DW :
تطوع مئات الآلاف من الأوكرانيين للدفاع عن بلدهم أمام الغزو الروسي معتبرين أن هذا التطوع هو لحماية حريتهم وحرية ذويهم. فكيف هي ظروف عمل المتطوعين المتواجدين بضواحي العاصمة كييف وماهي الوحدات التي ينتمون إليها؟
من بيع الأثاث إلى القنابل اليدوية
أحد المقاتلينفي وحدات الدفاع الإقليمي في كييف يدعى “تورنادو” وهو اسم مستعار اختاره بدلا عن اسمه الحقيقي لأسباب أمنية. عام 2014 وقبل بدء القتال في دونباس انتقل ابن الـ 35 عاما من لوهانسك إلى كييف، حيث لمع اسمه في تجارة الأثاث لكن وبعد تعرض العاصمة الأوكرانية لأول قصف جوي على يد القوات الروسية في 24 فبراير/ شباط تطوع للقتال للدفاع عن المدينة.
ويوضح تورنادو بالقول “أنا غاضب لأن بعض الغرباء يريدون استعبادي. أنا لست عبدا أنا حر. لم يبق لي من خيار سوى تخزين الطعام لزوجتي وابني ولحيواناتي الأليفة وحمل الرشاش والذهاب لسحق الغزاة”، والكلام للأوكراني الشاب.
تورنادو لم يتعلم استخدام السلاح إلا في عين المكان على يد أصحاب الخبرة من المقاتلين.
ويقول بهذا الخصوص “لم يكن هناك نظام في البداية. كنا نظل بالخارج ليل نهار وننام على الإسمنت. وكان الأشخاص الذين يمتلكون خبرة في القتال يتقاسمون الطعام المعلب مع أشخاص مبتدئين مثلي. لقد علمونا استخدام إطلاق النار وحفر الخنادق وتنظيم الدفاع”.
و بسبب البرد المستمر بدأ جلد وجه تورنادو وجسمه يتقشران، كما أن قلة مرافق الاستحمام كانت تشكل أيضا مشكلة.
سبعة من المتطوعين لم يتمكنوا من تحمل الوضع وغادروا وحدة الدفاع الإقليمي، لكن تورنادو صمد والآن هو مكلف بحراسة “منشأة استراتيجية” وبات يتوفر على مكان دافئ للنوم فيه.
ويوضح تورنادو الوضع بالقول “لم تعطنا القوات المسلحة الأوكرانية في البداية سوى أكياس نوم وملابس داخلية. وكل شيء كان بجودة ممتازة. وفقط ابتداء من 3 مارس/ آذار أصبح لدينا زي عسكري كامل وقبلها كنا نرتدي ملابس مدنية. أيضا أصبح الآن لدينا طبيب والكثير من الأدوية ومخزون من الجوارب وأشياء أخرى. لكن لا يزال هناك نقص في القفازات والسترات الواقية من الرصاص والخوذات”.
التطوع في وحدات الدفاع الإقليمية
قبل اندلاع الحرب، كان أولكسندر كولوت البالغ من العمر 40 عاما يعمل في شركة برمجيات. في صباح يوم 24 فبراير/ شباط أيقظه صوت الانفجارات، ليتوجه في نفس اليوم إلى الإدارة لتسجيل نفسه للقتال كمتطوع لكنه وجد المكتب مغلقا. وسمع من الناس المجتمعين هناك أن القوات الروسية من المتوقع أن تتوغل في منطقة أوبولوت شمالي كييف.
كما سمع أيضا أن السلطات ستوزع الأسلحة على سكان العاصمة في الشارع مباشرة. ومع ذلك رفض الانتظار وانضم إلى مجموعة من الرجال بزي مدني، كانوا يبنون حواجز. وقام طوال الليل بحفر الخنادق معهم، وبعدها تحول إلى عنصر من عناصر الدفاع الإقليمي.
