العتبة الحسينية المقدسة :
بداية الفاجعة جاء شهر رمضان من سنة أربعين للهجرة يحمل بين أحداثه أعظم فاجعة مرت على المسلمين بعد فقد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم هذه الفاجعة التي خطط لها أشقى الأشقياء عبد الرحمن بن ملجم المرادي (لعنه الله) في مكة مع نفر من أصحابه الخوارج الذين تعاهدوا أن يقتلوا كلاً من أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه ومعاوية ابن أبي سفيان وعمرو بن العاص (لعنهما الله)، فكان الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه من حصة الشقي ابن ملجم (لعنه الله) الذي تكفل بإطفاء شمعة حياته. رموز النفاق التي اشتركت في تلك الجريمة فانصرفا من عندها، فلبثا أياما ثم أتياها، ومعهما وردان بن مجالد، الذي كلفته مساعدة ابن ملجم (لعنه الله)، وذلك في ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربعين. أحداث الليلة التي استشهد فيها أمير المؤمنين عليه السلام أشدد حيازيمك للموت (خصائص الأئمة للشريف الرضي: ص63.) وروى أنه لما دخل شهر رمضان كان أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه يتعشى ليلة عند الحسن وليلة عند عبد الله بن العباس فكان لا يزيد على ثلاث لقم فقيل له في ليلة من الليالي ما لك لا تأكل؟ فقال: يأتيني أمر ربي وأنا خميص إنما هي ليلة أو ليلتان فأصيب(روضة الواعظين للفتال النيسابوري: ص135 ـ 136.). حمل الإمام عليه السلام إلى داره بعد ضربه فنادت أم كلثوم عبد الرحمن بن ملجم يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين قال: إنما قتلت أباك، قالت يا عدو الله إني لأرجو أن لا يكون عليه بأس قال لها فأراك إنما تبكين عليه والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم. وأخذ ابن ملجم فأدخل على علي، فقال أطيبوا طعامه، وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا ولي دمي، عفو أو قصاص، وإن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين. اشتراك آل أمية في قتل الإمام عليه السلام لم تكن مؤامرة قتل الإمام صلوات الله وسلامه عليه مقتصرة على الخوارج فحسب بل أن بني أمية كان لهم الأثر الفاعل في التخطيط والتمويل والتأسيس لهذه الحادثة الرزية التي أصيب بها الإسلام واستفاد منها أهل النفاق والكفر، وعلى هذه المشاركة الأموية في قتل الإمام أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه توجد شواهد عديدة منها: ألا أبلغ معاويـة بـن حـرب ومعنى هذه الأبيات أن معاوية هو الذي فجع المسلمين بقتل الإمام الذي هو خير الناس، فهو مسؤول عن إراقة دمه، ومن الطبيعي أن ابا الأسود لم ينسب هذه الجريمة لمعاوية إلا بعد التأكد منها، فقد كان الرجل متحرجا أشد التحرج فيما يقول(حياة الإمام الحسين عليه السلام للشيخ باقر القرشي: ج2، ص103 ـ 109.). ثالثا: افتخار بعض الأمويين عندما أدخلوا السبايا في مجلس يزيد بن معاوية لعنه الله بقوله: نحن قتلنا عليا وبني علي فهو أوضح دليل على أن للأمويين يداً طولى في قتل سيد الوصيين صلوات الله وسلامه عليه. بكاء السماء دما لفقد سيد الأوصياء عليه السلام قال ابن عباس: (لقد قتل أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه بالكوفة فأمطرت السماء ثلاثة أيام دما)( مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: ج2، ص170.). بعض وصاياه عليه السلام قبل استشهاده ذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه وأبو الفرج الاصبهاني في مقاتل الطالبيين. هذا ما أوصى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين أوصيكما بتقوى الله وأن لا تبغيا الدنيا وإن بغتكما ولا تأسفا على شيء منها زوي عنكما وقولا بالحق واعملا للأجر للآخرة وكونا للظالم خصما وللمظلوم عونا أوصيكما وجميع ولدي وأهل بيتي ومن بلغهم كتابي هذا من المؤمنين بتقوى الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول صلاح ذات البين أفضل من عامه الصلاة والصيام وأن البغضة حالقة الدين ولا قوة إلا بالله انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب والله الله في الأيتام لا تغيروا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم فإني سمعت رسول الله صلى الله عيه وآله وسلم يقول من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله له الجنة كما أوجب لأكل مال اليتيم النار والله الله في القرآن فلا يسبقكم إلى العمل به غيركم والله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم والله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا وإن أدنيما يرجع به من أمه أن يغفر له ما سلف من ذنبه والله الله في الصلاة فإنها خير العمل وإنها عمود دينكم والله الله في الزكاة فإنه تطفئ غضب ربكم والله الله في صيام شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم فإنما يجاهد في سبيل الله رجلان إمام هدى ومطيع له مقتد بهداه والله الله في ذرية نبيكم فلا يظلمن بين أظهركم والله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا ولم يؤووا محدثنا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بهم ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤوي للمحدث والله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم والله الله في النساء وما ملكت أيمانكم فإن آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن قال أوصيكم بالضعيفين نسائكم وما ملكت أيمانكم، ثم قال الصلاة الصلاة ولا تخافن في الله لومة لائم يكفكم من أرادكم وبغي عليكم قولوا للناس حسنا كما أمركم الله عز وجل ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي الله الأمر شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم عليكم بالتواصل والتباذل والتبار وإياكم والتقاطع والتدابر والتفرق وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم واستودعكم الله خير مستودع وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته(أعيان الشيعة للعاملي: ج1، ص533.). درر من أقواله صلوات الله وسلامه عليه 1. آفة الأمانة الخيانة. |