"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

الإمام محمد الجواد (عليه السلام) عند علماء أهل السنة والجماعة

ابنا :

يوافق 10 من شهر رجب الأصب ذكرى ولادة الإمام محمد بن علي الجواد (ع)، وفي هذه المناسبة العطرة نسلط الضوء على مكانة هذا الإمام عند علماء أهل السنة والجماعة.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ الإمام محمد الجواد بن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، هو الحديث عن سر الروح في آفاقها الواسعة الصافية النقية المنفتحة على الله عز وجل، وعمق الإنسانية المتحركة بالخير والحق والعدل كله.

ومعنى الحكمة في مواجهة حركة الواقع في سلبياته وإيجابيات، وشمولية العطاء في رعاية المحرومين من حوله، وسموّ الأخلاق الّتي تحتضن كل مشاعر الناس بكل اللهفة الحانية في مشاعرها، وتتحرك في مواقع العصمة في سلوكه في نفسه ومع ربه ومع الناس ومع الحياة. هو تاسع أئمة أهل البيت عند الشيعة الإثني عشرية، واستمرت إمامته 17 سنة.

ولد في العاشر من شهر رجب استشهد (عليه السلام) في بغداد، وله 25 سنة على يد المعتصم العباسي؛ وعليه كان أقل أئمة أهل البيت (عليهم السلام) سِنّاً حينما استشهد، ودفن في الكاظمية إلى جوار قبر جدّه موسى بن جعفر (عليهما السلام).

أما مناقبه لا تخفى على المؤمنين من الشيعة والسنة وفي هذه الوجيزة نتحدث عن هذه الشخصية العملاقة العظيمة من كتب أهل السنة:

مناقبه عليه السلام عند علماء السنة:

1 ـ أبو عثمان عمرو بن بحرٍ الجاحظ (ت : 250 هـ):

ذكر الإمام الجواد (عليه السلام) عند مدحه لعشرة من الأئمّة في كلام واحد، عند ذكْره الردّ على ما فخرتْ به بنو أميّة على بني هاشم، فقال: (ومنِ الذي يُعَدُّ مِنْ قريش ما يَعُدُّه الطالبيّون عَشَرة في نسق؛ كلّ واحدٍ منهم: عالمٌ، زاهدٌ، ناسكٌ، شجاعٌ، جوادٌ، طاهرٌ، زاكٍ، فمنهم خلفاء، ومنهم مُرشّحون: ابن ابن ابن ابن، هكذا إلى عشرة، وهم الحسن [العسكري] بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام)، وهذا لم يتفق لبيتٍ من بيوت العرب، ولا مِن بُيوت العجم ) [1].

2 ـ محيي الدين ابن عربي السني (ت : 638 هـ):

قال في ( المناقب ): (وعلى باب الله المفتوح وكتاب الله المشروح ماهية الماهيّات ، مطلق المقيّدات، وسرّ السريّات الوجود، ظلّ الله الممدود، المنطبع في مرآة العرفان، والمنقطع مِن نيله حَبْل الوجدان، غوّاص بحر القِدم، محيط الفضل والكَرم، حامل سرّ الرسول، مهندس الأرواح والعقول، أديب مَعلمة الأسماء والشؤون، فهرس الكاف والنون، غاية الظهور والإيجاد، محمّد بن علي الجواد (عليه السلام) ) [2].

3 ـ محمّد بن طلحة الشافعي (ت : 652 هـ):

قال في كتابه ( مطالب السؤول ): (هذا أبو جعفر محمّد الثاني ، فإنّه تقدّم في آبائه (عليهم السلام) أبو جعفر محمّد وهو الباقر بن علي فجاء هذا باسمه وكنيته واسم أبيه، فعُرف بأبي جعفر الثاني، وهو وإنْ كان صغير السنّ فهو كبير القَدر، رفيع الذِّكر …).

ثمّ قال: ( وأمّا مناقبه فما اتّسعت حلباتٌ مجالها، ولا امتدّت أوقاتٌ آجالها، بل قضتْ عليه الأقدار الإلهيّة بقلّة بقائه في الدنيا بحُكمِهَا وأَنْجَالِهَـا، فقلّ في الدنيا مقامه، وعجّل القدوم عليه لزيارة حمامه، فلم تَطُل بها مدّته، ولا امتدّت فيها أيّامه ) [3] .

4 ـ سبط ابن الجوزي (ت : 654 هـ):

قال في ( تذكرة الخواص ): ( وكان على منهاج أبيه في : العلم، والتقى، والزهد، والجود) [4] .

5 ـ ابن أبي الحديد المعتزلي (ت : 655 هـ):

نقل ما تقدّم من كلام الجاحظ عند مدْحه لعشرة من أئمّة أهل البيت [5]  مقرّاً له عليه بدلالة قوله في أوّل البحث : (ونحن نذكر ما أجاب به أبو عثمان عن كلامهم، ونضيف إليه من قِبلنا أموراً لم يذكرها فنقول … ) [6].

