بغداد ـ «القدس العربي :
عمّق الصراع على تقاسم الثروات الطبيعية في إقليم كردستان العراق، أبرزها النفط والغاز، الخلاف السياسي بين الحزبين الكرديين الرئيسين «الاتحاد الوطني الكردستاني»، بزعامة بافل طالباني، و»الديمقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، وفيما عبّر «الاتحاد» عن رفضه مشروع مدّ انبوب لتصدير الغاز عبر أراضيه في الإقليم الكردي، إلى الخارج، ألمح لضلوع غريمه «الديمقراطي» في تصدير نفط الإقليم عبر شركات تابعه له.
تقاسم ثروات الإقليم يعمّق الخلاف الكردي ـ الكردي
بافل طالباني، رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، نجل رئيس الجمهورية الراحل، جلال طالباني، عقد اجتماعاً مع ممثلي الدول الأجنبية والمنظمات والمؤسسات الدولية العاملة في إقليم كردستان العراق.
وخلال الاجتماع، أشار للأوضاع السياسية في الإقليم والعراق وقضية الانتخابات، بالإضافة الى موقف الاتحاد الوطني من مجمل تلك القضايا، قائلاً: «الاتحاد الوطني الكردستاني له ثقله السياسي الخاص وله تأثير على المعادلات الداخلية والعراقية والخارجية».
وأضاف أن «الرئيس مام جلال (في إشارة لوالده) أنشأ خلفية سياسية رصينة وعلاقات ودية متوازنة مع البلدان المجاورة، وبالإضافة إلى الحماية، سنطور ونحافظ على تلك العلاقات القائمة على حماية المصالح العليا والمشتركة». وفيما يتعلق بالوضع المالي المفروض على مناطق نفوذ حزبه (السليمانية، وحلبجة، وكرميان، وإدارة رابرين)، قال طالباني: «إننا لن نسكت عن الظلم وعدم المساواة والاحتكار والتمييز وإهدار الدخل العام، وقد أوصلنا رسالتنا»، مبيناً أن «التآمر ضد أهل هذه الحدود والتطاول على لقمة عيشهم خط أحمر. شعبنا يلومنا ويشكو لنا مطالبه، ولن نسكت عن هذا الوضع، وكل الاحتمالات مفتوحة أمامنا».
وخلال اللقاء تحدث بافل طالباني عن موضوع الغاز وصادراته، قائلا: «يجب توضيح ماهية العقود وأساليبها لشعب إقليم كردستان، ولا نريد ان نجلب معاناة أخرى الى إقليمنا، وسنعمل على حل هذه القضية بشفافية وسيكون مواطنو كردستان جزءا من العملية».
وتابع بالقول: «أعلن هنا أنه «على جثتي» سيمد أنبوب الغاز الى الخارج. وهذا مطلب شعب كردستان وسأنفذه ولن أختار الصمت أو العار أمام حياة الشعب ومستقبله». وزاد: «للأسف بعض الشركات النفطية العاملة تدار من بعض الأحزاب وتستخدم لتحقيق منافع شخصية، ولن نقبل باستمرار هذا الوضع ولن نسمح لأي قوة أو طرف بإثراء نفسه على حياة الناس».
ووجه بافل جلال طالباني، عبر الممثلين والمبعوثين الدبلوماسيين والمنظمات الدولية، رسالة لما وصفها بـ»الأطراف التي تضع النوايا والخطط لإفساد الأوضاع في الإقليم، خاصة السليمانية، وحلبجة، وكرميان، ورابرين ومحاصرته مالياً»، مذكّراً أن «الاتحاد الوطني الكردستاني ليس تلك القوة التي تخضع للتذليل والاستفزاز من قبل أي قوة أو حزب. حيث إننا نؤمن بالنضال الديمقراطي ونرفض تقرير المصير والاستبداد بكل الطرق، لكن لتصحيح الأخطاء، سنتخذ كل الخطى من أجل تأمين حياة وسبل عيش شعبنا».
وفيما يتعلق بموضوع الانتخابات التشريعية في الإقليم، كشف بافل جلال طالباني أن «غالبية القوى والأطراف السياسية في الإقليم مع تغيير أسلوب الانتخابات وصياغة قانون جديد، بحيث لا يسمح بالتزوير وتنقية سجل الناخبين»، لافتاً إلى أن «على جميع الطوائف أن يكونوا ممثلي أنفسهم الحقيقيين، وليس أن تمثلهم القوى والأحزاب الأخرى، ولأن قانون الانتخابات له بعد وطني، يجب حله بالتوافق، وقد صرح الاتحاد الوطني الكردستاني علناً بأن القانون لا ينتمي إلى أي حزب أو طرف ويجب تمريره بالاتفاق الوطني والتوافق».
وحضر اللقاء، حسب بيان لحزب الاتحاد، ريواز فايق، رئيس برلمان كردستان، ودرباز كوسرت رسول، عضو الهيئة العاملة في المكتب السياسي، وأمين بابا شيخ، والدكتور سوران جمال طاهر، وبولا طالباني أعضاء المكتب السياسي، وفريال عبد الله العضو القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني.
وفي السياق، حدد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، غياث السورجي، أهم الأسباب التي تقف وراء الرفض القاطع للاتحاد لتصدير الغاز من إقليم كردستان الى الخارج، داعياً الى التفاهم مع الحكومة الاتحادية بشأن هذا الملف منعاً لهدره على غرار النفط المصدر من الإقليم.
