الناصرة-“رأي اليوم” :
قالت دراسةٌ جديدةٌ صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ التابِع لجامعة تل أبيب، قالت إنّ الولايات المُتحدّة ترفض علنًا، المفاوضات مع روسيا، لكنها تسمح بمفاوضات ثنائية بين روسيا وأوكرانيا، وكذلك بمحاولات الوساطة، وضمنها ما يقوم به رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت.
وتابعت الدراسة، التي أعدّها الباحِث أودي ديكل، أنّه “من المستبعد أنْ تؤدي هذه المفاوضات الثنائية إلى وقف إطلاق النار. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين خاض هذه الحرب لتغيير قواعد اللعبة بين القوى العظمى، وليعيد إلى روسيا موقعها كقوة عظمى، وليعيد أيضًا أوكرانيا إلى موقعها الطبيعي بالنسبة إليه – دولة برعاية روسية”، كما قال.
وتابع أنّه “على ما يبدو، أنّه كلّما ازدادت الصعوبات في الدفع قدمًا نحو تحقيق الأهداف العليا في الصراع مع الغرب، وكلّما تعرقلت الخطط الحربية الروسية، يبدو بوتين أكثر استعدادًا لإجراء مفاوضات مع القيادة الأوكرانية، الفاقدة للشرعية، في نظره”.
وأوضح الباحث ديكل، أنّ “روسيا تطرح مطالب لوقف إطلاق النار: وقف المقاومة العسكرية الأوكرانية؛ الاعتراف بشبه جزيرة القرم كدولة مستقلة؛ الاعتراف بجمهوريات الانفصاليين في دونيسك ولوجانسك كدول مستقلة؛ تعهُّد أوكراني منصوص عليه في الدستور، بالحياد وعدم الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي؛ نزع سلاح الجيش الأوكراني”.
علاوةً على ذلك، لفت الباحث الإسرائيليّ إلى أنّه “بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فإن مرحلة “نهاية اللعبة” يجب أنْ تستند إلى تفاهمات روسية – أوكرانية، من دون مقابل كبير لروسيا إلّا تخفيف العقوبات، وتحديدًا، من دون تنازلات في مجال انتشار قوات الناتو”.
كما شدّدّ على أنّه “من المهم لواشنطن أنْ تثبت أنّ لدى الناتو القوة والإرادة، كما التصميم على الدفاع عن كل شبر من أراضي الدول الشريكة فيه، كما تعهد الرئيس بايدن. لكن، في ظل انعدام الرغبة في منح بوتين أي إنجاز من طرف الناتو والولايات المتحدة، فإنّه مرغم على إدارة المفاوضات خلال القتال على أمل تحقيق أهدافه”.
لذلك، مضى الباحِث الإسرائيليّ قائلاً “يستمر الجيش الروسي في جهوده لمحاصرة العاصمة كييف، بموازاة محاولات مستمرة لاستهداف الرئيس فولوديمير زيلينسكي ذاته، فصل أوكرانيا عن البحر الأسود، السيطرة كليًا على المناطق الشرقية التي تم إعلان استقلالها من موسكو؛ واحتلال مدن رئيسية في أوكرانيا”.
وأكّد أنّه “إن لم يكفِ هذا، ولم يستجب الغرب بالإيجاب لمطالب بوتين منه، فمن المتوقع أنْ يصعّد الهجوم العسكري على مدن أوكرانية واحتلالها، والسيطرة على مفاعلات طاقة نووية – تضاف إلى ما تمت السيطرة عليه فعلاً، بهدف قطع الكهرباء عن الدولة، وهو ما سيعزز المخاوف من خطر تسرّب إشعاعات نووية، وكذلك التهديد باستعمال أسلحة غير تقليدية – كيميائية ونووية”، على حدّ تعبيره.
و”من المهم الإشارة”، أكّد الباحث، “إلى أنّ روسيا رفعت درجة التأهب النووي. وفي عقيدتها النووية من سنة 2020، جرى الحديث عن أنّها ستبحث في الاستعمال الأول للسلاح النووي في ظروف “هجوم غير تقليدي يهدد وجود الدولة”.
وشدّدّت الدراسة على أنّه “في هذه المرحلة، روسيا بعيدة عن الانهيار (يُشار إلى أنه لا يوجد أي دولة نووية تعاملت مع احتمال انهيارها بسبب ضغوط اقتصادية وسياسية)، وهذا هو السبب الذي من أجله تم رفض كافة الاقتراحات التي جرى طرحها في الغرب، وتدفع باتجاه محاولة إسقاط بوتين عن الحكم”.
بالإضافة إلى ما ذُكِر أعلاه، لفت الباحث، الذي نقلت دراسته للعربيّة (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة)، لفت إلى أنّه “على الرغم من طموح الولايات المتحدة وحلفائها “لتركيع بوتين”، عليهم دراسة تداعيات استمرار القتال بسبب تراكُم حالات استهداف المدنيين في أوكرانيا، وأيضًا بسبب احتمال اتساع رقعة الحرب خارج حدود أوكرانيا، وانزلاقها إلى حرب غير تقليدية”.
كما أوضح أنّ “الهدف الأساسي الذي وضعته الولايات المتحدة أمامها في هذا الوقت هو خسارة روسية ثقيلة: سياسية وعسكرية واقتصادية بسبب الحرب على أوكرانيا، لردع بوتين مستقبلاً. لكن، كلما ازدادت خسائر بوتين، كلما ازداد تمسكًا بأهدافه وكان تقديمه للتنازلات أصعب”.
وخلُص إلى القول إنّ “النتيجة المحتملة ستكون استمرار الحرب، مع تصاعُد احتمالات ومخاطر التصعيد ووصولها إلى مراحل لا يريدها أيّ من الطرفين. لذلك، على الولايات المتحدة استباق نقطة التحول في فقدان السيطرة على الوضع، والدفع قدمًا بحوار مع روسيا بهدف إنهاء الحرب ومنع استمرارها. وعلى واشنطن والناتو إدارة الصراع بحكمة، لمنع تكرار أحداث مشابهة، ووقف الانزلاق نحو حرب عالمية ثالثة”، على حدّ قول الدراسة الإسرائيليّة.