لندن- “القدس العربي”:
تعتقد الأوساط الإسبانية في الوقت الراهن أن رهان المغرب على توظيف ملف المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية لمواجهة إسبانيا في ملف الصحراء الغربية، رغم محاولات التفاهم ومنها دعوة الحوار التي وجهها العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس إلى الرباط لإرساء علاقات حوار متينة.
وتناولت هذا الموضوع وكالة أوروبا برس في مقال تحليلي لها هذا الأحد بعنوان “المغرب لا يخفف الضغط في الصحراء” مشيرة إلى أن المغرب يضيف سبتة ومليلية إلى التوتر المتنامي في العلاقات وفشل محاولات الحوار ومبادرات المصالحة. وتنسب للمغرب ممارسة الضغط على إسبانيا مقابل المصالحة، مستشهدة بتصريحات مسؤولين مغاربة من رئيس حكومة والناطق الرسمي باسم الحكومة الذين يطالبون بموقف واضح من إسبانيا في ملف الصحراء.
تبرز الوكالة سياسة المغرب الرامية، بعد الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، إلى مطالبة الدول بموقف واضح من هذا النزاع أي تأييد مغربية الصحراء، علما أن الاعتراف الأمريكي هو المفجر الحقيقي للأزمة الشائكة في الوقت الراهن بين الرباط ومدريد بسبب قيام الأخيرة بمطالبة واشنطن التراجع عن هذا الاعتراف، الأمر الذي لم يستسغه المغرب من دولة يعتبرها شريكا استراتيجيا.
وتستعرض الوكالة ما تعتبره سياسة هجومية من طرف المغرب خلال الشهور الماضية من خلال إقامة مزرعة لتربية الأسماك بالقرب من الجزر الجعفرية التي تحتلها إسبانيا، ثم الترخيص لشركة إسرائيلية بالتنقيب على النفط في مياه الصحراء قبالة جزر الكناري. علاوة على ما حدث في الماضي عندما تساهل المغرب مع دخول عشرة آلاف مغربي في ظرف 24 ساعة إلى سبتة المحتلة.
وترى أن الملف المقبل حول التوتر سيكون هو مطالبة المغرب باستعادة سبتة ومليلية، وتقوم بتأويل قرار مفترض لوزارة الداخلية بعدم اعتبار سبتة ومليلية نقاطا حدودية كما عليه الشأن منذ استقلال المغرب بل مجرد نقط أمنية. ورغم صدور بيان تكذيبي عن المغرب، إلا أنه يخالج السلطات الإسبانية اتخاذ المغرب موقفا لا سيما في ظل استمرار إغلاق هذه المعابر البرية منذ مارس 2020، أي قرابة سنتين، إلا في حالات استثنائية مثل الترخيص بعودة المغاربة العالقين أو عودة بعض المهاجرين الذين اقتحموا سبتة خلال مايو الماضي. ويذكر أن إسبانيا بدورها تقوم شهريا بتمديد إغلاق هذه المعابر.
وتنقل الوكالة تصريحات خبير من معهد التفكير الاستراتيجي “سيدوب” إدوارد سولر بأن ملف سبتة ومليلية سيكون مركزيا خلال سنة 2022، مشيرا إلى أن جائحة كورونا التي ترتب عنها إغلاق الحدود قد أخفت حتى الآن ما يعتبره “مخططات المغرب لطرح الملف سياسيا”. ولا يستبعد طرح المغرب لملف المدينتين بالتوازي مع طرح إسبانيا استعادة السيادة على جبل طارق رغم التحسن الذي قد يطرأ على العلاقات الثنائية.
وأنهى المغرب التهريب من سبتة ومليلية، وأعلن عن مخطط الرفع من استثمارات بالقرب من المدينتين في منطقة الناضور وتطوان، وهذا تفسره الأوساط الإسبانية بمخطط استراتيجي لخنق المدينتين اقتصاديا في أفق طرح السيادة عليهما. وكان المغرب في الماضي يركز على استعادة سبتة ومليلية، ولكنه قام بتجميد الملف اعتقادا منه أن هذا الموقف سيعمل على تليين مواقف إسبانيا في ملف الصحراء.
وتمر العلاقات بين المغرب وإسبانيا بتوتر حقيقي منه سحب الرباط لسفيرتها المعتمدة في مدريد. ورغم محاولات التقارب إلا أنها باءت بالفشل. ويعود هذا لرغبة المغرب بتغيير إسبانيا لموقفها من الصحراء، ثم إصرار مدريد على موقفها المتمثل في دعم مساعي الأمم المتحدة لبحث عن حل يقبله به المغرب وجبهة البوليساريو. ومنذ اندلاع الأزمة، سحبت مدريد من قاموسها الحديث عن الحكم الذاتي حلا للنزاع بينما كانت في الماضي تشير إليه ضمن الحلول المطروحة.