضع بكتاب الله في أول عمل فريد لن يتكرر مرة أخرى .

Check Also

الغدير في القرآن الكريم

شبكة المعارف : إنّ المولى سبحانه شاء أن يبقى حديث الغدير غضاً طرياً لا يبليه …