القاهرة ـ «القدس العربي» :
طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” وزارة الأوقاف المصرية بإنهاء جميع القيود التعسفية على التجمعات الدينية والصلاة والشعائر خلال العشر الأواخر من رمضان واحتفالات العيد المقبلة.
وقالت إنه في 20 أبريل/ نيسان الجاري، أعلن الوزير حظر الصلوات والشعائر التي تنفرد بها آخر أيام رمضان، وفرض قيودا على الصلاة والاحتفال بعيد الفطر، الذي يأتي ختاما لشهر رمضان.
وتابعت المنظمة: “استخدم وزير الأوقاف المصرية الدكتور محمد مختار جمعة وسائل التواصل الاجتماعي لإصدار حظره الكامل للاعتكاف وصلاة التهجد، وهما شعيرتان إسلاميتان تُؤدَيان عادة خلال ليالي رمضان الأخيرة.”
والاعتكاف هو قضاء الليالي العشر الأواخر من رمضان في المسجد، بينما تُقام صلاة التهجد في منتصف الليل، وغالبا تترافق مع الاعتكاف. يرى مسلمون كُثر أن صلوات الاعتكاف تحمل بركة خاصة في رمضان.
قيود تعسفية
جو ستورك، نائب مديرة الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش” قال: “فرض المسؤولون المصريون قيودا غير مقبولة على المصلين بشأن مكان وزمان الصلاة في شهر رمضان والعيد، يجوز تقييد الممارسات الدينية فقط إذا كان لذلك ضرورة قصوى للصحة والسلامة العامة”.
وزاد: “يبدو أن هذه القيود على حرية ممارسة الدين تعسفية تماما، وهي دليل آخر على افتقار الحكومة المصرية إلى التسامح مع حرية التعبير في جميع المجالات”.
وحسب المنظمة، أعاد الوزير القيود إلى مخاوف من انتشار فيروس كورونا، لكن الحكومة لم تحدد في بداية شهر رمضان حدودا لعدد الأشخاص المسموح لهم بحضور التجمعات أو الاحتفالات الكبيرة، في الداخل أو في الهواء الطلق.
واستبعدت المنظمة أن يكون وباء كورونا هو السبب الحقيقي لقرارات الوزير، خاصة أن في وزارة الصحة المصرية أفادت في مارس/ آذار الماضي أنه سيتم إصدار إحصاءات فيروس كورونا على أساس أسبوعي وليس يوميا بسبب انخفاض معدلات الإصابة وانحسار الموجة الخامسة من الوباء.
وزادت أنه أعلن مجلس الوزراء المصري في 27 مارس/آذار الماضي أنه سيسمح بمناسبات المساجد وحفلات الزفاف والاحتفالات في “قاعات الفنادق المغلقة” خلال شهر رمضان “شريطة الالتزام بالإجراءات الاحترازية”.
وتابعت: “في 14 أبريل/نيسان الجاري، أعلن جمعة أن خطبة عيد الفطر، وهي طقوس مهمة بمناسبة نهاية شهر رمضان، يجب ألا تتجاوز عشر دقائق بدل ساعات كما هي العادة، وفي 19 أبريل/ نيسان الجاري، حظر هشام عبد العزيز، وهو مسؤول كبير في وزارة الأوقاف، صلاة العيد خارج المساجد في الشوارع والساحات العامة، وقال أيضا إن صلاة عيد الفطر يجب أن تُقام فقط في مساجد تختارها الوزارة، وليس في جميع المساجد.”
وتابعت المنظمة أنه في 25 أبريل/نيسان الجاري، تراجَع جمعة عن قرار حظر صلاة التهجد بعد رد فعل عنيف على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن القيود لا تزال مفروضة على الاعتكاف وخطبة العيد واحتفالات العيد.
وزادت المنظمة في بيانها: “بعد إعلان 19 أبريل/نيسان الجاري، أمر ممثلون عن وزارة الأوقاف بإغلاق المساجد أثناء صلاة التهجد. أظهرت الصور والفيديوهات التي اطلعت عليها “هيومن رايتس ووتش” دوريات من وزارة الأوقاف تحرس أبواب المساجد خلال مواعيد تلك الصلاة لمنع المصلين، وفي أحد الفيديوهات، دخلت دورية مسجد المراغي في منطقة حلوان في القاهرة، أثناء صلاة العشاء يوم 24 أبريل/نيسان الجاري، وقطعت الصلاة وأمرت المصلين بالخروج، إلا أن وزارة الداخلية المصرية نفت وقوع الحادث، كما حذر وكيل الأوقاف في الإسكندرية – شمال مصر- الشيخ سلامة عبد الرازق من أنه سيتم التحقيق مع كل من يخالف حظر الوزارة للصلاة.”
اعتقال صحافية
ولفت البيان إلى اعتقال قوات الأمن الصحافية صفاء الكوربيجي، الموظفة السابقة في “مجلة الإذاعة والتلفزيون”، بعد أن نشرت فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تشكو فيه من القيود على خطبة عيد الفطر، وتدعو إلى استمرار الخطبة لسبع ساعات، ووجهت لها النيابة اتهامات بنشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة محظورة.
وكانت وزارة الأوقاف أعلنت تعديلا في أحد ضوابط إقامة صلاة عيد الفطر المبارك في المساجد، حيث سمحت الوزارة بفتح المساجد قبل صلاة عيد الفطر المبارك بنصف ساعة.
وأصدرت وزارة الأوقاف تعميمًا، الإثنين الماضي، تم توزيعه على جميع المديريات على مستوى الجمهورية أكدت فيه: “تقام صلاة عيد الفطر المبارك في المساجد الكبرى والجامعة التي تقام بها صلاة الجمعة، ولا مجال لإقامتها بالساحات العامة هذا العام، وذلك لإمكانية تطبيق إجراءات التباعد في المساجد دون الساحات المفتوحة التي يصعب تطبيق إجراءات التباعد بها، أو التحكم في تدافع الناس عليها”.
وأوضح البيان أنه بموجب المادة 18 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، تشمل حرية الدين حق المرء في ممارسة عقيدته بشكل جماعي وعلني. يضمن “الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب”، ومصر دولة طرف فيه، حرية ممارسة الشعائر الدينية. تعترف المادة 64 من دستور مصر لعام 2014 بالحق في ممارسة الشعائر الدينية بحرية.
وفي سياق حالات الطوارئ الصحية العامة، تقرّ قوانين حقوق الإنسان بأن القيود على بعض الحقوق يمكن تبريرها عندما يكون لها أساس قانوني، وتكون ضرورية للغاية بناء على الأدلة العلمية، ومتناسبة لتحقيق الهدف.
في فبراير/شباط، وافقت لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب على تعديلات على القانون 51 لعام 2014 الناظم للخُطب والدروس الدينية في المساجد، والذي يحظر “الحديث في الشأن الديني في وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة أو الإلكترونية” دون ترخيص رسمي من الأزهر أو وزارة الأوقاف. كما شددت التعديلات العقوبات على كل من ينخرط في الوعظ العام دون تصريح أو ترخيص، وكل من يعبر عن رأي “مخالف لصحيح الدين”، بعقوبات تصل إلى السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة.