بيروت : «الشرق الأوسط» :
جريمة قتل جماعية في جنوب لبنان الضحية امرأة وبناتها الثلاث
وقعت جريمة قتل جماعية ذهبت ضحيتها سيدة وبناتها الثلاث من عائلة صفاوي، في ظروف غامضة وتضاربت المعلومات حول أسبابها رغم إعلان القوى الأمنية القبض على مشتبه به أرشد القوى الأمنية إلى مغارة دفنت فيها الضحايا في منطقة قريبة من بلدتهن أنصار في جنوب لبنان.
وتضاربت المعلومات حول أسباب الجريمة، إذ ذكرت وسائل إعلام أن سبب القتل شخصي، فيما أشارت مصادر أخرى إلى أن الهدف هو تجارة الأعضاء، لكن مصدرا أمنيا أبلغ «الشرق الأوسط» أنه لا فرضيات ثابتة بعد، خصوصا أنه لم يتم استخراج الجثث بعد لتشريحها ومعرفة ملابسات الجريمة، مستبعدة فرضية الاتجار بالأعضاء لكونها تحتاج إلى إجراءات لا يبدو أنها متوفرة. وأكد المصدر أن الموقوف لم يعترف بالقتل أو المشاركة به، مبلغا القوى الأمنية أنه أوصل الضحايا إلى المغارة ولم يعرف شيئا عنهن بعد ذلك. وقالت إن المشتبه به «غير متعاون»، مشيرة إلى استمرار التحقيق معه، كما البحث عن شركاء آخرين، بينهم سوري فر إلى بلاده بعد وقوع الجريمة.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بوقوع الجريمة التي هزت بلدة أنصار ومنطقة الجنوب، موضحة أن الفتيات الثلاث اللواتي خرجن برفقة والدتهن، وهي طليقة مختار البلدة زكريا صفاوي، فقدن منذ 25 يوما، في حين أظهرت التحقيقات أن عائلة صفاوي كانت برفقة ابن بلدتهم حسين فياض. وبعد إبلاغ المختار الجهات الأمنية باختفاء عائلته، أجرى فرعا مخابرات الجنوب والنبطية تحقيقات واسعة أدت إلى توقيف فياض الذي «اعترف بعملية القتل الجماعية».
واستكملت صباح أمس عمليات التفتيش، وبعد تحديد المنطقة، عثر على الجثث الأربع، وتوجهت إلى المكان سيارات الإسعاف، في حين تعمل وحدات من الأدلة الجنائية ومخابرات الجيش على الكشف عليها.
وذكرت وسائل إعلام لبنانية أن الجيش اللبناني عثر على الجثث داخل مغارة مهجورة بين أنصار والزرارية، وهي تقع بالقرب من منزل عم المُشتبه به والموقوف حسين فياض.
وعلى أثر ذلك، أصدرت عائلة فياض في بلدة أنصار، بيانا أعلنت فيه «استنكارنا الشديد للجريمة النكراء التي تعرضت لها عائلة المختار زكريا صفاوي»، وأكدت أنه «في حال اتضاح أي مسؤولية على المدعو حسين جميل فياض بالجريمة النكراء تبرئتها بالكامل منه»، مطالبة السلطات القضائية بـ«إنزال أشد العقوبات بحقه».
الشرق الاوسط
٢٦ مارس ٢٠٢٢
اقرا ايضا :
مذبحة أنصار… لا لربط اختفاء النساء بالمشكلات العائلية ولمحاسبة المهملين
النهار :
ما حصل منذ أمس بتسليط الضوء المكثّف على اختفاء أثر فتيات عائلة صفاوي ووالدتهن، كان يجب أن يحصل منذ اليوم الأول لاختفائهن. منذ 2 آذار الفائت، ولا بعد التيقّن من وقوع الجريمة وتحوّل المفقودات جثثاً يجهد الطبيب الشرعي لتقفي أثر ما حلّ بها في مغر ليال جنوبية ظلماء عاصفة
باسمة علي عباس، وبناتها ريما وتالا ومنال صفاوي، ضحايا مذبحة ارتكبت ببرودة، واستدعى القضاء المشتبه في تنفيذها للتحقيق قبل أن يُخلى، ويهرب الى سوريا، فيُستدرج مجدداً الى لبنان.