وذكر أن «الغاز الطبيعي في الإقليم يقع في مناطق ذات نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني، لذا أعلنت رئاسة الأخير رفضها لأي محاولة لرئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، بإبرام اتفاقيات خارجية بشأن تصدير الغاز للخارج او أي ثروة طبيعية دون التفاهم مع الحكومة الاتحادية، خصوصاً وان الإقليم يصدر النفط دون اتفاق مع بغداد، ما تسبب بهدر لتلك الثروة من خلال بيعه بأقل من الأسعار العالمية»، حسب موقع «المربد» البصري.
وأكد أن «الإقليم ليس دولة كما لا توجد هناك شفافية في إعلان صادرات النفط». واستدرك أنهم «بشكل عام مع تصدير تلك الثروات لتقوية اقتصاد الإقليم، لكن مع مراعاة الجانب الدستوري والقانوني وذلك بالتفاهم مع الحكومة الاتحادية منعاً لهدر تلك الثروات».
وذكر مركز «الدراسات المستقبلة» في إقليم كردستان العراق (مؤسسة غير حكومية)، أنه طوال 19 عاما من العملية السياسية لم يشهد إقليم كردستان تشظيا وانقساما مثلما يحدث الآن، ما تسبب بتعريض المصالح والمكتسبات الكردية للخطر وترك هذا الانقسام آثارا على ملفي الطاقة والانتخابات والموقف الكردي.
وأشار في دراسة حديثة له، إلى أن «الفرصة المتاحة للكرد من لعب دور في الانقسام الشيعي والسني، ضاعت بسبب انقسام الحزبين الكرديين وشكلت تداعيات هذا الانقسام الحاد خطراً على المكتسبات الكردية».
وأضاف أن «تداعيات الانقسام تظهر في الساحة الكردية بشكل جلي وواضح في ملفي الطاقة والانتخابات النيابية العامة المرتقبة نهاية العام، حيث يشهد الملفان تجاذبات وتبادلا للاتهامات جراء الانقسام الحاصل بشأن (حكومة الأغلبية الوطنية) وانتخاب رئيس للجمهورية».
وأفادت الدراسة أنه «وفقا لقانون الانتخابات البرلمانية الكردستانية لعام 1992، فإن بضعة أشهر أخرى هي نهاية الدورة البرلمانية الحالية، ويجب إجراء انتخابات جديدة في تشرين الثاني/نوفمبر من هذا العام، لكن خلال الأشهر القليلة الماضية حتى الآن لم تتفق الأطراف الكردية على كل من التعديلات على قانون الانتخابات، وكذلك قانون مفوضية الانتخابات ما خيبت آمال المجتمع الكردي وخلقت تهديدات جديدة، والتي أثرت بالتأكيد على المشاركة الكردية في الحكومة الجديدة في العراق».
وبينت أن «ملف كيفية إدارة الموارد الطبيعية في الإقليم يتصدر الخلافات البينية للحزبين الكرديين، ومن المعروف أن هذه القضية هي في الأساس أحد موضوعات الصراع بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية من جانب آخر، إذ تصر الحكومة الاتحادية وفقا لمواد وتفسيرات للدستور على بسط السلطة الاتحادية، ويرى الإقليم خلاف ذلك استنادا إلى مواد أخرى للدستور، وفي الفترة الأخيرة تلاشت النظرة المشتركة الكردية لإمكانية اتفاق الجانبين على رؤية كردية في حكومة العراق المقبلة، ومن ضمنه التعامل مع ملف إدارة الطاقة والتعامل مع قرار المحكمة الاتحادية القاضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لإقليم كردستان».
الأزمة التي يشهدها البيت الكردي تأتي مكمّلة لأزمات مشابهة تعصف بالسنّة والشيعة، المنقسمين بين فريقين «إنقاذ وطن» و»الإطار التنسيقي»، كُلٌّ منهما يبغي السيطرة على دفّة الحكم في البلاد.
ووسط تصريحات سياسية متباينة بشأن إمكانية توصل الفريقين إلى حلٍّ لحالة «الانسداد السياسي» السائدة، قطع التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، أيّ آمال في ذلك.
ونفى «التيار» إجراء لقاءات سياسية مع «الإطار التنسيقي» تخص التشكيل الحكومي، مؤكداً تمسكه بتحالفه الثلاثي «إنقاذ وطن» مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، و»السيادة» السنّي، بزعامة خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي.
وجاء ذلك في بيان مشترك لكل من حسن العذاري، رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي، واحمد المطيري، رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري.
وذكر البيان: «تداول بعض وسائل الإعلام تصريحات وتسريبات عن بعض القيادات التابعة للإطار التنسيقي مفادها أن الثامن والعشرين من شهر رمضان سيكون انفراجه وحصول اتفاق بين التيار الصدري والإطار التنسيقي فيما يخصّ تشكيل الحكومة المُقبلة». وردّاً على ما وصفها البيان بـ»الاكاذيب»، أوضح أن «الغرض من تلك الأكاذيب المستمرّة هي لأجل زعزعة التحالف الثلاثي (إنقاذ الوطن)؛ ونقول لهم إنّه تحالف صلب لن تزعزعه أمثال هذه التّرهات والادعاءات وندعوهم إلى عدم تكرار ذلك».
وأضاف: «مُنذ إعلان السيد مقتدى الصدر مهلة شهر رمضان وما بعده وإلى هذه اللحظة لا يوجد بيننا وبين الإطار التنسيقي أي تفاهمات سياسية أو لقاءات؛ وما زلنا نقول بحكومة الأغلبيّة الوطنية فيما يخص تشكيل الحكومة المقبلة».