ويقول أولكسندر “في البداية كنا وحدنا ثم التحق بنا رجال وقعوا عقودا مع وحدات الدفاع الإقليمي، وتمكن الباقون منا بعد أسبوعين من توقيع عقود مع وحدات الدفاع الإقليمي بعد إرسال قائد لنا مرتبط بالقوات المسلحة”.
وحسب أولكسندر فإن المتطوعين في وحدات الدفاع الإقليمي بخلاف الجنود التابعين للقوات المسلحة الأوكرانية، لا يحصلون على أي رواتب ويمكنهم فسخ عقودهم في أي وقت. ويتابع أولكسندر: “كان من الصعب في البداية التعود على حقيقة أنه لا يمكنك النوم إلا عندما تتاح لك الفرصة وليس عندما تريد ذلك. لكني اعتدت على ذلك الآن”.
أصبح أولكسندر يرتدي الآن زي القوات المسلحة الأوكرانية، لكن السترة الواقية من الرصاص اشتراها على حسابه الخاص. و يقدر بشدة مساعدة المدنيين الذين بقوا في كييف، حيث يقومون بجلب الشاي والقهوة لرجال الدفاع الإقليمي. كما أن المتطوعين قاموا بإنشاء مطبخ ميداني يقدمون من خلاله الطعام للجنود أيضا.
ويوضح أولكسندر قائلا “في الوحدة التي أتواجد بها ، معظم الرجال يملكون خبرة قتالية وقاتلوا ضد الروس في دونباس. بعضهم أتى من خيرسون، والبعض الآخر من أوديسا. وحتى مع وجود اختلافات في بعض الآراء السياسية فإننا جميعا هنا مثل الإخوة .
“الجميع في الخطوط الأمامية”
أخطر المواقع في كييف هي تلك الموجودة في الشمال الغربي، في ضواحي بوتشا وهوستوميل وإربين، حيث يدور قتال عنيف. وأمس أعلن عمدة إربين أن القوات الأوكرانية استعادت السيطرة على الضاحية القريبة من كييف من الجيش الروسي.
ويقول يوري كولاتشك البالغ من العمر 62 عامًا، وهو رائد احتياطي في جهاز حماية الحدود: “الجميع في الخط الأمامي للجبهة القوات المسلحة والحرس الوطني وحرس الحدود والدفاع الإقليمي والشرطة وجهاز الأمن في أوكرانيا، وضباط المخابرات ووحدات المتطوعين. ومن بينهم شباب لا يعرفون المدافع الرشاشة سوى من الدروس العسكرية التي تلقوها في جامعاتهم. ويريدون أن يكونوا جنبا إلى جنب مع المقاتلين من ذوي خبرة على أرض المعركة”.
قبل الحرب كانت لدى كولاتشك شركة تعمل في مجال الغرانيت لمدة عامين وسبق له أن دافع عن أوكرانيا في دونباس ثم ترك الخدمة. لكن بعد بدء الغزو الروسي عاد إلى وحدته. وهو الآن يدافع عن ضواحي كييف بالقرب من طريق غيتومير السريع الغربي.
وعن ذلك يقول كولاتشك “نحن الجنود نستمد الدعم من أولئك المدنيين الذين ينزلون إلى الشوارع للاحتجاج على الغزاة في تشيرسون وميليتوبول وبيرديانسك. كما تحمسنا شجاعة اللاجئين من هوستوميل المحتلة. كما أن المدنيين يتخذوننا كمثال في محاربتنا للروس. وبذلك نمد بعضنا البعض بالكثير من القوة والطاقة إنه أمر لا يوصف”.
وكدليل على الروح القتالية العظيمة كما يقول كولاتشك، هو أن كل من تركوا الخدمة العسكرية معه في عام 2016 عادوا الآن للتطوع للقتال بغض النظر عن عمرهم.
ألكسندر سافيتسكيش/هـ.د