الأكيد أنهنّ لسن ضحايا هذا المجرم فقط. حقيقة الإهمال لا يمكن إنكارها ولا تبريرها، لاسيما مع ترجيح أن تكون الجريمة ارتكبت في النطاق الجغرافي للبلدة.
يحدث أن يترك كثير من قضايا اختفاء النساء تحديداً شيئاً من التريّث في التعاطي معها، نتيجة الموروثات، فتحضر فرضيات “الخطيفة” والمشاكل العائلية وغيرها في أجندة الأمن والقضاء والاعلام في آن واحد. ويحدث أن يصبح التريّث مضاعفاً حين تكون القصة آتية من الأطراف، وحين تعمل العائلة على الابتعاد عن الاعلام، من باب “كفّ الفضائح”!
أذكر جيّداً أنه مع نشرنا خبر اختفاء الشقيقات ووالدتهن وبالاشارة الى موضوع عائلي وفقاً لرواية مصدر أمني، اتّصل والد الفتيات محتجاً على معلومات وردت فيه وطالباً إزالتها. وكان يجهد لإبعاد صبغة وجود إشكال عائلي عن القضية، في حين كانت مصادر أمنية تتمسك بهذه الرواية التي قيل لاحقاً أن الجاني استخدمها لتضليل التحقيق.
في بلدنا، تفاخر أجهزة أمنية بتمكنها من إعادة طفل مخطوف في أقل من 24 ساعة، وبكشف جريمة قتل رجل أعمال في ساعات، ناهيك عن الإنجازات بإحباط مخططات “داعشية”.
ما لا نفهمه حقاً، كيف لاختفاء 4 نساء أن يحصد كل هذا التلكؤ والاهمال. والمخيف أن المشتبه فيه الرئيسي بارتكاب الجريمة حقق معه في القضاء وترك وهرب الى سوريا قبل أن يستدرج الى لبنان، فيما كان مصير المختفيات لا يزال مجهولاً. هل توضح القاضية التي يزجّ باسمها في محضر الاهمال؟ هل يوضح القضاء حيث يجب أن يوضح؟ وهل يفعل الأمن الشيء نفسه؟ هل هناك مربعات أمنية تشعر فيها الأجهزة بعدم جدوى الحراك الفاعل بوجود قوى أمر واقع أمنية؟ وأين العيون التي تزعم السهر في الأودية والمغر حيث وجدت الجثث؟
هل صحيح أن المجرم نفّذ جريمته بكل برودة؟ وما الدوافع الحقيقية للجريمة؟ هل قتلهن مرة واحدة؟ هل شاهدت الأم بناتها يقتلن؟ أم شاهدت الفتيات أمهن تقتل؟ ربما تجد الأسئلة الأخيرة إجابات في الساعات الآتية بعد الاستنفار الاعلامي-الأمني، لكن عبَر الجريمة ستبقى ماثلة الى الأبد. لا للاستخفاف بقضايا اختفاء النساء ولا الرجال. ولا لطمرها من باب لصقها بموضوع الشرف والقضايا العاطفية. و”اللا” الأهم هي لغياب محاسبة الفاعلين، والمهملين أياً كانوا.
من المتوقع أن تشيّع باسمة، وريما، وتالا، ومنال، يوم الأحد الى مثواهنّ الأخير في بلدة أنصار. لأرواح المغدورات سلام الله وعدالة السماء.
هذه جريمة لا تشبه جرائم كثيرة، ويجب أن نحوّلها درساً لنا جميعاً في التعاطي مع قضايا الاختفاء لحماية من أمكن مستقبلاً.
لا تبارحني صورة القاتل وهو يفاخر بقتل الحيوانات وعرضها ميتة بسادية على مواقع التواصل. للمجرمين آثار يمكن أن تقتفى قبل حصد المزيد من الأرواح لو طبقت القوانين من صغيرها الى كبيرها.
النهار