6 ـ ابن تيميّة (ت : 728 هـ):

قال في (منهاج السنّة): (محمّد بن علي الجواد كان من أعيان بني هاشم، وهو معروف بالسخاء والسؤدد، ولهذا سمّي الجواد)[7] .

7 ـ شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت : 748 هـ):

قال في ( تاريخ الإسلام ): (محمّد بن الرضا علي بن الكاظم موسى بن الصادق جعفر بن الباقر محمّد بن زين العابدين علي بن الشهيد الحسين بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

أبو جعفر الهاشمي الحسيني، كان يلقّب: بالجواد، وبالقانع، وبالمرتضى، كان من سروات آل بيت النبي (ص) …، تُوفِّي ببغداد في آخر سنة عشرين [8]، شابّاً طريّاً له خمس وعشرون سنة، وكان أحد الموصوفين بالسخاء؛ ولذلك لُقّب بالجواد، وقبره عند قبر جدّه موسى، وقيل تُوفِّي في آخر سنة تسع عشرة، رحمه الله ورضي عنه، وهو أحد الأئمّة الاثني عشر الذين تدّعي الشيعة فيهم العصمة، وكان مولده في سنة خمس وتسعين ومئة) [9].

8 ـ صلاح الدين الصفدي (ت : 764 هـ):

قال في (الوافي بالوفيات): (محمّد بن علي هو الجواد بن الرضا بن الكاظم موسى بن الصادق جعفر رضي الله عنهم. كان يلقَّب: بالجـواد، وبالقانع، وبالمرتضى، وكان من سروات آل بيت النبوّة … وكان من الموصوفين بالسخاء؛ ولذلك لُقّب الجواد، وهو أحد الأئمّة الاثني عشر، ومولده سنة خمس وتسعين ومئة) [10].

9 ـ العلاّمة اليافعي (ت : 768 هـ):

قال في (مرآة الجنان) وقايع سنة عشرين ومئتين: (وفيها تُوفِّي الشريف أبو جعفر محمّد الجواد … أحد الاثني عشر إماماً الذين يدّعي الرافضة فيهم العصمة … وكان المأمون قد نوّه بذكره وزوّجه بابنته) [11] .

10 ـ ابن الصبّاغ المالكي (ت : 855 هـ) :

قال في (الفصول المهمّة): (قال صاحب كتاب مطالب السؤول في مناقب آل الرسول، هو أبو جعفر الثاني … وإنْ كان صغير السنّ فهو كبير القدر، رفيع الذكر، القائم بالإمامة بعد علي بن موسى الرضا) [12].

والحاصل:

وبهذه الكرامات التي يذكرها علماء أهل السنة للامام الجواد (عليه السلام) فلابد للتاريخ ليحني رأسه أمام عظمة هذا الامام، ويقف أمامه خاشعاً مبهوتاً لدوره الإسلامي الكبير وتضحياته الجمّة الجسيمة في سبيل العقيدة والمبدأ، وها نحن ذكرنا اليسير مما يشير إلى هذه الشخصية العملاقة العظيمة من كتب أهل السنة وما ذكرعلمائها.

[1] . رسائل الجاحظ : 106 ، جمعها ونشرها حسن السندوبي ، المكتبة التجاريّة الكبرى ، مصر .

[2] . شرح إحقاق الحقّ للسيّد المرعشي : 29/21 ، عن ( المناقب ) المطبوع في آخر ( وسيلة الخادم ) لابن روزبهان الأصبهاني : 296 ، ط . قم .

[3] . مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : 2/ 140 ـ 141 .

[4] . تذكرة الخواص : 321 ، مؤسّسة أهل البيت ، بيروت .

[5] . نقله في ( شرح نهج البلاغة ) : 15 / 278 ، دار الكتب العلميّة ، المصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربيّة .

[6] . نقله في ( شرح نهج البلاغة ) : 15 / 278 ، دار الكتب العلميّة ، المصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربيّة .

[7] . منهاج السنّة : 4 / 68 ، بتحقيق الدكتور محمّد رشاد سالم ، الطبعة الأولى ، 1986م .

[8] . أي مئتين وعشرين .

[9] . تاريخ الإسلام : حوادث وفيّات : 211 ـ 220 ، ص385 ، ترجمة رقم : 372 ، دار الكتاب العربي .

[10] . الوافي بالوفيّات : 4/ 105 ، ترجمة رقم : 1587 .

[11] . مرآة الجنان : 2 /60 ، دار الكتب العلميّة .

[12] . الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة : 253 ، دار الأضواء .

بقلم:  السيد مسلم الموسوي