Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

جامعة إيطالية : لا تقرأوا لدستويفسكي وتولستوي فهما روسيان!

 شفقنا :

(منيب السائح)

لا تقرأوا لدستويفسكي وتولستوي فهما روسيان !

قررت إحدى الجامعات فى إيطاليا وقف المحاضرات عن أعمال الروائي الروسي فيدور ديستويفسكي، فيما قامت مقدمة البرامج الحوارية الأمريكية الشهيرة أوبرا وينفرى بإزاحة رواية “الحرب والسلام” للروائي الروسي ليو تولستوي من مكتبتها، والسبب هو الحرب الاوكرانية.

هذا الفعل، لو حصل في اي مكان في العالم غير الغرب، لكان فاعله قد تم اخراجه من دائرة التحضر والعقلانية والثقافة، وحُكم عليه بالهمجية والجهل والتعصب والتخلف، لانه أتى بفعل منكر لا يمكن تبريره مهما كانت الاسباب، فهو يتعارض مع بديهية مقدسة في الحضارة الغربية وهو بديهية “الحياد وعدم تسييس الثقافة” التي تعتبر إرثا عالميا لكل الامم والشعوب.

التصرف الفضائحي للغرب مع عمالقة الادب الروسي مثل دستويفسكي وتولستوي، والذي يعتبر نتاجهم الادبي، إرث انساني يتجاوز الحدود الجغرافية، ويتمرد على العلائق القومية والعرقية، ليسبح في فضاءات الانسانية الرحبة، أعاد للأذهان قمع ومقاطعة الانظمة النازية والفاشية، للادباء والشعراء والفلاسفة والمفكرين والفنانين والرياضيين، لا بسبب مضمون نتاجهم الادبي والفكري، بل بسبب قوميتهم و ديانتهم .

النظرة الى آداب الشعوب من زاوية قومية ودينية وجغرافية وسياسية، طالما كانت وصمة عار على جبين الانظمة التي كانت تقيم حفلات احراق كتب الادباء والشعراء والفلاسفة والمفكرين، على خلفية ديانتهم وقوميتهم .

بعد الحرب العالمية الثانية، رفع الغرب لواء “رفض تسييس و أدلجة الثقافة والرياضة وكل نشاط انساني آخر”، حتى وصل الامر الى ان يتم معاقبة وحرمان كل رياضي عربي او مسلم أو حر، في العالم يرفض منازلة رياضي اسرائيلي، بسبب الظلم الذي تمارسه اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، انطلاقا من مبدأ فصل الرياضة عن السياسة، حتى انه تم حرمان الاف المتفرجين من حضور ملاعب كرة القدم، لرفعهم شعارات وعلامات، ترمز الى قضايا سياسية او دينية.

الغرب الذي نجح في فرض رؤيته هذه على العالم، سقط سقوطا مدويا، عند اول امتحان داخل جغرافيته، بسبب الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا، حيث تنكر الغرب لكل شعاراته ومبادئه و”بديهياته المقدسة”، عن عدم تسييس الثقافة والادب والرياضة، حيث لم يقم بحرمان روسيا من المشاركة في المسابقات الرياضية فحسب، بل قام وبأثر رجعي بالتنكر لادباء روس ماتوا قبل اكثر من 100 عام، فقط لكونهم يشاركون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوميته!!.

اللافت ان الجهات التي تطوعت في الغرب للتحريض على الادب الروسي ومنعت قراءته ، ليست احزاب قومية اومتطرفة ، بل هي جامعات اوروبية، و”نجوم” الاعلام الأمريكي، تدعي إنفتاحها على العالم،  وترفع شعارات التعددية وحرية التعبير، وتقدم نفسها على انها متحضرة، ومحايدة، إلا انها أثبتت وبالدليل القاطع، ان الغرب كان ينافق العالم طيلة اكثر من 70 عاما، فشعار الغرب  حول “عدم تسييس الثقافة” يبدو انه شعار يُرفع في وجه العرب والمسلمين وباقي شعوب العالم الثالث حصرا، ولا تطبيقات له في الغرب نفسه، فالتحريض على الادب الروسي في الغرب هذه الايام، هو تأكيد على هذه الحقيقة المرة.